تفاصيل الخبر

طرق حديثة لعلاج ”الديسك “عبر التدخل الجراحي المحدود!

18/08/2017
طرق حديثة لعلاج ”الديسك “عبر التدخل الجراحي المحدود!

طرق حديثة لعلاج ”الديسك “عبر التدخل الجراحي المحدود!

  

بقلم وردية بطرس

البروفيسور-طوني-تنوري 

في رصيد البروفيسور اللبناني طوني تنوري رئيس قسم جراحة العمود الفقري في <مركز بوسطن الطبي> لجراحة العظام في ولاية <بوسطن> الأميركية 12 اختراعاً لغاية اليوم في مجال جراحة العظم الدقيقة في العمود الفقري، وتتميز هذه الجراحة كونها لا تتسبب بأية آثار او مضاعفات جانبية، كتلك التي تنتج عن جراحات الظهر والعمود الفقري التقليدية حيث توصل البروفيسور تنوري الى طرق حديثة لعلاج آلام ومشاكل العمود عبر جراحات حديثة ومتقدمة جداً، واختراعاته مسجلة في كبرى مستشفيات الجراحة الأميركية والأوروبية.

البروفيسور طوني تنوري وجراحة <الديسك>

 

<الأفكار> التقت البروفيسور طوني تنوري أثناء زيارته للبنان للمشاركة في الذكرى العاشرة لتأسيس <الجمعية العالمية للجهاز الحركي> (وهو رئيس الجمعية العالمية للجهاز الحركي) حيث عقد مؤتمرها السنوي في بيروت برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلاً بنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة غسان حاصباني وبمشاركة أكثر من 425 طبيباً من 41 دولة حول العالم وجمع من الأطباء اللبنانيين والاعلاميين والمهتمين بالقطاع الصحي في لبنان. ونسأل البروفيسور طوني تنوري: متى يستوجب اجراء عملية <الديسك> فيقول:

- أولاً أود ان أوضح هنا ان هناك مفهوماً خاطئاً حول جراحة <الديسك>، اذ أن غالبية المرضى يأتون الي ويقولون أنهم سبق ان خضعوا لأول عملية ولم تنجح، من ثم خضعوا لعملية ثانية وثالثة ولم تنجحا أيضاً، وهناك مرضى يشعرون باليأس ولا يريدون ان يخضعوا لعملية أخرى، والبعض يلوم الجرّاح او غيره... والواقع أن هناك أسباباً عدة لكل ذلك: أولاً في الظهر هناك أكثر من ديسك وفي الرقبة أيضاً هناك أكثر من ديسك، ومع مرور الوقت عندما يفقد <الديسك> محتوى الماء به يهترىء كما الشعر الشايب اذ يبدأ بنقطة معينة ولكنه مع الوقت يمتد. أهم ما يجب ان يعرفه الناس ان المريض عندما يذهب الى الجراح وتكون لديه مشكلة في <ديسك> معين او غضروف فممكن ان ينجح العلاج مئة بالمئة وبطريقة سليمة، ولكن في المستقبل بعد سنة او سنتين او خمس سنوات يُصاب <الديسك> من فوق او من تحت المكان الذي أجريت له العملية ولهذا على المريض ان يعرف ان هذا ليس بخطأ طبي لأن الجراح قام باصلاح <الديسك> ولكن قد يُصاب ديسك آخر بالاهتراء وما شابه.

ويتابع:

- ممكن ان يخضع المريض لعملية ثانية وثالثة في <الديسك> وممكن ان يهترىء <الديسك> وقد ينتج عن ذلك أمران: أولاً يشكك المريض بالجراح او الطبيب، وثانياً يجب الا ييأس المريض ويقول انه لن يخضع لعملية أخرى طالما لم تنجح الأولى والثانية. وهناك أمر ثان يجب ان أركز عليه: <الديسك> الغضروفي له نوعان من العلاج: أول علاج هو تنظيف فقط حول الأعصاب بدون تثبيت اي بدون براغ ودعامات، هذا اذا لم يكن هناك اختلال بالتوازن بين الفقرات او بالحركة، أما الطريقة الثانية او العلاج الثاني فممكن ان يقترحه الجرّاح على مريضه ويقضي بتثبيت الفقرات، وهذا يستدعي دعامات وبراغي بين الفقرات، والجرّاح يقرر على ضوء الصور والأشعة وما شابه، وفي أغلب الأوقات يختار الجرّاح الخيار الصحيح. مثلاً اذا أتى مريض يعاني من خلل في التوزان اي ارتخاء بين الفقرات فهذا يحتاج لتثبيت.

