تفاصيل الخبر

تنديد الخارجية بالاعتداءات على السعودية مقدمة لتصحيح مسار العلاقات مع المملكة!                

16/04/2020
تنديد الخارجية بالاعتداءات على السعودية  مقدمة لتصحيح مسار العلاقات مع المملكة!                 

تنديد الخارجية بالاعتداءات على السعودية مقدمة لتصحيح مسار العلاقات مع المملكة!                

[caption id="attachment_77084" align="alignleft" width="209"] وزير الخارجية ناصيف حتي...بيانه المندد بالاعتداء على السعودية دفعة إيجابية تصحح المسار الخاطئ معها.[/caption]

 لافتاً كان البيان الذي صدرعن وزارة الخارجية والمغتربين بإدانة الهجمات الصاروخية التي استهدفت منشآت في الرياض وجازان في المملكة العربية السعودية، والتي اعتبرت فيه الوزارة بأن هذه الهجمات "شكلت تعدياً صارخاً على السيادة الوطنية لدولة شقيقة وانتهاكاً للقانون الدولي". ورأت مصادر متابعة في البيان نقطة تحول بالغة الأهمية إذ لم يسبق أن صدرت إدانات عن وزارة الخارجية في عهد الحكومة الماضية للاعتداءات المتتالية التي استهدفت أراض أو منشآت سعودية. صحيح أن بيان الخارجية اللبنانية لم يسمِ إيران أو الحوثيين اليمنيين الذين تدعمهم، بأنهم وراء هذا القصف، لكن الصحيح أيضاً أن البيان أعطى للعلاقات اللبنانية ــ السعودية أولوية يمكن أن يشكل استثمارها إيجاباً، تحولاً في الموقف السعودي تجاه لبنان الذي لا يزال يتسم بالحذر في التعاطي مع حكومة الرئيس حسان دياب على رغم نيلها الثقة وكونها باتت حكومة كاملة الأوصاف.

 وفي رأي المصادر المتابعة أن وجود الوزير ناصيف حتي في قصر بسترس، وهو الخبير في العلاقات العربية ــ العربية، ساهم كثيراً في إحداث هذا التبديل في موقف الخارجية اللبنانية، علماً أن لبنان كان دائماً الى جانب أي دولة عربية تتعرض لاعتداء من دول غير عربية، في حين يلتزم النأي بالنفس عندما تكون المواجهة عربية ــ عربية. وقد ترك مضمون البيان ارتياحاً عربياً عموماً وخليجياً خصوصاً، ما يمكن أن يعطي للعلاقات بين لبنان ودول الخليج دفعة ايجابية تصحح المسار الخاطئ لهذه العلاقات الممتد منذ سنوات.   ولعل ما يثير الاهتمام في بيان الخارجية أن معظم دول الخليج ولاسيما السعودية، تعتبر أن حكومة الرئيس دياب ترزح تحت تأثير حزب الله وخياراته العربية والاقليمية، ما يجعل من صدور البيان تحولاً نوعياً في مقاربة هذا الملف الحساس، في وقت لا يزال رئيس الحكومة حسان دياب ينتظر تحديد مواعيد له للقيام بجولة خليجية كان يسعى الى حدوثها قبل أن  يدخل وباء "كورونا" على الخط ويجمد كل حركة في كل الدول.

إرتياح خليجي!

وترى المصادر المتابعة أن الارتياح لموقف الخارجية اللبنانية، لم يكن فقط خليجياً وعربياً، بل كان أيضاً ارتياحاً أميركياً لاسيما وأن واشنطن أبلغت لبنان في أكثر من مناسبة أنها تريد أن يقيم مع السعودية أفضل العلاقات لأن ذلك يمكن أن يساعد في توفير دعم عربي للبنان خصوصاً في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها، وكانت الرغبة الأميركية قطعت شوطاً مهماً من التجاوب من المسؤولين اللبنانيين ما جعل من بيان الخارجية الترجمة الأولى للتجاوب اللبناني مع الرغبة الأميركية، والذي اعتبر خطوة ايجابية يمكن التأسيس عليها لتؤدي الى خطوات أخرى إذا عرفت الحكومة كيف تستثمرها بعد تراجع حدة وباء "كورونا" وعودة الانتظام العام الى العلاقات بين لبنان والدول العربية كافة وفي مقدمها السعودية.

 ونقلت مصادر ديبلوماسية خليجية مطلعة أن بيان الخارجية اللبنانية تم التعامل معه بايجابية وبالتالي يمكن البناء عليه، لاسيما وأن دول الخليج تعرف حقيقة الوضع في لبنان راهناً، وتريد لمؤسسات الدولة أن تستعيد دورها كاملاً من دون تدخلات من أحزاب أو مجموعات، وبالتالي فإن حصول هذا التطور في نهج لبناني منفتح و"متحرر" يمكن أن يساعد في تحريك الجولة العربية والخليجية المنتظرة لرئيس الحكومة بعد تراجع وباء "كورونا" وإعادة وصل ما انقطع بين الدولة اللبنانية وسائر الدول لأن الأولوية في الوقت الراهن لمواجهة "كورونا" وكبح انتشاره.

 في المقابل، لا ترى مصادر الخارجية اللبنانية في ما صدر عنصراً مفاجئاً أو مستغرباً، فالسياسة الخارجية مع الوزير حتي تعطي الأولوية للعلاقات اللبنانية ــ العربية بهدف تصحيح ما اعترى بعضها من شوائب من جهة، ولكن لبنان دولة عربية لا نقاش في عروبتها من جهة ثانية. وبالتالي فإن الوزير حتي راغب في أن تعود الخارجية اللبنانية، كما كانت لسنوات خلت، محطة تلاقي الدول العربية كلها من دون تناقضاتها، بل من خلال التضامن الذي يبدو اليوم أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. وبديهي أن يلعب لبنان الدور الذي كان له دائماً، دور الجامع بين الدول العربية والساعي الى وحدة الموقف، مع إدراكه بأن الظروف الراهنة والخلافات القائمة لم تسهل مهمته، لكنه بالتأكيد يخرج من إطار النزاعات بين الدول العربية ويكون على مسافة واحدة من كل الدول. وما الموقف اللبناني من الاعتداء على منشآت في الرياض وجازان إلا خطوة أولى في سياسة خارجية نحو الدول العربية تأخذ في الاعتبار عروبة لبنان أولاً ثم مصالحه ثانياً، وعدم دخوله في أي خلاف عربي ــ عربي ثالثاً.

 وتعتبر المصادر أن هذا الخيار هو الأسلم في المرحلة الراهنة، وعلى جميع الأطراف اللبنانيين التشجيع على حصوله ليعطي لحكومة الرئيس دياب "درع التثبيت" الذي لم تحصل عليه بعد من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.