تفاصيل الخبر

تنشق الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة يسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي

01/11/2019
تنشق الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة يسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي

تنشق الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة يسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي

 

الدكتور سامر نعمة: الأشخاص المصابون بالحساسية والربو معرضون لمشاكل أكثر من غيرهم عند تنشقهم الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة!

 

بقلم وردية بطرس

حرق اطارات السيارات ترافق مع مشهد الاحتجاجات التي يشهدها لبنان منذ انطلاق الثورة اللبنانية بتاريخ 17 تشرين الأول (اكتوبر) احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي. مع العلم ان البعض توقف عن حرق الاطارات لما يسببه من ضرر على صحة الانسان خصوصاً للجهاز التنفسي، اذ استدرك العديد من المتظاهرين مخاطر تنشق الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة فتوقفوا عن حرقها... التظاهر حق لكل اللبنانيين ولكن يجب التنبه لمخاطر حرق الاطارات اذ ان العديد من الدراسات تشير الى ان الغازات الناتجة عن حرق الاطارات في الشوارع والأحياء السكنية تتسبب في العديد من الأمراض وأبرزها الأمراض التنفسية وانقباض الصدر وتضيق القصبات الهوائية. ان الغازات السامة المنبعثة من حرق الاطارات تؤثر سلباً على الصحة العامة، كما ان أضرارها تشمل صعوبات في التنفس خصوصاً للمصابين بالربو، وقد تتسبب بالوفاة، وذلك لأن اطار السيارة يتكون من المطاط الصناعي المصنّع من مركبات البنزين ومشتقاته والكربون الأسود والكبريت وأكسيد الزنك والشمع والفولاذ، وعند احتراقه يبعث غاز أول أكسيد الكربون ومعادن ثقيلة ومواداً عضوية متطايرة وجزئيات صغيرة تدخل الجهاز التنفسي وتترسب في أعماق الرئة، فيترتب عنها آثار ضارة وخطيرة على المدى البعيد. وان أكثر الفئات قابلية لأضرار هذه المواد هم الأطفال والأجنة في أرحام أمهاتهم والرضع والمسنون ومرضى الربو، ومن يعانون من ضعف في الجهاز المناعي لأي سبب كان. ان حرق الاطارات يتسبب في اطلاق كميات هائلة من الغبار والدخان والرماد، فضلاً عن الغازات السامة والانبعاثات التي تؤثر على الغلاف الجوي والصحة العامة بشكل خطير وتولد التلوث في التربة والمياه الجوفية والهواء. ان السموم الضارة المنبعثة من حرق النفايات والاطارات في العراء تشمل مركبات <الديوكسين>، والتي تولد الملوثات بكميات كبيرة نظراً لدرجات حرارة الاحتراق المنخفضة وقلة توزيع الهواء... ان انبعاث الدخان الناتج عن حرق النفايات والاطارات يؤدي الى ملوثات هواء أخرى تشمل ثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، ويتضمن أيضاً كميات كبيرة من أكثر من 20 ملوثاً خطراً بما في ذلك البنزين والرصاص والزرنيخ والكادميوم والزئبق، وتلك المواد قادرة على اتلاف الجهاز التنفسي والجهاز العصبي والكلى والكبد للأشخاص الذين عن قرب لتلك الانبعاثات او تعرضوا لها نتيجة انتقال الأدخنة لهم بسبب سرعة الرياح واتجاهها، وبالتالي لا يتأثر الناس في المناطق القريبة من الحريق وحسب ولكن يتأثر المارة أيضاً بسبب الكم الهائل من التلوث، وان الآثار الصحية الناجمة عن النفايات والاطارات المشتعلة تتراوح بين الصداع والدوار وصعوبات التنفس وتسارع نبضات القلب وعدوى الجهاز التنفسي وتلف الكبد والكلى، كما ان الاطارات ليست مصممة للحرق لأنها تحتوي على مكونات خطرة، فالمطاط في الاطارات يحتوي على زيوت بنسبة 25 بالمئة مستمدة من البنزين، والستاريرن بنسبة 25 بالمئة.

