تفاصيل الخبر

تنفيذ أحكام الإعدام بين المسؤولية الضميرية للرئيس وتهديد المجتمع الدولي بقطع المساعدات والمقاطعة!

14/07/2017
تنفيذ أحكام الإعدام بين المسؤولية الضميرية للرئيس  وتهديد المجتمع الدولي بقطع المساعدات والمقاطعة!

تنفيذ أحكام الإعدام بين المسؤولية الضميرية للرئيس وتهديد المجتمع الدولي بقطع المساعدات والمقاطعة!

 

  

-أمل--و-القوات--و-المردة--يعترضون-على-مسألة--الصوت-التفضيلي-%0A-(1)كلما سقط قتيل برصاص طائش أو وقعت جريمة قتل مروعة أو ارتُكب عمل ارهابي في منطقة لبنانية، ترتفع أصوات العائلات المفجوعة والأرامل والثكالى والأيتام، تطالب بإنزال حكم الإعدام بحق المتهمين بارتكاب هذه الجرائم على أنواعها. وكلما تكررت الجرائم، كما يحصل في لبنان منذ أشهر، كلما تضاعفت الدعوات لتعليق المشانق في أماكن الجرائم لتكون عبرة لمن يعتبر! وقد توالت في الفترة الأخيرة تحركات الاهالي والمجتمع الأهلي في بيروت والمناطق، مطالبة بإنزال عقوبة الإعدام وعدم استفادة المحكومين بهذه العقوبة من العفو الخاص الذي يصدره رئيس الجمهورية بموجب صلاحياته الدستورية، والعفو العام الذي يقرّه مجلس النواب ويوافق عليه رئيس الجمهورية.

إلا أن هذا الواقع الذي استجد بعد تكرار جرائم القتل المتعمّد وغير المتعمّد، طرح إشكالية تتصل بموقف رئيس الجمهورية من تنفيذ حكم الإعدام، لاسيما وأن التوقيع الأخير في هذا المجال هو للرئيس استناداً الى تقرير معلل ينطلق مع مشروع مرسوم تنفيذ الإعدام من وزارة العدل ثم السرايا الكبير وصولاً الى قصر بعبدا، خصوصاً أن الأحكام الصادرة بتطبيق عقوبة الإعدام لا تزال في الدوائر القضائية المعنية ولم تصل بعد الى قصر بعبدا لاتخاذ القرار المناسب في شأنها.

وفي هذا السياق، تدعو مراجع قضائية الى عدم المبالغة في مقاربة هذا الملف الحساس الذي يقتضي التعاطي معه بروية وموضوعية، لأن تأثيره النفسي على عائلات ضحايا القتل والجريمة كبير، خصوصاً إذا ما قضت الظروف والمعطيات التريث في تنفيذ الأحكام كما هو حاصل حالياً.

وتقول مصادر وزارية معنية ان الرئيس عون، شأنه في ذلك شأن رؤساء سبقوه الى سدة المسؤولية الأولى، يجد صعوبة في اتخاذ قرار بإنهاء حياة إنسان، بصرف النظر عن كونه من المجرمين المدانين، لأن الحسم في الموت وفق التعاليم السماوية هو لله الذي يملك وحده حق توقيت موعد انتهاء الحياة، وهو الذي يهب الحياة والموت كما تقول التعاليم السماوية، ولا يمكن بالتالي تجيير هذه المهمة الى انسان آخر، مهما كان موقعه ودرجة مسؤوليته. إضافة الى أن ثمة معاناة شخصية وضميرية تواجه رئيس الجمهورية في اللحظة التي يطلب منه فيها المصادقة على تنفيذ حكم الإعدام بحق شخص أو أشخاص، وهذه المعاناة تترك تداعياتها على أداء الرئيس ونفسيته وهو الذي سيؤدي توقيعه الى زهق أرواح ليست بريئة بل مدانة بالصوت والصورة والأدلة الثبوتية، لكنها تبقى في أي حال أرواحاً بشرية!

