تفاصيل الخبر

تـحـيـــــة عـلــــى اوتـــــار الـعـــــود مـــــن  بـيـــــت الـديــــــن الى ســوريــــــا الـجـريـحـــــة!

22/07/2016
تـحـيـــــة عـلــــى اوتـــــار الـعـــــود مـــــن   بـيـــــت الـديــــــن الى ســوريــــــا الـجـريـحـــــة!

تـحـيـــــة عـلــــى اوتـــــار الـعـــــود مـــــن  بـيـــــت الـديــــــن الى ســوريــــــا الـجـريـحـــــة!

 

بقلم عبير انطون

صورة-3-نصير-شمة--------3

ما بين مونتريال في كندا وبيت الدين في لبنان تحط <يا مال الشام> بفارسين ونجمة. الحفلة التحية الى سوريا الجريحة، يحييها كل من رائدي العود في العالم العربي اللبناني شربل روحانا والعراقي نصير شمة، وما بينهما تقف الفنانة السورية ذات الاصول الارمنية والسريانية لينا شاماميان لتصدح بصوتها الرائع. هذه الجمعة <الاممية> في الشخصيات الثلاث المميزة ستتجلى في بيت الدين غدا، حيث ينتظر جمهور العود وسميعة الطرب موعدا ليس ككل المواعيد.

 سبق لحفلة <يا مال الشام> وجميعنا يعرفها مطلع اغنية تراثية فولكلورية لطالما صدح بها صوت المطرب الحلبي القدير صباح فخري ان قدمت في المقلب الآخر من الارض، لتحول صقيع كندا الى دفء جميل. فالأمسية التي اختتمت بها فعاليات <مهرجان مونتريال> وهي من انتاجه، مهداة إلى شعوب الربيع العربي بمشاركة فرقة <OktoEcho>، والأوركسترا الشرقيّة اللبنانيّة بقيادة اللبنانيّة الكنديّة كاتيا مقدسي وارن..

روحانا.. والهوى اموي

 من <الافكار> سألنا شربل روحانا: بين كندا وبيت الدين <ما الذي سيتغير؟>

 - الزمان والمكان والناس، يجيب العازف القدير. اعتبرها لحظات خلق وابداع جديدة حتى ولو كانت الموسيقى هي عينها في بعض الأحيان فان وقعها وتأثيرها يختلفان بحسب التفاعل، ذلك ان تفاعل الناس مهم جدا وأساسي. هذا ما يختصر الفرق الأول انما لناحية الموسيقى فالحفلة تتوزع على ثلاث فقرات مع اضافات قليلة على ما سبق وقدم في كندا، تتوزع في ما بيننا نصير شمة أنا ولينا شماميان، وفي القسم الرابع نلتقي جميعنا في قسم جماعي مشترك في نهاية الحفلة. في الفقرة التي اقدمها اغنيتان جديدتان من اشعار الصقلي ابن حمديس من القرن الحادي عشر، وفي القسم الأخير اغنية للشاعر الكبير نزار قباني من الحاني شكلت الجنريك الموسيقي لمسلسل <فارس بني مروان> تتكلم عن الشام وأمجادها بشكل جميل وتقول كلماتها:

<يا ابنـةَ العمّ ِ... والهَوَى أمَوِيٌ

كَيفَ أخفِي الهَوَى وَكَيفَ أبينُ

آهِ يا شامُ.. كَيفَ أشرَحُ ما بي

وأنا فِيـكِ دَائِمَـاً مَسكُونُ

سَامِحِينِي إنْ لَم أكَاشِفكِ بالعشقِ

فأحلى ما فِي الهَوَى التَضمِيـنُ>

صورة-شربل-روحانا-------2

مع نصير..

وعن تعارفه بعازف العود العراقي الشهير نصير شمة، اختصر روحانا اللقاء بكلمتي <الصدفة الجميلة> فهو تعرف به منذ مدة طويلة، ويتابعه في مختلف أعماله ويشاركان في عدة ورش عمل سويا وفي الاحتفالات والمهرجانات الموسيقية العديدة، فهل اجمل من اوتار العود تجمعهما،؟! ويؤكد روحانا ان علاقته بنصير مبنية على الاحترام والتقدير المتبادلين.

وماذا عن المنافسة بين عازفين لامعين على الآلة نفسها؟، يجيب شربل:

 - كل واحد منا يسعى الى ان يقدم نفسه في النهاية. أسلوبنا مختلف ونلتقي على المستوى الرفيع في الاداء.

