تفاصيل الخبر

تقارير أمنية وديبلوماسية تتحدّث عن «عصابات دولية للنهب المنظم» تحاول استغلال الحراك المدني!

23/10/2015
تقارير أمنية وديبلوماسية تتحدّث عن «عصابات دولية للنهب المنظم» تحاول استغلال الحراك المدني!

تقارير أمنية وديبلوماسية تتحدّث عن «عصابات دولية للنهب المنظم» تحاول استغلال الحراك المدني!

 

بقلم جورج بشير

012 صور الحراك الشعبي في لبنان وفي شوارع بيروت ملأت على مدى الأسابيع الماضية الشاشات التلفزيونية في لبنان والعالم العربي وجميع انحاء العالم، الى جانب صور وأفلام <الفيديو> التي نشرتها معظم وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية عن تلال النفايات التي عجز أقطاب الحكم والسياسة والأحزاب الى اليوم عن إيجاد حلٍ لأزمة انتشار أوبئتها لتصيب صحّة اللبنانيين من مختلف الأعمار، بفعل <تقاتل> هؤلاء الأقطاب على الحصص ومراكز النفوذ السياسي بعد أن امتصّت <مافيات> جمع وطمر وإتلاف هذه النفايات ما تبقّى من عافية اللبنانيين وعصرت ما في خزينتهم وجيوبهم.

لكن الحراك الشعبي المُشار إليه الذي لفت أنظار المراقبين في جميع أنحاء العالم، ووصل الى حدّ توجيه أصبع الاتهام الى العاصمة الأميركية واشنطن ومخابراتها، والى أكثر من عاصمة عربية وتركية ومخابراتها وأموالها بأن هؤلاء يقفون وراء الحراك ويساهمون في تأجيجه ويموّلون نشطائه فتيات وشباباً، دفع بالسفارة الأميركية في بيروت الى إصدار أكثر من توضيح <بأن لا علاقة لنا بهذا الحراك لا من قريب ولا من بعيد لأنه شأن لبناني، ونحن لا نتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، ولا نموّل ولا ندعم سياسياً أي حراك، وإن كنا معجبين بحيوية وسهر الشباب اللبناني>...

الحراك الشعبي تميّز بشكل واضح على صعيد إظهار صورة لبنان الحقيقية ونقمته، لا بل ثورة الشعب اللبناني على أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية المتردّية، وعجز الطاقم السياسي الحاكم عن إيجاد الحلول للأزمات التي يتخبّط بها البلد والشعب وتشلّ مقدراتهما. هذا التمايز أظهر جلياً صورة النقمة الوطنية في تظاهرة التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي التي شارك فيها آلاف اللبنانيين من مختلف الأعمار والطوائف والأحزاب وحتى <الميليشيات>، وأثارت إعجاب اللبنانيين وجميع المراقبين الإقليميين والدوليين كونها عبّرت عن غضب الشعب اللبناني على تقاعس وإهمال طواقم الحكم والسياسة والأحزاب من 8 الى 14 آذار إذا صحّ التعبير في إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة وخاصة لأزمات الكهرباء والمياه والنفايات وانتشار وباء الفساد والإفساد والديون المتراكمة والنازحين وهجرة الشباب وأصحاب الكفاءات الى خارج البلاد... والتظاهرة الثانية التي ميّزت الحراك الشعبي كانت تلك التي دعا إليها ونظّمها بإتقان أيضاً التيار الوطني الحرّ قبيل نهاية أيلول/ سبتمبر الفائت، ويوم الأحد الماضي برغم طابعها الحزبي والسياسي. التظاهرات هذه في مجملها أبرزت للعالم غضب شعب لبنان عن بِكرة أبيه على سياسيّيه وحكّامه وأحزابه وحتى على طوائفه وتجار الطائفة، كون هذا العالم يدير ظهره للبنان لناحية تخبّطه مع المليون ونصف المليون نازح من سوريا ونصف مليون لاجئ من فلسطين، وانزعاج هذا العالم، وخاصة الدول الأوروبية من حوالى ثلاثمئة ألف نازح سوري انتشروا عبر البحر والبر في أراضيها، والاكتفاء فقط بإطلاق رسائل الأسف والتعاطف الدولي في اتجاه لبنان مع باقة من المبعوثين الديبلوماسيين لمحاولة إرضاء اللبنانيين والوقوف على خاطرهم...

