تفاصيل الخبر

ثورة في مجال الرعاية الصحية المشخصنة وعلم الطب الدقيق...

06/12/2019
ثورة في مجال الرعاية الصحية المشخصنة وعلم الطب الدقيق...

ثورة في مجال الرعاية الصحية المشخصنة وعلم الطب الدقيق...

 

بقلم وردية بطرس

 

حلقة حوارية في العاصمة الأردنية عمان تجمع اختصاصيين من دول عربية مختلفة لتسليط الضوء على مستقبل الرعاية الصحية المشخصنة!

 

تعمل الرعاية الصحية المشخصنة من خلال جمع وتحليل بيانات المرضى ومقارنتها ببيانات مرضى آخرين يعانون من المرض نفسه، وتظهر الاختلافات التي يتميز بها كل شخص ما يوفر فهماً أعمق لهذا المرض وتقدم معلومات حول كيفية استجابة المريض للعلاج ما يساعد في اتخاذ الخيارات المناسبة لعلاج ناجح...

ولقد أُجريت حلقة حوارية في العاصمة الأردنية عمان جمعت بين خبراء من دول عربية مختلفة حيث تناول اللقاء مستقبل الرعاية الصحية المشخصنة، وسلّط الضوء على الدور الذي يلعبه علم الوراثة في علاج مرض السرطان، وعلى دور التقدم التكنولوجي في تسريع التطور في الطب الدقيق، وذلك بحضور اعلاميين من الدول العربية وبمشاركة مؤسسات غير حكومية تُعنى بالمرضى. وهذا اللقاء الذي نظمته <روش> هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط حول الرعاية الصحية المشخصنة والتطور الحاصل في الطب الدقيق وعلم الوراثة اذ اعتبر رئيس منطقة الشرق في <روش> السيد هشام صبري ان كل شخص مصاب بالسرطان هو فريد من نوعه وكذلك المظهر الجيني لورم كل مريض فريد من نوعه وقد يحمل المفتاح لعلاج السرطان. وبدورها أكدت مديرة الشؤون العامة والسياسة في الشرق الأوسط مايا حلباوي انه لا يزال هناك الكثير من العمل في نظام الرعاية الصحية لضمان استفادة المرضى من الرعاية الصحية الشخصية، وان المريض يحتاج الى مناقشة احتياجاته لمساعدة أنظمة الرعاية الصحية على تطوير حلول وسياسات تهم حقاً المريض بما في ذلك المحافظة على خصوصية المريض وبياناته الشخصية.

الدكتور صلاح عباسي وتكاليف الفحص الجيني!

فماذا يقول الأطباء عن الطب الدقيق؟

بداية يعتبر استشاري أمراض الأورام وأمراض الدم في مجمع الخالدي الطبي في عمان الدكتور صلاح عباسي ان الطب الدقيق هو فن تخصيص الرعاية الصحية لكل مريض بناء على احتياجاته الخاصة وبالاعتماد على معلوماته النسيجية والجينية وظروفه الصحية، وعن التكاليف يقول:

- ممكن ان يقول لي المريض انه يقدر ان يدفع 2000 او 3000 دولار اذا كان هذا الحل، ولكن الفكرة من العلاج المشخصن انه ممكن ان ارى عند المريض طفرة جينية موجودة في الخلايا السرطانية ينفع معها العلاج، وهناك علاجات عدة وممكن ان يُستخدم احد العلاجات في أورام الثدي وليس لأورام الرئة، وبالتالي احياناً أرى ان المريض لديه طفرة جينية ينفع معها هذا العلاج، ولكن هذا العلاج بكل شركات التأمين والمؤسسات يُعطى فقط لسرطان الثدي وليس لسرطان الرئة، في حين ان المريض مصاب بسرطان الرئة ولكن لديه طفرة جينية ينفع معها هذا العلاج، وبالتالي ليس هناك أحد سيغطي هذا العلاج، وبالتالي المريض سيدفع ثمن هذا العلاج، وهذه المشكلة موجودة حتى في أميركا وليس عندنا فقط. والعلاج المشخصن لم يقر للآن حتى في أميركا والدول المتقدمة اذ لم يحصل ان بت <Standard of Care> او مستوى الرعاية بسبب هذه المشكلة لأن التطور الذي يحصل في علم المعلومات والمعلومات الجزيئية والطفرات الجينية اسرع بكثير من التطور في الأدوية، مع العلم ان هناك تطوراً رائعاً جداً في الأدوية.

