تفاصيل الخبر

تنفيذ «تفاهم» الحريري - فرنجية مجمّد الى إشعار آخر ولبنان يستقبل 2016 من دون رئيس للجمهورية!  

17/12/2015
تنفيذ «تفاهم» الحريري - فرنجية مجمّد الى إشعار آخر  ولبنان يستقبل 2016 من دون رئيس للجمهورية!   

تنفيذ «تفاهم» الحريري - فرنجية مجمّد الى إشعار آخر ولبنان يستقبل 2016 من دون رئيس للجمهورية!  

franjiye---sayed-hassan-16-7-2010 وسط سيل جارف من التصريحات والتوقعات والتحليلات حول المبادرة غير المعلنة رسمياً بعد، من الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية <فاضت> بها الساحة السياسية اللبنانية خلال الأيام الماضية، برزت حقيقة ثابتة غير قابلة للنقاش، خلاصتها أن لبنان سيعيّد الميلاد المجيد ويستقبل السنة الجديدة... من دون رئيس للجمهورية خلافاً لما كان تردّد بعد <الكشف> عن لقاء الرئيس الحريري بالنائب فرنجية يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في باريس!

والواضح أيضاً أن <بورصة> النقاش الرئاسي التي أقفلت الأسبوع الماضي على بقاء الشغور في قصر بعبدا أسابيع إضافية، سجّلت في المقابل تراجعاً ملحوظاً في منسوب الحديث عن ترشيح النائب فرنجية، فيما بدا أن الحراك السياسي المكثف الذي سُجل خلال الأيام الماضية، لم يتعدَ الدوران في حلقة مفرغة وسط <ضياع> أقرّ به أكثر من سياسي وديبلوماسي ومسؤول بمن فيهم أولئك الذين يُفترض أنهم على علم بدقائق الأمور وعلى صلة مباشرة بـ<صانعي الأحداث>... كي لا يُقال بـ<صانعي الرؤساء>!

ولأن عطلة الميلاد ورأس السنة باتت على الأبواب، ولأن معظم السياسيين من وزراء ونواب ورؤساء أحزاب، هم على سفر لتمضية عطلة الأعياد في الخارج بعيداً عن أعين المراقبين في الداخل، فإن ما ستشهده الأيام المتبقية من العام 2015 لن يحمل جديداً يحرّك الملف الرئاسي المجمّد الى ما بعد عيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية يوم 6 كانون الثاني/ يناير المقبل، من دون أن يعني ذلك أن الوصول الى خواتيم سعيدة هو حتمي، بل بالعكس لأن كل المعطيات تدل على أن الملف الرئاسي دخل من جديد في مدار التجاذبات والخلافات، وأن <التسوية> التي قيل انها قاب قوسين أو أدنى، باتت تتطلّب توافقاً على <سلة شاملة> من الحلول لن يكون من السهل الوصول إليها خلال أسابيع أو ربما أشهر.

في غضون ذلك، تبدو مواقف الأطراف المعنيين بالملف الرئاسي غير قابلة للتعديل الذي يمكن التأسيس عليه، على رغم حصول تطورات مهمة خلال الأسبوع الماضي لعلّ أبرزها زيارة النائب فرنجية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بعد زيارة للرابية ولقاء استمرّ 45 دقيقة مع زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون في حضور رئيس <التيار> الوزير جبران باسيل، واتصال أجراه الرئيس الحريري مع رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لم يبدّل في المواقف المعلنة شيئاً، وبالتالي أبقى الخلافات قائمة على رغم أنه استمرّ نحو ساعة من الزمن. أما على المحاور الأخرى، فالرئيس نبيه بري ظل على تواصل مباشر حيناً وغير مباشر أحياناً مع العماد عون والنائب فرنجية في محاولة قد تكون يائسة لإنجاح التسوية ويعوّل على حوار عون - فرنجية، ولقاء السيد حسن نصر الله مع فرنجية، فيما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان النائب وليد جنبلاط نعى - أو كاد - مبادرة الرئيس الحريري غير المعلنة بعد متسائلاً عن سبب اعتراض <الممانعة> على <التسوية>، في وقت ظل فيه حزب الكتائب على موقفه غير المحسوم بعد، وإن كان رئيسه النائب سامي الجميل أكد ان الحزب يريد معرفة برنامج عمل الرئيس العتيد ومواقفه من المواضيع الأساسية قبل تحديد موقفه منه، بصرف النظر عن هوية المرشح في ما بعد، وكأنه مطلب كتائبي واضح للحصول على ضمانات. أما على جبهة الحراك الديبلوماسي، فقد تبين أن <حماسة> بعض الديبلوماسيين في إقناع الأطراف المعنيين بالسير بالمبادرة الحريرية تراجعت بعض الشيء، وتحوّلت زيارات الديبلوماسيين الى زيارات استطلاعية. أما على صعيد بكركي، فبدا أن سعي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لجمع القادة الموارنة في الصرح البطريركي من جديد أُصيب بـ<انتكاسة>، إذ تضاربت المواقف حيال هذا الأمر بين إعلان البطريرك من طرطوس، حيث كان في زيارة رعوية، انه ينتظر أجوبة القادة الموارنة الأربعة على دعوته للاجتماع في بكركي، وبين نفي الرئيس أمين الجميل أن يكون تلقى أي دعوة من البطريرك الذي <عدّل> في صيغة كلامه مشيراً الى انه <في صدد> توجيه الدعوة!

