تفاصيل الخبر

تجربــة مخيــم الميـــة وميـــة تعمــم علــى مخيمـــات أخـــرى إذا ما الـتـــزم الفلسطيـنـيـــون الاتـفــاق مــن دون خـــروق!

30/05/2019
تجربــة مخيــم الميـــة وميـــة تعمــم علــى مخيمـــات أخـــرى  إذا ما الـتـــزم الفلسطيـنـيـــون الاتـفــاق مــن دون خـــروق!

تجربــة مخيــم الميـــة وميـــة تعمــم علــى مخيمـــات أخـــرى إذا ما الـتـــزم الفلسطيـنـيـــون الاتـفــاق مــن دون خـــروق!

ترى مراجع رسمية، وأخرى ديبلوماسية، ان التطور الايجابي المهم الذي تحقق قبل أيام في مخيم المية ومية في الجنوب اللبناني، يحمل في طياته مؤشرات مشجعة على صعيد إعادة تصحيح واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وترجمة واضحة للعلاقات الجيدة التي تربط المسؤولين اللبنانيين بالمسؤولين الفلسطينيين ولاسيما منهم رئيس دولة فلسطين محمود عباس الذي لا يترك مناسبة إلا ويؤكد فيها ان المخيمات الفلسطينية في لبنان من مسؤولية الدولة اللبنانية التي عليها أن تطبق ما تراه مناسباً لحفظ أمن اللاجئين الفلسطينيين وسلامتهم.

فبعد نحو نصف قرن على ولادة <اتفاق القاهرة> وما رافق ذلك من ردود فعل وتطورات وأحداث، يبدو ان بداية فعلية حصلت لعملية تنظيم العلاقة بين الدولة اللبنانية والقيادة الفلسطينية على خلفية الحد من فعالية السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وتمكين الدولة اللبنانية من بسط سلطتها الأمنية عليها. هذا على الأقل ما تدل عليه الخطة الأمنية التي بدأ تطبيقها في مخيم المية ومية التي توصل إليها الجيش اللبناني مع الفصائل الفلسطينية بحيث بدا وكأن القواعد والمعادلات المرسومة للواقع الفلسطيني في لبنان، تشهد تغييرات <سلمية> لا خلفية عدائية لها، ولا تحديات. من هنا فإن <خلع> مخيم المية ومية القريب من مخيم عين الحلوة في صيدا، ثوبه العسكري والاعلان بأن المخيم بات <منطقة آمنة> لسكانه والجوار في بلدة المية ومية، يبشّر بنهاية موجات المعاناة والهلع والخوف والأضرار التي نتجت عن الأحداث الأمنية التي سجلت في المخيم ومحيطه قبل أشهر.

 