ويكمن الاختلاف ايضاً بأن روحانا يجمع العزف والتأليف والتلحين والغناء، في حين ان تجربة نصير في مجملها ترتكز على التأليف والعزف.

 والى ابن حمديس و<اكتشافه> له من القرن الحادي عشر، يقص روحانا علينا حكايته مع هذا الشاعر العربي الذي ولد ونشأ في صقلية، ثم تركها ورحل إلى الأندلس سنة 471 هـ وأقام فيها لفترة، ثم انتقل إلى المغرب الأوسط وإفريقيا حتى توفي في جزيرة <ميورقة> سنة 527 هـ.

يقول روحانا:

 - استعدته لما شاركت في <مهرجان باليرمو> في ايطاليا مع فرقة ايطالية غنيت فيها باللغة العربية الفصحى وباللغة الايطالية مع صبية <طليانية> عند منطقة <سيسيليا> وقد تطور المشروع واعدت النظر ببعض الافكار مع اوركسترا كبيرة و<كورس> من 6 أشخاص. الكلام مبسط ومفهوم وقد شرّفنا ابن حمديس الى القرن الـ21 ولم نرجع نحن الى القرن الذي كان يعيش فيه وذلك بطريقة سلسة وناعمة. نستعيده في بيت الدين ونؤكد من خلاله بأن المشاعر الانسانية عبر العصور لا تتغير مع السنين والقرون، وما يصح لذاك الزمان لا يزال مستمراً حتى يومنا، وقد حرصت على اختيار كلمات مفهومة وليس ابياتا شعرية صعبة.

بعد بيت الدين، يسافر روحانا الى الولايات المتحدة الاميركية حيث يشارك في ورشات عمل حول الموسيقى العربية من السادس حتى الخامس عشر من آب/ أغسطس يعود بعدها الى لبنان ليطلق في الثامن والعشرين منه المنهج الجديد للعود مع مدرسة <القديسة رفقا للموسيقى> تمتد منذ السنة التحضيرية حتى السنة الثامنة بشكل واف وشامل.

شمة.. عود وعراق

 

من ناحيته، اعتبر الفنان نصير شمة الذي يصف شربل روحانا <بالصديق الغالي> أن حفلة <يا مال الشام> التي اختتمت <مهرجان الاسبوع العربي> في مونتريال كانت حدثا غير عادي، حيث استهل شربل الحفلة ومن ثم الفنانة لينا شماميان وبعد ذلك قام بتقديم مؤلفاته مع الفرقة، وكانت تجربة جميلة ومميزة وناجحة فنيا وجماهيريا حيث كان الختام مشتركاً، متمنياً استعادة النبض عينه في مهرجانات بيت الدين ايضا. فـ<على حب الشام وأهلها كان لقاؤنا اذ جئنا محملين بمشاعر لا تنتهي وغصة من القلب>.

مع العود، لشمة قصة طويلة يعود بها الى عمر الخمس سنوات حيث كان طفلا مأخوذا بهذه الآلة بالرغم من محاولة اهله <جرّه> الى هوايات اخرى. أصرّ على عناده الموسيقي الذي توّجه بعمر الثانية عشرة بجائزة افرحته جداً كانت فاتحة إبحاره في عالم الموسيقى ودراستها، هو الذي يعمل اليوم على انشاء مجموعة من المدارس تعنى بتدريس العزف على آلة العود كما في ابو ظبي مثلاً حيث افتتح مدرسة جعل لها اختاً في العراق حيث الكثير من المواهب العراقية التي تتقن فن العزف على آلة العود.

أنقذوا العراق!

صورة-لينا-شماميان----1 

عزف العود يأتي أيضاً من قبل شمة ردا على وحشية الحروب، الحروب التي انهكت بلده والذي لاجله اطلق مؤخراً مبادرة لإنقاذ العراق في 11 تموز/ يوليو من هذا العام بعد الاحداث الاخيرة المؤسفة التي حدثت فيه، داعيا الجميع لأن يقوموا بالمشاركة في <هاشتاغ> <انقذوا العراق SAVE – IRAQ> الذي قد ينبه العالم ويساعد شعب العراق ويقويه في التغلب على شر الارهاب، وذلك عن طريق تسجيل فيديو قصير يتضمن الاسم والمهنة والبلد ليتم نشره في صفحة واحدة تضم كل الاصوات من العالم لينتشر على اوسع نطاق.

