تفاصيل الخبر

طــرابلس كرّست ريفــــي ”شريكاً“ في زعامتها السنية و”تفاهم معراب“ تعثّر في القبيات وتنورين والكورة!  

03/06/2016
طــرابلس كرّست ريفــــي ”شريكاً“ في زعامتها السنية  و”تفاهم معراب“ تعثّر في القبيات وتنورين والكورة!   

طــرابلس كرّست ريفــــي ”شريكاً“ في زعامتها السنية و”تفاهم معراب“ تعثّر في القبيات وتنورين والكورة!  

5-(1)  المرحلة الرابعة والأخيرة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدتها منطقة الشمال يوم الأحد الماضي، حفلت بالمفاجآت التي أفرزتها صناديق الاقتراع في مختلف الأقضية الشمالية التي عاشت حالات مختلفة من ردود الفعل الشعبية راوحت بين تأييد بالمطلق وخروقات بالمفرق وتبدّل في التحالفات، إضافة الى <تصويت انتقامي> في أكثر من بلدة وقرية وتصفية حسابات سياسية وحزبية وعائلية.

وإذا كانت نتائج انتخابات الشمال قد فاجأت الأوساط السياسية والشعبية في آن، كما حصل في طرابلس والقبيات، فإن ما ميّز اليوم الانتخابي الطويل خلوّه من حوادث أمنية بارزة، ما دفع مصادر رسمية وأخرى متابعة الى القول بإن حجّة <المحاذير الأمنية> سقطت أيضاً في الشمال، كما كانت سقطت في محافطات أخرى، وأن ذيول <الحروب> التي دارت في طرابلس قبل سنتين تركت أثراً في السياسة وفي الاقتراع، لكنها لم تتفاعل أمنياً. كذلك فإن مسار الانتخابات في منطقة عكار، لاسيما في القرى الحدودية المتاخمة للحدود السورية، دلّ على أن هذه القرى كانت <محصنة> أمنياً وأُنجزت فيها الانتخابات بهدوء شبه تام انسحب على معظم القرى والبلدات العكارية حيث بلغت النسبة الإجمالية للتصويت 61,60 بالمئة، وهي النسبة الأعلى في الشمال كله، تلتها نسبة الاقتراع في قضاء المنية - الضنية (57,20 بالمئة) وقضاء البترون (54,40 بالمئة) وقضاء الكورة (43,80 بالمئة)، في وقت تدنّت فيه نسبة الاقتراع الى ما تحت النصف في قضاء بشري (36,60 بالمئة) وقضاء زغرتا (36,68 بالمئة)، لتسجل نسبة متدنية جداً في طرابلس (25,82 بالمئة) وقضاء طرابلس (26,90 بالمئة). وهذا التفاوت في الأرقام جعل النسبة الإجمالية للاقتراع في كل الشمال 45,30 بالمئة، بتراجع ملحوظ عن النسبة المسجلة في دورة العام 2010 والتي بلغت 50,22 بالمئة.

والملفت في مسار العملية الانتخابية شمالاً أن كل قضاء من الأقضية الثمانية في محافظتي الشمال وعكار، كانت له خصوصيته و<مفاجآته> بحيث لا يمكن <تعميم> الوقائع نفسها على كل الأقضية، وإن كان القاسم المشترك في حصيلة انتخابات الشمال أن لا الأحزاب المتحالفة مع بعضها البعض استطاعت إلغاء نفوذ العائلات والزعامات التقليدية، ولا هذه تمكنت من إسقاط التحالفات الحزبية، المسيحية منها والإسلامية واليسارية... وبدا انه كما توحدت العائلات في عدد من البلدات - المفاصل بعدما استشعرت <الخطر الحزبي> الآتي إليها فسارعت الى حماية مصالحها، كذلك فإن الأحزاب على تنوعها اعتمدت استراتيجية اختبرت فوائدها من المراحل الانتخابية السابقة، تقوم على أن تتحالف مع بعضها البعض حيث الفوز لا خطر عليه، وان تتحالف مع عائلات وأحزاب بقيت خارج التحالفات الكبرى حيث كانت تشعر بوجود <ثغرات> يمكن أن تؤثر سلباً عليها وفي صناديق الاقتراع.