أسباب الاتفاق

صحيح ان هذه التوتيرات الأمنية وتداعياتها على السكان، عجلت في الوصول الى حل أمني لعب الجيش اللبناني دوراً بارزاً فيه، إلا ان الصحيح أيضاً ان القيادة الفلسطينية بات مقتنعة بأن استمرار الأوضاع على ما هي عليه في المخيمات الفلسطينية، من شأنه زيادة معاناة اللاجئين وجيرانهم، لاسيما بعد تسلل العديد من الارهابيين الذين كانوا يقاتلون في صفوف التنظيمات الارهابية الى هذه المخيمات، و<نزوح> مئات، لا بل ألوف الفلسطينيين من المخيمات في سوريا الى مخيمات لبنان، خصوصاً من مخيم اليرموك قرب دمشق الذي شهد مواجهات ضارية خلال الحرب التي استعرت في سوريا وطاولت أماكن وجود اللاجئين الفلسطينيين، شأنهم في ذلك شأن المواطنين السوريين. وهذه الظروف المقلقة التي عاشتها مخيمات فلسطينية في لبنان، لاسيما مخيم عين الحلوة والمية ومية، جعلت القيادة الفلسطينية تعيد النظر في مواقفها المبدئية التي كانت تحول دون قيام القوى الأمنية اللبنانية بأي دور في محيط المخيمات إضافة الى كونها لا تدخل المخيمات مطلقاً. ولعل النموذج الذي نجح في مخيم المية ومية، وهو مخيم صغير بحجمه لكن له مدلولات خاصة، سوف يشكل، وفقاً للمصادر الرسمية والديبلوماسية في آن، قاعدة يمكن الارتكاز عليها لتعميمها على سائر المخيمات تأكيداً لحقيقتين: الأولى رغبة القيادة الفلسطينية في أن <ترتاح> من الهم الأمني للمخيمات في لبنان، وهو ما كان عبّر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقاءاته مع رؤساء الجمهورية اللبنانيين وغيرهم من المسؤولين الحكوميين والسياسيين خصوصاً بعد تكاثر أعداد <الغرباء> عن سكان المخيمات. والحقيقة الثاني ان النهج الذي تعتمده قيادة الجيش اللبناني بإشراف مباشر من قائده العماد جوزف عون ومدير المخابرات العميد انطوان منصور، أوجد ثقة لم تكن قبلاً بين الجيش والفصائل الفلسطينية، من شأنها أن تعزز مناخات التعاون الأمني الذي لن يكون أمناً مشتركاً كما يروج البعض، لأن زمن الشراكة الأمنية والدوريات والمخافر المشتركة ولى الى غير رجعة، بل سيكون تعاون لاخراج الساحة الفلسطينية في لبنان من دائرة التجاذبات الأمنية التي عاشتها خلال السنوات الماضية والتي أرهقت الفلسطينيين في وقت لا يزال هؤلاء مستهدفين وممنوعين من حق العودة الى ديارهم، ومن هم داخل الأراضي الفلسطينية يواجهون الحديد والنار من القوات الاسرائيلية خصوصاً في قطاع غزة. والارهاق لم يصب فقط الساحة الفلسطينية بل تجاوزه الى الساحة  اللبنانية حيث نشأت عبر السنين، مربعات أمنية مقفلة تحصنت فيها تباعاً، جماعات ارهابية اتخذت من اللاجئين الفلسطينيين متاريس بشرية وضعتها في مواجهة المدنيين والعسكريين في لبنان مما أساء الى هيبة الدولة وسيادتها المنتهكة في أكثر من ميدان.

الجيش يحسم أي خلاف

وزاد في الطين بلّة ان هذه الجماعات الارهابية، وفقاً للمصادر الرسمية والديبلوماسية نفسها، تتلقى تعليمات من جهات خارجية بهدف جرّ المخيمات الفلسطينية في لبنان الى حروب هذه التنظيمات حيناً، والى مواجهات مع الجيش اللبناني أحياناً، إضافة الى المناوشات مع المدنيين والحزبيين. ولا تغيب عن ذاكرة اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء، ما حصل في مخيم نهر البارد في الشمال، والذي لا تزال آثار الدمار فيه وذكريات الشهداء العسكريين والقتلى الفلسطينيين ماثلة في العقول والقلوب على حد سواء. من هنا، أدركت القيادة الفلسطينية خطورة استمرار هذا الواقع الشاذ، فكانت تجربة مخيم المية ومية بإخراجه من دائرة التوتيرات الأمنية الإطار الذي يمكن اعتماده في مخيمات أخرى لاسيما وان الآلية التي وضعتها قيادة الجيش بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني، واضحة ومحددة لاسيما لجهة منع المظاهر المسلحة وتولي الفصائل الفلسطينية الأساسية التي لها وجود فعلي في المخيم، أي حركة <فتح> وحركة <حماس> وحركة <أنصار الله>، مسؤولياتها لجهة ضبط السلاح ومنع استعماله تحت أي ظرف، وإلا فإن الملاحقة سيتولاها الجيش اللبناني الذي لن تكون هناك أي موانع لقيامه بمعالجة أي اشكال أمني أو حادث يقع داخل المخيم الذي خرج منه عشرات المطلوبين بقضايا بسيطة وأقاموا مؤقتاً في مخيم عين الحلوة. أما في ما خص نزع السلاح الفلسطيني من أيدي سكان المخيم، فستكون محور درس في وقت لاحق ومن ضمن حل يشمل كل المخيمات الفلسطينية في لبنان. لكن الجديد في ما تم التوصل إليه هو ممارسة الجيش اللبناني حقه في بسط السيادة كاملة على المخيم إذا ما وقعت أحداث تناقض الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الفصائل الفلسطينية لاسيما لجهة استعمال السلاح.

