تفاصيل الخبر

تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم يسعى مع البنك الدولي لإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية

30/12/2020
تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم يسعى مع البنك الدولي لإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية

تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم يسعى مع البنك الدولي لإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية

 

بقلم طوني بشارة 

 

الدكتور فؤاد زمكحل: لا يمكن إعادة الثقة في ظل استمرار هذه الطبقة الحاكمة التي نهبت وهدرت الأموال العامة لمدة ثلاثين سنة متتالية

 

[caption id="attachment_84339" align="alignleft" width="350"] تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم يسعى مع البنك الدولي لإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية[/caption]

  على مدى أكثر من عام  يتعرض الاقتصاد الكلي في لبنان لأزمات متفاقمة، بدءاً من أزمة اقتصادية ومالية، مروراً  بأزمة فيروس "كورونا" وصولاً الى  الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت. ومن بين الأزمات الثلاث، كان للأزمة الاقتصادية الأثر السلبي الأكبر والأطول أمداً. ازمة اقتصادية ادت الى  تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بشكل حاد إلى 19.2 في المئة عام 2020، بعد انكماشه 6.7 في المئة عام 2019.  وتزامنت مع انهيار العملة  مما ادى إلى معدلات تضخم تجاوزت حد الـ100 في المئة  ناهيك عن التوقف المفاجئ في تدفقات رؤوس الأموال الوافدة الأمر الذي نتج عنه استنفاد احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان. والمتتبع للأمور يدرك أن انكماش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني بالقيمة الحقيقية وارتفاع التضخم أديا الى زيادة كبيرة في معدلات الفقر وأثرا على السكان من خلال قنوات مختلفة مثل فقدان فرص العمل المنتجة، وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية، وتوقف التحويلات الدولية. ومن المرجح أن تغتنم اليد العاملة عالية المهارة الفرص المحتملة في الخارج، مما يشكل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للبلاد.

اضف الى ذلك ان لبنان يمر بكل هذه الازمات في ظل غياب كلي للتوافق السياسي حول الاولويات الوطنية مما يعيق قدرة لبنان على تنفيذ سياسات انمائية متبصرة ، اذ اختلفت السلطات في ما بينها حول تقييم الأزمة وتشخيصها وحلولها. وكانت النتيجة عدداً كبيراً من التدابير غير المنسّقة وغير الشاملة وغير الكافية في مجال السياسات العامة، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

 ازاء كل ذلك وفي ظل انعدام ثقة الجهات المانحة بالمنظومة السياسية الفاسدة عقد رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل اجتماعاً عبر الإنترنت مع المدير الاقليمي للبنك الدولي للشرق الاوسط ( World Bank) "ساروج كومار جاه" وفريق عمله وذلك من اجل ايجاد مخرج للازمة التي نتخبط بها .

 الدكتور زمكحل والأزمة

للإطلاع على أهمية هذا اللقاء التقت "الأفكار" الدكتور فؤاد زمكحل عميد كلية ادارة الاعمال في جامعة القديس يوسف وجاءت بالتحقيق الآتي:

*-  بداية اطلعنا على الواقع الحالي للقطاع الخاص؟ وهل ان ما نمر به يعتبر أمراً متعمداً؟

- يمر لبنان حالياً بأزمة اقتصادية اجتماعية نقدية خانقة. ازمة متمثلة بتراجع بالنمو ما دون الصفر، ناهيك عن تراجع بالناتج المحلي من 55 مليار الى 20 مليار، وما رافق ذلك من اضمحلال بفرص العمل وبالاستثمار مما ولد ازمة بطالة خانقة تراوحت نسبتها ما بين 35 و 40 في المئة، وترافق كل ذلك مع تراجع بقيمة المدخول (اكثر من 75 في المئة) وارتفاع لتكلفة المعيشة بأكثر من ثلاثة اضعاف. وفي السياق ذاته ازمة الدولار وضعف السيولة اثرا سلباً على القطاع الصناعي والسياحي والتجاري، مما يعني لا قدرة للقطاع الخاص في ظل الظروف الراهنة على ان يتابع هذه المعركة والدفاع عن النفس لوحده.  فنحن مقتنعون اليوم بأن هناك ايادي خفية تريد تدمير الاقتصاد وتركيع الشركات وتفقير الشعب واذلاله. وهذا الانهيار لا يمكن الا ان يكون متعمدًا ومرة اخرى يدفع ثمنه الشعب والشركات والاقتصاد الابيض حيث يتقدم عليه الاقتصاد الاسود وهو اقتصاد تبييض الاموال وتمويل الارهاب والفساد والجرائم المالية.

