تفاصيل الخبر

تحت عنوان ”ملكات وامبراطورات من الشرق“:”مهرجان البستان“ يقدم ”كليوباترا“ ”شهرزاد“ و”سميراميس“... في بيت مري!

24/02/2017
تحت عنوان ”ملكات وامبراطورات من الشرق“:”مهرجان البستان“ يقدم ”كليوباترا“ ”شهرزاد“ و”سميراميس“... في بيت مري!

تحت عنوان ”ملكات وامبراطورات من الشرق“:”مهرجان البستان“ يقدم ”كليوباترا“ ”شهرزاد“ و”سميراميس“... في بيت مري!

 

بقلم عبير انطون

4-March-Gloria-Campaner------4

ليس جديداً على <مهرجان البستان الدولي للموسيقى والفنون> التميز بالافكار والمواضيع التي يختار واحدا منها في كل عام تحوم حوله فراشات الفن الكلاسيكي والجديد المعاصر. فمنذ العام 1994 ومن زوايا العالم الأربع، تشارك ألمع الاسماء العالمية بالمهرجان الراقي عند منطقة بيت مري حيث تحرص مؤسسة المهرجان السيدة ميرنا البستاني (النائبة الأولى في المجلس النيابي اللبناني لعام 1963بعد فوزها بالتزكية خلفاً لوالدها النائب اميل البستاني الذي قضى في حادث طائرة وكان له العديد من الانجازات الرائدة) ان تستمر بالنضال <الموسيقي> في بلد اكدت منه يوماً ان <الموسيقى ستبقى فيه مادة حية في نفوس اللبنانيين>.

فماذا في الجعبة من جديد؟ من اختار الفكرة المميزة؟ ما هي الصعوبات التي يواجهها المهرجان؟ وهل فعلاً هو للنخبة فقط ؟

 عناوين مختلفة شكلت المحور الاساسي لكل دورة في المهرجان منذ انطلاقته العام 1994، وهو يسعى الى ابراز الوجه الحضاري للبلد وسط ما عاشه ويعانيه في داخله وفي محيطه: فاذا كان الكاتب والفيلسوف الانكليزي الاشهر <وليام شكسبير> قد شكل <لولب> الدورة الماضية، فقد سبقه الى التربع على عرش المهرجان الكثير من المحاور والمواضيع التي تراوحت بين ابراز الجماليات الفنية لبلاد أو مدن نذكر منها: فيينا، فرنسا، بولندا، البندقية، امستردام، براغ، المجر، موسيقى الشمال، اسبانيا، ايطاليا، الدانوب حتى البحر الاسود، اميركا اللاتينية، فيما تناولت دورات أخرى شخصيات فنية معروفة كالمؤلف الموسيقي العبقري <موزارت>، واتجهت ثالثة الى مواضيع كالحب، التأثيرات من الشرق الى الغرب، الروح الموسيقية، نجوم القرن 21 الصاعدة، علاقة الموسيقى بالحياة وعلاقتها بالطبيعة، وقد تخلل هذه المواسم <يوبيلان> للمهرجان الذي يحتفل قريباً بربع قرن على التأسيس.

Julia-Domna-2----22 السيدة لورا لحود عضو لجنة المهرجان وابنة رئيسته ميرنا البستاني تتحدث لـ<الافكار> عن مميزات هذه الدورة حيث الجنى <الواعد>.

النساء والحكم!

 تحت عنوان <ملكات وامبراطورات من الشرق> ستنفخ الموسيقى الروح في سير سيدات حكمن في الشرق منذ عهود طويلة وكن بارزات في القيادة والحكمة والقرار. وربما في استعادة سيرهن اليوم اكثر من حجر يرمى به:

 اولاً، احتجاجاً على تجاهل دور المرأة في لبنان واقصائها عن مواقع القرار والقيادة اكان في الحكومة او المجلس النيابي المقبل، في حال لم يقر، تحت وقع الضغط النسائي من كل حدب وصوب اقتراح ادراج <الكوتا> النسائية بنسبة ثلاثين بالمئة من المقاعد مهما كان القانون الانتخابي الذي سيجري العمل وفقه.. كذلك فقد يكون الاختيار يهدف الى حث المرأة نفسها على مراجعة تاريخها عبر هذه السير فتقرر النهوض والامساك بزمام الامور والخروج من <منطقة الراحة> التي ترتضيها الكثيرات من السيدات بحيث يكتفين بما يصل اليهن دون تعب، وحيث الاولويات لديهن تندرج في الالتهاء بالقشور عوضاً عن الغوص في العمق وتحقيق التغيير الذي لن يطالهن وحدهن، بل سيطال مجتمعا بكامله تتغير فيه العقليات وتترجم في الممارسة والتعاطي. وقد يكون اختيار هذه السير النسائية ايضاً دليلاً للرجال في الوقت عينه عن تراجع أحكامهم بدل تطويرها، بالمقارنة مع رجال عهود غابرة كانوا اكثر منهم تقدماً لا بل وعياً لقدرات المرأة التي لا تريد سوى المشاركة المحقة، وربما بفاعلية وقدرات تفيض عما يملكه الكثيرون من الرجال.

