تفاصيل الخبر

تلاقى فيها نهرا «الرون» و «السين» فسُميت «ليون» الفرنسية مدينة «النهرين»

06/11/2015
تلاقى فيها نهرا «الرون» و «السين» فسُميت «ليون» الفرنسية مدينة «النهرين»

تلاقى فيها نهرا «الرون» و «السين» فسُميت «ليون» الفرنسية مدينة «النهرين»

 

بقلم وردية بطرس

2  تُعتبر مدينة <ليون> من أبرز المواقع للتراث العالمي. ففي العام 1998 سجّلت الأونيسكو أربعة أحياء كبرى فيها في سجلّ تراث الانسانية هي: هضبة <فورفيير> (حديقة أثرية فيها مسرح قديم)، و<ليون> القديمة - جدران المدينة القديمة التي تضم 170 مبنى مصنفاً من المباني التاريخية، وشبه الجزيرة (حوالى 5 كلم طولاً الى 600 - 800 متر عرضاً، تمتد بين مجاري المياه لنهري <السين> و<الرون>، و<لي بانت دو لا كروا روس> (الحي الذي شُيّد على هضبة تشرف على المدينة، بجدرانه ومسرحه ويعود الى العام 19 قبل الميلاد).

ومميزات مدينة <ليون> الفرنسية البارزة تجعل منها موقعاً سياحياً من الطراز الأول بحكم إحاطتها بنهري <الرون> و<السين>، كما إحاطتها بالطبيعة الرائعة من تلال عالية وسهول واسعة وشاسعة. وهي من أكبر المدن الفرنسية، وتُعتبر الثانية من حيث الأهمية، وتشتهر بالمجمعات التجارية الكبيرة وبمبانيها التاريخية العريقة. وتبلغ مساحتها حوالى 48 كم، وترتفع عن سطح البحر تقريباً 162 م، وتقسم الى ثماني دوائر وهي تضم المؤسسة الأمنية الفرنسية وقناة <يورو نيوز>.

وتتمتع <ليون> بمناخ هو خليط من المناخ المحيطي والمناخ شبه المداري، وهي تشهد برودة أكثر من سائر مناطق فرنسا في الشتاء بسبب موقعها، إذ يبلغ متوسط درجات الحرارة في كانون الثاني (يناير) 3 درجات، اما صيفها فدافىء ويبلغ متوسط درجات الحرارة في تموز (يوليو) قرابة 23 درجة، ويكون الصيف مصحوباً بهطول الأمطار فيما تقلّ في الشتاء، ويصل عدد سكان <ليون> مع الضواحي المحيطة بها الى اكثر من 2.2 مليون نسمة، وتمتد مساحتها مع الضواحي على 3.306 كلم52.

 

<ليون> مركز المقاومة

هذه المدينة الرائعة تأسست في العام 43 قبل الميلاد حين نشأت كمستعمرة رومانية قامت على أنقاض <حصن كلتيّ>، وسُمّيت المستعمرة آنذاك <لوغدونوم> لتتطور سريعاً وتصبح المركز التجاري والثقافي والحكومي لبلاد الغال (فرنسا القديمة)، الا ان المدينة تدهورت بعد انهيار الامبراطورية الرومانية ووصلت الى الحضيض في القرون الوسطى. وما أنقذها تاريخياً هو تحولها الى مركز ديني أولاً ثم مركز مصرفي، ثم تحولت في ما بعد الى مركز أوروبي كبير لانتاج الحرير مما أدى الى نهضتها من جديد كمدينة صناعية. وقد شكّلت <ليون> اثناء الحرب العالمية الثانية مركز المقاومة السرية للنازيين، وواصلت نهضتها الحداثية بعد الحرب. وقد أعلنت منظمة <اليونسكو> في العام 1998 مدينة <ليون> القديمة موقع تراث عالمي حيث تُعتبر <ليون> اليوم أقدم أثر للإمبراطورية الرومانية بعد روما نفسها.