*-علمنا ان مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاستكم اجتمع عبر الإنترنت مع المدير الاقليمي للبنك الدولي للشرق الاوسط  "ساروج كومار جاه" وفريق عمله فما هو محور هذا الاجتماع؟ وهل من امور او مشاريع معينة تم التطرق لها ما بين الفريقين؟

 

- بالفعل قد اجتمعنا مع السيد "ساروج كومار جاه" وذلك  لمناقشة التدهور الاقتصادي والاجتماعي والصحي والمالي والنقدي الخطير الذي يواجه البلاد والإقتصاد والشعب، والحديث عن الرؤية والتوقعات والتحضير سوياً لسنة 2021.

                                          

*- ضمن اي اطار تمحورت مناقشاتكم؟

- ناقشنا التحديات المختلفة التي تواجهها شركات القطاع الخاص على مدى الأشهر العديدة الماضية، والتي تضمنت خسائر مالية وتشغيلية ضخمة تكبدها أرباب العمل وتسببت في فقدان آلآف الموظفين لوظائفهم. كما طرح الإجتماع عصفاً ذهنياً حول الوسائل الممكنة لتقديم الدعم لمساعدة هذا القطاع على النهوض من جديد لتمكينه من لعب دوره الحاسم كمحرك رئيسي للنمو وخلق فرص العمل ومساعدة لبنان على تجاوز المرحلة المقبلة اعتماداً على ديناميكية ومواهب رأس المال البشري في البلد.

زمكحل وتوجيه المساعدات

[caption id="attachment_84340" align="alignleft" width="249"] فؤاد زمكحل: الحل الوحيد لمشكلتنا هو بإعادة الثقة وضخ السيولة بالعملات الأجنبية.[/caption]

*-هل من مطالب او من مقترحات عرضتموها على مدير البنك الدولي من اجل التخلص من الواقع المزري الذي نمر به؟ - تمنينا على البنك الدولي أن يمدنا بالأرقام والوقائع والنصائح والرؤية المستقبلية الواضحة لاقتصاد لبنان كي نستطيع ان ندرس الاستراتيجيات في السنة المقبلة من اجل ان نواجه سنة 2021 التي ستكون بكل موضوعية وواقعية شائكه وصعبة. كما شددنا على أن كل مساعدات البنك الدولي والبلدان المانحة عليها ان تذهب مباشرة الى الشعب والشركات من دون وصاية الدولة باعتبار ان هذه المساعدات لو مرت عبر القنوات الغامضة العامة ستتبخر وتتلاشى. *- هل لاحظتم اي استجابة من "كومار جاه" لمقترحاتكم؟ - اثناء اللقاء قدم "كومار جاه" وفريق مجموعة البنك الدولي لمحة عامة عن برنامج البنك الدولي الحالي لدعم لبنان مع تسليط الضوء بشكل خاص على مساعدة الفقراء، ومساعدة الدولة لاستيراد لقاح "كوفيد 19"، وإعادة إعمار مرفأ بيروت، وتحقيق الإصلاحات المرجوة في المؤتمرات الدولية، فضلاً عن المساعدة التقنية بشكل خاص التي يقدمها البنك الدولي للبنان في تطوير إستراتيجيته لتحقيق الاستقرار وإدارة الأزمات بغية مواجهة التحديات المالية والاقتصادية التي تسيطر على البلاد.

*-تكلمتم عن برنامج عمل  للبنك الدولي قد يكون مستقبلي ولكن هل من اعمال حالية يتم تنفيذها من قبل البنك؟ - لقد سلط البنك الضوء على عمليتين جاريتين لتقديم دعم سريع وعاجل للبنان، فيما تتعامل مع توفير لقاحات لجائحة "COVID 19"، من خلال مشروع المرونة الصحية (Health Resilience Project) ومشروع دعم الابتكار في الشركات الصغيرة والمتوسطة وتقديم الدعم الفوري للشركات اللبنانية أو مراكز البحوث لإنتاج المستلزمات والمعدات والخدمات الطبية اللازمة لمحاربة "COVID-19". وتابع الدكتور زمكحل قائلاً: - ومن ناحية اخرى، أطلع فريق البنك الدولي المشاركين في الاجتماع على المناقشات الجارية لتوفير شبكة أمان اجتماعي طارئ لتقديم الدعم الفوري للأسر الفقيرة التي تدهورت ظروفها المعيشية بشكل كبير نتيجة الأزمة المزدوجة الإقتصادية والصحية.