وكما حصل في أكثر من بلدة وقرية في الجنوب والجبل والبقاع، فإن ظاهرة النتائج المتقاربة تكرّرت في عدد من البلدات التي شهدت مواجهات قوية، لعل أبرزها في القبيات حيث لم يتجاوز الفارق بضعة أصوات لم تزد عن 10في أقلام وعن 3 في أقلام أخرى، ما حرّك اللائحة الخاسرة المدعومة من <تفاهم معراب> للطعن باللائحة الفائزة (والمخترقة من اللائحة الأولى بمقعدين) التي جمعت النائب هادي حبيش مع خصمه التقليدي النائب السابق مخايل الضاهر وحزب الكتائب، ما يعني أن المشهد البلدي في القبيات سيبقى معلقاً الى حين البت بالطعن الذي لم يستند فقط الى تقارب الأصوات، بل كذلك الى وجود <لوائح ملغومة> تحظر القوانين والأنظمة وجودها.

ريفي مفاجأة طرابلس!

وإذا كانت نتائج الانتخابات البلدية شمالاً حملت مفاجآت في عدد من القرى والبلدات، فإن المفاجأة الأكبر كانت في عاصمة الشمال طرابلس التي شهدت تقدّم اللائحة التي دعمها الوزير المستقيل اللواء اشرف ريفي والتجمعات الشعبية وبعض هيئات المجتمع المدني، على <اللائحة القوية> التي ولدت من تحالف الرئيس نجيب ميقاتي مع تيار <المستقبل> والنائب أحمد كبارة والنائب محمد الصفدي وفيصل وأحمد كرامي و<الجماعة الإسلامية> والتي ظن كثيرون أنها <لا تُحرق ولا تخرق>، فإذا بصناديق الاقتراع تسقط هذه الظنون، وبدلاً من أن تخرق لائحة <قرار طرابلس> بزعامة الوزير ريفي، لائحة <لطرابلس> المدعومة من التحالف السياسي العريض ببضعة أصوات لا تتجاوز أصابع الكف الواحدة، انقلبت الآية، وأصبحت <لائحة قرار طرابلس> هي المتقدّمة والفائزة بأكثرية المقاعد، في وقت خرقتها لائحة <لطرابلس> ببضعة أصوات لم تتجاوز العشرة! وعوضاً عن أن يكون الدكتور عزام عويضة الذي رشحه الرئيس ميقاتي رئيساً للبلدية، أصبح المهندس أحمد قمر الدين الرئيس العتيد لبلدية الفيحاء الذي قال الوزير ريفي أنه كان يحظى بدعم الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الانتخابات البلدية ما قبل السابقة.

إلا أن نتائج انتخابات طرابلس شكّلت <ضربة قوية> للعيش المشترك في المدينة، إذ لم تحمل النتائج أي تمثيل مسيحي أو علوي، على رغم أن قادة لائحة <التحالف> والوزير ريفي كانوا أكدوا مراراً على ضرورة المحافظة على التعايش المسيحي - الإسلامي في المدينة من خلال المجلس البلدي الذي يضم 24 عضواً. وهذا الواقع ترك تداعيات عدة وردود فعل غاضبة، كان أبرزها استقالة النائب الأرثوذكسي عن المدينة روبير فاضل <لأن لا سعادة لنائب على حساب تعاسة الشعب>، وإقدام العلويين في جبل محسن على قطع الطريق المؤدية الى الجبل احتجاجاً على تغييبهم عن المجلس البلدي الجديد.

أسباب سقوط لائحة

الحريري - ميقاتي

وفيما يتطلع المعنيون الى قراءة الأرقام التي أفرزتها صناديق الاقتراع لمزيد من التقييم الموضوعي لمزاج الناخب الطرابلسي، فإن مصادر متابعة سجلت عوامل عدة أدت الى خسارة لائحة <التحالف> وفوز اللائحة المدعومة من الوزير ريفي، أبرزها الآتي:

