تفاصيل الخبر

ثلاثـــــة يتنافســــون علــــى مفتــــاح القصـــــر الجمهوري: عــــــــون وجعجـــــــع والعمـــــاد قهوجـــــــــي!

07/11/2014
ثلاثـــــة يتنافســــون علــــى مفتــــاح القصـــــر الجمهوري: عــــــــون وجعجـــــــع والعمـــــاد قهوجـــــــــي!

ثلاثـــــة يتنافســــون علــــى مفتــــاح القصـــــر الجمهوري: عــــــــون وجعجـــــــع والعمـــــاد قهوجـــــــــي!

lvl220141104012327 هل ما زال الكلام المكتوب ينفع والآذان صماء خصوصاً في الوسط السياسي؟

   ما باليد حيلة. فقدر الصحافي أن يعبر عن رأيه ورأي الناس، وإلا اعتبر خائناً لرسالة المهنة. وأول ما ينبغي التعبير عنه في هذه المرحلة هو موضوع التمديد لمجلس النواب. ولو استشرنا الفكر لجاء الجواب سلبياً بحق كل ما يتصل بالتمديد، لأنها المرة الثانية التي يمدد فيها النواب لأنفسهم دون وكالة من الناس الذين سلموهم الوكالة في تلك الانتخابات التي جرت مطلع هذا القرن. وهذا التمديد شيك سياسي بدون رصيد، لأن صرفه يجب أن يتم من بنك الشعب، لا من أي مكان آخر. والنواب الممدد لهم يعرفون هذه الحقيقة قبل غيرهم.

   ولكن وضعونا في المأزق الصعب: فإما التمديد للنواب، وإما فراغ برلماني ينضم الى ظلمات الفراغ الرئاسي وتكون كارثة على البلاد، ولا يملك المرء الغيور على بلده إلا أن يردد قول الشاعر <يقضى على المرء في أيام محنته/ بأن يرى حسناً ما ليس بالحسن>.

   وحتى الذين يعارضون التمديد للاستهلاك المحلي، ومنهم الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون، كانوا يعرفون أن تجريد مجلس النواب من شرعية القرارات بفعل التمديد للوحة الزرقاء، لوحة سيارات النواب، يجعل من ترشحهم للرئاسة قفزة في الهواء، لأن هذا المجلس الممدد له هو الذي سيمنح سمير جعجع أو العماد ميشال عون شرعية انتخابه لرئاسة الجمهورية، إذا وصل أحدهما الى ساعة الصفر في الترشح..

   وهكذا يكون التمديد مكروهاً وموضع ترحيب في وقت واحد. وخرج من هذه الدائرة حزب الكتائب حين أعلن الانسجام مع نفسه وأفكاره واعتبر التمديد خطراً على البلاد وشراً مستطيراً.

   وقد جاء خطاب السيد حسن نصر الله ليلة عاشوراء من مجمع سيد الشهداء في محلة الرويس، ليقول للنواب بصورة غير مباشرة: مرشحنا الرئاسي العماد ميشال عون ونعلن ذلك على الملأ، حتى لا يقال إننا نتجه الى المرشح التوافقي.

    وهذه المبادرة من السيد حسن نصر الله، وقد ربطها بالانفتاح على الرئيس سعد الحريري وتيار <المستقبل>، تستوجب أن يعلن العماد عون ترشيحه رسمياً في مجلس النواب، معتمداً على عدم وجود <فيتو> من الرئيس سعد الحريري أو الزعيم وليد جنبلاط، وإذ ذاك يكون الله قد قدّر وما شاء فعل.

   هل هذا السيناريو قابل للتنفيذ؟

   برغم التواصل الذي تم في باريس بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، ولم ينقطع بفعل الظروف المستجدة، فإن الحريري متمسك بترشيح الدكتور سمير جعجع للرئاسة باسم قوى 14 آذار، إلا إذا أراد الدكتور جعجع أن يختصر المشوار ويعلن انسحابه من المعركة، دون أن يكون هذا الانسحاب لصالح أحد.