 

الدكتور رامي محفوظ وأحدث التقنيات المخبرية!

 

استاذ ورئيس قسم علم الأمراض في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت الدكتور رامي محفوظ يعتبر ان الطب المشخصن من خلال الاختبارات الجينية سيصبح بمثابة السمة المميزة التي يتمتع بها الجيل المقبل حيث سيتمكن المرضى من استخدام أحدث التقنيات المخبرية والذكاء الاصطناعي مما يتيح لهم تخطي الحدود والحصول على مختلف الآراء وخيارات العلاج من جميع أنحاء العالم.

ونسأله عن تكلفة الفحوصات فيقول:

- عندما بدأ استخدام الفحص الجيني كانت الكلفة مرتفعة، اذ عندما كانت شركات خاصة ومختبرات خاصة هي التي تُعنى بأصول تنفيذ الفحوصات طبعاً كانت الكلفة عالية اذ كان المريض يتفاجىء بالتكلفة. وأيضاً مسألة الوراثيات او الطفرة الجينية للورم بحد ذاته سببت لغطاً كبيراً، ولكن المرضى لا يعرفون انه حتى ضمن نظام التأمين، فانه اذا تبين ان هناك مرضاً خلال عملي على طفرة جينية معينة فربما يدفع المريض 500 دولار على جين واحد، فيأتي الى العيادة ليأخذ النتيجة فتكون سلبية فنقول له ان هناك جيناً آخر يجب ان نفحصه لأن الأول كان سلبياً، فينتظر اسبوعاً او اسبوعين لتأتي النتيجة فيدفع 500 دولار مرة ثانية، وبالتالي اذا كنت قادراً ان افحص الجينوم كله اي 25 ألف جين مع تركيبات جين ومحتوياته بأقل من ألف دولار فذلك أفضل بكثير للمريض ولهذا لا يجب ان يقوم بفحص جين واحد بهذه الحالة.

ويتوقف الدكتور محفوظ عند نقطة مهمة الا وهي:

- هناك أمر مهم يجب التنبه له، فبمجرد وجود الطفرة الجينية فان ذلك لا يعني أبداً ان المرض موجود او انه سيبدأ فوراً، فهناك أشخاص كثيرون لديهم طفرات جينية مشابهة لطفرات جينية لسرطان معروف جداً كمثل ان يكون هناك نوع من اللوكيميا، وبالتالي يجب ان نتنبه ليس فقط للوراثية ولا الجينوم فهناك ما يُسمى بـ<Epigenetics> او ما بعد الجينوم، اذ اننا معرضون للأشعة ولفيروسات، فهذه الأمور ممكن الا تظهر بالفحص الجيني ولكنها تؤثر بأنواع أخرى، ولهذا دور الطبيب مهم جداً، والأشخاص الذين خضعوا للفحص نتمنى عليهم ان يطلبوا استشارة أيضاً من اختصاصيين بعلم الجينات لأنه لا يجب ان يخفوا المعلومات اذا كانت مهمة جداً، فاذا تبين أن هناك مرضاً متوارثاً وممكن ان ينتقل فمن حق الباقين ان

يعرفوا عنه.

وبالسؤال عن دور المريض كونه شريكاً في هذه العملية يقول:

- نقدر ان نقول ان قطار الثورة الجينية انطلق، وتفيد منظمة الدواء والغذاء ان هناك أكثر من 700 دواء <Anti-cancer> ومعنى ذلك انهم قطعوا المراحل الأولى والثانية والثالثة ان شاء الله، فالمعركة ضد السرطان سنربحها في الأيام المقبلة، اذ أصبحنا قادرين ان نستخرج خلية سرطانية ونعدّل فيها ونجعل مناعة الجسم من الخلايا الليميفاوية ونعيدها للمريض وكأننا نأخذ منه ونعدّل الخلايا ونعيدها اليه، اذاً لقد تطورت التقنيات بطريقة كبيرة.