- الإعداد السريع للائحة <التحالف> التي جمعت التناقضات وغاب عنها الخطاب السياسي الموحد، وعدم تمكّن القيمين عليها من التواصل مع القاعدة لشرح الأهداف التي أدّت الى ولادتها، وذلك نتيجة ضيق الوقت من جهة، وعدم <حماسة> القاعدة للاتفاق الذي تمّ على مستوى القمّة، خصوصاً أن الأعوام الماضية عمّقت الخلافات بين أنصار <المستقبل> و<تيار العزم> الذي يترأسه الرئيس ميقاتي وأنصار الوزير السابق فيصل كرامي إلخ... ولم تكن الأيام القليلة التي سبقت موعد الانتخابات كافية لإعادة <التناغم> بين هؤلاء الأنصار الذين تبيّن أنهم <لم يهضموا> الاتفاق الذي تمّ على مستوى قياداتهم. إضافة الى أن السرعة في إعداد المعركة، جعلت الماكينات الانتخابية <مضعضعة> وغاب التنسيق عنها، باستثناء ماكينة الرئيس ميقاتي التي كانت حاضرة على الأرض الى درجة طغى فيها مشهد المندوبين العائدين لماكينة <العزم والسعادة> على مشهد الناخبين!

- عدم مراعاة تشكيل لائحة <التحالف> لتمثيل باب التبانة والأحياء المعروفة بفقرها في المدينة، ما انعكس سلباً على اللائحة الكبرى وذهبت الأصوات في المنطقة بما يشبه <انتفاضة> طرابلسية، مماثلة للانتفاضات السابقة، الى لائحة الوزير ريفي الذي لم يكن وحيداً في دعمها بل كذلك التكتلات والمجموعات الإسلامية، لاسيما تلك التي قاتل رجالها خلال مواجهات باب التبانة - جبل محسن. وهذا التغييب لتمثيل باب التبانة تكرّر مع العلويين الذين اختارت لائحة <التحالف> أسماء لم تتشاور حولها مع القيادة العلوية الروحية والسياسية على حد سواء، ما جعل الاقتراع العلوي شبه معدوم قبل الظهر، ومحدوداً بعد الظهر، فحُرمت لائحة <التحالف> أصوات علوية كثيرة كان يمكن أن تشكل فارقاً ملحوظاً لمصلحتها يوازن الأصوات الكثيرة التي <صبّت> في الأحياء الطرابلسية الفقيرة الى جانب لائحة <قرار طرابلس>.

5-(6)ويضاف الى هذا العامل، عدم كثافة التصويت بعدما ظن كثيرون أن لائحة <التحالف> <رابحة> نظراً لقوتها وتضامن أركانها، ففضلوا تمضية العطلة بعيداً.

- بلوغ حالة الإحباط والاستياء في المجتمع الطرابلسي حدا لافتاً خصوصاً في الأحياء الأكثر فقراً نتيجة الضائقة الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة والنسبة المرتفعة للبطالة. وكما أعطى الناخبون في بيروت لائحة <بيروت مدينتي> أصواتاً كثيرة، كذلك أعطى الطرابلسيون ناقمون لائحة الوزير ريفي الذي نجح في مخاطبة المجتمع المدني وجعل معظم الناشطين فيه الى جانبه وكجزء من ماكينته الانتخابية.

- كرّست نتائج الانتخابات <شراكة> الوزير ريفي في الزعامة الطرابلسية الى جانب الزعماء التقليديين، لاسيما الرئيس ميقاتي والنائبان الصفدي وكبارة، وآل كرامي، فضلاً عن تيار <المستقبل> الذي وجه الوزير ريفي ملاحظات قاسية لرئيسه، الرئيس سعد الحريري، لاسيما في ما خص الخيارات السياسية التي اعتمدها، خصوصاً في مسألة ترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وبذلك جسد ريفي <تمايزه> عن الرئيس الحريري الابن، مؤكداً التزامه خط الرئيس الشهيد رفيق الحريري، علماً ان الوزير ريفي قال إنه يمثل <الحالة الحريرية الحقيقية>.