وتتميز <ليون> بمهرجان الأضواء الذي يُقام يوم 8 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام حيث يضيء سكان <ليون> الشموع على حافة النوافذ وتُضاء الشوارع كلها، ويستمرّ هذ العيد عادة لأربعة أيام ويشتمل أيضاً على عروض مختلفة تتعلق بالضوء والانارة الفنية على البيوت والمباني المختلفة.

متحف من 70 قاعة

امام-ميناء-نهر-الرون1

لقد تأسست هذه المدينة خلال القرن الخامس عشر، فأصبحت مركزاً تجارياً مهماً وانتعش بذلك اقتصادها. وقد بُنيت مدينة <ليون> في موقع استراتيجي بالقرب من مصب نهر <الرون>، وهي حالياً عاصمة منطقة <الرون> (الألب) وتتمتع بموقع فريد في وسط أوروبا، وتُعتبر المدينة عاصمة الحرير إذ منها انطلق اسلوب <الجاكار> في النسيج، وهي مدينة كبيرة تزخر بالمصانع والمؤسسات التجارية والأسواق، وتدين مدينة <ليون> في جمالها الباهر للنهرين المحيطين بها، والتلال الشاهقة والسهول الشاسعة المجاورة لها.

<الأفكار> زارت مدينة <ليون> واستكشفت تلك المدينة المميزة التي تضم العديد من المؤسسات الثقافية التي تساهم في تعزيز سمعتها الدولية، وتشمل <اوبرا ليون> اذ يقع مبنى <الأوبرا> الذي بُني في العام 1930 بين وسط المدينة ونهر <الرون>، ويتكون من خمسة طوابق ويتسع لنحو 1200 شخص. وهناك <معهد الضوء> و27 متحفاً، كما تضم المدينة <متحف الفنون الجميلة> وهو نموذج مصغر لمتحف <اللوفر>، وهذا المتحف واحد من أكبر المتاحف الفرنسية والأوروبية الذي يقع في وسط مدينة <ليون> بين نهري <الرون> و<السين> في مبنى رائع يعود للقرن السابع عشر. أما المجموعات الفنية فتتوزع على 70 قاعة تمنح الزائر مساراً استثنائياً من فنون العصور القديمة وحتى الفن الحديث. وهناك <متحف الحضارة الرومانية> وهو متحف شامل يعكس التاريخ الروماني الثري للمدينة من خلال مجموعة فريدة من القطع الأثرية مثل العربة الاحتفالية القديمة التي تعود الى العام 700 قبل الميلاد، وتابوت حجري من القرن الثالث وفسيفساء رائعة تصور سباقاً للعربات، وبذلك يتيح المتحف للزائر فرصة التعرف على الحياة في <ليون> خلال العصر الروماني. وهناك <متحف المنسوجات> الذي يحتفي بما يقارب 4000 عام من صناعة المنسوجات والأقمشة والتصاميم، وهو يمتدّ على مدى ثلاثة طوابق في مبنى <اوتيل دو فيروي> الذي يعود تاريخه الى القرن السادس عشر، وتنحدر المعروضات من الشرق وآسيا وأوروبا وبالطبع من <ليون>، من ملابس ومفروشات وكتب ودنتيل وغيرها تعود بغالبيتها الى القرن الثامن عشر، ويضمّ المتحف أيضاً مجموعة 4رائعة من مفروشات وساعات القرن الخامس عشر.

أما محبي السيارات فبإمكانهم زيارة متحف <هنري مالاتر للسيارات> اذ كانت مجموعة <هنري مالاتر> للسيارات قد بدأت في العام 1898 بعرض سيارة <روشيه سنايدر> تم شراؤها في العام 1931، ثم ما لبثت ان توسّعت المجموعة الى أكثر من 150 سيارة، 50 منها صُنعت قبل العام 1814، وفي هذا المتحف تجد العديد من السيارات الفريدة بالاضافة الى 50 دراجة بخارية وعدد كبير من عربات المواصلات العمومية، هذا ويقع المتحف في قلعة يعود تاريخها الى القرن الخامس عشر.