ــ وماذا عن العامل الوراثي بما يتعلق بآلام الظهر؟

- لأمراض الظهر علاقة بالوراثة، فكما ان مرض ارتفاع الضغط او السكري هو مرض وراثي، تجدين أيضاً أمراض الظهر متوارثة في العائلة، فإذا كان الأب مصاباً بمشاكل الظهر يكون الابن معرضاً للاصابة بها أيضاً، ولكن ليس بالضرورة ان يُصاب بها ولكن الوراثة عامل أساسي، فمثلاً اذا أصيب الشاب بسن الخامسة والعشرين او الثلاثين بمشاكل الظهر يكون ذلك بسبب العامل الوراثي الا في حال كان قد تعرض لحادث سير وما شابه.

معاودة الألم بعد العملية الجراحية

 

ــ يتخوف المريض من معاودة الوجع والألم بعد خضوعه للعملية الجراحية، فالى اي مدى ذلك وارد؟

- أولاً هناك الطريقة التي تُجرى فيها أول عملية، فهناك عمليات تُجرى في بعض الحالات لتثبيت الفقرات فقط، والجرّاح يقرر ان ينظف حول الأعصاب وذلك ليخفف الألم على المريض ولتجنبيه الخضوع لعملية جراحية كبيرة ولكنه ليس الخيار السليم. وهناك حالات من المفروض ان يلحم الجرّاح ويقوم بتثبيت الفقرات، فالجرّاح أحياناً يرى ان لدى المريض أكثر من ديسك في ظهره، وبالنسبة للمرضى الذين لديهم أكثر من ديسك فالجرّاح يجب ألا يجري كل العمليات دفعة واحدة، ولكن عندما يكون هناك أكثر من 3 ديسكات مصابة باختلال او اهتراء، فاذا أجرى الجراح العملية لاثنين وبقي ديسك بدون عملية جراحية فلن تكون النتيجة جيدة، وأشبّه الأمر هنا بدواليب السيارة، فإذا كان هناك ثلاثة دواليب متضررة وقمنا باصلاح دولابين فقط دون الثالث فلن يكون ذلك الحل النهائي والأمر نفسه بالنسبة للديسك، ولهذا يوجه الجرّاح المريض بأنه يتوجب اخضاع 3 ديسكات للعملية الجراحية وذلك لتوفير الجهد والتعب والمال الى ما هناك، كما ان الجرّاح يطلب من المريض ان يرى أكثر من طبيب قبل الاقدام على العملية الجراحية لأنه يجب ان يكون هناك رأي لطبيبين وليس طبيب واحد.

وعن ضرورة ان يرى المريض أكثر من طبيب يشرح:

- بالنسبة الي فدائماً أشجع مرضاي بعدما أطلعهم على طريقة العلاج الى ما هناك ان يزوروا طبيباً آخر لكي يقتنعوا أنه الخيار الصحيح. أحياناً يضيع المريض أمام رأيين ولكن في الوقت نفسه يتثقف، لذا على المريض عندما يقصد الطبيب ان يطرح الأسئلة بكل ما يتعلق بمشاكل الظهر والعملية ومضاعفاتها، فعلى الصعيد الشخصي عندما يقصدني مريض ولا يسأل كيف ستُجرى العملية وعن التفاصيل أقلق حياله لأنه يجب ان يكون مدركاً لكل ما سيجري بعد اجراء العملية. اذاً كلما تثقف المريض يكون الأمر أفضل له من جميع النواحي، لذا على المريض ان يسأل الطبيب او الجرّاح عن كل ما يتعلق بالعملية، اذ بعض المرضى يُصابون بخيبات الأمل بعد اجراء العملية لان العملية لن تعيدهم الى ما كانوا عليه في السابق خصوصاً بعد اجراء العمليات الكبيرة لأن الطب لا يقدم العلاج كما خلقنا الله، فلقد منحنا الله هيكيلية رائعة ليعمل <الديسك> بشكل جيد، وعندما يهترىء <الديسك> فعلياً لا تكون لدينا الامكانية لنخلق <الديسك> نفسه الذي خلقنا الله به، لهذا كجراحين نختار تنظيف <الديسك> لازالة الضغط عن العصب، وأحياناً نقوم بتلحيم الفقرات ونضع الدعامات، وبالتالي لن يكون تماماً كـ<الديسك> الذي منحناالله إياه والذي كنا نحركه كيفما نشاء، اذاً الجرّاح لن يمنح <الديسك> نفسه ولهذا أردد دائماً أمام المرضى ان العملية لن تزيل الألم نهائياً بل ستخفف من حدة الألم، اذ بعد العملية قد يقول المريض انه يشعر بالألم كل يوم او ربما مرة في الأسبوع، وأقول للمريض وذلك حسب كل حالة ان العملية تخفف من حدة الألم وبدل ان يؤلمه ظهره كل يوم قد يؤلمه مرة في السنة، وبدل ان يحتاج لأدوية وراحة بدون القيام بحركة سيصبح الألم أقل بكثير، ولكن ليس بالضرورة ان يزول الألم تماماً، مع العلم ان هناك عدداً من المرضى يقولون بأن الألم زال نهائياً بعد اجراء العملية ولكن بشكل عام لا نعد المرضى بأن الألم سيزول نهائياً بعد العملية.