ويشير مطلعون على مواقف وزير العدل المستقيل الى أنه قرأ تبدّلاً في المزاج السني تجاه تيار <المستقبل> الذي فضّل التحالف مع <خصومه> التقليديين في طرابلس وفي مقدمهم الرئيس ميقاتي ليواجهه هو، فقرّر ركوب الموجة الاعتراضية على مواقف رئيس تيار <المستقبل> وخاض المعركة بشعارات سياسية <تدغدغ> مشاعر الطرابلسيين المعترضين على أداء الرئيس الحريري من جهة، وتتناغم مع وتر المشاعر والعصبيات السياسية والطائفية في طرابلس التي نجح الوزير ريفي في شدها من جهة ثانية، خصوصاً عندما كان يتحدث عن <الحالة السنية>. وقد حصد الوزير ريفي تبعاً لذلك تصويتاً سياسياً بامتياز عكس المزاج السني العام واقترب من التوجهات المتشددة في مواجهة ما يمثله أركان لائحة <التحالف من <اعتدال> و<انفتاح>، ولاسيما منهم الرئيس ميقاتي الذي سيكون الوزير ريفي في مواجهة سياسية معه، خصوصاً إذا ما عانى تيار <المستقبل> من تبدّل في حضوره على الساحة الطرابلسية خصوصاً، والشمالية عموماً. وبذلك يكون وزير العدل المستقيل قد <تحرّر> من الحصار الذي شكا من أن الرئيس الحريري فرضه عليه منذ استقالته من الحكومة الى درجة أنه أبعده عن العشاء الجامع الذي أقامه السفير السعودي علي عواض عسيري في دارته قبل أسبوعين، لكن ريفي أعلن مدّ يده للحريري مؤكداً على العلاقة الشخصية الجيدة.

الميناء برعاية ميقاتي

إلا أن ما حققه الوزير ريفي في مدينة طرابلس من نتيجة لافتة، لم تحققه اللائحة التي دعمها في الميناء التي أعطى الناخبون فيها أصواتهم بكثافة للائحة التوافقية التي <هندسها> الرئيس ميقاتي برئاسة عبد القادر علم الدين الذي يتمتع بدعم شعبي واسع في الميناء، حيث استمرّ التمثيل المسيحي في المجلس البلدي، وإن كان قد طغى عليه التمثيل الأرثوذكسي، ولم يحظَ موارنة الميناء بممثل عنهم في البلدية كما كان التقليد.

وإذا كانت انتخابات طرابلس قد خطفت الأضواء نظراً للمفاجآت التي أحدثتها، فإن ما جرى في الأقضية الأخرى عكس أيضاً توجهات الناخب الشمالي وخياراته، لاسيما في الوسط المسيحي الذي اختبر مرة جديدة متانة <تفاهم معراب> وقدرته على التأثير في الانتخابات البلدية في مواجهة الأحزاب المسيحية خارج التفاهم، ولاسيما حزب الكتائب والزعامات العائلية والتقليدية في البلدات والقرى الشمالية.

 

البترون: المواجهة الأبرز في تنورين

وفي هذا السياق، أظهرت الانتخابات في قضاء البترون أن التوافق الذي نعمت به عاصمة القضاء ففازت لائحة رئيس بلدية البترون مرسيلينو الحرك، لم يكن كذلك في بقية القرى، ولاسيما في تنورين حيث واجه الوزير بطرس حرب بلائحة شكلها من خصمه التقليدي بهاء حرب، لائحة حظيت بدعم الثنائية المسيحية، وتمكّن من تسجيل فوز يحمل في طياته رسالة الى رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل خلاصتها عدم قدرة التيار على إلغاء زعامة حرب في بلدته تنورين والبلدات المجاورة، على رغم الإمكانات الحزبية التي وضعت لتحقيق هذا الهدف. إلا أن خسارة ركني <تفاهم معراب> في تنورين، لم تكن كذلك في البلدية المستحدثة المسلوخة عن تنورين، وهي بلدة شاتين التي فاز برئاسة بلديتها شقيق العميد المتقاعد شامل روكز. وجعلت المنافسة بين الأحزاب والعائلات نسبة الاقتراع ترتفع الى فوق نسبة النصف (54,40 بالمئة)، ففازت <القوات> و<التيار> في بلديات بترونية عدة، فيما سجل حزب الكتائب حضوراً في بلدات الساحل البتروني وبعض الوسط حيث تجاوزت نسبة الاقتراع في عدد من البلدات حدود الـ70 بالمئة. ودلّت النتائج أن قرى البترون تتوزع على <التيار> و<القوات> وحزب الكتائب، إضافة الى الحالة الشعبية التي يمثلها الوزير حرب في تنورين والجوار، من دون أن تمتد الى قرى في الساحل والوسط.