زمكحل والمقترحات وأزمة الثقة

*- هل قدمت كرئيس التجمع اي مقترحات انقاذية؟

- لقد تخوف المجتمعون من النتائج الاقتصادية المخيفة، "حيث توقعوا أن تزداد نسبة الفقر في لبنان، الى 60 في المئة من السكان، منهم 22 في المئة تحت خط الفقر المدقع. في الوقت نفسه، فإن الوقائع تدل على أن الناتج المحلي الداخلي سيتراجع نحو ارقام متدنية ومخيفة". لذا اقترحت "خلق فريق عمل طواريء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ورجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم، بغية اقتراح خطة إعادة هيكلية تامة، وإعادة الهيكلية المالية لوقف الإنهيار الحاد". علماً أن التحديات التي نعيشها اليوم هي غير مسبوقة، وتحتاج إلى استجابة سريعة وبناءة. لذا من المهم الإتكال على التمويل التجاري، والتصدير والتوريد وتمويل الأصغر (Micro Finance).

وتابع الدكتور زمكحل قائلاً: إن أساس مشكلتنا وحلنا الوحيد هو بإعادة الثقة، وضخ السيولة بالعملات الأجنبية، إذ إنه من دون هذين الأمرين، لا يمكننا أن نخرج من الأزمة الراهنة. إننا نعلم جميعاً، إنه سيكون من الصعب جداً بل من المستحيل، استقطاب أموال من الخارج بالفوائد المرتفعة في القطاع المصرفي، مثلما كان يحدث في الماضي. لذا فإن الحل الوحيد لاستقطاب السيولة من الخارج يكمن من خلال الاستثمارات للقطاعات المنتجة التي يمكنها أن تتطور وتنمو.

*- أشرت الى ضرورة إعادة الثقة من اجل الخروج من الازمة، فهل تعتقد انه مع المنظومة السياسية الحالية من الممكن إعادة الثقة؟ وما موقف حضرتكم من العرقلات السياسية الحاصلة من جراء المحاصصة والزبائنية السياسية الحكومية؟ وما الحل الأنسب؟

- لقد خسرنا الثقة على ثلاث مراحل:

أ- فقدان الثقة بين الشعب والدولة، اذ بات الشعب على يقين تام بأن الدولة هي المسؤولة الأساسية عن الانهيار الفظيع الذي نمر به حالياً.

ب- فقدان الثقة بين المجتمع الدولي ولبنان، مما اثر سلباً على مساعدات الدول المانحة التي باتت على معرفة تامة بأن المساعدات السابقة قد مولت الأحزاب ولم يستفد منها الشعب اطلاقاً.

ج- فقدان الثقة ما بين المغترب ووطنه لبنان، اذ تم طعن المغترب مرتين متتاليتين، الأولى عندما تم اجباره على ترك وطنه بحثاً عن فرص عمل تليق به ، والثانية عندما تم الاستيلاء على مدخراته وصرفها من قبل الدولة اللبنانية .

وتابع الدكتور زمكحل قائلاً:

- بالفعل لا يمكن إعادة الثقة في ظل استمرار هذه الطبقة الحاكمة، التي نهبت وهدرت الأموال العامة لمدة ثلاثين  سنة متتالية.. فالتراكمات الناتجة عن الهدر هي التي اوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم من تردي فظيع بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والنقدي، لذا أرى بأن البلدان المانحة يجب ان تكون لديها ثقة بالشعب اللبناني وبفقراء الوطن الذين تعدت ارقامهم وفقاً للبنك الدولي الـ 50 وحتى الـ 60 في المئة . لذا المساعدات يجب ان توجه مباشرة للشعب اللبناني وللشركات اللبنانية من اجل استمرار الاقتصاد الأبيض وعدم استبداله بالاقتصاد الأسود المتمثل بتمويل الإرهاب والتهريب. ونحن بالفعل بحاجة الى مساعدات اقتصادية للقطاع الخاص اللبناني الذي هو بالفعل رمز الصمود الحقيقي. فلا ثقة بالطاقم السياسي الحالي الذي حكم لبنان مدة ثلاثين سنة متتالية ، واستعادة الثقة بحاجة الى انتخابات جديدة وتغيير حقيقي بمراقبة دولية فعالة .