تنظيم الخلاف بين الحريري وجعجع

 

في أي حال، أظهرت تطورات الأسبوع الماضي ان صاحب المبادرة الرئيس سعد الحريري ماضٍ بمبادرته في دعم النائب فرنجية على رغم الاعتراضات التي كانت تصله من الحلفاء قبل الخصوم، وهو أجرى لهذه الغاية سلسلة مشاورات قالت مصادر <المستقبل> أنها تهدف الى تأمين <أوسع دعم وطني لانتخاب فرنجية>، من أبرزها الاتصال الهاتفي المطوّل الذي أجراه برئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي كان <عاتباً> على حليفه لإجرائه مفاوضات مع النائب فرنجية وإعلان دعمه له رئيساً للجمهورية من دون التشاور المسبق معه، وهو - أي جعجع -  المرشح المُعلن لقوى 14 آذار عموماً ولتيار <المستقبل> خصوصاً. إلا أن الاتصال الذي استمرّ ساعة من الزمن، لم يحدث تبديلاً في المواقف على رغم الشروحات التي قدّمها الرئيس الحريري حول الأسباب التي أملت عليه <التفاوض> مع فرنجية ودعم ترشيحه والتي لم تُقنع <الحكيم> الذي ظلّ على موقفه الرافض لهذه المبادرة خصوصاً أنه توسّع في شرح تحفظاته عليها والملابسات التي أحاطت بها. ولأن <العتاب> المتبادل أخذ حيزاً من الاتصال في ضوء الحملات المتبادلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أنصار الزعيمين، فإن اتفاقاً وحيداً نتج عن الاتصال الهاتفي المطوّل وهو قضى بـ<إدارة الخلاف> بين الطرفين بديموقراطية بعيداً عن المسائل الشخصية أو حملات التجريح المتبادلة، على أن يستمرّ التواصل لمزيد من التقييم والمتابعة مباشرة أو عبر جعجع-و-حريريوسطاء، وقد يكون أحدهم النائب السابق غطاس خوري الذي اطلع على مضمون المكالمة الهاتفية بين الحريري وجعجع، وكلفه الأول متابعة النقاش في الآتي من الأيام.

وقبل هذا الاتصال، كان الرئيس الحريري أكد لمتصلين به من تيار <المستقبل> ومن خارجه، أن <التسوية> ما زالت موجودة، وأنه أكد للنائب فرنجية هذا الأمر في اتصال هاتفي معه ليل الأحد الماضي، مشيراً الى أن كل الاتصالات التي يقوم بها تهدف الى إنجاحها وإحاطتها بأكبر دعم وطني ممكن لأنه - أي الحريري - يرى أنه من مصلحة لبنان أن ينتخب النائب فرنجية من خلال أوسع تأييد مسيحي وإسلامي ممكن، وأنه لا بدّ أن يقوم النائب فرنجية بمبادرات تجاه الأفرقاء المسيحيين لإزالة الاعتراضات التي ظهرت منهم على مبادرته لأن <يداً واحدة لا تصفق> على حدّ تعبير الحريري الذي قال أيضاً لمحدّثيه إن <صبره طويل> وسيواصل العمل لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن. إلا أن اللافت في ما نُسب الى الحريري أنه لم يؤكد ولم ينفِ صحة المعلومات التي تردّدت عن إمكان مجيئه الى بيروت بعد عطلة الأعياد لإعادة <تزخيم> مبادرته في ضوء <الركود> الذي أصابها، علماً أن رواد <بيت الوسط> لاحظوا أن الإجراءات الأمنية الذي تُتخذ عادة خلال وجود الرئيس الحريري في بيروت برزت من جديد، ما يجعل إمكانية العودة واردة في أي لحظة تجاوباً مع الدعوات المتتالية التي يوجهها حلفاء للحريري يرون ضرورة عودته وتجاوز الظروف التي تحول دون هذه العودة، للإمساك بالملف الرئاسي من جديد و<إنقاذ> المبادرة التي كان أطلقها في هذا المجال.