الكورة الخضراء

ولم تغب المنافسة الحادة أيضاً عن قرى قضاء الكورة على رغم أن نسبة التصويت لم تتجاوز الـ43 بالمئة، وحملت النتائج ارتياحاً لجميع الأطراف السياسيين الذين ربحوا في بلدة وخسروا في أخرى، وبرز التنافس بين القوات اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي في أكثر من بلدة، لكن اللافت كانت خسارة الوزير السابق فايز غصن نائب رئيس تيار <المردة> في كوسبا وفوز اللائحة التي دعمها النائب نقولا غصن والقوات اللبنانية، مما جعل حضور <المردة> في الكورة محدوداً. والمشهد اختلف في انفة حيث تحالفت <القوات> مع <القومي> برعاية نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، ما أمّن فوز اللائحة المدعومة من الأطراف الثلاثة والتي خرج منها التيار الوطني الحر تاركاً لأعضائه حرية الاقتراع.

أما في أميون فأثبت الحزب القومي حضوره بدعم من <المردة> والتيار الوطني الحر، في حين كانت المنافسة في كفرعقا عائلية وإن كان الغطاء الحزبي متوافراً لعدد من المرشحين. واعتبر مكاري أنه حقق انتصاراً في الانتخابات مع فوز 28 مجلساً بلدياً محسوباً عليه أو قريباً منه سياسياً.

أما في البلدات الكورانية ذات الغالبية السنية، فقد أظهرت الأرقام التي فازت بها البلديات المدعومة من تيار <المستقبل> في كفريا وجدعبرين وبتوراتيج، تراجعاً في حضور <التيار الأزرق>، وتقدماً لدى <القومي> و<المردة>، علماً أن الأصوات كانت متقاربة وسجل سقوط اللائحة التي دعمها الوزير السابق الفضل شلق في كفريا وهو كان تحالف مع الحزب القومي في مواجهة لائحة <المستقبل>.

زغرتا وبشري: لا معارك حقيقية

أما المشهد في زغرتا، فلم يكن مثيراً للمتابعة لاسيما بعد الاتفاق الذي توصل إليه طوني سليمان فرنجية مع ميشال رينه معوض، ووفّر للمدينة لائحة توافقية، فغابت الحماسة وحضرت الأعلام المشتركة لتيار <المردة> و<حركة الاستقلال> في مواكب سيارة مشتركة لم يسبق للمدينة أن شهدتها. وأبقى تحالف فرنجية - معوض الذي باركه رئيس <المردة> النائب سليمان فرنجية <تفاهم معراب> خارج <أسوار> المدينة، وإن كانت هناك لائحة إثبات وجود لا أكثر يدعمها المجتمع المدني، غير أن الوضع اختلف في بعض القرى والبلدات الزغرتاوية، لاسيما في رشعين وكفرصغاب واردة ومرياطة وايطو وعشاش حيث طغى العامل العائلي على العامل الحزبي، وإن كانت الأحزاب <تلطت> خلف العائلات لتكون لها حصة في النتائج النهائية، خصوصاً في الهيئات الاختيارية.

وإذا كانت <القوات> حضرت بشكل نسبي في زغرتا، إلا أن حضورها كان قوياً في بشري حيث خاضت معركة مع مناصرين قواتيين سجلوا اعتراضهم على خيارات نائب المنطقة السيدة ستريدا جعجع. لكن الصناديق حملت فوزاً للائحة المدعومة من <القوات> حملت اسم <لائحة الإنماء والوفاء> برئاسة فريدي سليم كيروز، في وقت كانت المنافسة لافتة مع لائحة <بشري موطن قلبي> المدعومة من قواتيين معترضين، خصوصاً أن فارق الأصوات بين آخر الرابحين على لائحة <القوات> وأول الخاسرين في اللائحة المقابلة كان 936 صوتاً. وأظهرت الأرقام أن اللائحة المنافسة للائحة <القوات> نالت 37 بالمئة من الأصوات، وهي نسبة لا بدّ أن تكون موضع تقييم لدى قيادة <القوات>، لاسيما وأن هذه اللائحة فازت بمختارين في حي السيدة في بشري وهو الحي الأكثر تأثيراً. أما في بقية القرى البشراوية، فلم تحمل العملية الانتخابية مفاجآت، خصوصاً بعد فوز عدد من البلديات بالتزكية. أما حضور التيار الوطني الحر في قرى قضاء بشري، فكان محدوداً واقتصر على بقرقاشا وبرحليون وحصرون حيث تحالف <التيار> مع <قدامى القوات> على القاعدة العائلية وليس الحزبية.