هل تبدد... الوهم؟

   وحين قال السيد نصر الله في خطاب عاشوراء ان هناك توهماً يسود الوسط السياسي اللبناني، بأن رئيس الجمهورية المقبل سيكون <صناعة اقليمية> لا <صناعة لبنانية>، وأن الأطراف الاقليمية مشغولة بقضايا أخرى، وان المفاوض الإيراني حول الملف النووي حصر حديثه في هذا الملف، ولم يدخل عليه أي موضوع آخر كانتخابات الرئاسة في لبنان، وكل ما عدا ذلك وهم في وهم.

   أي على نواب الأمة الذين مددوا الولاية لأنفسهم، أن يتنشقوا الهواء اللبناني ويتدارسوا أمر المرشح الرئاسي الأكثر طلباً من المرحلة التي تعيشها البلاد، حتى لو تطلب ذلك تعديل الدستور، من قبل المجلس النيابي الممدد له، مثل حالة العماد جان قهوجي قائد الجيش. فمعركة مخيم نهر البارد جاءت بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، عبر اتفاق الدوحة، ومعركة طرابلس قد تأتي بالعماد جان قهوجي رئيساً للبلاد، عبر اتفاق لبناني ــ لبناني هذه المرة، وإن كان مجيء عسكري من جديد الى رئاسة الجمهورية بعد اللواء فؤاد شهاب والعماد اميل لحود، والعماد ميشال سليمان، سيجعل من قيادة الجيش حالة شبيهة بولاية العهد في الدول ذات النظام الملكي أو النظام الأميري، أو النظام الرئاسي مثل الولايات المتحدة.

   والزعيم وليد جنبلاط لا يستسيغ هذا النوع من ولاية العهد في لبنان، لأنه ينزع الطابع الديموقراطي عن البلاد، حتى لو ارتدى الرئيس العسكري بدلة مدنية، ويجعل لبنان مثل دول أميركا اللاتينية التي تعاقب على حكمها عسكريون، وما حصدوا إلا الفشل. وهذا الرأي الجنبلاطي، إذا برز المرشح العسكري، لن يجعل من الرجل بيضة القبان فقط، بل سيجعل انتخابات الرئاسة تأخذ منحى مختلفاً، لأن جنبلاط قادر بوزنه السياسي أن يعطل وصول عسكري من جديد الى السدة الرئاسية.

جنبلاط

    ويوم الثلاثاء الماضي نزل قائد الجيش العماد جان قهوجي ضيفاً على العاصمة السعودية الرياض ليوقع مع ممثل وزير الدفاع الفرنسي ووزير المال السعودي الدكتور ابراهيم عساف، اتفاق صفقة السلاح الفرنسية للبنان البالغة قيمتها 3 مليارات دولار، ولكن الجو هناك كان محصوراً في صفقة السلاح ولم يتجاوزها الى المعركة الرئاسية في لبنان، وهي المعركة التي وصفتها السلطات السعودية، ونقلها بأمانة السفير السعودي علي عواض العسيري، بأنها نسيج لبناني وخيار لبناني وقرار لبناني.

   فهل توضحت الطريق الرئاسية إذن؟! وهل يشمر النواب اللبنانيون عن سواعدهم، ويستخيروا ربهم، ويقولوا: هذا هو رئيسنا المقبل؟!

عون مرشحاً لا ناخباً كبيراً!

   لقد قدم السيد حسن نصر الله اسم العماد ميشال عون كمرشح لكل اللبنانيين و<إني خيرتكم فاختاروا>. وإذا قابله تيار <المستقبل> ومعه قوى 14 آذار بترشيح الدكتور سمير جعجع للرئاسة، ووضع الاثنان مصيرهما بأيدي نواب الأمة، ولو ممددين، وارتضى العماد عون أن ينزل الى مجلس النواب مرشحاً رئاسياً كبيراً، لا ناخباً رئاسياً كبيراً، تكون معركة الرئاسة قد وضعت أوزارها، ويكون الشغور الرئاسي قد وصل الى نهايته، وتسلم الفائز كرسي الرئاسة بدون تسلم وتسليم، لأن العماد ميشال سليمان أصبح بصفة رئيس سابق، وإن كانت صوره باقية على الجدران الداخلية لبعض الوزارات!