الدكتور سامر نعمة وتأثير الانبعاثات الناتجة عن الاطارات المشتعلة على الجهاز التنفسي!

فماذا يحدث للجهاز التنفسي عندما يتنشق الشخص الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة؟ وكيف يحمي الشخص نفسه من مخاطر الاطارات المشتعلة وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصي في الأمراض الصدرية والتنفسية الدكتور سامر نعمة، ونسأله كيف يتأثر الجهاز التنفسي عند تنشق الروائح الناتجة عن الاطارات المشتعلة فيقول:

- طبعاً الجهاز التنفسي حساس ويختلف الأمر اذا كان لدى الشخص مشاكل في القصبة الهوائية او الحساسية، ولكن سنتحدث عن الشخص العادي الذي ليس لديه مشاكل: اجمالاً الشخص العادي الذي لا يعاني من مشاكل ويتنشق روائح شديدة فلا يُصاب بمشكلة صحية اذ ان تنشق تلك الروائح لفترة وجيزة اي مثلاً اذا تنشق مرة او مرتين بشكل بسيط وليس بشكل مطول فلن يُصاب باي مشكلة. ولكن أحياناً اذا كانت الرائحة شديدة وتنشق الشخص أشياء محروقة او <Toxic> يقدر ان يسبب ذلك لديه تحسساً شديداً على القصبات الهوائية او ما يُعرف بـ<Reactive airway disease> اذ تقوم القصبات الهوائية بردة فعل ويحدث التهاب شديد ناتج عن تنشق هذه المادة السامة، واذا لم يُعالج فسيؤدي ذلك الى السعال، وضيق في التنفس، كما يعرّض المريض لالتهابات أكثر من غيره، يعني مثلاً كلما يلتقط فيروساً سيؤثر الفيروس على القصبات الهوائية فيعاني الشخص من السعال لفترة طويلة، وأحياناً يتضايق بسبب الضيق في التنفس. فاذا لم يكن لدى الشخص مشاكل وتنشق طبعاً كمية كبيرة من مادة تم حرقها فذلك يؤدي الى <Toxic>، واذا تنشق الشخص مادة ليست قوية ممكن ان يُصاب بالتحسس اي يبدأ بالعطس او السعال لفترة وجيزة ناتجة عن تنشق هذه المادة، ولكنها ستزول وهنا اتحدث عن معدل منخفض اي الشخص الذي لا يتنشق مادة شديدة.

وبالسؤال عن الشخص الذي لديه مشاكل في القصبات الهوائية فيقول:

- اذا كان الشخص لديه مشاكل في القصبات الهوائية او حساسية فتكون المشكلة أكبر لأن الشخص الذي يعاني من الربو او الحساسية او انسداد رئوي ناتج عن التدخين او أمراض تليف الرئتين فهو أساساً اذا تنشق روائح مثل العطور او الدخان يتضايق، فكيف الحال اذا تنشق روائح شديدة مثل حرق اطارات السيارات؟ فهذا الأمر يؤدي الى ادخال الشخص الى العناية المركزة، أي انه ممكن للمريض المصاب بالربو اذا تنشق رائحة شديدة ان يُصاب بضيق شديد في القصبات الهوائية اي زفير شديد في الصدر وضيق شديد في التنفس فيُنقل الى الطوارئ اذ يهبط معدل الاوكسجين لديه. هذه هي الحالات القصوى التي نراها. وأيضاً الشخص المصاب بالحساسية اذا تنشق روائح ليست شديدة أيضاً سيُصاب بالسعال لفترة أطول من غيره، وممكن ان يعطس ويسعل وممكن بنسبة قليلة ان يحدث ضيق في التنفس، هذه اذا كانت الروائح غير شديدة كما ذكرت وليست لفترة طويلة.

 

مضار التدخين والنرجيلة!