الحراك 

لماذا تبدّل الحراك؟

بعد دخول الشيوعيين المنظم والناجح سياسياً وحزبياً وإعلامياً الى صفوف الحراك والمتظاهرين والمعتصمين هنا وهناك، ودخول يقال عنه بأنه مخابراتي ينتمي الى دول شقيقة وصديقة وحليفة بطرق مختلفة لا بل بوسائل مختلفة، تحدثت دوائر أمنية مطلعة عن دخول الى صفوف هذا الحراك من نوع آخر من دون موافقة مسبقة من المشرفين على هذا الحراك، من بينهم من تسمّيهم التقارير الامنية عادة بـ<المندسين> الذين يريد بعضهم حرف الحراك عن قضاياه الأساسية وتشويه صورته، والبعض الآخر مؤلّف ممّن تسمّيهم التقارير الامنية المشار إليها بـ<الزعران> الذين يثيرون الشغب والتحريض من خلال الاعتداء على القوى الأمنية لافتعال المشاكل بينها وبين الحراك، وبعض آخر ايضاً من <المندسّين> يتطلّع الى التسلّل واستغلال حوادث الشغب لتدمير المؤسسات التجارية والصناعية والمصرفية بهدف النهب والسلب، وهذا من شأنه أن يعيد بيروت الى الايام السوداء التي سبقت التوتّر الأمني والحرب الأهلية بسبب نهب الأسواق التجارية التي كانت تميّز العاصمة اللبنانية عن باقي عواصم المنطقة، وذلك بفعل التقصير الفظيع لقوى الأمن الداخلي في حماية الثروات الوطنية ومدّخرات اللبنانيين.

طبعاً، هذا التقصير لم يكن سببه القيادات الأمنية يومئذٍ، أي خلال سنة 1974 - 1975، بل السبب كان في الخلاف المصطنع للطواقم السياسية وطاقم الحكم في لبنان على كيفية اتخاذ قرار حاسم بإنزال الجيش اللبناني الى المنطقة الخضراء من العاصمة اللبنانية لحماية الثروة الوطنية ومدّخرات اللبنانيين والعرب والأجانب والمركز الإقليمي والدولي الذي احتلّته بيروت في تلك المرحلة ما بين الخمسينات والسبعينات تجارياً وسياحياً واقتصادياً وحوّلها الى سوق الشرق الأوسط الذي يرتاده الزوّار من هذا الشرق كما من مختلف عواصم العالم، خصوصاً السوق الفندقية. والقيادة الفلسطينية وحتى السورية كان لهما دور بارز في هذا التقصير الذي أظهره طاقم الحكم والسياسة في لبنان.

لكن في هذا المجال، هل يمكن تحميل الخارج والجهات الخارجية المسوؤلية التاريخية عن هذا التقصير الذي جعل حكومة لبنان يومئذٍ عاجزة عن اتخاذ القرار بحماية العاصمة والثروات الوطنية ومدّخرات اللبنانيين، تظاهرةوتبرئة القيادة اللبنانية من هذه المسؤولية سواء كانت ممثلة في الحكم والحكومة أم في المعارضة؟!

ما أشبه اليوم بالبارحة

                        

يقول سياسيون واقتصاديون لبنانيون بارزون في هذا المجال <إن اليوم أشبه بالبارحة>.. فهناك تقرير خطير يتحدث واضعوه عن وجود عملاء دوليين لشبكات نهب وتخريب <مافياوية> في لبنان تعمل منذ زمن بعيد مع عملائها في استغلال الأزمات التي يتخبط بها لبنان، وخاصة الحراك الشعبي والتظاهرات لافتعال عمليات شغب هدفها تدمير ما بقي في بيروت من مظاهر حضارية ونهب ما بقي من الثروات ومدّخرات اللبنانيين، خصوصاً في أسواق بيروت الحديثة التي أُنجزت بعد حرب لبنان، وهذه عملية نهب وسلب <مافياوي> دولي منظم يدفع بعملاء له الى صفوف المتظاهرين لتنفيذ المخططات المشار إليها غير آبهين بالحراك وقياداته وبقضاياه الوطنية المحقة. ولم يستبعد واضعو هذا التقرير أن يكون للمخابرات الإسرائيلية ضلع في هذا المجال، كون اسرائيل المستفيد الأوحد من أي شلل أو دمار وتأخّر يصيب لبنان لأنه يلهي اللبنانيين ومسؤوليهم أكثر عن الانصراف الى استغلال الثروات الوطنية من النفط والغاز ويضاعف في تخبط لبنان بأزماته الحياتية والمصيرية.

لا شك بأن مسؤولية الحكم والحكومة وخاصة مسؤولية الطاقم السياسي في لبنان تصبح مضاعفة في هذه المرحلة المصيرية الدقيقة التي يجتازها لبنان ومنطقة الشرق الاوسط، وخاصة في سوريا والعراق، لشدّ عزيمة القوى الأمنية والقضائية والجيش، وتحصين الحراك الشعبي وقياداته والمشاركين فيه، وذلك من ضمن خطة لتحصين لبنان من إمكانية الوقوع في أخطاء الماضي وتمكين الخارج مع عملاء مفترضين من الداخل في خلق ظروف مماثلة لتلك الظروف السوداء التي سبقت الحرب الأهلية و<حروب الآخرين> في لبنان كما سماها الأستاذ الكبير غسان تويني، والتي تضاعف بتداعياتها من حال الفقر والأزمات التي يعاني منها لبنان وتستورد إليه حروب الآخرين، خصوصاً الحرب السورية والعراقية والصراع الروسي - الأميركي الدائر بينهما من جديد، وهذا يستحضر أيضاً ظرف إعلان حالة طوارئ في لبنان.