تفاصيل الخبر

”ترامب“ باقٍ حتى ٢٠٢٤ و”شي“ باق.. إلى الأبد!

03/05/2019
”ترامب“ باقٍ حتى ٢٠٢٤ و”شي“ باق.. إلى الأبد!

”ترامب“ باقٍ حتى ٢٠٢٤ و”شي“ باق.. إلى الأبد!

 

بقلم خالد عوض

الإقتصاد الأميركي سجل نموا قياسيا في الربع الأول من هذه السنة بلغ ٣،٢ بالمئة. والإقتصاد الصيني سجل هو أيضا في الفترة نفسها نموا أكبر من كل التوقعات متجاوزا ٦،٤ بالمئة أي ضعف النمو الأميركي. الإقتصادان الأولان في العالم في أحسن أحوالهما رغم الحرب التجارية بينهما ورغم كل الرسوم التي فرضها كل إقتصاد على بضائع الآخر. هذا النجاح الإقتصادي المشترك إن دل على شيء فهو يدل على أن إقتصادي الصين والولايات المتحدة أصبحا مترابطين ويعيش الواحد منهما على رخاء الآخر. يكفي تسجيل حجم الواردات الأميركية من الصين أي تلك العابرة بقناة السويس في القاهرة وبمضيق باناما في وسط أميركا والتي لا زالت تنمو رغم كل الرسوم الجمركية المتبادلة مؤخرا ليتبين أن سوق الولايات المتحدة هي الرئة التي يتنفس منها إقتصاد الصين.

 

طريق الحرير“ كلها... أشواك!

 

منذ أيام اختتمت قمة <الحزام والطريق> اعمالها في العاصمة الصينية <بيجينغ> بعد إعلان عن إتفاقات وتفاهمات تجاوز ٦٤ مليار دولار بين الصين و٣٦ دولة أخرى لتطوير البنية التحتية وشبكات النقل في الدول المشاركة في المشروع وفي ما بينها. الهدف من <طريق الحرير> هو وصل العالم بالصناعة الصينية ووصل الصين في الوقت نفسه بموارد أولية تدعم صناعاتها عن طريق موانئ وطرقات وخطوط غاز ومحطات الطاقة وغيره من مشاريع بنى تحتية. الولايات المتحدة تتهم الصين بأنها تستخدم مشروع <طريق وحزام الحرير> لتقرض الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بأموال لن تكون تلك الدول قادرة على تسديدها فتسيطر الصين بذلك على مواردها ومنشآتها. الرئيس الصيني نفى عبر كلمته في القمة هذا الإتهام وأكد أن هدف هذه المشاريع التي ستكون صديقة للبيئة أن تحقق التنمية المستدامة في الدول المشاركة وان تساعد اقتصادات هذه الدول على النمو والتطور والإستفادة من تنافسية البضائع الصينية. أين الحقيقة في مسألة الحرير الصيني؟ من المؤكد أن الصين والولايات المتحدة تعرفان جيدا أن اقتصاديهما مرتبطان عضويا ببعضهما. الأول يصدر بضائع رخيصة إلى الثاني ويستثمر جزءا من فائض أمواله في سندات الخزينة الأميركية والثاني يؤمن السوق الأكبر لصناعات الأول. الصين تسعى لفك هذا الإرتباط عن طريق غزو كل أسواق العالم لتعويض السوق الأميركي أو على الأقل خلق بديل ومكمل كبير له. هذا يضمن لها إستمرار النمو القوي ويمكنها من أن تصبح القوة الإقتصادية الأولى في العالم، ساعتئذٍ يمكنها حتى أن تستغني عن الدولار كعملة أساسية لتجارتها لأن ذلك مستحيل حاليا طالما أن السوق الإستهلاكية الأولى لبضائعها هي الولايات المتحدة. الأميركيون يعرفون أن طريق الحرير هو الطريق الصيني للإستغناء عن عملتهم ولخلق بديل آخر لسوقهم التي هي الأكبر في العالم، ولذلك لن يشاركوا أو يسهلوا هذا المشروع بل سيضغطون بكل ما توفر لهم من وسائل لحث الدول المشاركة فيه من أن تتريث كثيرا وتحسب جيدا قبل قبول القروض الصينية. ولذلك ستكتشف هذه الدول أن الحرير الصيني فيه شوك أميركي. تجدر الإشارة أن سريلانكا كانت من أكثر الدول حماسة لطريق الحرير ولكنها غابت عن قمة هذا العام بسبب ما حصل فيها من أعمال إرهابية خلال عطلة الفصح.

 ٢٠٢٥... السنة المحك!

الفورة الإقتصادية الأميركية ستساعد، إذا استمرت، الرئيس <دونالد ترامب> في الفوز بولاية رئاسية جديدة بعد سنة ونصف السنة من الآن. فبعد أن برأه تقرير المحقق الخاص <روبرت مولر> من تهمة التواطؤ مع الروس خلال حملته الإنتخابية، وفي ظل بيانات إقتصادية قياسية لم تعرفها الولايات المتحدة منذ التسعينات، أصبح من الصعب جدا على أي مرشح ديمقراطي، بمن فيهم نائب الرئيس الأميركي السابق <جو بايدن>، الوقوف في وجه <ترامب>. هذا يعني أن إحتمال بقاء الرئيس الأميركي الحالي في البيت الأبيض حتى ٢٠٢٤ أصبح كبيرا جدا، استنادا إلى معطيات اليوم. في المقابل أمن الرئيس الصيني <شي جين بينغ> بقاءه مدى الحياة بعد تعديل القانون العام الماضي للسماح للرئيس بأن يترشح أكثر من ولايتين. هذا يعني أن المنافسة الأميركية - الصينية لتبوء المركز الإقتصادي الأول في العالم ستستمر مع <ترامب> و<شي> لغاية عام ٢٠٢٤. وإذا إستمر النمو الإقتصادي في البلدين على حاله أي بقي النمو الصيني ضعف النمو الأميركي فستكون سنة ٢٠٢٥ هي سنة الإنقلاب أي عندما تتراجع الولايات المتحدة إلى المركز الإقتصادي الثاني مع كل ما لذلك من عواقب على صعيد السياسة العالمية.

لبنان بوابة صينية؟!

 

كان من الملفت شراء الصين لمجمع تجاري في <تعنايل> وتوقيع ٤٠٠ شركة صينية لعقود تجارية مع المجمع لتأسيس حي صيني كبير في البقاع، كما كان ملفتا الإهتمام الروسي الكبير بطرابلس عبر توقيع الشركة الروسية <روسنفت> عقد إنشاء خزانات وقود وإعادة تأهيل مصفاة الزهراني. ثم تبين أن هناك منافسة ناعمة روسية - صينية لبسط النفوذ على ميناء طرابلس من خلال إهتمام الدولتين بالمشاريع المتعلقة به وبالمنطقة الحرة المزمع إنشاؤها في جواره. ربما يندرج ذلك في اطار التحضير لإعمار سوريا من البوابة اللبنانية، وربما أيضا هو بداية الزحف الصيني إلى شرق المتوسط عبر لبنان. الأشهر المقبلة كفيلة برسم صورة أوضح للوجود الصيني المستجد وحدوده المستقبلية.

المهم أن يعرف لبنان وغيره من دول المنطقة كيف يستفيد من الحرير من دون التعرض للشوك.