ويتابع:

- دائماً نحاول ان نرى التطور الكبير الذي توصلنا اليه خصوصاً في الجينوم او الفحص الجيني، اذ اننا استطعنا ان نصل لمكان متقدم في المجال حتى الى الوقاية بحيث بتنا نجري الفحص في وقت مسبق اي قبل ان يتم التشخيص وقبل ظهور اي طفرة وراثية في العائلة او اي مرض. وبالتطور الجديد نقدر ان نغيّر التسلسل البياني للفحص النووي لنجعله تسلسلاً صحيحاً، فالثورة الجينية الجديدة التي حصلت هي موجودة في المختبرات، وعلمياً هناك أمراض عدة أصبحت بمراحل متطورة جداً اذ نقدر ان نعلن عن وجود فحص انزيمات او بروتينات تقدر ان تعمل بالطريقة نفسها مثلاً <Crispr> اذ نقدر ان نأخذ عينة تسلسل خاطىء من داخل الحمض النووي ويُوضع مكانها التسلسل الجديد والصحيح، والأمر نفسه بالنسبة للعلاج الجيني.

ــ وما الذي يدفع شخص لا يشكو من اي مشكلة صحية ان يطلب الخضوع للفحص الجيني؟

- أولاً يجب ان تكون لدينا معلومات جينية كاملة عن المريض، بمعنى انه اذا كان الشخص العادي لا يشكو من شيء فيُفضّل الا يفتش عن الفحص الجيني، ولكن هناك أشخاص يحبون ان يعرفوا بدافع الحشرية العلمية، وليس معقولاً انهم حاملون جينات او الوصمات الجينية ولكن السؤال: ماذا سيفعلون بالداتا عندما يحصلون عليها، وماذا اذا حدث معهم امر واقلق حياتهم كلها؟ وبالتالي هناك جانب نفسي وعلمي، وأيضاً هناك جانب أخلاقي فاذا اكتشفوا جينة وراثية تنتقل في العائلة مثلاً من جيل الى جيل فهذا أمر مهم، اذ قد يخفيها الشخص ولا يعلم أحداً وهذه حرية شخصية. ولهذا يُفضّل دائماً ان يكون هناك تنسيق مع الطبيب المختص وطب العائلة مثلاً او طب الوراثة ليشرف على الموضوع بطريقة كاملة.

ــ الفحص الجيني متاح في لبنان فهل تنصحون المرضى الذين يقصدونكم باجراء هذا الفحص؟

- اذا كنا نستعمل هذا الفحص للتشخيص يعني اننا نعمل مئة بالمئة بموضوع التكامل الجيني، اذ انه اقل كلفة للشركات بأن تعمل بموضوع الجين بالكامل بدل ان تختار جيناً او اثنين لتشخيص مرض معين. وطبعاً كما قلنا بموضوع التكلفة مثلاً اذا كنت أقوم بتشخيص حالة مرضية معينة ومتعارف عليها منذ عشرين سنة ان هناك جيناً واحداً هو المسبب الأساسي لها، فقد يكون هناك مثلاً عشرون ألف جين لهم علاقة بالحالة المرضية أكثر من هذا الجين، وبالتالي سنعرف ذلك بفضل التكنولوجيا الجديدة عن الجين.

ــ وهل تقوم وزارة الصحة اللبنانية بتغطية الفحوصات الجينية؟

- للأسف في لبنان تغطية تكاليف الفحوصات الجينية ليست متكاملة بعد، ونأمل الا يأخذ ذلك وقتاً، اذ نعلم ان البلد الآن يمر بظروف صعبة ولكن لاحقاً باذن الله سيكون هناك تكامل وسيتم وضع رؤية استراتيجية كاملة، لأن الفحوصات الجينية تغيرت واصبحنا نعرف كيف يمكن من خلال فحص جيني واحد ان نساعد المريض والا نتركه في المستشفى عشرة أيام او عشرين يوماً، ففي الفحص الجديد لست مضطراً ان اعطي المريض على مدى عشرة أيام او على مدى اسبوعين المضادات الحيوية فيما هو مصاب بالفيروس، فهذه أمور مهمة اذ بدل ان نستعمل طريقة لاخراج فيروس واحد او بكتيريا واحدة اصبحنا نستخرج عشرين او ثلاثين او اربعين، وبالتالي تطورت التكنولوجيا وطبعاً بدل ان تتراكم التعرفة الصحية نحن نقوم بعمل متكامل وبسعر أقل فيستفيد المريض طبعاً.