 

الفن أولاً..

Renaud-Capuçon----5

تبتسم مديرة المهرجان لورا لحود عندما نورد لها هذه الاسباب وتعيدنا الى هدف المهرجان الأول: الفن الجميل. فموضوع المرأة وحقها في القرار لا جدال فيه، والوالدة ميرنا التي اقترحت العنوان كانت خير مثال وقد أرادت من خلال اختيار العنوان العريض استرجاع الدور التاريخي لنساء من الشرق والاضاءة عليه عبر اعمال فنية، مذكرة بما قالته الوالدة: <اننا عشنا قصص الملكات واهميتهن في تحضيرنا لهذا المهرجان وادعو الجمهور الى <عيش سحر هذا البرنامج>.

وتزيد لحود:

- لقد أرّخت الموسيقى بالعزف والغناء للدور التاريخي الذي لعبته نساء شرقيات قياديات ما يحثنا على استذكار هذا الدور والتوقف عنده. اكثر من ذلك فان مراجعة موسيقية سريعة تظهر ان آلاف الأعمال الفنية والمقطوعات الموسيقية من حول العالم اتخذت من سيرة واحدة من هؤلاء النساء الشرقيات محوراً الهم المؤلفين الفنيين وأبرزهن <شهرزاد> مثلاً، فحنكة هذه الجارية التي تروي للملك <شهريار> حكايات متسلسلة حتى ينتهي الليل حتى تضمن عدم قتلها، اوحت للكثيرين من المؤلفين والمبدعين فكتبوا أو الفوا الموسيقى حولها، و<سيمفونية شهرزاد> لـ<ريمسكي كورساكوفو> طبلت الآفاق، لذلك يستضيف المهرجان العمل حول <شهرزاد> عبر ثلاثية موسيقية لـ<كورساكوفو> و<رافيل> و<شومان> بأداء <فيكتور جوليان> - و<لافيرير> على الشيللو، على أن تزور <شهرزاد> أيضا الجامعة الاميركية في بيروت عبر قراءة من <ألف ليلة وليلة> لمدير <الأوبرا هاوس> الملكية في مسقط الدكتور ناصر الطاعي.

 واذا ما خرجت <شهرزاد> من الحكاية، فإن الملكة الأشورية <سميراميس> في بلاد ما بين النهرين قبل الميلاد بثمانمئة عام شكلت هي نفسها الحكاية بشجاعتها وجمالها بعد ان استلمت العرش عقب وفاة زوجها وبانتظار بلوغ ابنها سن الرشد، وتغنيها في <مهرجان البستان> <الميزو سوبرانو آنا بونيتا تيبوسن آريا> بمرافقة <نلسن كالزي> على البيانو.

 وبعد <سميراميس> الدور لـ<كليوباترا> في العاشر من آذار/ مارس/ المقبل، هذه الملكة التاريخية من مصر القديمة التي لا يزال اسمها الاشهر بين الملكات الفاطنات والتي على الرغم من القساوة التي عرفت عنها فقد وضعت مصالح رعاياها في المقام الاول، تغنيها <السوبرانو ريغولا موهلمان> على انغام <لافوليا بارو> فيما الاوركسترا بقيادة <روبانم مويللر> على ان نعود اليها في 19 آذار/ مارس مع <السوبرانو سيلفيا دالا> و<بولا غاردينا بينيتا> و<التينور لورنزو ديكارو> في< موت كليوباترا> لـ<برليوز> و<نابوكو> و<عائدة> لـ<فردي>.

الاسطورات الثلاث كانت سبقتهن الى المهرجان سهرة من القصر الشرقي من زمن الملك <هيرودس> وزوجته <هيرودياد> وابنتها <سالومي>، على ان تلاقيهن <اوبرا ميديا> الساحرة القاتلة مع مغنين وجوقة <مسرح سربيا> الوطني (26 شباط/ فبراير) والملكة <زنوبيا ملكة شبا> في 12 آذار/ مارس المقبل.

11-March-Katia-Guerreiro----3 لبنان.. طبعاً!