Former-Pr-Minister-Najib-Mikati-Elect-in-Tripolyمشهد ملتبس في القبيات

أما المشهد في عكار، فاختصرته مسيحياً المواجهة الشديدة التي حصلت في القبيات بين لائحة توافقية ولدت بعد تفاهم النائب هادي حبيش مع منافسه النائب السابق مخايل الضاهر وحزب الكتائب، ولائحة دعمتها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. صحيح أن النتائج أسفرت عن فوز اللائحة الأولى بـ15 مقعداً مقابل 3 مقاعد للائحة الثانية، إلا أن الصحيح أيضاً أن الحضور <القواتي> والعوني في القبيات صار أقوى من الماضي لأن 47 بالمئة من المقترعين يواجهون البلدية الجديدة، وقد يرتفع عدد الخارقين للائحة الفائزة في ضوء ما سيسفر عنه الطعن الذي قُدّم في مسار العملية الانتخابية ونتائج الفرز التي شابتها ثغرات تنظيمية، إضافة الى وجود لوائح مرمزة تطالب اللائحة الخاسرة بإلغائها عملاً بقانون الانتخابات البلدية المعمول به.

إلا أن نتائج القبيات تؤكد على جملة معطيات منها:

- عدم قدرة ركني <تفاهم معراب> على الحد من نفوذ العائلات في هذه البلدة وغيرها من البلدات العكارية المسيحية، وبالتالي، فإن هذا <التفاهم> تلقى ضربة قوية في معقله الشعبي الأبرز، علماً أن الخسارة امتدت الى منيارة والشيخ طابا أيضاً.

- أهمية التحالف بين النائب حبيش والنائب السابق مخايل الضاهر، ما شكل قوة للعائلتين القويتين في البلدة، من دون إغفال تأثير حزب الكتائب على نتائج الانتخابات التي أتت أرقامها متقاربة.

- برز بوضوح الالتزام الحزبي لدى القوات اللبنانية بنسبة فاقت الـ95 بالمئة، في وقت كان فيه النائب حبيش يتحدث عن مناصرين <قواتيين> من مؤيديه. وسجل المتابعون حركة قواتية ناشطة طغت على الحركة العونية على رغم أن عدد العونيين هو ضعف عدد <القواتيين>.

- وقف حزب الكتائب الى جانب العائلات وتيار <المستقبل> والزعامات التقليدية، في وقت كان فيه التنسيق <القواتي - العوني> على أشده.

وفي قرى قضاء عكار الأخرى، خسر <التيار> في منيارة نتيجة الانقسام الذي حصل بين العونيين الذين توزعوا على ثلاث مجموعات أيدت واحدة منها رئيس المجلس البلدي الحالي أنطوان عبود، فيما أيدت الثانية عبود أيضاً مع فارق عن الأولى، أما الثالثة فدارت في فلك الوزير السابق يعقوب الصراف الذي أعرب عن رغبته في الاستقالة من منصبه الحزبي في التيار الوطني الحر.

أما في رحبة، فقد واجه مدير أعمال نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس رئيس البلدية السابق سجيع عطية، حملة اعتراضية قوية أيدت لائحة ترأسها فادي بربر ففازت بالانتخابات، علماً أن بربر حرص على التأكيد بأنه لم يواجه الرئيس فارس الذي يكن له كل احترام وتقدير، بل مدير أعماله الذي ساق ضده سلسلة اتهامات أثرت في مجرى الانتخابات.

أما في المقلب الآخر من عكار، فكانت الحماوة الانتخابية في وادي خالد محدودة قياساً الى الوضع في بلدات أخرى وظل التنافس ديموقراطياً، في حين شهدت الانتخابات في القيطع حضوراً <مستقبلياً> خجولاً، لاسيما في ببنين والعبدة والقرى الساحلية الأخرى حيث يكاد يكون العنوان الوحيد البارز في كل هذه القرى هو: الحرمان!