ــ وماذا عن تقنية <Adjacent Segment Disease>؟

- اذا كان هناك تقنيات او طرق معينة ممكن ان يتبعها الجرّاح للتخفيف من فشل عمليات الظهر او المشاكل التي تحدث في الغضروف المجاور للعملية الأصلية والتي نسميها تقنية <Adjacent Segment Disease> فهي عندما يُصاب <الديسك> المجاور للديسك الذي خضع للعملية، اي اذا أجرى الجرّاح عملية <L4 L5> فيمكن ان يُصاب <الديسك> من فوق او من تحت. طبعاً اليوم نجري العملية خصوصاً بالطريقة التقليدية والتي تقضي بشق عضلة الظهر وتوسيع العضلات، ونلجأ الى توسيع العضلات لنرى الفقرات، اذ حتى لو أجرينا العملية بشكل سليم مئة بالمئة سيحدث ضرر جانبي. وإذا كان لدى المريض ديسك رابع وخامس نجري العملية لتوسيع العضلات ولكشف الفقرات لكي نجري العملية بالطريقة التقليدية فيحدث أثناءها ضرر تحت العضلات، وهذا لا يزيد من كمية النزيف خلال العملية او نسبة الالتهابات انما يسّرع من تدهور وضع <الديسك> في أعلى <الديسك> وأسفله لان العضلات لا تعود تعمل بشكل سليم.

تقنية التدخل الجراحي المحدود

 

ــ وماذا عن التقنية الحديثة التي ابتكرتها منذ 14 سنة؟

- اليوم هناك تقنية حديثة الا وهي <Minimally Invasive Surgery> او التدخل الجراحي المحدود او الجراحات الذكية، اذ نجري العملية بجروح صغيرة جداً وأحياناً يكون فقط سنتمتراً واحداً او سنتمتراً ونصف، وتُوضع البراغي بالداخل بدون تمزيق اي عضلة وهذا يحافظ على العضلات و<الديسك>، اذ أقول دائماً للمريض ان <الديسك> والعضلات مثل الجسور معلقة بعضها ببعض ومهمتنا تثبيت العضلات، وكلما تمزقت العضلات يحدث ارتخاء في <الديسك>، الأمر الذي يؤثر على أكثر من ديسك، وصحيح ان الجرّاح يجري عملية لديسك معين بينما اذا تمزقت العضلات يحدث ارتخاء في الأعلى والأسفل، ولكن ليس أمام الجرّاح خيارات، اذ عليه ان يجري العملية. وتقوم التقنيات الجديدة ــ وهي احدى اختراعاتي ــ على وضع البراغي بدون تمزيق العضلات. وعلى المريض ان يعرف ان الجرّاح يقوم باصلاح الظهر ولكن دون ان يقصد تحدث أضرار جانبية، ولكن التقنية الجديدة <Minimally Invasive Surgery> هي تقنية واعدة والأحدث. وهناك دائماً قلق من قبل المرضى ان المريض يحتاج لأكثر من عملية في الظهر، بينما فوائد التدخل الجراحي المحدود عديدة اذ عدا انه ليس هناك وجع، يكون النزيف أقل بكثير، والجرح أصغر، والاستشفاء يستغرق وقتاً أقل اذ يعود المريض لعمله وحياته الطبيعية بشكل أسرع، ولكن أيضاً هناك نقطة أساسية جداً للمرضى الذين لديهم مشاكل صحية، اذ غالبية المرضى الذين يأتون الينا من بلدان عربية أو أوروبية او مختلف البلدان يقولون لي: ان الجرّاح أعلم المريض المصاب بأمراض القلب او الضغط او السكر أو هشاشة العظام ان وضعه الصحي لا يتحمل الخضوع لعملية الظهر لذا يطلبون مني اجراء العملية بطريقة أسهل، وعندما تُجرى العملية من خلال ثقوب صغيرة وتدخل جراحي محدود بالطبع يكون الضرر على الجسم أقل من العملية الجراحية التقليدية، والمضاعفات ستكون أقل. وأعطيك مثالاً انه في الجراحات التقليدية للظهر بشكل عام تكون نسبة الالتهابات حوالى 2 بالمئة مع العلم ان نسبة الالتهابات في العمليات الجراحية تصل الى 5 بالمئة، فاذا أجرى الجرّاح 400 عملية جراحية في السنة فثمانية مرضى سيُصابون بالتهابات وبالتالي أرى انه عدد كبير، لانه عندما يُصاب المريض بالالتهابات بعد العملية معنى ذاك انه ستحدث مضاعفات، بينما في الجراحات الذكية فان نسبة حدوث الالتهابات أقل بكثير، وبالنسبة الي فمنذ ان بدأت أجري هذه العملية منذ 14 سنة لم يحدث التهاب لدى اي مريض أخضعته لعملية جراحية، والسبب ان الطريقة التي تُجرى فيها العملية لا تسبب فجوات في الظهر ولا تمزق العضلات ولا يحدث نزيف كبير، وهذا كله يخفف بشكل كبير من نسبة حدوث الالتهابات وذلك بفضل تقنية التدخل الجراحي المحدود.