وعن الانسداد الرئوي يشرح:

- ان تنشق المواد المحترقة لمدة سنوات يسبب أمراض الرئتين المزمنة مثل الانسداد الرئوي. وكما يعلم الجميع ان الانسداد الرئوي يحدث بسبب التدخين اذ ان 90 بالمئة من الأشخاص المصابين بالانسداد الرئوي هم من المدخنين. بالاضافة الى الدخان فان التلوث عامل يُضاف الى العوامل المسببة وأيضاً تنشق المواد التي تحتوي على الكربون المحروق مثل مدفأة الحطب <شومينيه> اذ هناك أشخاص يعملون بـ<الشومينيه> والحطب فيتنشقون هذه الروائح والتي تؤثر من حيث الانسداد الرئوي. ونرى حالات سرطان الرئة بسبب التدخين اذ ان نسبة المدخنين ارتفعت كثيراً، وأخطر من الدخان هو النرجيلة اذ ان موجة النرجيلة بدأت منذ 10 او 15 سنة تقريباً والآن بدأ يظهر مفعولها لأن التدخين يحتاج لحوالى 10 الى 15 سنة ليظهر مفعوله في الجسم، فلقد زادت نسبة استخدام النرجيلة بشكل كبير اذ انه في السنوات الخمس الأخيرة لاحظنا ارتفاع نسبة مدخني النرجيلة وذلك عند مختلف الأعمار، ويجب ان يدرك الناس ان ضرر النرجيلة أكثر من الدخان مرتين ونصف المرة، إذ كل رأس نرجيلة يعادل علبتين ونصف علبة دخان سجائر، أي ان الشخص الذي دخن النرجيلة لمدة عشر سنوات نعتبر انه دخن السجائر لمدة 25 سنة تقريباً.

 

المواد السامة المنبعثة من الاطارات المشتعلة!

 

ــ على مدى أيام تنشق اللبنانيون الروائح الناتجة عن حرق الاطارات على الطرقات، فهل سيعرّضهم ذلك لمشاكل صحية تحديداً في الجهاز التنفسي؟

- سنعتبر ان حرق اطارات السيارات مثل حرق اي شيء بداخله مادة سامة، اذ ان <كاوتشوك> اطار السيارة لم يُصنّع ليحترق وبالتالي عندما يحترق تنبعث منه مواد لغاية الآن لا نعرف ما هي، ولكنها بدون شك هي مواد خطرة وسامة وتأثيرها على المدى البعيد لا نزال لا نعرف ما هو. أما تأثيرها على المدى القريب فكما ذكرت في البداية حسب المريض اذا كان يعاني من مشاكل صحية ام لا مثله مثل اي مادة شديدة، فهناك أشخاص يخلطون أدوية التنظيف مع بعضها ويتنشقون روائح شديدة منها وذلك يسبب لهم مشاكل شديدة في الرئة، فحرق الاطارات يسبب تقريباً المفعول نفسه الذي يُسمى بتحسس القصبات الهوائية الذي هو ضيق في التنفس، والسعال، وزفير في الصدر، فهذه هي أكثر الحالات الشائعة والناتجة عن تنشق هذه المواد.

ويتابع:

- لا تحدث أمراض رئوية مزمنة اذا تم تنشق هذه المواد لفترة قصيرة، الا اذا تنشق الشخص كمية كبيرة من تلك المواد مثلاً اذا كان بالقرب من الاطارات المشتعلة ولفترة طويلة وكانت الرائحة شديدة جداً وتنشق كمية كبيرة منها فقد يسبب ذلك للقصبات الهوائية مرضاً قد يصبح مرضاً مزمناً الذي يُعرف بتحسس القصبات الهوائية، واجمالاً يكون علاجه مزمناً اذ يصبح لدى الشخص نقطة ضعف في القصبات الهوائية، فاذا تنشق روائح شديدة فسيعاني من ضيق في التنفس والسعال، وبالتالي الشخص الذي يحرق اطارات السيارات ويتنشق روائحها فإنه سيتضرر حتى لو وضع الكمامة، لأن الكمامة تحمي ولكن ليس مئة بالمئة، فالكمامة ممكن ان تحمي من تنشق كمية كبيرة.