 

لا نزع لسلاح الفلسطينيين راهناً

وتقول المصادر المتابعة لهذا الملف ان ثمة من سعى الى وضع قرار سحب السلاح من أيدي الفلسطينيين موضع التنفيذ على خلفية ما حصل في مخيم المية ومية، وما يحصل في مخيم عين الحلوة، إلا ان القيادة العسكرية اللبنانية تنبهت الى ان مثل هذه الخطوة قد تؤدي الى مواجهات بين الجيش والفلسطينيين تتزامن مع الاستهدافات الخارجية للفلسطينيين، وان الحكمة تقضي بتأجيل البحث في هذه المسألة الى ظروف أكثر ملاءمة، على ان يكون البديل عنها التزام الفلسطينيين بضبط هذا السلاح، وتسهيل عمليات معاقبة المختلين وتوقيفهم من قبل الجيش الذي رأت قياداته في تجاوب الفلسطينيين مع المقترحات التي قُدمت لهم، اشارات ايجابية تعكس رغبة فلسطينية حقيقية هذه المرة بالتجاوب مع المبادرات التي تهدف الى إعادة الاستقرار الى المخيمات وعدم ارهاقها مع سكانها مجدداً في حالات أمنية شاذة لا تعود بالفائدة إلا على المصطادين بالماء العكر والارهابيين الذين تسللوا الى بعض هذه المخيمات وأقاموا فيها <امارات> ومناطق عازلة.

وتوقعت المصادر نفسها ان امكانية نقل تجربة مخيم المية ومية الى غيره من المخيمات تبقى واردة بقوة إذا ما تحقق أمران: الأول نجاح الاجراءات المتخذة في مخيم المية ومية وثباتها بحيث لا تحصل أي خروقات تحت أي عنوان أو مبرر، والثاني التزام الفصائل الفلسطينية تطبيق الاجراءات المتفق عليها بحذافيرها والتمهيد لخطوات مماثلة في المخيمات الأخرى من خلال تعميم ثقافة التعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني مع إعادة الثقة التي تشكل العامل الأساسي لأي تفاهم مستقبلي. وفي هذا الإطار تؤكد مصادر عسكرية ان التوجهات التي اعطاها العماد عون للفريق العسكري اللبناني الذي تولى البحث مع الجانب الفلسطيني واضحة ولا لبس فيها وخلاصتها ان مصلحة الفلسطينيين تقضي بالتعاون، وبالتالي تقابل القيادة هذا التوجه بآخر مماثل تحت عنوان عريض التزمته الدولة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بأن أمن المخيمات الفلسطينية من أمن لبنان وسلامة الفلسطينيين من سلامة اللبنانيين، ولا حواجز أو عوائق أمام الجيش اللبناني، خصوصاً ان القيادة السياسية اللبنانية، كما القيادة العسكرية، لن تسمح بأي مساس بأمن الفلسطينيين كما لا تسمح بأي مساس بأمن اللبنانيين...

المصادر تضيف ان تعميم تجربة مخيم المية ومية على غيره من المخيمات وضعت على نار هادئة نتيجة التقاء القيادتين اللبنانية والفلسطينيةعلى قناعة واحدة... فمتى تستوي <الطبخة>، ويعود الاستقرار كاملاً الى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً ان عودتهم الى وطنهم السليب ليست قريبة المنال، لا بل ثمة مؤشرات تحملها <صفقة القرن> لا تبشر بالخير!