قال نائب الرئيس الأميركي <جوزف بايدن> كلمته في بغداد... ومشى. وتركزت الكلمة على دعوته العراق الى الفيدرالية، أي دولة جنوبية للشيعة، ودولة وسط البلاد للسنة، ودولة في الشمال للأكراد، والدولة الثالثة هي الأكثر قابلية لدعوة <بايدن> لأنها رسمت حدودها، ومناجم نفطها، وأصبحت ولادة دولة كردستان وعاصمتها أربيل مسألة وقت... قصير.
ومشروع <بايدن> لم يمر بدون انقسام في الرأي العراقي، إذ رفضت فصائل سنية مشروع تأسيس ثلاثة أقاليم فيدرالية في العراق، لأن النزعة الوحدوية عندها هي الغالبة، في حين رأت فصائل وأطراف أخرى أن مشروع <بايدن> موضع ترحيب لأنه في نظرها يبقى الحل الأنسب لمشاكل العراق. وجاء القبول أيضاً من محافظ نينوى التي تضم الموصل، واسمه أثيل النجيفي الذي دعا الى اعلان اقليم فيدرالي في المحافظة.
لكن الشيخ يحيى السنبل الأمين العام لمجلس شيوخ عشائر الثورة العراقية خالف مبدأ الأقاليم أو الولايات وقال: <هذا مشروع لتقسيم العراق وتفتيته وجعله أضلعاً بيد إيران ودول الاقليم الأخرى، ولن يوفر الحماية لأي مكوّن من مكونات العراق بل سيؤدي الى دخول هذه المكونات في حرب الهويات تحت اسم المناطق المتنازع عليها وتقاسم الثروات والهاء الناس فيما بينهم لإغراقهم في بحر من الدماء>.
وتساءل الشيخ يحيى السنبل: <ما دام المشروع يوفر الحل للعراق، كما قال <جوزف بايدن> فلماذا لم ينفذه الأميركان عند احتلالهم للعراق عام 2003؟>.
ثم أضاف: <هذا الموقف الأميركي لا يشمل اقليم كردستان لأن هذا الاقليم لم ينشأ في ظل الاحتلال لأنه قائم على شكل حكم ذاتي منذ ثلاثين عاماً، ويملك مقومات كثيرة تجعله قوياً قادراً على حماية أهله>.
وكان للعقيد مازن السامرائي المتحدث الرسمي باسم جبهة الخلاص الوطنية في العراق رأيه في موضوع فيدراليات <جوزف بايدن>، حيث قال انهم <مع الحكم اللامركزي وليس مع الفيدراليات. بمعنا اننا ندعم الفيدراليات الادارية وليس السياسية لأن الفيدراليات السياسية هي عبارة عن التقسيم، ونحن ضد التقسيم، لكننا نريد توسيع صلاحيات المحافظات واعطاءها اللامركزية.
ووصف العقيد السامرائي مشروع <بايدن> بأنه أقرب الى التقسيم والتجزئة وأكد رفضه لهذا المشروع.
لكنه استدرك قائلاً: هذا لا يعني اننا ضد اقليم كردستان لأن هذا الاقليم له خصوصيته ونحن نحترم ذلك، وحتى ان دعا القادة الأكراد في بعض المرات الى الاستقلال فذلك ليس حباً بالانفصال بل نتيجة لسياسات الحكومة العراقية ضد الأكراد.
بدوره أعلن أحمد الدباش عضو المكتب السياسي للجيش الاسلامي في العراق تأييده لتأسيس نظام فيدرالي في العراق، معتبراً أنه الحل الأنسب لمشكلات هذا البلد، وبعدما وصل إليه من قتل وتشريد ودماء، وبات نظام اللامركزية واقامة الأقاليم هو الحل الأنسب لتحصيل الحقوق وارساء قواعد العدل ووقف العدوان والانصراف الى التنمية والحفاظ على وحدة العراق..
لا للزواج الكاثوليكي
وفي ظل اختلاف الآراء العراقية حول الفيدرالية تجمع آلاف الأكراد أمام مقر الأمم المتحدة في أربيل مطالبين بالاستقلال عن العراق، ووضعوا بصماتهم على جداول كبيرة لدعم الانفصال. كذلك أعلنت منظمات مدنية كردية بدء النشاطات الجماهيرية للمطالبة بالاستقلال.
وقالت الناشطة تامان شاكر المشاركة في الحشد الكردي أمام مقر الأمم المتحدة: <منذ مئة عام ونحن نعاني من الظلم في إطار العراق، الظلم المتمثل في الإبادة الجماعية والقصف الكيماوي، ولذلك نريد الآن إنهاء هذا الزواج الكاثوليكي، فشعب كردستان ليس مستعداً بعد اليوم أن يعيش في إطار العراق الموحد>.
ثم ختمت تامان شاكر قائلة:
<كنا في الماضي نلتزم بالأخوة مع العراقيين، ولكننا على مدار السنوات الماضية لم نشهد من الأخوة العرب في العراق أي مبادرة تثبيت التزامهم بهذه الأخوّة مع الكرد>.
ولعلها المرة الأولى التي يلتقي فيها كل من الولايات المتحدة وإيران في إطار دعم كردستان، مع تقديمهما السلاح الى قوات <البيشماركة>، وقد أعلن رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي ان تسليح القوات الكردية لا يشكل أي خطر، ويتم بالتنسيق مع الحكومة المركزية.
وفي زيارته يوم الثلاثاء الماضي للعاصمة الكردستانية أربيل أعلن وزير الخارجية الإيراني <محمد جواد ظريف> <أن طهران قدمت وستقدم مساعدات عسكرية الى قوات <البيشماركة>. وقال خلال مؤتمر صحفي مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني: <نحن مع وحدة العراق واستقراره، ونرى ان تنظيم <داعش> يشكل خطراً كبيراً على المنطقة بأسرها، وهو خطر على الشيعة والسنة والأكراد وحتى على الذين تعاونوا معه>.
وعلى خط آخر صادق مسعود بارزاني على قرارين لتحسين ظروف قوات <البشماركة> ومنحها الأولوية في صرف رواتبها، ومخصصاتها فضلاً عن توحيد صفوفها خلال مدة لا تتجاوز الستة أشهر واعادة الأسلحة والمعدات التي غنمتها من تنظيم <داعش> الارهابي الى الوزارة.
وكانت <البيشماركة> قد فقدت السيطرة في المناطق المتنازع عليها مع بغداد تحت ضغط هجمات مسلحي <داعش>، وأولها سقوط قضاء سنجار والبلدات المحيطة وثلثها من مدن نينوى لكنها ما لبثت أن استعادتها لاحقاً بغطاء جوي أميركي.