تفاصيل الخبر

تجربة الامتحانات الرسمية التي تتم لأول مرة أمام عدسات الكاميرات تحت المجهر!

28/06/2019
تجربة الامتحانات الرسمية  التي تتم لأول مرة أمام عدسات الكاميرات تحت المجهر!

تجربة الامتحانات الرسمية التي تتم لأول مرة أمام عدسات الكاميرات تحت المجهر!

 

بقلم طوني بشارة

انطلقت هذا العام الامتحانات الرسمية (التي ستستمر من بداية حزيران (يونيو) حتى منتصف شهر تموز (يوليو) موعد امتحانات الشهادة الفنية بكافة فروعها)، في ظل أجواء وصفها البعض بالايجابية والبعض الاخر بالسلبية لاسيما لجهة نفسية الطلاب، إذ أنه ولأوّل مرّة في لبنان يجري طلاب الامتحانات الرسميّة اختباراتهم تحت عدسات الكاميرات حيث كانت وزارة التربية والتعليم العالي قد أصدرت تعميما إلى مديرية التعليم الثانوي والمناطق التربوية في المحافظات يتعلق بتركيب كاميرات مراقبة في المراكز المعتمدة لإجراء الإمتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة وشهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة للعام 2019.

وتهدف هذه الخطوة بحسب ما أشار مصدر في الوزارة إلى ضبط الامتحانات مؤكدا أنّ الوزارة تريد الأفضل للطلبة وأنّ هذه الخطوة تصبّ في مصلحتهم قائلاً: <نهدف إلى مراقبة دقيقة منعا لأي فوضى كانت تحصل في السابق>.

وأوضحت المديرية في التعميم أنه <في إطار التحضيرات الإدارية واللوجيستية التي تقوم بها دائرة الإمتحانات الرسمية في المديرية العامة للتربية والتي تساهم في تنظيم العمل وحسن سيره في مراكز الإمتحانات، وحرصا على تأمين الجو الملائم والهادئ للتلامذة المرشحين لإمتحانات الشهادة المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة، يطلب من المناطق التربوية في المحافظات إجراء استدراج عروض لتركيب كاميرات مراقبة مع لوازمها في كل غرفة من مراكز الإمتحانات الرسمية والمدارس والثانويات الرسمية وفق الأصول، ووفق مواصفات فنية وشروط فنية معينة>.

ولفتت المديرية إلى أن <كل مدرسة أو ثانوية تتولى تسديد ثمن الكاميرات التي جرى تركيبها لديها من صندوقها الخاص، كما تتولى دائرة الإمتحانات بالتنسيق مع وحدة المعلوماتية في المديرية العامة للتربية الإشراف على تركيب الكاميرات ومراقبة

حسن عمل الأجهزة على أن يوضع محضر بهذا الشأن>.

ومن التدابير المتخذة أيضا لهذا العام بالإضافة الى عدم إدخال الهواتف، اجراء منع أيّ لوحة أو قطعة إلكترونية، نظراً إلى أنّ التكنولوجيا في ازدهار مستمرّ ولم تعد أساليب الغش تقتصر على الهواتف المحمولة، لذا كان المراقبون لها بالمرصاد.

ولحُسنِ الحظ إنّ الممرّات المؤدّية للقاعات مزوّدة بكاميرات مراقبة، وهذا يساعد في ضبط الأمور، على سبيل المثال، لا مجال لمراقبِ غرفةٍ أن يقف على الباب، أو يخرج آخر من دون سبب إلا بهدف التراخي وغضّ النظر. على كلّ حال نأمل أن تصبح جميع قاعات المراكز في لبنان مجهّزة.

تدابير احترازية بالجملة البعض أشاد بأهميتها والبعض الاخر إعتبرها محاولة لتغطية صفقة بمئات الاف الدولارات ثمنا للكاميرات، فبعيدا عن الاقاويل وقريبا من الواقع ما هو موقف الأساتذة والمدراء والمسؤولين عن دائرة الامتحانات من هذه التدابير؟

 

عازار وحس المسؤولية!

 

أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار أعرب عبر <الافكار> عن رفضه لتركيب الكاميرات، معتبراً أنها <إهانة بالدرجة الاولى للاساتذة قبل ان تكون اهانة للإدارات. وهذا دليل على عدم ثقة الدولة بأساتذتها، لأنهم هم من يراقبون الامتحانات الرسمية>، وتساءل عازار قائلا: <اذا كانت الدولة لا تثق، فكيف يعلّمون ابناءنا؟>.