 يعتبر شمة ان العراق يمر بمحنة كبيرة تهدد وجوده، واذا لم يقف العالم ويتداركها فهي ستدفع بكل ما فيه من بشر وحضارات وديانات وتاريخ ومستقبل الى المجهول، مؤكداً <اننا نحتاج في هذه الشدة الحقيقية الى موقف انساني من كل احرار العالم، والى تضافر الجهود مع الشعب العراقي لأجل حمايته من أخطر ارهاب يعبث في تاريخه الطويل>.

فنصير شمة، ابن مدينة الكوت في العراق عاش في بلده الام حيث اكمل دراسته الجامعية في معهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام 1987 قبل ان يعمل استاذاً للعود في <دار الاوبرا> المصرية في مشروع اسسه مع <الاوبرا> لخلق مواصفات للعازف المنفرد ومجموعة <عيون> لموسيقى <التخت العربي> في القاهرة، الا ان <عيونه> كانت على هموم شعبه ومعاناته التي ترجمها في مقطوعات موسيقية، هو الذي عاش الألم والدمار مستلهماً من وطنه ومن الحضارة القديمة قطعه الموسيقية، ومقدماً للعالم اجمع <إشراقة امل>، <قصة حب شرقية>، <حلم مريم> التي كانت جميعها بمنزلة رسائل ديبلوماسية عن معاناة اطفال العراق، ولا يمكن ان ننسى له تحويله خمس قصائد من محمود درويش الى قطع موسيقية أيضاً فضلاً عن معزوفة <العامرية> الشهيرة ومعزوفة <حلم العصافير> التي تمثل قصة الذكر والانثى. ولا يمكن لمتابعيه ان ينسوا تعاونه مع المخرج التونسي المنصف السويسي في مسرحية <البلاد طلبت اهلها> عام 1988 وغيرها الكثير الكثير.

 فنصير الذي يؤمن بالموسيقى لغة توحد الشعوب أعلن ان اول معهد لتدريس العود في اوروبا سيفتتح في المانيا، معتبراً انه سيكون وجهة لكل الاوروبيين او العرب الموجودين في اوروبا للتعلّم والمزج بين الحضارات في الموسيقى والاعتماد على التقنية الأساسية لعالم العود والعزف.

  لينا.. دفء الشام

 

ما بين شربل ونصير تقف لينا شماميان في امسية <يا مال الشام> من بيت الدين. ومن اجدر من الفنانة صاحبة المهمة الروحانية من الغناء تحية لبلدها؟

لينا شماميان التي نشأت ضمن عائلة تجمع الثقافتين الارمنية لجهة والدها والسريانية لجهة والدتها تؤكد دائماً انها عربية مئة بالمئة، هي التي نشأت في قلب ثقافات مختلطة عربية دمشقية من والدتها تحديداً، وغربية اخذتها بشكل واسع عن ابيها. تشبه نفسها بدمشق المدينة التي يتجلى فيها امتزاج الثقافات والديانات، فهي تعرفت على الديانة الاسلامية من جيرانها وتعلمت <المقامات الشرقية> من مؤذن جامع الحسين في ساحة القصور بالقرب من بيتها في دمشق حيث كانت تصغي للآذان محاولة اكتشاف النغمات ولفظ الاحــــرف العربيــــة بطريقة سليمـــة. لينـــا التي تخصصت في ادارة الاعمال كانت تهدف من خلال دراستها الى ادارة مجموعات موسيقية في اختصــــاص لم يكـــن متاحــــاً في سوريا، وقد حصلت على منحة من جامعة <السوربون> الفرنسية حيث بداية اكتشافها لعشقها للموسيقى والتخصص فيها فدخلتها من باب المعهد الموسيقي في دمشق.

لينا متأثرة جداً بموسيقى <الجاز> وتعشق القصائد المغناة باللغة الفصحى، وهي تغني بالسريانية والارمنية فضلاً عن العربية والفرنسية والانكليزية. إقامتها في باريس اثرت تجربتها جداً وقد تعاملت مع الكثيرين من الموسيقيين من الهند الى ايران وتركيا. وهي على حبها الكبير لهذه المدينة التي جعلتها تكتشف ذاتها وحولت فيها الوجع الذي حملته مذ عاشت فيها الى طاقة إيجابية ومنتجة، تفتقد جداً الى سوريا ودفء العيش فيها.

 لطالما رغبت لينا باحياء حفلاتها في الاماكن الاثرية، وها هي تحقق حلمها اليوم بالوقوف في قلب صرح تاريخي عريق هو <القصر الشهابي> الذي تلبّي نداءه بامتنان وفخر كبيرين.