 

ضمير الرئيس... وموقف الدول

 

وتضيف المصادر الوزارية نفسها، ان رئيس الجمهورية الذي ما زال يدرس الموقف الذي سيتخذه في حال وصلت إليه ملفات أحكام تقضي بالإعدام، يدرك أكثر من غيره الاحزان التي حلت بالعائلات المفجوعة، ويتفهم خصوصاً ردود الفعل التي تناديه لتوقيع الإعدام، فهو قبل كل شيء أب ويعرف حرقة الآباء والامهات على أولادهم عند قتلهم، وهو ثانياً تولى قيادة المؤسسة العسكرية لسنوات سقط خلالها شهداء كثيرون جراء أحداث دامية ومأساوية، وعاش <الجنرال> في حينه أحزان أهالي الشهداء، ويذكر الذين يلتقونه في حضرة أم شهيد أو زوجة شهيد أو ابن شهيد كيف تتسرب دمعة من عينيه وهو يعد امهات الشهداء بالوفاء لذكرى أبنائهن شهداء الواجب وساحة الشرف. وعندما أصبح في موقع المسؤولية السياسية بات يعايش هموم الجميع، مدنيين وعسكريين ويعرف عمق المعاناة لدى وقوع جرائم قتل تستهدف أبرياء، إلا أن ذلك لا يلغي ايضاً المسؤولية الوطنية التي لدى رئيس الجمهورية، خصوصاً بعدما اتضح أن دولاً كبرى صديقة للبنان، تمنع تنفيذ أحكام الإعدام وتشترط في سياق علاقاتها مع الدول الأخرى - ومنها لبنان - ألا ينفذ أي حكم يصدر عن المحاكم المختصة في هذا المجال.

وقد كشفت المصادر الوزارية نفسها لـ<الأفكار> أن سفراء دول كبرى سارعوا، بعد ارتفاع منسوب المطالبة بتنفيذ حكم الإعدام في لبنان، الى لفت نظر المسؤولين اللبنانيين على مختلف المستويات، أن التجاوب مع المطلب الشعبي المتنامي سوف يؤدي الى <اضطراب> في العلاقات بين لبنان وهذه الدول، والى وقف للمساعدات الاقتصادية والاجتماعية على اختلافها التي تصل من هذه الدول وتشمل المناطق اللبنانية والقطاعات الانتاجية كافة. ولعل هذه الملاحظات الدولية التي تكررت خلال الفترة الأخيرة، تزامنت مع تذكير بالتزام لبنان تجاه المجتمع الدولي بعدم تنفيذ حكم الإعدام، واستبداله بالأشغال الشاقة المؤبدة وهو ما يبقى أهون الشرين، علماً أن تنفيذ هذه العقوبة تنفيذاً جيداً، هو أكثر ازعاجاً وتضييقاً على المحكوم الذي يمضي كل عمره في السجن يعاني من <عذابات> الوحدة والأشغال الشاقة على حد سواء. وآخر رسالة وردت الى لبنان في هذا الصدد كانت من السفير البريطاني <هيوغو شورتر> الذي نقل الى رئيسي الجمهورية والحكومة <موقفاً حازماً> من الحكومة البريطانية بعدم الشروع بتنفيذ أي حكم إعدام لافتاً الى تداعياته على صعيد العلاقات بين لبنان والدول الصديقة.

الأشغال المؤبدة... بلا عفو

 

وفي محاولة لإيجاد مخرج للمعاناة التي يسببها توقيع رئيس الجمهورية على تنفيذ حكم الإعدام، ثمة اقتراحات يتم التداول بها، يقضي أحدها بتعديل قانون العقوبات لجهة إضافة فقرة تستثني أحكام المؤبد مع الأشغال الشاقة من <نعمة> العفو الرئاسي والعفو العام بحيث يصبح من المستحيل منح المحكوم عفواً في حال ثبت خصوصاً من خلال الأحكام القضائية، أنه ارتكب جريمته عن تعمّد وعن سابق تصوّر وتصميم، ولم تحصل جريمة القتل بالصدفة أو بالخطأ.

أما الاقتراح الثاني، فهو الذي أشار إليه الرئيس سعد الحريري خلال مداخلته في مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، حين طرح التمييز بين المحكومين بجرائم جنائية كبيرة وبالجرائم الإرهابية لجهة عدم تطبيق معيار السنة السجنية عليهم (السنة السجنية هي 9 أشهر بدلاً من 12 شهراً)، وتطبيقها على المحكومين بجنح أو مرتكبي الجرائم العادية. وفي يقين الرئيس الحريري، وفقاً لما نقلته عنه مصادر وزارية خلال الجلسة، أن ثمة محكومين ارتكبوا جرائم في ظروف قاهرة أو بالخطأ أو نتيجة اعتبارات يمكن تُفهم أسبابها ولذا يمكن خفض سنوات سجنهم، في حين ارتكب آخرون جرائم إرهابية أو بالقصد والانتقام وغيرها من الأسباب، ومن غير الجائز تطبيق مبدأي الرأفة والرحمة معهم، كما اقترح الرئيس الحريري إفادة ذوي السلوك الحسن خلال وجودهم في السجن من خفض سنوات سجنهم والنظر اليهم خلافاً لما يُنظر الى المجرمين الآخرين.