ــ وهل يختلف الأمر بالنسبة للأعمار وبين شخص وآخر؟

- اجمالاً الأطفال لديهم استعداد أكثر للاصابة بتحسس في القصبات الهوائية، وهنا نتحدث عن أعمار صغيرة مثلاً 3 سنوات او خمس سنوات اي ما دون سن العاشرة او الحادية عشرة اذ يلحقهم الضرر أكثر من غيرهم. أما بالنسبة للأشخاص في سن العشرينات والثلاثينات والأربعينات والخمسينات فلا يختلف الأمر بين شخص وآخر بهذه الأعمار، ولكن يختلف الأمر ربما بأعمار متقدمة إذا كان الكبير في السن لديه مشاكل في الرئة، ولكن اذا لم يكن لديه مشاكل في الرئة فلا يكون معرضاً أكثر من غيره للاصابة بمشاكل اذا تنشق هذه الروائح. وبالنسبة للحوامل ومرضى القلب والسرطان فاذا لم يكن لديهم مشاكل في الجهاز التنفسي اجمالاً لا يلحق بهم الضرر اذا تنشقوا هذه الروائح لفترة قصيرة.

 

التشخيص والوقاية!

 

ــ وماذا عن التشخيص؟

- بالنسبة للتشخيص فلقد وصلتنا حالات الى قسم الطوارىء في الأيام التي شهدت فيها البلاد حرق الاطارات، ولكن اجمالاً هم مرضى لديهم مشاكل في الجهاز التنفسي. والتشخيص سهل نسبياً وهناك عامل تنشق هذه المادة وهناك المريض الذي لديه مشاكل في القصبات الهوائية فنقوم بفحصه ونقدر ان نعرف حتى بدون اجراء الصور والفحوصات بأن هذا المريض أصيب بتحسس في القصبات الهوائية نتيجة تنشق هذه الروائح. وبعض الأشخاص الذين يأتون الينا ليس لديهم مشاكل رئوية شديدة او مشاكل رئوية قديمة ولكنهم تنشقوا هذه الروائح الشديدة فأصيبوا بضيق في التنفس والسعال فنقوم بالتشخيص اذ نجري فحوصات تخطيط للنفس.

ــ أيها أخطر على صحة الانسان الروائح الناتجة عن حرق النفايات او اطارات السيارات المشتعلة؟

- كلها مضرة بصحة الانسان ولكن حرق النفايات مضر أكثر لسبب بسيط ان النفايات تحتوي على مواد عديدة مثل: البلاستيك، والنايلون، والمواد العضوية، والورق وغيرها، وكل واحدة منها عندما تحترق تنبعث منها مواد سامة. أما بالنسبة للاطارات فصحيح ان الانبعاثات التي تصدر عنها سيئة ولكنه نوع واحد من المواد، ولكن بالنهاية حرق النفايات والاطارات يشكلان على حد سواء خطراً على صحة الانسان.

ــ وماذا عن الوقاية؟

- اجمالاً ليس هناك دواء او بخاخ يأخذه الشخص. الوقاية هي ان يبتعد الشخص عن تنشق هذه المواد، اذ لسوء الحظ ليس هناك أمر آخر، الكمامة تحمي ولكن ليس بشكل كامل، ليس هناك وقاية الا ان يبعد قدر المستطاع واذا لم يقدر عليه ان يضع الكمامة. بعض الناس يستعملون البخاخات فهذه تساعدهم على ترطيب القصبات الهوائية والانف والحنجرة، ولكن الدراسات لم تظهر ان لها فوائد بل أظهرت الدراسات انها لا تؤثر على الاشتراكات الناتجة عن تنشق المواد السامة والضارة اي ليس لديها فائدة كبيرة، ولكن طبعاً استعمالها لا يضّر بالشخص، وكما ذكرت ان افضل وسيلة هي الابتعاد قدر الامكان عن المكان الذي يتم فيه حرق الاطارات.