تفاصيل الخبر

تنامي الحديث عن تعديل حكومي بعد تقدم المفاوضات مع صندوق النقد!

03/06/2020
تنامي الحديث عن تعديل حكومي بعد تقدم المفاوضات مع صندوق النقد!

تنامي الحديث عن تعديل حكومي بعد تقدم المفاوضات مع صندوق النقد!

[caption id="attachment_78514" align="aligncenter" width="615"] حكومة مواجهة التحديات...مرشحة لتعديل وزاري جزئي[/caption]

مع انتهاء المئة يوم الأولى من عمر حكومة الرئيس حسان دياب، وبداية المئة الثانية، يبدو المشهد الحكومي متردداً حيال التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تتسارع، وتبدو حكومة مواجهة التحديات في أداء متخبط وغير منسق بدليل أن جلسات مجلس الوزراء تشهد أسبوعياً إنعدام التناغم والانسجام بين القوى التي تتشكل منها الحكومة ما عرقل الكثير من القرارات التي يفترض أن تكون الحكومة قد اتخذتها في المئة يوم الأولى من عمرها، إضافة الى تعثر الاتفاق على التعيينات الادارية وقبلها التعيينات المالية، فضلاً عن قرارات أخرى لا تجد طريقها الى التنفيذ.

 وعلى رغم أن الحكومة مشكلة من فرقاء وسياسيين متحالفين برعاية تكتلين نيابيين كبيرين هما "الثنائية الشيعية" و"تكتل لبنان القوي"، إلا أن هذا الواقع لم يبدل في المسار الحكومي شيئاً بدليل التضارب في المصالح حيناً، والاختلاف في "الأجندات" أحياناً. وفي هذا السياق يقول وزير يصف نفسه بـ"المستقل" في الحكومة، إن جلسات مجلس الوزراء التي تمتد ساعات وساعات لم تحمل انجازات في القضايا الأساسية، ولا النقاش الذي يدور فيها يوحي بأن أعضاء الحكومة على انسجام أو أنهم على معرفة في كيفية ادارة الشؤون الأساسية للدولة، الى حد أن  بعض الوزراء لا يطلع مسبقاً على جدول الأعمال، شأنه في ذلك شأن الرئيس دياب الذي يطرح أسئلة أحياناً حول سبب عرض هذا البند أو ذاك على مجلس الوزراء!

 قد يكون الرئيس دياب معذوراً لكثرة الاجتماعات التي يعقدها واللقاءات التي ينظمها يومياً، وهو الذي يبدأ عمله باكراً ويستمر حتى الساعات الأخيرة من الليل، إلا أن ما ليس معذوراً هو أداء بعض الوزراء الذين يفترض أن يتفرغوا لوزاراتهم ويقدمون الحلول للمشاكل المتراكمة ويسعون بجدية من أجل الوصول الى "انجازات" تؤكد على أنهم من "الاختصاصيين" غير المنتمين الى أحزاب أو تجمعات أو تيارات. ومما لا شك فيه أن عامل الوقت يلعب لعبة سلبية في حق الحكومة نظراً لتسارع الأحداث من جهة، ولكثرة التحديات التي تواجهها من جهة ثانية، حتى باتت الانتقادات التي تستهدف الحكومة تزيد من الثقل على كاهلها، وتكشف عن الكثير من العورات التي تجعل الحكومة غير قادرة على التعاطي بمسؤولية مع الملفات المطروحة، لاسيما في الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية.

تباين في أداء الوزراء!