   ولكن، وعلى سبيل الافتراض، إذا لم ينزل العماد عون الى مجلس النواب كمرشح، وبقي ترشيحه وقفاً على لسان السيد حسن نصر الله، فإن الشغور الرئاسي سيظل يقرئكم السلام، والبلاد ستبقى أسيرة الجمود الاقتصادي، وتتوالى افلاسات المزيد من التجار، وتتراجع المداخيل السياحية الى أسوأ الأرقام، ويصبح لبنان في مهب الأقدار، حتى لو كان هناك مجلس نواب.. بالتمديد.

   وعلى ذكر هذا التمديد، يمكن القول إن أي تشريع قابل للأخذ والرد، بدءاً من قانون سلسلة الرتب والرواتب، والقانون الانتخابي الجديد. ومع ذلك فالكحل أفضل من العمى، وبلاد بمجلس نواب بالتمديد أفضل من فراغ تشريعي ينضم الى الفراغ الرئاسي..

   ولقد أصبحنا الآن على أبواب عيد الاستقلال، هذا العيد الوطني الذي يصطحب فيه رئيس البلاد وزير الدفاع في سيارة مكشوفة، ويتوجهان الى قبر الجندي المجهول في محلة المتحف ليضعا اكليلين من الزهر. وهناك الآن وزير دفاع هو سمير مقبل، ولكن ليس هناك رئيس جمهورية، بل هناك 24 وزيراً يملكون صلاحيات رئيس الجمهورية، فهل من المعقول أن يكون وزير الدفاع في عهدة 24 وزيراً على طريق ضريح الجندي المجهول. من أجل ذلك، وبالنظر لشغور كرسي الرئاسة الأولى، اتخذ الرئيس تمام سلام قراره بإلغاء الاحتفال السنوي لعيد الاستقلال هذا العام، حتى لا يكون غياب رئيس الجمهورية طعناً في الميثاقية، ولا يشعر المسيحيون اللبنانيون أنهم يتامى دستورياً.

   وقد قام الرئيس سلام بإبلاغ قائد الجيش العماد جان قهوجي بهذا القرار، وأبدى قائد الجيش تفهماً لقرار رئيس الوزراء وتقديراً لوطنيته..

   وهكذا سيغيب احتفال عيد الاستقلال، ولن يكون هناك حفلة استقبال للشخصيات ولرؤساء النقابات في القصر الجمهوري كما هي العادة كل سنة.

البحث عن الجندي المجهول

قهوجي  

   ويبقى أن نسأل عن الجندي المجهول الآتي الى قصر بعبدا.

   فهل تتبدد مقولة <وطنكم الثاني لبنان> في انتخابات الرئاسة؟   العيون لا تزال ترقب العماد جان قهوجي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والوزير بطرس حرب، إذا تنازل له الدكتور سمير جعجع، والوزير السابق جان عبيد، بالمنطق الذي يقول إن مجيء رئيس حكيم الى سدة الرئاسة أفضل من مجيء رئيس قوي، والرئيس الحكيم الموعود يجب أن يكون على شاكلة شارل حلو أو الياس سركيس. ولأن المعركة الرئاسية هي الآن كرة ترمى في الملعب الاقليمي، والملعب الاقليمي يردها الى البرلمان اللبناني، فإننا نستحضر حكاية الرئيس شارل حلو في موقفين: الأول حين طلب من وزير الداخلية الراحل الدكتور محمد كنيعو، أن يذهب الى المرفأ ويفض اضراب العمال والموظفين بيد من قطن، أي باللين لا بعسكر الجندرمة، والموقف الثاني حين استقبل في القصر الرئاسي مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب رياض طه، هاشاً باشاً وقال: <أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان>، على اعتبار أن أكثر الصحف يومئذ كانت صورة للأنظمة العربية.

   رحم الله أيامك يا شارل حلو!