ــ وأيهما أشد خطورة عملية الظهر أو الرقبة؟

- ان عمليات الظهر خطيرة ونسبة النجاح فيها قليلة، فيما عملية الرقبة ليست أصعب من عملية الظهر ولكنها دقيقة أكثر لان النتيجة قد تكون كارثية اذ قد يتسبب الفشل بالشلل لدى المريض بينما في عملية الظهر فان نسبة حدوث الشلل قليلة جداً.

ــ وهل كجراحين تنصحون باجراء العملية الجراحية منذ بداية اصابة الظهر بالمشاكل والألم؟

- أولاً يجب ان يثقف المريض نفسه لكي يدرك تماماً ماذا سيحدث بعد اجراء العملية الجراحية، وإذا لم يكن المريض يشعر بألم في قدمه او ان الألم بدأ منذ فترة قصيرة فقد تقوم الطبيعة باصلاح الخلل، لذا ينصح الجرّاح المريض الا يخضع لعملية الجراحية في البداية اذ انه ثلاثة من أصل أربعة مرضى يشفون دون علاج، بمعنى ان 75 بالمئة من المرضى يتحسنون بدون تدخل جراحي، فاذا أعطى الجرّاح فترة ثلاثة أو أربعة أشهر للمريض فان 3 من أصل 4 مرضى يتحسن وضعهم ويزول الألم او يصبح الألم مقبولاً جداً، ولهذا عندما يذهب المريض الى الجرّاح ينصحه باللجوء الى العلاج الفيزيائي او تناول دواء او مزاولة السباحة. وننصح بالعلاج الفيزيائي لسببين: أولاً لأنه يجعل المريض بحركة دائمة، كما ويصبح المريض مشاركاً فعلياً في علاجه الخاص، ولهذا تأثير ايجابي على المريض ان على الصعيد الجسدي أو النفسي.

 

<الجمعية العالمية للجهاز الحركي>

 

ــ في كل سنة تحرص على المجيء الى لبنان لاقامة هذا المؤتمر، فما الذي يميز المؤتمر هذه السنة؟

- هذه السنة كان المؤتمر مميزاً لأسباب عدة: أولاً انها السنة العاشرة لتأسيس <الجمعية الدولية لجراحة العظام> وهذا له معنى خاص بالنسبة الينا، وأيضاً تميز المؤتمر انه أقيم برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وكانت كلمة وزير الصحة غسان حاصباني جد مميزة اذ كانت كلمته علمية وواقعية وكل الأطباء العرب المشاركين في المؤتمر أبدوا اعجابهم بكلمة وزير الصحة. وما تميز هذا العام انه أقيمت ورش عمل وطبعاً كل سنة تُقام ورش عمل، ونشكر الناس الذين قدموا أجسادهم لاجراء الأبحاث. وتقريباً هناك 400 او 500 طبيب شاركوا في ورش العمل وذلك على مدى خمسة أيام، وما تحدثنا عنه طبقناه على الجثث البشرية حيث كان الأطباء يجرون الأبحاث. ولقد أضفنا هذه السنة موضوع تدريب الأطباء اي كيف يدرسون وينجحون في الفحص التأهيلي، ولقد قدم أطباء من بلدان عربية وشاركوا في هذا الامتحان وقدمنا لهم المعلومات قبل الفحص ودربناهم كيف يقدمون الفحص الشفهي أمام لجنة. وهذه السنة كان المؤتمر ناجحاً اذ كان مدعوماً من الأكاديمية وهي أكبر جمعية عظام في البورد الأميركي، وطبعاً قُدمت في المؤتمر اطروحات ودراسات عن مشاكل الظهر او الجهاز الحركي والمفاصل والعضلات، كما قدم الأطباء محاضرات عن تقنية التدخل الجراحي المحدود.