 ولعل الغوص في تفاصيل ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية من عمر الحكومة يظهر أن بعض الوزراء فيها هم في وادٍ، ورئيس الحكومة ووزراء آخرين في وادٍ آخر، ومثل هذا التباين يظهر بوضوح سواء من خلال مناقشات مجلس الوزراء أو من خلال الاطلالات الاعلامية لعدد من الوزراء، على رغم أن الرئيس دياب طلب منذ أكثر من شهرين "توثيق" ما تحقق من "انجازات" في الوزارات وكلف نائبته وزيرة الدفاع زينة عكر عدرا متابعة ذلك مع الوزراء، إلا أن مثل هذه "الانجازات" لم تكتمل بعد فصولها ولا يزال رئيس الحكومة ينتظر. ويرى مطلعون أن خطة التعافي المالية التي وضعتها الحكومة قد لا تبقى كما هي، لاسيما بعد مواقف الكتل النيابية التي طالبت بإدخال تعديلات أساسية عليها، وكذلك ملاحظات فريق صندوق النقد الدولي الذي يتولى التفاوض مع الجانب اللبناني في جلسات طويلة تمتد ساعات وساعات وتكاد لا تخلو من "الملاحظات القاسية" التي يوجهها الفريق الدولي الى محدثيه اللبنانيين. تضاف الى كل ذلك الملاحظات الجريئة التي وضعتها المؤسسات والهيئات المحلية المعنية مثل جمعية المصارف والهيئات الاقتصادية وجمعية التجار وغيرها التي كان يفترض

[caption id="attachment_78515" align="alignleft" width="384"] رئيس الحكومة حسان دياب في واد ووزراء آخرون في واد آخر[/caption]

بالحكومة أن تتشاور معها قبل اطلاق خطة التعافي لتكون من العوامل الداعمة لتسهيل تنفيذها أو الدفاع عنها على الأقل.

 ويعتبر الوزير "المستقل"، أن الوقت يمر والخسائر تزداد على الاقتصاد اللبناني وعلى المالية العامة وعلى العملة الوطنية وعلى المودعين اللبنانيين وغيرهم، فيما الحكومة غارقة في الاجتماعات والسجالات داخل مجلس الوزراء من دون طائل ما يجعل موقفها ضعيفاً حيال المؤسسات المالية الدولية، والمثل الأبرز كان التضارب الفاضح في تقدير الخسائر، ما استدعى تدخلاً من لجنة المال والموازنة التي يرئسها النائب ابراهيم كنعان، وانشاء لجنة تقصي حقائق مهمتها التدقيق في الأرقام المقدمة من ادارتين رسميتين تتوليان ــ من حيث المبدأ ــ ادارة البلد مالياً ونقدياً، أي وزارة المال والمصرف المركزي. وهذا التضارب في الأرقام، جعل الفريق الدولي المفاوض يوجه الكثير من الملاحظات الى الفريق اللبناني في المفاوضات الى حد استدعى تدخلاً حكومياً رفيعاً لوقف التناقض بحثاً عن رقم موحد أو أكثر دقة للخسائر.

 ويضيف الوزير نفسه أن مثل هذه الأخطاء تركت ندوباً في الجسم الحكومي الذي بدا عاجزاً عن تجاوزها، في وقت تزداد المناقشات "السطحية" في جلسات مجلس الوزراء لاسيما بعد عدم تحقيق أي تقدم في ملف التعيينات لا في الأسماء ولا في الآلية، وغابت مسألة التشكيلات القضائية عن السمع، واستعيد ملف الكهرباء بقرار ناقض القرار السابق (في ما خص معمل سلعاتا)، فضلاً عن نقاط ضعف أخرى تظهر من حين الى آخر، وبعضها يهدد التضامن الحكومي حيناً ومستقبل الحكومة أحياناً، ويتعذر على عدد من الوزراء الدفاع عن الحكومة التي لولا مداخلات رئيسها في مجلس الوزراء وفي الاطلالات الاعلامية المنسقة، لبدت يتيمة لا تجد من يقف الى جانبها من أهل بيتها!