 

عون - فرنجية.. مكانك راوح!

وفيما أكدت مصادر <المستقبل> أن الرئيس الحريري كان ينتظر نتائج الزيارة التي قام بها النائب فرنجية للعماد ميشال عون في الرابية (بعد اللقاء الذي جمعهما خلال تعزية فرنجية لعون بوفاة شقيقه)، بدا أن لقاء الرابية لم يحمل جديداً على صعيد <اقتناع> أحد الزعيمين بالانسحاب للآخر، ذلك أن النائب فرنجية الذي أسهب خلال خلوته مع عون في حضور الوزير باسيل، في عرض الأسباب التي أملت عليه التفاوض مع الرئيس الحريري، لم يُعلن بوضوح انسحابه من المعركة الانتخابية ولا تراجعه عن المبادرة التي أعلنها الرئيس الحريري، بل أكد أنه ما زال يرى في العماد عون مرشحاً أساسياً وفي حال لم تساعده الظروف على الوصول الى بعبدا، فإن ترشيحه (أي فرنجية) يبقى قائماً. ونقل قريبون من فرنجية قوله لعون خلال لقائهما: إذا تبيّن أن الأبواب موصدة كلياً أمامك، فأنا أكون في هذه الحالة مرشحاً طبيعياً... المهمّ أن يربح في النهاية الخط الذي نمثله معاً. وعلى رغم أن النائب فرنجية آثر عدم الإدلاء بأي تصريح وهو يغادر الرابية رغم إلحاح الصحافيين، فإن المعلومات التي توافرت أكدت أن الاجتماع كان <مفيداً> لجهة الغوص في تفاصيل <التسوية> المقترحة، فأصرّ العماد عون على <السلّة المتكاملة> وعدم اختزال التسوية بكرسي الرئاسة فحسب، وان هذه <السلّة> يُفترض أن تشمل قانون الانتخاب والحكومة العتيدة والشراكة الوطنية الفعلية. كما عرض عون لجانب مستفيض من <تجربته> في الحوار مع الرئيس الحريري وما آلت إليه من <نكسات> متتالية، لكنه حرص في المقابل على سؤال النائب فرنجية عن صحة ما تردّد عن التزامات قدّمها الى الحريري خلال المفاوضات، وهو ما نفاه فرنجية بقوة. وفيما حرصت مصادر الرابية على عدم تسريب مضمون اللقاء مع فرنجية، لوحظ أن الزعيمين عكسا أجواء إيجابية في مجال الحرص على حماية علاقتهما السياسية وتثبيت المكتسبات التي تحققت مؤخراً، بعدما أقرّ فريق 14 آذار بأن الرئيس المقبل يجب أن يكون من 8 آذار وأن يكون صاحب صفة تمثيلية واسعة على المستوى المسيحي. صحيح أنه لم ينتج عن اللقاء أي التزامات متبادلة، لكن الصحيح أيضاً أن التفاهم كان واضحاً لجهة عدم الإفساح في المجال أمام <المصطادين في الماء العكر> كي يفرقوا بين الرجلين، خصوصاً بعد بروز مؤشرات توحي ان الأرض باتت خصبة لفراق على مستوى القاعدة على الأقل!

وخلصت مصادر في التيار الوطني الحر ان اللقاء بين عون وفرنجية كان <صريحاً وودوداً> لكنه أبقى الرجلين على لائحة المرشحين الرئاسيين في انتظار معرفة أي منهما سيفوز بالسبق الرئاسي، على ألا تحصل في هذه المسيرة أي <دعسة ناقصة> تودي بالعلاقات الشخصية التي حرص كل من عون وفرنجية على تأكيد ثباتها رغم التباينات التي برزت سابقاً سواء في موضوع الحكومة أو التمديد للمجلس النيابي أو قضية تعديل قانون الدفاع وغيرها من المحطات التي لم يركب عون وفرنجية في القطار نفسه!

