تفاصيل الخبر

تقارير من الشمال تقلق الرسميين: تمدد تركي تحت عنوان إجتماعي وإنساني!

05/08/2020
تقارير من الشمال تقلق الرسميين: تمدد تركي تحت عنوان إجتماعي وإنساني!

تقارير من الشمال تقلق الرسميين: تمدد تركي تحت عنوان إجتماعي وإنساني!

[caption id="attachment_80003" align="alignleft" width="343"] وزير الداخلية العميد محمد فهمي يقر بوجود "حركة تركية"في الشمال[/caption]

 في أقل من اسبوع صدرت في بيروت ثلاثة أصوات تحدثت عن الدور التركي في شمال لبنان و"التمدد" الذي يحصل في عدد من القرى والبلدات الشمالية، ولاسيما العاصمة الثانية طرابلس. الصوت الاول من وزير الداخلية العميد محمد فهمي الذي اقر بوجود "حركة تركية" في شمال لبنان وان المجلس الاعلى للدفاع كان ناقش هذا الموضوع خلال جلسته ما قبل الاخيرة. الصوت الثاني كان من رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل الذي حذّر من "تمدد تركي" سياسي ومالي وامني في لبنان منبهاً من ان هناك قادة اجهزة امنيين حاليين على علم به "ويسهلونه" وهم ثلاثة من اصل ستة، وانه عندما اثير الموضوع في المجلس الاعلى للدفاع مورست الوشاية على الجبهة التي تكلمت عن هذا التمدد... وذهب باسيل بعيداً الى حد تسمية ضابط مسؤول في الشمال بأنه على علم بما يجري... اما الصوت الثالث فكان لنائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي اشار في مقابلة اعلامية الى وجود "طموح تركي" بأن يصبح للاشخاص المرتبطين بتركيا نفوذ ووزن....

 وتروي مصادر امنية مطلعة ان التقارير اشارت في اكثر من مناسبة الى توسع تركي في الشمال بدأ من باب المساعدات الاجتماعية ثم صار يتوسع تدريجياً حتى وصل الى تنظيم مجموعات من الشبان تولوا تحويل التظاهرات السلمية التي كانت تنظم في الوسط التجاري، الى اعمال شغب لتحطيم المتاجر والمراكز الرسمية وغيرها من مظاهر الفلتان الامني. وسمت التقارير الاشخاص الذين يتولون التنسيق في ما بين المجموعات الشبابية وان احدهم كان موقوفاً لدى احد الاجهزة الامنية افرج عنه بقرار قضائي ليعاد ويعتقل بعد فترة الى ان افرج عنه مؤخراً بكفالة مالية تطرح المراجع الامنية علامات استفهام حول مصدرها.

 وتحدثت التقارير عن ان النشاط الاجتماعي الذي يقوم به الاشخاص الذين يهتمون بهذه المجموعات، تغلغل الى عدد من قرى محافظة عكار، لاسيما تلك الواقعة على الحدود الشمالية، وان ثمة اجتماعات تعقد في مراكز محددة يشارك فيها شبان يتكلمون اللغة التركية ويتحاورون مع ابناء من القرى الشمالية. واشار تقرير الى ان ثمة تواصل بين هذه المجموعات مع وزير شمالي سابق، ومع شخصية سنية تعمل على ان يكون لها دور في الساحة السياسية اللبنانية، علماً ان هذه الشخصية كلفت احد المحامين مسؤولية التواصل مع المجموعات التركية كي لا يكون تواصلها مباشراً معهم.

أبعد من العمل الاجتماعي

 وتضيف المصادر الامنية انه لدى طرح هذا الموضوع في المجلس الاعلى للدفاع حاول احد القادة الامنيين التقليل من اهمية الوجود التركي لافتاً الى انه يقتصر على مجموعات قليلة جداً عملها محصور بالشق الاجتماعي وتوزيع المساعدات، الامر الذي اثار اعتراض مسؤول امني آخر لفت الى ان المعلومات المتوافرة لدى جهازه تؤكد على ان الامر يتجاوز العمل الاجتماعي والانساني....

