تفاصيل الخبر

توصية في البرلمان الأوروبي رفضها لبنان بقوة تقضي بدمج النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة!

14/11/2019
توصية في البرلمان الأوروبي رفضها لبنان بقوة  تقضي بدمج النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة!

توصية في البرلمان الأوروبي رفضها لبنان بقوة تقضي بدمج النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة!

كان سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان <رالف طراف> مسترسلاً في تحديد موقف الاتحاد من المسيرات الشعبية والتجمعات في الساحات وسائلاً عن الخطوات التالية، عندما قاطعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسأله عن سبب تغيير الاتحاد الأوروبي موقفه من إعادة النازحين السوريين الى بلادهم... استغرب السفير <طراف> السؤال ليسارع الرئيس عون ويقرأ له بعض ما صدر في البيان المشترك الذي صدر في 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن لجنة الشؤون الخارجية ولجنة الميزانية في البرلمان الأوروبي، وجاء فيه ما حرفيته: <في إطار امكانية عدم تمكن النازحين السوريين من العودة الى بلادهم في المستقبل المنظور، يصبح ضرورياً تأمين قدرتهم على الانتاج والتوظيف على المدى الطويل بطريقة متماسكة مع المجتمعات المضيفة>.

المفاجأة كانت بادية على السفير <طراف> (وهو الماني ــ لبناني الأصل) لأنه يعرف ان الاتحاد الأوروبي لم يتخذ مثل هذا الموقف خصوصاً مسألة الاندماج، وازدادت دهشته عندما أبلغه الرئيس عون ان لبنان متمسك بعودة النازحين السوريين الى بلادهم لأن التداعيات التي تركها نزوح هؤلاء على مختلف قطاعات الدولة كبيرة جداً ولم يعد في استطاعة لبنان أن يتحملها خصوصاً في الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر به والذي سبب قيام <ثورة> شعبية لا تزال تتفاعل في الشارع اللبناني على نحو واسع...لا بل أكثر من ذلك، أكد الرئيس عون للسفير الأوروبي ان عمليات عودة النازحين السوريين من لبنان الى سوريا لا تزال مستمرة بمبادرة لبنانية وبناء على رغبة هؤلاء النازحين وقد بلغ عددهم 390 ألف عائد الى المناطق التي أصبحت آمنة وهي تشكل ما نسبته 90 بالمئة من الأراضي السورية اذ ان المواجهات باتت محصورة في منطقة محدودة جداً. وعدد الرئيس عون المجالات التي أصيبت بتراجع نتيجة النزوح السوري، لاسيما في قطاعات الصحة والكهرباء والمياه وذلك على نحو يصعب معه إعادة الحيوية الى هذه القطاعات نتيجة الامكانات المادية الضئيلة التي تعاني منها خزينة الدولة، ناهيك عن البطالة التي حصلت في صفوف الشباب اللبناني بفعل توزع اليد العاملة السورية على كل القطاعات الانتاجية في البلاد والمطاعم والمستشفيات وغيرها... وهذه البطالة شكا منها المشاركون في <الحراك الشعبي> من دون أن يوردوا في مطالبهم مسألة النزوح السوري وما سبّبه حتى الآن من مضاعفات سلبية.

ويبدو ان عامل المفاجأة، وكلام الرئيس عون الواضح حيال تصميم لبنان على ضرورة عودة النازحين السوريين، فعلا فعلهما لدى السفير الأوروبي الذي سارع بعد مغادرته قصر بعبدا الى <التغريد> على حسابه الخاص على موقع <تويتر> بـ<أن الاتحاد الأوروبي لم يؤيد يوماً توطين اللاجئين السوريين أو اندماجهم في لبنان لأن إقامتهم في هذا البلد مؤقتة>، وزاد بأن الاتحاد الأوروبي <يريد ان تتوافر الظروف التي من شأنها أن تسمح للاجئين السوريين بالعودة الى بلدهم>.

توجهات للاندماج...!

 

وإذا كانت ردة فعل السفير <طراف> سريعة لجهة توضيح موقف الاتحاد الأوروبي من مسألة <توطين> النازحين في الدول المضيفة إلا ان ذلك لم يلغِ وجود توجهات لدى بعض الدول للإبقاء على النازحين السوريين حيث هم في مقابل تقديم مساعدات للدول المضيفة تغطي بعض خسائرها الناتجة عن هذا الوجود، وهذا الأمر سمعه أكثر من مسؤول لبناني خلال لقاءات عقدت إما في بيروت أو في الخارج، وهو ما حذر منه رئيس الجمهورية في مختلف المناسبات لكن عدم التجاوب كان سيد الموقف في كل هذه المداخلات التي أجراها الرئيس عون والتي كان يحذر فيها دائماً مما يسببه هذا النزوح من تداعيات، خصوصاً ان المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والانسانية تعطى للنازحين الموجودين في لبنان، في حين انه لو أعطيت لهم في بلداتهم وقراهم لكان ذلك شجعهم على العودة، لاسيما وان بين النازحين من يدخل الى سوريا مع مطلع كل شهر حيث يمارس عمله ثم يعود الى لبنان للحصول على المساعدة الدولية، وهؤلاء يعرفون بـ<النازحين الاقتصاديين>! أما

الذين أتوا الى لبنان لاعتبارات سياسية كونهم من معارضي النظام، فلم يسع لبنان يوماً الى اعادتهم أو يمارس عليهم أي ضغط للعودة لأنه يقدر الظروف التي نزحوا بسببها الى لبنان.