 كما يوجد في المدينة عدد كبير من أرقى المطاعم، كذلك توجد بها ممرات مغطاة تصل بين الشارع والآخر من خلال الساحات والمباني. ويمكن الوصول للمدينة عن طريق مطار <ليون> الدولي او عن طريق مطار <جنيف> والذي تبعد عنه من 3 الى 4 ساعات، وتتصل بالمدينة شبكة قطارات واسعة تصلها من والى المدن المجاورة لها.

وكانت لنا جولة في الصباح الباكر على ضفاف نهر <الرون Rhone> وهو واحد من الأنهار الرئيسية في أوروبا، وينبع من سويسرا ويصب في جنوب شرق فرنسا بطول اجمالي 812 كم، و ينقسم الى فرعين قرب مصبه في البحر الأبيض المتوسط: الفرع الأول ويُعرف بـ <الرون العظيم Grand Rhone> والفرع الثاني يُعرف بـ<الرون الصغير Petit Rhone>، وهو بذلك يكوّن <دلتا> نتيجة تفرّع النهر في منطقة <كامارغ>.

وتشتهر <ليون> بكنائسها وأهمها <كنيسة نوتردام> التي بُنيت في القرن التاسع عشر في مكان مركزي يطلّ على أنحاء المدينة، وتتميز بهندستها المعمارية والزخرفة البيزنطية والرومانية التي تزينها، وتُعتبر هذه الكنيسة من اهم معالم <ليون> وأكثرها زيارة. ومن أشهر الكنائس أيضاً <كنيسة القديس جون> التي صنفتها منظمة <اليونسكو> ضمن قائمة التراث المعماري الانساني ويعود بناؤها الى الفترة ما بين عامي 1180 و1480.

أما على الصعيد الصناعي فتشتهر <ليون> بتوليد الطاقة الكهرمائية والكيمياء الكهربائية، وانتاج السيارات الشاحنة وصناعة اطارات السيارات والألياف التركيبية والصناعية، وتكتسب سمعة عالمية بانتاج الأقمشة الحريرية منذ القرن السادس عشر. وتُعدّ <ليون> مركزاً لصناعة ماكينات النسيج والأجهزة الالكترونية، والصناعات الحربية والكيميائية، ويصلها النفط من <مرسيليا> بواسطة الأنابيب. وتمتلك <ليون> سمعة دولية 3من حيث المراكز السياحية فوق جبال <الألب> والمنتجعات الجبلية والأسواق.

 

5 آلاف كائن بشري

وتشتهر المدينة بأسواقها التاريخية التي تعود الى القرن السادس عشر، وممراتها المائية الرائعة والتي تشبه ممرات مدينة <امستردام> الهولندية.

وعلى مستوى التسوق يُعتبر <بارت ديو> من أشهر المراكز في <ليون> وفيه تُعرض أبرز الماركات العالمية، ويقع في منطقة تجارية كبيرة مقابل محطة القطارات <بيراش>. أما منطقة <لا كاريه دور> للتسوّق فتقع في وسط منطقة المشاة في <ليون>، وهي الأكبر في القارة الأوروبية حيث تضمّ أكثر من 70 متجراً لعرض الموضة والأزياء الفرنسية والماركات العالمية وسط العديد من المقاهي والمطاعم الفخمة. ويُعدّ شارع <ادوار هاربو> من أهم شوارع المشاة في المدينة، بما يضمه من المقاهي والمطاعم والمتاجر متعددة الأقسام والمحال الفاخرة حيث تتمثل خطوط الموضة والأزياء العالمية الفاخرة والراقية.

ومن المواقع السياحية أيضاً: حديقة <أكواريوم دو غراند ليون> التي تقع في ضاحية <لا مولاتييه> بالقرب من التقاء نهري <رون> و<سين>، وتضمّ 5000 كائن بحري يمثلون 450 نوعاً وفصيلة، ويوجد فيها 40 حوضاً يُسمى أكبرها <فوس او ريكوان> ويأوي أسماك القرش والأسماك اللاذعة بالاضافة الى الأسماك الاستوائية وكائنات المناخ البارد.

هذه هي مدينة <ليون> التي تجمع ما بين التاريخ والصناعة والثقافة والسياحة وتبهر زائريها بجمالها ورونقها...