 

اللجوء الى الفحص الجيني اذا كان المرض متوارثاً!

 

ــ وهل اذا كان المرض متوارثاً في العائلة يجب ان يلجأ الشخص الى الفحص الجيني اكثر من غيره؟

- هناك العديد من الناس أساساً يكونون قلقين اي يعرفون ان هناك ضمن العائلة مرضاً متوارثاً فيقصدوننا لاجراء هذا الفحص، واليوم بات الناس يطلعون على كل التفاصيل بفضل المجلات الالكترونية ووسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والمفروض ان تكون هناك ثورة بهذا الموضوع وان تُغطى كل هذه الفحوصات، لأنه من غير الممكن الا يغطوا التكاليف، فيما هناك أناس يجب عليهم اجراء الفحص.

الدكتور عمرو شفيق والتحليل الجيني الشامل للأورام!

ويرى أستاذ علم الأورام في جامعة عين شمس في مصر الدكتور عمرو شفيق انه حان الوقت للبدء باستخدام كل الأسلحة الطبية لمكافحة السرطان، اذ يعتبر ان التحليل الجيني الشامل للأورام هو بداية لعهد جديد من الأساليب الحديثة التي تؤدي الى معرفة أوسع للمرض الخاص بكل مريض على حدة مما يؤدي لتخصيص علاج مناسب لكل مريض. وعن دور المريض بتصميم أساليب الرعاية الصحية المشخصنة يقول:

- ان المريض هو العامل البسيط والمعقّد في الوقت نفسه ضمن المنظومة لعلاج الطب المشخصن، فنحن نعرف أنه لاجراء الطب المشخصن نحتاج الى أطباء والدعم المادي والهبات والاعلام والمجتمعات، والمريض يحتاج لفهم وادراك الموضوع، وبعدما يفهم المريض يطلب اجراء الفحص الجيني، واعتقد ان الطب المشخصن يجب ان يكون على مستوى الجينات والمعلومات وعلى مستوى الارادة والفهم، وعندما يصل المريض الى هذه المرحلة يعرف ماذا سيطلب وبأن هذا ما يريده.

ــ هل المطلوب من المريض أن يخضع للفحص الجيني دون ان يخاف من اجراه؟

- أولاً لدى الشخص الاختيار بأن يخضع للفحص الجيني لكي يتأكد من ان ليس لديه مشاكل، حتى ان هناك اناسا يخضعون لعمليات جراحية، ونذكر هنا الممثلة الأميركية <انجلينا جولي> اذ خضعت لعملية لمجرد التوقع انها ستُصاب بمرض السرطان، وهنا أهمية التثقيف وتوعية الناس، ومع مرور الوقت وبالحوار سنصل الى مرحلة يتبنى المجتمع كله هذا الفحص، ويتقبّل الناس اجراء الفحص الجيني. اما النصف الثاني من التحليل الجيني فهو امر آخر، اذ ان التحليل الجيني هو للناس المرضى وهنا ليس هناك مشكلة بأن يخضع المريض للتحليل الجيني ان كانت لديه مشكلة مصاب بها وليست سهلة ومنها مثلاً مرض السرطان، وهنا نتحدث عن كل الأمراض المزمنة وطبعاً منها السرطان. وللأسف كل الأمراض مزعجة وبشعة اذ يفقد الشخص القدرة على العيش، وبالتالي لا اعتقد ان هناك مرضى سيرفضون التحليل الجيني اذا كانت حياتهم وصحتهم على المحك، الا بحال اذا كان المريض ما زال بمراحل مسيطر فيها على المرض تماماً، ولكن اذا كان المرض موجوداً ومنتشراً فلا أعتقد انه سيرفض ان يخضع للفحص.