 في المقابل ثمة من يعتبر ان الدور التركي كان قد بدأ بالتوسع منذ ما يقارب ثلاث سنوات، لكن اليوم بدأت تظهر مفاعيله على ارض الواقع، الامر الذي دفع بالكثيرين الى التنبه اليه، وهو يعود، بشكل

[caption id="attachment_80004" align="alignleft" width="381"] الرئيس رجب طيب اردوغان في الكواشرة يوم زار لبنان عام 2010[/caption]

اساسي، الى غياب او تراجع الداعم الاقليمي المعتاد عن الساحة، اي المملكة العربية السعودية. وقد يكون اخطر ما يمكن الاشارة اليه على هذا الصعيد، هو ربط بعض الاوساط ما يتم الحديث عنه حول دور تركي في لبنان، بما كان قد ادلى الرئيس التركي "رجب طيب اردوغان"، قبل ايام، عن انه بفضل تعاظم تأثير المخابرات الخارجية، بدأت بلاده تحتل مكانها في كل المحافل كقوة اقليمية وعالمية الامر الذي يدفع الى وضع الدور التركي تحت المجهر من الناحيتين الامنية والسياسية.

 يذكر ان الرئيس التركي "رجب طيب اردوغان"، زار لبنان عندما كان رئيساً للوزراء في العام 2010 وشملت زيارته يومذاك بلدة الكواشرة في الشمال وحظي باستقبال واسع شارك فيه لبنانيون لا يزالون يتكلمون اللغة التركية، واعداً اياهم باستعادة جنسيتهم التركية، كما اطلع على سير الاعمال الترميمية لاثار تعود الى الحقبة العثمانية ابرزها التكية المولوية وساعة السلطان عبد الحميد في ساحة التل في طرابلس. وشكلت هذه الزيارة بداية للحديث عن الدخول التركي الى الملعب اللبناني، من باب استعادة حضور مضى عليه الزمن. والزيارة العابرة تلك، استمرت آثارها وتوسعت بالنظر الى ظروف لبنان الصعبة والمتقلبة، وقد بلغت مداها مع انكفاء الراعي السعودي، ما سمح للتركي بتوسيع طموحه لحجز مكان له في العمق اللبناني- السني.

وفي هذا الاطار، يقول خبراء في الشؤون التركية ان انقرة منذ عقود، كغيرها من اللاعبين الاقليميين والدوليين، تولي اهمية بالغة للملف اللبناني لاكثر من سبب: تاريخي، ديني، جغرافي، ثقافي، سياسي، ويشير الى ان المصالح الاقتصادية والتجارية ايضاً لعبت دوراً مهماً في تحديد سياسة تركيا  تجاه لبنان، وبالتالي بقدر ما هناك عواصم اقليمية ودولية تريد ان تحمي مصالحها وسياستها، فإن تركيا ايضاً تريد ان توجد في هذه البقعة الاستراتيجية بثقلها السياسي والاقتصادي وحماية خطوط التواصل مع لبنان. ويضيف هؤلاء ان لبنان هو احدى ساحات الصراع داخل العالم الاسلامي السني بين المحورين التركي- القطري والسعودي- الاماراتي- المصري، وبالتالي هو كغيره من هذه الساحات موضع تجاذب وصراع لا بل قد يكون الاكثر عرضة لتأثيرات هذا الصراع، كون الساحة السنية اللبنانية منقسمة الى عدد كبير من الولاءات والاتجاهات، اما بالنسبة الى مستقبل الدور التركي في لبنان، في ظل علامات الاستفهام التي ترسم حوله فيعتبر الخبراء ان هذا النفوذ سيزداد بقدر ما تنقسم الساحة السنية على نفسها، ويتراجع بقدر ما تلتف هذه الساحة حول شخصية محددة، الا انهم يرون ان موضوع قدرتها على لعب دور مؤثر او تعديل التوازنات القائمة يحتاج الى متابعة في المرحلة المقبلة، بحسب ما يظهر على ارض الواقع من تطورات.

 في اي حال، وبصرف النظر عما ينقله الخبراء ويتداولون به، فإن الثابت ان الوجود التركي في الشمال خصوصاً بات ظاهراً وثمة شخصيات سياسية واجتماعية تتحدث عن دور تركيا في "مساعدة" لبنان، واذا كانت البداية من خلال جمعيات تركية على خط تقديم المساعدات الاجتماعية من اعانات ومنح تعليم، فإن مصادر رسمية تتحدث عن تشعب لهذا الدور ودخوله في الزواريب السياسية والامنية ايضاً لتكتمل عوامل المنافسة الاقليمية على الزعامة السنية خصوصاً في ظل انقسامات محلية تشجع على ذلك!.