 قد يكون الحديث عن تعثر الحكومة في أدائها سبباً كافياً للمطالبة برحيلها، لكن الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد، جعل مثل هذا التوجه غير مرغوب به وغير قابل للتحقيق لاسيما وأن لا امكانية في الوقت الراهن لأي تبديل حكومي خصوصاً لدى الفريق الذي يغطي سياسياً الحكومة، لأن الأزمة السياسية الداخلية وصلت الى حد يصعب معه انتاج حكومة جديدة بسهولة، والأوضاع الاقتصادية والمالية لا تسمح استطراداً بمثل هذا الترف مهما اشتدت حملة المعارضة وتنوعت الأصوات فيها، لاسيما صوت الرئيس سعد الحريري الذي له تأثير مباشر على المعارضة وإن لم تكن هذه المعارضة موحدة أو مجتمعة تحت سقف واحد. والحديث عن تباين في وجهات النظر بين "الثنائية الشيعية" و"تكتل لبنان القوي" لن يصل الى حد الانفصال وسيتحمل كل فريق الفريق الآخر ما يبقي الحكومة قائمة لأن التحالف الاستراتيجي بين طرفي ورقة التفاهم باقٍ أيضاً، ومن الصعب أن تؤدي "عواصف" الخلافات من حين الى آخر الى فكه...

تعديل حكومي... على النار!

 وإذا كان رئيس الحكومية بدا صامداً مع حكومته، إلا أن ذلك الصمود لا ينسحب على عدد من الوزراء الذين بدأت الكراسي تهتز تحتهم مع دخول البحث الجدي في إجراء تعديل حكومي يتناول أربعة أو خمسة وزراء حيز التنفيذ في مراكز القرار التي شكا أركانها من عدم جدية هؤلاء الوزراء وعدم قدرتهم على السير بوزاراتهم، ووُصف البعض بأنه لا يقوم بمسؤولياته و"كربج" الوزارة التي يتولاها. والبحث في تبديل حكومي جزئي بات متقدماً حيث القرار الأخير، إلا أن البحث جار على توقيت التعديل كي لا يؤثر سلباً على العمل الحكومي ككل من جهة، أو يستخدمه الخصوم للنيل من الحكومة ككل من جهة ثانية... صحيح أن الرئيس دياب ينفي أمام سائليه أن يكون موضوع التعديل الجزئي وارداً ويوصي فريق عمله بعدم الحديث عنه، لكن الصحيح أيضاً أن التعديل لا بد منه لضمان استمرار الحكومة وتمكينها من تجاوز الصعوبات التي تبرز يوماً بعد يوم وتزيد عرقلة الأداء الحكومي عرقلة إضافية. والصحيح أيضاً وأيضاً أن الرئيس دياب الذي يمتنع عن تأكيد المعلومات عن التبديل أو نفيها، لا يمكنه أن يجعل هؤلاء الوزراء مستمرين في "الأكل من صحنه" لأن ليس في "الصحن" ما يكفي كي يؤكل منه، وبالتالي سيجد نفسه مضطراً للقبول بضرورة التعديل كي تستمر حكومته على قيد الحياة، وقادرة على تحقيق انجازات كان وعد بها اللبنانيين في أكثر من مناسبة.

 مصادر متابعة لمسألة التعديل الحكومي، تقول إن عملية "جس نبض" أصحاب القرار في أي تطور حكومي، قد تمت فلم تلق ممانعة قاطعة وإن لم تلق تجاوباً مطلقاً أيضاً، واكتفى أحد الأركان بالقول أمام محدثيه عن التعديل الحكومي: "خلونا نشوف شو بدو يصير مع صندوق النقد الدولي". وأردف هذا الركن قائلاً إن أي هزة حكومية مبررة أو غير مبررة تؤثر على مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لاسيما وأن الموقف اللبناني ليس قوياً وهو يشكو من ضعف في الأساس، فكيف إذا اهتز الوضع الحكومي في أي تبديل، صغيراً كان أم كبيراً. لكن الركن نفسه شارك في توجيه انتقادات لاذعة الى أداء بعض الوزراء، ومنهم واحد سماه هو ليدخل الجنة الحكومية!

 وتكشف مصادر مطلعة ان بين الوزراء المشكو منهم، وزيرة وثلاثة وزراء، الأول سماه تكتل نيابي كبير في وزارة أساسية، والثاني سماه مرجع حكومي في وزارة خدماتية، والثالث اشترك بتسميته المرجع الحكومي نفسه مع آخرين نصحوه به. أما الوزيرة المشكو من أدائها فإن مسألة تبديلها قد تفسر على نحو خاطئ ما يجعل التريث في شأنها سيد الموقف.