ولفت إلى <ان وزارة التربية تقوم بهذه المبادرة من أجل الوصول الى امتحانات نزيهة، إنما المطلوب عملية إصلاح كاملة للامتحانات وضبط من النواحي كافة، بدءا من اختيار اللجان التي تضع الأسئلة مروراً بتأهيل وتدريب المراقبين وصولاً الى التصحيح>.

وأضاف عازار: <المطلوب هو تدريب المعلمين والمراقبين وتأهيلهم وتوعيتهم على واجباتهم وترشيدهم والأهم ان يتمتعوا بحس المسؤولية وأن يكونوا أصحاب ضمير، وألا يرسلوا ايا كان للمراقبة>.

ودعا الأب عازار الى عدم التلهي بمسألة الكاميرات ونسيان الجوهر والأساس، <لأن الامتحانات النزيهة تعني عدم تسرّب أسئلة وعدم التدخّل من قبل نافذين وألا تكون هناك وساطات. من هنا لا أعرف الى اي مدى ستفيد الكاميرات، بل بالعكس قد تسبب مشكلات عديدة>، وأعطى مثلا على ذلك <مشهدية تلميذ يطلب ورقة من الاستاذ تبدو على الكاميرا وكأن الاستاذ يحلّ الأجوبة للتلميذ>.

 

تجربة الكاميرات والشائعات!

واللافت انه ومنذ اليوم الأول من تجربة كاميرات المراقبة في الإمتحانات الرسمية والكثير من التساؤلات تطرح، فبعيداً عن الإتهامات التي وجهت عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن وجود صفقة ما، أو عن تأثير ذلك على نفسية الطلاب الذين يعانون أصلا من ضغط نفسي نتيجة الرهبة بوجود هذه الكاميرات أو عدمه، فهل هي المشكلة الوحيدة التي يعاني منها النظام التربوي؟.

كما ولم تتوقف الأنباء، التي تنتشر بسرعة البرق، عن هذه التجربة، مع العلم أنها قد تكون المرة الأولى التي تثير فيها الإمتحانات الرسمية مثل هذه الضجّة غير المسبوقة، حيث لم تكد الإمتحانات تنطلق حتى بدأ الحديث عن توقّف الكاميرات في بعض مراكز الشمال، خصوصاً طرابلس، نتيجة إنقطاع التيار الكهربائي خلال النصف الثاني من إمتحان مادة التاريخ والنصف الأول من إمتحان مادة التربية الوطنية، ما يعني أن وجودها كان كعدمه في هذه المراكز.

وبعيداً عن هذه الحادثة، التي كان من المفترض أن تتنبه لها الوزارة في حال صحّت، حيث أن إنقطاع التيار الكهربائي في لبنان ليس حدثاً مفاجئاً، وبالتالي كان من المفترض تأمين البديل مسبقاً، على قاعدة إقامة الإمتحانات ضمن الظروف نفسها لكافة المرشحين لها، تم الحديث عن أن بعض المراقبين أبلغوا الطلاب في أحد المراكز في محافظة جبل لبنان أن هناك مشكلة في الكاميرات بحيث انها لا تنقل الصوت بل الصورة فقط، وبالتالي بإمكانهم تبادل الحديث شريطة عدم الإلتفات يميناً ويساراً باتجاه زملائهم، فما حقيقة كل ذلك؟

 

شعبان ونفي الشائعات!

 

تنفي رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية في وزارة التربية أمل شعبان كل ما تم التداول به على مواقع التواصل الإجتماعي من شائعات، خصوصاً أن الوزارة كانت قد أمّنت موضوع الكهرباء سابقاً، وبالتالي لم ينقطع البث من أيّ مركز إمتحانات، سواء في طرابلس أو غيرها من المناطق، داعية من لديه أيّة معلومات أخرى أن يبرزها.

وبالنسبة إلى موضوع تعطّل الصوت في بعض المراكز، تشير شعبان إلى أن الكاميرات في الأصل تنقل الصورة فقط، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي عطل على هذا الصعيد، وتؤكد بأن الكاميرات نجحت في تحقيق الهدف الأساسي من وجودها بنسبة 90 بالمئة، أي تأمين أجواء هادئة في مراكز الإمتحانات، وتضيف: <نحن صُدمنا من الأجواء التي كانت سائدة>.