ماذا عن المواهب اللبنانية التي لا ينفك <مهرجان البستان> يبحث عنها ويقدم لها الفرص محلياً وعالمياً؟

هي موجودة بشكل مستمر كما تعرفون تجيبنا السيدة لحود. لهذا العام يشارك الموسيقي المعروف خالد مزنر، كما اكتشفنا بالصدفة ان احد اعضاء الرباعي الساكسوفوني الذي يقدم حفلة في 17 شباط/ فبراير لبناني. الى ذلك تضيف لحود، اخترنا لهذه الدورة مسرحية باللغة العربية من بطولة ميراي معلوف واخراج شريف خزندار عن <جوليا دومنا> زوجة الامبراطور <سبتيموس سيفيروس>.

وعن سؤالنا حول انتاج المهرجان للمسرحية فقد نفت لحود ان يكون الانتاج للبستان، وقالت: <تعرفون أننا نعاني من صعوبات مادية، ولعلها المعوق الأكبر> وتزيد قائلة:

- نحن نتكل على الرعاة من القطاع الخاص من بنوك وأشخاص ونشكرهم دوما لوقوفهم الى جانبنا، اما الوزارات المختصة بدعم المهرجان فهي تساعد معنوياً بحضورها وبشراء البطاقات أحياناً.

 لكن، من هي <جوليا دومنا> التي يتناولها العمل اللبناني؟

انها زوجة القيصر الروماني <سبتيموس سيفيروس>، امرأة سورية من مدينة حمص وهي والدة القيصر <كاراكلا> وابنها الآخر <كيتا>، وقد عاشت مآسي كثيرة ولكنها حافظت على رباطة جأشها وحكمتها اذ بعد وفاة زوجها القيصر قام ابنها <كراكلا> بقتل أخيه بعد أن كان دعاه إلى لقاء مصالحة، وذلك في أحضان <جوليا دومنا> امه التي حاولت حمايته، مما أدى إلى إصابتها هي أيضاً. وبغير أخيه، فقد قتل <كراكلا> الآلاف من اتباع الأخير، ومنع إقامة مأتم أو اظهار الحزن على <كيتا> حتى امه مُنعت من الحزن، وكان مصيره بدوره ان يُقتل بتحريض من القائد الروماني <مكاريوس> الذي أصبح قيصراً من بعده وأمر <جوليا دومنا> بعد فترة بمغادرة أنطاكية. وكانت <جوليا> وعلى الرغم من علاقتها التي ساءت بابنها بعد قتل اخيه قد أبقت على احترامها له، وكانت المسؤولة عن شؤون الامبراطورية الرومانية من الناحية الإدارية، فيما ركز <كراكلا> جهوده على الحروب والمعارك.

 

hqdefault----1 كلهم رائعون..

 

وحين نسأل السيدة لحود عن الحفلة التي تحرص على حضورها تستصعب الاجابة كونها جميعها جميلة وتستعرض بين اخرى، باقة أسماء بينها سهرة الـ<فادو> مع <كاتيا غيريرو> وهي مغنية شهيرة من البرتغال، و<كابيسون> على البيانو، كما تستعرض عدداً من عازفي <الساكسوفون> الى الايقاع والبيانو و<التشيللو> و<الغيتار> مع الاشارة الى مشاركة <غلوريا كامبانير> في العزف على البيانو ( 4 آذار/ مارس) مع اوركسترا <مهرجان البستان> في تحية لـ<بيتهوفن>، على ان تعود في اليوم التالي في مزيج ما بين العزف الكلاسيكي والنغم الالكتروني..

ونسألها عن حلم السيدة ميرنا الذي كانت اعلنته في حديث سابق لنا معها عبر <الافكار> وهو انشاء دار للاوبرا في لبنان، فأكدت ان هذا المشروع لم يغب يوماً عن البال، وان العمل على الموضوع جار. اما اوركسترا <البستان> التي تشارك في الكثير من الامسيات فإنها الى تطوير مستمر.

تتأمل لحود بهذه الدورة خيراً خاصة وانها تأتي على عتبة الاحتفال بربع قرن على ولادة المهرجان الشتوي والذي بات من اهم المهرجانات الفنية المنتظرة نظراً لتقديمه فرقاً عالمية بارزة.

وتختم لحود حديثها قائلة:

- الفنانون كانوا مرحبين جداً بالمشاركة، ولم يعتذر اي منهم عن الحضور، كما ان الاجواء الامنية السائدة، وهي مريحة، تطمئن الجمهور الذي يطال كل الفئات بينها فئة الشباب التي يتفاوت حضورها بحسب الحفلات، ويقصدنا الكثيرون من الطلاب، خاصة وان اسعاراً تشجيعية وضعت تحت تصرفهم، وادعو العائلات الى حث اولادهم على المشاركة في هذه الاحتفاليات الفنية اذ ان تنشئة اولادنا على الثقافة الموسيقية ضرورة وقد اخذناها ايضاً في الاعتبار عبر احتفالات مخصصة لهم بأسعار مخفضة.