<المستقبل> تراجع في الضنية

وفي قضاء الضنية - المنية، سجلت نسبة إقبال غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات البلدية وصلت الى 57 بالمئة، وطغى الطابع العائلي على معظم قرى القضاء، لكن الأبرز كان سقوط اللائحة التي دعمها النائب أحمد فتفت في سير بعد فشل التوافق، وفازت لائحة رئيس البلدية الحالي أحمد علم بكامل أعضائها. وفي بلدة السفيرة أعاد النائب السابق أسعد هرموش حضوره السياسي بعد فوز اللائحة التي دعمها، ما يعيده الى الاستحقاق النيابي. أما في بخعون، فكرّس النائب السابق جهاد الصمد حضوره السياسي والشعبي بعد فوز اللائحة التي دعمها بكامل أعضائها في مواجهة لائحة <تيار المستقبل> الذي مُني مرشحوه بخسائر متتالية في قرى الضنية والمنية ما عكس تراجعاً في حضور <التيار الأزرق> في هذه البلدات، خلافاً لما كان عليه في الدورة الماضية العام 2010.

وفي أي حال، أفرزت الانتخابات البلدية في الشمال خريطة جديدة سوف تتحكّم من دون شك بمسار الانتخابات النيابية المقبلة مع بروز مؤشرات حول تبدل في موازين القوى!

بري لفاضل وعاصي: لا للتسرع بل للتعاطي بحكمة

حرص نائب طرابلس روبير فاضل على الاتصال بالرئيس نبيه بري وإعلامه بقراره بالاستقالة من مقعده النيابي عن الأرثوذكس في طرابلس، على أثر النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات البلدية في المدينة. إلا أن الرئيس بري، وبعدما استمع الى شروحات فاضل عن أسباب قراره تمنى عليه التريث و<عدم التسرّع> لأن الظروف الراهنة تفرض التبصّر قبل اتخاذ أي قرارات من هذا النوع، لافتاً إياه الى أنه لن يقبل هذه الاستقالة ولو قدّمها وفقاً للأصول القانونية، معتبراً أن المهم في هذه المرحلة هو انتخاب رئيس للجمهورية.

كذلك أجرى رئيس المجلس العلوي الشيخ أسد عاصي اتصالاً بالرئيس بري محتجاً على ما آل إليه الواقع البلدي في طرابلس بعد غياب العلويين، وكرر بري لعاصي ما سبق أن قاله لفاضل من خطورة الانزلاق الى ردود فعل متسرعة، داعياً الى التعاطي مع ما حصل بـ<حكمة> وعدم سلوك أي طريق تؤجج الجمر الطائفي أو ترفع منسوب التعصب، مركزاً على أهمية ضبط النفس. وطلب بري مزيداً من الوقت لدرس وتصور الحلول، ومنها على سبيل المثال إمكان إنشاء بلدية لجبل محسن.

النائب روبير فاضل.

 

الحريري زار الكويت يوم الانتخابات في طرابلس

هادي-حبيش-في-جولاته-الانتخابية

لوحظ أن وسائل الإعلام التي يشرف عليها تيار <المستقبل> كانت تركز في معرض تعاطيها مع نتائج انتخابات طرابلس، أن الوزير المستقيل أشرف ريفي أهدى الفوز الذي حققه الى <روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز>.

يذكر أن الرئيس سعد الحريري هنأ الفائزين في بلدية طرابلس والشمال مؤكداً احترام الإرادة الديموقراطية لأبناء طرابلس، ودعا الجميع الى التعاون لمصلحة المدينة، وأن تتجاوز القرى الطرابلسية <الاصطفافات> الداخلية، وتسهيل مهمة المجلس المُنتخب في إنماء المدينة وحلّ مشاكلها، وأكد أنه سيبقى يحمل <هموم طرابلس وقضاياها>.

ومعلوم أن الرئيس الحريري زار الكويت يوم الانتخابات البلدية في طرابلس والتقى عدداً من المسؤولين فيها، في مقدمهم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأدلى بسلسلة تصريحات قال فيها انه تم التوافق مع المسؤولين الكويتيين على ضرورة أن تكون لدينا <علاقات جيدة جداً مع ايران، لكن التدخلات من قبلها غير مقبولة>.

الرئيس سعد الحريري عند أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في قصر <بيان>.