وعلى رغم الايضاحات التي قدمها السفير الأوروبي، إلا ان قلق المسؤولين اللبنانيين من مستقبل النازحين السوريين على أرض لبنان له ما يبرره، فالتقارير الديبلوماسية التي وردت خلال الأسابيع الماضية أشارت الى ان حل مسألة النازحين سوف يتأخر وقد لا يتم في وقت قريب كما يريد لبنان وغيره من الدول المضيفة، وبالتالي فإن ما ورد في البيان المشترك للجنتي الشؤون الخارجية والميزانية في البرلمان الأوروبي لم يأتِ من عدم، بل ان ثمة من يشجع على اعتماد خيار <الاندماج> تحت عنوان <الحل المؤقت> للوجود السوري في لبنان والدول الأخرى، على أن يصبح هذا الحل، مع مرور الزمن، حلاً دائماً وتكون المجتمعات في الدول المضيفة قد <هضمت> الضيوف الجدد وباتوا <من أهل البيت>! ولعل ما يعزز هذا التوجه، ما أورده أحد التقارير الديبلوماسية الذي وصل الى بيروت وفيه ان ثمة رغبة أميركية مدعومة من عدد من الدول الأوروبية، الطلب الى الحكومة اللبنانية تأمين فرص عمل للسوريين في لبنان، وان المشاريع التي تتولى منظمات الأمم المتحدة تنفيذها على الأراضي اللبنانية ستضم عمالاً سوريين يتقاضون تعويضاتهم من اعتمادات المنظمات الدولية التي ستُزاد تباعاً لضمان بقاء السوريين في الدول المضيفة بعد توفير فرص العمل لهم. ويشير التقرير الى ان احصاءات أجريت للأعداد الدقيقة للنازحين في لبنان وسوريا والعراق وتركيا بحيث يتم الاستناد إليها لتنفيذ خياري <الاندماج> و<التوطين> على مراحل لعدم احداث صدمة لو طُبق هذا الخيار دفعة واحدة على ما يزيد عن 6 ملايين نازح سورين موزعين بين الدول الأربع وعدد من دول أوروبا وبأعداد ضئيلة في دول آسيوية.

استغلال <الحراك>!

 

ويبدو ان الذين يسعون لـ<تمرير> هذا الخيار <بالتي هي أحسن>، من خلال تبنيه من مرجعيات دولية، <نصحوا> بالاستفادة من الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها لبنان حالياً للبدء بتنفيذه تدريجياً خصوصاً ان الدولة غارقة راهناً بالمسيرات الشعبية والتجمعات وقطع الطرق وغيرها من الممارسات، إضافة الى استقالة الحكومة ودخولها في مرحلة تصريف الأعمال مع ما يعني ذلك من عدم قدرة على التئام مجلس الوزراء للصدور بموقف موحد حيال هذه الخطوة. إلا ان مصادر رسمية أكدت لـ<الأفكار> ان <الوهن> الذي أصاب المؤسسات الرسمية اللبنانية بفعل الاضطرابات التي نتجت عن التحركات الشعبية والمطلبية، لن يمنع الرئيس عون ومن يرغب من المسؤولين اللبنانيين، من العمل معاً لمواجهة هذا الخيار ديبلوماسياً، إضافة الى اجراءات ميدانية أخرى تحد من <انفلاش> السوريين في المناطق اللبنانية من جهة وفي فرص العمل من جهة أخرى، لاسيما بعد ارتفاع نسبة الشباب العاطل عن العمل الى 34 بالمئة بعدما كانت النسبة خلال العام الماضي لا تتجاوز الـ25 بالمئة، كذلك سوف تتشدد الأجهزة الأمنية في ملاحقة السوريين المخالفين لنظام الإقامة أو العمل على الأراضي اللبنانية، وبالتزامن سوف يكثف الأمن العام من تنظيم رحلات العودة للسوريين الراغبين وذلك بعد التنسيق مع الجانب السوري الذي يقدم تسهيلات للأمن العام اللبناني لاتمام هذه العودة. إلا ان المصادر المتابعة أعربت عن قلقها من ان تؤثر التحركات الشعبية في تأخير تنفيذ الاجراءات والتدابير المتعلقة بالوجـــــــــــــود السوري في لبنان لاسيما وان الأجهزة الأمنية منشغلة في تأمين سلامة المتظاهرين حيناً وفتح الطرقات احياناً ومنع التعديات على المؤسسات الرسمية والخاصة أحياناً أخرى، ما يربــــــــــــــكها ويحد من قدرتها على تنفيذ الاجراءات المتفق عليها.

في اي حال ملف النازحين السوريين سيكون موضع نقاش مفصل خلال الاجتماع الذي دعت إليه تركيا للبحث في سبل تنظيم عودة النازحين، والذي تشارك فيه الدول المضيفة لبنان والعراق والأردن وتركيا، فيأتي هذا الاجتماع بمبادرة تركية بعد التعثر الذي أصاب المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين بعد ممانعة أميركية واضحة!