كما وتنفي شعبان أن يكون وجود الكاميرات قد ترك تداعيات سلبية على الطلاب، حيث تشير إلى أن البعض منهم عمد إلى توجيه التحيات عبرها قبل إنطلاق الإمتحانات، وبالتالي لا داعي لكل الضجة المثارة حول هذا الموضوع، لاسيما عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

وبالنسبة إلى المخالفات في اليوم الأول من الإمتحانات، تكشف رئيسة دائرة الامتحانات الرسميّة في وزارة التربية عن أنها طالت بعض الأساتذة والطلاب في العديد من المراكز، مثل التواصل الفاضح بين الطلاب أو العثور على هاتف مع احدهم، حيث كان يتم التدخل من قبل غرفة المراقبة المركزيّة سريعاً، وتشير إلى أنه في أحد المراكز أقدم رئيس المركز على إطفاء الكاميرات بعد إنتهاء الإمتحانات، لافتة إلى أنه تمّ التواصل معه لإعادة تشغيلها لأنه من المفترض أن تعمل على مدار الساعة 24/24.

في الختام، تؤكد شعبان أن الإمتحانات كانت عادلة والأجواء مريحة للغاية.

ولكن ما هو موقف المدراء والاساتذة والطلاب من تركيب الكاميرات؟

أبو إسبر وصوابية القرار!

بدوره مدير مدرسة <ليسنغ سكول> الدكتور علي أبو إسبر أعرب لنا عن مدى تأييده لقرار الوزير القاضي بوضع كاميرات داخل قاعات الامتحان، وأكد بأن إجراء كهذا لن يؤثر سلبا على نفسية الطالب بل على العكس ستكون له تأثيرات ايجابية، تأثيرات تصب لمصلحة الطالب لاسيما من تحضر جيدا للامتحانات الرسمية، على إعتبار ان فكرة وضع الكاميرات ستؤدي الى منع الطالب الكسول لا بل ثنيه ولجمه عن طرح الاسئلة من جهة، والتفكير من جهة اخرى بالإعتماد على رفاقه او حتى على بعض الاساتذة، إذ يقال أن قسما لا بأس به من الاساتذة قد عمد سابقا الى مساعدة بعض الطلاب المدعومين من قبل بعض الفاعليات.

وتابع أبو إسبر : لذا اعتقد بأن هذا الاجراء قد تعمد الوزير اتخاذه من اجل مراقبة الاساتذة ودفعهم للقيام بمهامهم على أفضل وجه بدلا من طرح أحاديث جانبية في ما بينهم ولعب دور المراقب الجدي عند دخول المفتش او المراقب العام.

فالبعض قد عمد سابقا وربما من دون قصد الى خلق نوع من الفوضى داخل قاعات الامتحانات مما أثر سلبا على نفسية الطالب، على إعتبار أن الهدوء أمر ضروري لكي يتمكن الطلاب من التركيز على الاسئلة التابعة للمواد العلمية.

كما أبلغنا أبو إسبر بأنه قد عمد ومنذ فترة الى تركيب الكاميرات داخل غرف الامتحان بمدرسته <ليسنغ سكول> من اجل ضبط المراقبة وضبط عملية الامتحان.

وفي ما يتعلق بالاسئلة المطروحة أكد أبو إسبر بأنها من المنهاج الرسمي وتعجب كيف أن البعض استاء من اسئلة التاريخ لاسيما تلك التي تطرقت الى القضية الفلسطينية، علما ان القضية الفلسطينية هي من المنهاج الرسمي وقد سبق ان تم طرح هذا السؤال منذ 8 سنوات تقريبا.

نشار والتحضر الجيد!

وبدوره الطالب جوي نشار أكد لنا بأن الكاميرا لم تؤثر اطلاقا على نفسيته أثناء إجراء الإمتحان لا بل قد وفرت الهدوء التام داخل الغرفة، على عكس السنة الماضية (على اعتبار ان نشار معيد) مما أثر إيجابا على نتيجة معالجته للاسئلة، وأبلغنا بأنه قد تحضر جيدا للإمتحان الرسمي هذا العام عن طريق متابعة دورات تدريبية لدى مركز <أي ــ اند ــ جي التربوي>، وتابع نشار قائلاً:

- الكاميرا قد تكون أثرت على نفسية الطلاب الذين لم يتحضروا للإمتحان بشكل جيد، والذين راهنوا على الإفادات بسبب الإضرابات المتكررة، ذلك ان الأجواء داخل قاعات الامتحان كانت مريحة للغاية إذ عم الهدوء، علما أنه في السنة السابقة كان الأساتذة يعمدون الى فتح احاديث جانبية في ما بينهم اما هذه السنة فقد غابت هذه الاحاديث بسبب وجود الكاميرا.