حرك تعيين العميد أنطوان قهوجي مديراً للمخابرات في الجيش اللبناني، والتشكيلات التي تلت هذا التعيين في فروع المخابرات في المناطق اللبنانية، مسألة ترقيات الجيش التي يفترض ان تتم في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل وفقاً للتقليد العسكري وهي تشمل قوى الجيش والامن الداخلي والامن العام وامن الدولة والجمارك. وبقدر ما تتم الترقيات باقتراح من قيادة الجيش وموافقة وزير الدفاع ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بقدر ما تخلق عند السياسيين رغبة في التدخل بها بشكل مباشر او غير مباشر لتشمل ضباطاً قريبين من هؤلاء السياسيين او يدورون في فلكهم الطائفي والمذهبي.
غير ان ترقيات نهاية السنة فيها مشكلة مؤجلة من سنتين ولا تزال عالقة مع عدم الوصول الى حلول لها بسبب موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي استطاع عبر وزير المال، ان تكون له كلمة مباشرة فيها. المشكلة تتمثل بأنه مع حلول الاول من كانون الثاني ( يناير) تستحق ترقية ما لا يقل عن 120 ضابطاً في الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام "علق وضعهم بسبب ازمة ضباط دورة 1994 العالقة هي أيضاً منذ بداية السنة الحالية اذ كان يفترض ان تتم ترقيتهم بعد نيلهم اقدمية، من رتبة عقيد الى رتبة عميد، لكن هذا الامر لم يحصل!
تقول المعلومات المتوافرة، إن قيادة الجيش سوف ترفع لائحة بأسماء الضباط الذين يستحقون الترقية هذا العام بمعزل عن "عقدة" ضباط 1994، وهو امر اداري لا يمكن للقيادة العسكرية ان تتجاهله لأنه يشكل حقاً مكتسباً لهؤلاء الضباط. لكن ثمة من يرى ان هذا الواقع سيدفع الى بروز مشاكل في حال لم يتم نزع فتيل هذا الخلاف المستحكم منذ ثلاث سنوات.
ولأن الاسلاك الأمنية الأخرى تتحرك استناداً الى خطوة قيادة الجيش، فاذا رفعت القيادة العسكرية جدول ترقية ضباط الجيش ستفعل كذلك قيادتا قوى الامن الداخلي والامن العام، الا ان القرار السياسي يبقى الأساس بمنح الترقية وتأخيرها. علماً ان عدم سلوك الترقيات في المسار المفترض لها سيؤدي الى تراكم الرتب وتحميل الضباط مسؤولية خطأ اداري وخلاف سياسي لا علاقة لهم به. ويبدي ضباط من المعنيين قلقاً من ان استمرار هذا الوضع الشاذ وعدم وضع آلية لمعالجته سيتحول الى كرة ثلج تكرس واقع الظلم وضرب المعونيات اضافة الى تداخل الوحدات بين بعضها البعض. وقد خسر ضباط عقداء حقهم في الترقية لأنهم بلغوا سن التقاعد وهم برتبة عقيد. وقد بادر قائد الجيش العماد جوزف عون الى استدعائهم من الاحتياط ما سيتيح ترقيتهم لاحقاً الى رتبة عميد مع تواقيع مراسيم الترقيات. وهو اجراء حرص العماد عون من خلاله الى حفظ حقوق هؤلاء الضباط.
وزير المال ممتنع
ويشعر الضباط المعنيين بــ"حرقة" لأنهم كانوا يفترض ان يحصلوا على رتبة عميد في الأول من كانون الثاني 2020 والأول من تموز 2020، الا ان هذا الامر بقي اسير التجاذب السياسي فوقعت "المشكلة" التي قد تنعكس مباشرة على الضباط مستحقي الترقية في العام المقبل. ويقول هؤلاء الضباط إن ملف ترقيات ضباط 1994 لا يزال معلقاً منذ العام 2017 واستمر مع تمنع وزير المال الحالي عن توقيع مراسيمهم بايعاز من رئيس مجلس النواب نبيه بري، علماً ان "تسوية" كانت حصلت سابقاً بين الرئيس عون والرئيس بري، عبر منحهم سنة اقدمية تعويضاً لهم.
وأدت التسوية عامذاك الى صدور مرسوم الاقدميات مقروناً بتوقيع وزير المال (علي حسن خليل آنذاك)، لكن المشكلة برزت من جديد مع اقتراب استحقاق ترقية هؤلاء الضباط من رتبة عقيد الى عميد بعدما امتنع وزير المال السابق عن توقيع المرسوم، واستمر الحال مع الوزير الحالي غازي وزني. لكن حقوق هؤلاء الضباط حفظت بعد توقيع وزير الدفاع السابق الياس بو صعب على جداول قيد الضباط العقداء. فيما لم يتجاوب الرئيس سعد الحريري يومها مع مطلب ترقيتهم على ثلاث دفعات ربطاً بالخلل الطائفي في المرسوم. ويذكر ان حفظ الحق مدته سنة فقط وبالتالي عدم توقيع المرسوم قبل نهاية العام الحالي سيعرضهم لخسارة هذا الحق، ويتطلب اصدار قانون من مجلس النواب يجيز الترقية. مع العلم ان المرسوم "المغضوب" عليه من "الثنائي الشيعي" و"تيار المستقبل" يضم 126 ضابطاً لترقيتهم من رتبة عقيد الى عميد موزعين بين 28 ضابطاً مسلماً و 98 ضابطاً مسيحياً.
وترى مصادر معينة أنه "في حال عدم التوصل الى تسوية قبل نهاية العام تتيح ترقية من يجب ترقيتهم ومجموعهم نحو 120 ضابطاً يضافون الى دورة ضباط الـــ 1994 المجمد مرسومهم، فلا إمكانية لحل هذه المعضلة الا في 1-7-2022 حين تستحق ترقيات ضباط دورة 1995 (غالبيتهم من المسلمين) ما يؤدي الى تصحيح الخلل الطائفي!
المشهد اليوم يتمثل بالآتي: مرسوم ضباط 1994 لا يزال في جارور وزير المال غازي وزني ولا معطيات دقيقة ما اذا كانت الأمور متجهة الى "حلحلة" ما. وهذه المشكلة مطروحة بإلحاح امام قيادة الجيش التي تعرف ان ازمة الترقيات العالقة تنعكس سلباً على مسار العمل داخل المؤسسة العسكرية، تضاف الى ازمة سياسية - مالية استثنائية في ظروف تتطلب جهوزية عالية في مختلف الاسلاك الأمنية والعسكرية وسط تقارير متزايدة حول حوادث أمنية قد تقع في البلاد مع الحديث أيضاً عن إمكانية تجدد عمليات الاغتيال!