فرنجية-و-عون 

نصر الله يسأل فرنجية عن الثمن

وما سمعه النائب فرنجية في الرابية سمع مثله وأكثر عندما زار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعقد معه جلسة طويلة في حضور مساعدين للطرفين، قدم خلالها فرنجية عرضاً مفصلاً للقائه مع الرئيس الحريري ولما جرى بينه وبين العماد عون والنائب وليد جنبلاط. وبدا من المعلومات التي وزعت عن اللقاء أن السيد نصر الله اكد على موقفه السابق لجهة ضرورة المحافظة على التحالف السياسي الذي يجمع حزب الله بحركة <أمل> و<المردة> والتيار الوطني الحر وسائر الحلفاء الآخرين، وضرورة <حماية هذه الوحدة> ومنع <الفريق الآخر> من إضعافها. وبدا لافتاً تكرار السيد نصر الله الثقة بالنائب فرنجية <الحليف الجدّي والموثوق به> والذي يرفض تعريض المقاومة <لأي ابتزاز>، وقال له بالحرف: <أنت شريك وحليف ونحن نفضلك في أشياء كثيرة على كثيرين من الآخرين>. وبعدما أسهب <السيد> في أشادته بفرنجية قال كلمته في موضوع الترشيح الرئاسي وخلاصتها: <نحن اتفقنا على دعم ترشيح العماد عون، والذي حصل هو أنه عُرض عليك من الفريق الآخر، لكن هذا العرض لا يزال شفهياً إذ لم يُعلن الرئيس الحريري ولا فريق 14 آذار تبني هذا الترشيح رسمياً، بل ان الظاهر هو وجود خلافات في ما بينهم حول الأمر>.

ونقلت مصادر المجتمعين ان النائب فرنجية بادر الى السؤال الى أي مدى ننتظر في حال ظل الفريق الآخر على رفضه لترشيح عون، فردّ السيد نصر الله ان المهم أن نعرف الغاية من وراء القول بدعم فرنجية، طالما أن هذا الدعم لا يزال شفهياً ولم يقترن بأي خطوة عملياً، طارحاً تساؤلات حول توقيتها وحول <الثمن> الذي يريده الطرف الآخر في مقابل ذلك، <فهل قرروا التنازل؟ - قال السيد نصر الله - إذا كان الأمر كذلك لماذا قبلوا بك ورفضوا الجنرال؟>.

وأكدت مصادر حزب الله أن السيد نصر الله بدا واضحاً من خلال مجريات الحديث أنه ملتزم بما سبق أن اتُفق عليه لجهة دعم ترشيح العماد عون مع تكرار التقدير لموقف فرنجية وموقعه، لكنه أكثر من تكرار الأسئلة حول الأسباب الكامنة وراء ترشيح الحريري للنائب فرنجية في هذا التوقيت بالذات، مضيفاً: <هل يجوز أن تعطي الحريري أو لسواه موقع المرجعية في تقرير من هو رئيس الجمهورية ومن هو رئيس الحكومة وما سيكون عليه قانون الانتخاب؟>. وقالت المصادر ان السيد نصر الله باقٍ على ترشيحه للعماد عون الى أن يقرر <الجنرال> موقفه النهائي، وان تشاوراً حول هذه المسألة يتم دائماً مع دمشق التي يتوقع أن يزورها فرنجية هذا الأسبوع للقاء الرئيس الأسد.

في أي حال، بدا بعد شهر من <لقاء باريس> أن ما سُمي بمبادرة الرئيس الحريري في دعم النائب فرنجية دخلت في مرحلة التجميد لاسيما وأنه لم تتوافر لها قوة الدفع الكافية سعودياً وإيرانياً، ذلك أن ثمة من يسأل هل يمكن في ظل الحرب الديبلوماسية المفتوحة بين الرياض وطهران الوصول الى <تسوية> في لبنان، قاعدتها وصول حليف لإيران الى رئاسة الجمهورية وحليف للسعودية الى رئاسة الحكومة من دون تفاهم مباشر بين العاصمتين على هذا <الإنجاز>؟ وهل من المعقول أن ينزل نواب يحظون بدعم متعدّد الأنواع من الرياض الى مجلس النواب لانتخاب زميل لهم يحظى بدعم إيران وحزب الله وسوريا، من دون أن يحظى هذا الأمر برضاء الرعاة الحقيقيين لهؤلاء النواب باتفاق في ما بينهم؟، ومن قال ان <الاستقلالية> في مواقف النواب اللبنانيين وصلت الى حدّ عدم الوقوف <عند خاطر> مرجعياتهم الإقليمية والدولية؟ لعلّ الإجابة على هذه الأسئلة تحدّد مسار الاستحقاق الرئاسي الذي يودّع العام 2015 بعد أيام من دون ضمانات حقيقية بأن تكون السنة الآتية هي سنة انتخاب رئيس الجمهورية!