تفاصيل الخبر

تــــجـــــــار الـمــــــوت يــسقـطــــــون بـالـصــــــوت والـصـــــورة والـدولـــــة تعـلــــن عــن عـمـلـيـــــة تطـهـيــــر ضـــمـنـيّة!

23/11/2018
تــــجـــــــار الـمــــــوت يــسقـطــــــون بـالـصــــــوت والـصـــــورة  والـدولـــــة تعـلــــن عــن عـمـلـيـــــة تطـهـيــــر ضـــمـنـيّة!

تــــجـــــــار الـمــــــوت يــسقـطــــــون بـالـصــــــوت والـصـــــورة والـدولـــــة تعـلــــن عــن عـمـلـيـــــة تطـهـيــــر ضـــمـنـيّة!

 

بقلم علي الحسيني

عجزت الدولة اللبنانية عن تأليف الحكومة، وعجزت عن إيجاد مخارج لعشرات الملفات، وعجزت عن تقديم أدنى حقوق المواطنين، لكن البديل حملته الايام والأشهر السابقة، اذ تمكّنت الأجهزة الأمنية من توجيه ضربات <تحت الحزام> لشبكات تصنيع وترويج المخدرات، من خلال القبض على مطلوبين للقضاء بالعديد من مذكرات التوقيف والأحكام القضائية، وهي استراتيجية تقوم على تجفيف منابع المخدرات في كل لبنان. واللافت في <الحرب> هذه، أن المجتمع المدني والجمعيات المعنية بالتخلص من هذه الظاهرة، هم شركاء أساسيون فيها لا يوفرون فرصة أو معلومة إلا ويضعونها في خدمة الأجهزة المعنية.

إنجازات وتهاوي إمارات!

 

باتت إنجازات الدولة في عمليات الكشف عن شبكات ترويج المخدرات وضرب أوكارها مع توقيف التجار وإحالتهم إلى القضاء، تُعد ولا تُحصى، إذ لم يعد هناك من يوم يمر من دون أن يُعلن فيه عن تلقّي <تُجار السم>، ضربة موجعة، إمّا من خلال كشف حمولاتهم قبل تهريبها براً وبحراً وجوّاً، وإمّا باصطياد التجار شخصيّاً وإسقاطهم سواء أثناء ترويجهم الموت أو داخل إماراتهم مثل علي زيد اسماعيل المعروف بـ<اسكوبار> الذي قُتل أثناء عملية دهمه في بلدة الحمزرية ــ بريتال منذ فترة وجيزة.

وتُستكمل عمليات إسقاط التجار وبالطبع لن تكون شخصية أحد المرشحين للإنتخابات النيابية السابقة الذي تم توقيفه منذ أيّأم في المطار، آخر الضربات التي توجهها القوى الأمنية لتجّار الموت، إذ ان هناك أسماء كبيرة تتهاوى عند كل إشراقة شمس.

من المؤكد أنه بعد العملية النوعية التي قامت بها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان الاسبوع الماضي وأوقفت فيها الرأس المدبر لأخطر شبكات ترويج المخدرات في بيروت وجبل لبنان، تكشف دراسة قامت بها <الدولية للمعلومات>، بناء على أرقام مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي، ارتفاع معدل تفشي المخدرات والحبوب المهدئة في لبنان بين عامي 2012 و2018، إذ بلغ عدد الموقوفين بجرائم المخدرات 4709 موقوفين عام 2018، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 2865 موقوفاً عام 2012. أما نسبة المتعاطين الموقوفين، فبلغت 77 في المئة العام الماضي. وتشير الأرقام إلى أن الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة تشكل نحو نصف المتعاطين معظمهم من طلاب الجامعات، علماً بأن مراكز العلاج المتوافرة في لبنان لا تستقبل أكثر من 10 في المئة من الراغبين بالعلاج فيما يقدر عدد الموقوفين سنوياً بنحو 3 آلاف بحسب إحصائيات مكتب مكافحة المخدرات في قوى الأمن الداخلي.

 

 

دولة الأمان تضرب في <الأميركان>

 

اللافت أنه بعدما كانت نشطت آفة الاتجار بالمخدرات بشكل كبير ومنظّم خلال المرحلة الماضية، تمكّنت الدولة اللبنانية من خلال أجهزتها الأمنية في فترة وجيزة، من الحد من عمليات الإتجار والتعاطي والترويج بنسبة مرتفعة، خلافاً لما كانت عليه في ما مضى، حيث كان يومها تجار الموت يسرحون ويمرحون في المناطق والأحياء من دون حسيب أو رقيب وينتشرون نهاراً وليلاً عند زوايا الطرق وداخل الأحياء السكنية وكأنهم ينتظرون فرصة للانقضاض على فريستهم، مُستغلين حالات الفقر والعوز في العديد من المناطق بالإضافة إلى البطالة التي ما زالت نسبتها مرتفعة خصوصاً بين جيل الشباب. وآخر الضربات الموجّهة إلى تُجّار الموت، نفّذتها قوّة من الجيش خلال الأيام القليلة الماضية بمداهمتها عدداً من المطلوبين في أكثر من منطقة، وتمكّنت خلال العملية من ضبط حمولات من مادة حشيشة الكيف المصنّعة، بالإضافة الى آلات تصنيع مخدّرات وكميات من الذخائر الخفيفة.

المؤكد ان الدولة أخذت على عاتقها مواجهة آفة المخدرات التي كانت اجتاحت جزءاً كبيراً من البلدات والقرى اللبنانية، ففي موازاة العملية التي تقوم بها ضد الإرهاب والقبض على مجموعات وأفراد ذات صلة بشبكات إرهابية، تنشط الأجهزة الأمنية على الخط نفسه لمواجهة كل ما له علاقة بالمخدرات من مروجين وتجّار، وقد أسفرت العمليات النوعية في هذا المجال حتى اليوم، عن توقيف العشرات منهم في العديد من المناطق، وذلك ضمن السياسة التي تتبعها الدولة تحت عنوان <الجميع تحت القانون> بمن فيهم أولئك الذين ظنّوا لفترات خلت،

أنهم بعيدون عن متناول الأجهزة الأمنية وبأنهم محميون ضمن <دويلاتهم>.

اليوم أصبح العمل الأمني بكل متفرعاته احد أبرز الإنجازات التي تتحقّق، وبفعلها أضحى البلد محل ثقة سواء بالنسبة إلى أهله أو بالنسبة إلى الدول القريبة منه والبعيدة لا سيما الشق المتعلق بمكافحة المخدرات التي ارتفعت وتيرة البحث عن مروجيها مؤخراً بشكل لافت حيث كثرت عمليات الدهم لأوكار ومنازل التجّار مما أدى إلى توقيف أسماء كانت <لمعت> خلال السنوات الماضية وظلّت بعيدة عن أعين الأجهزة لفترة من الزمن، وبالطبع لن يكون آخرها تمكّن <شعبة المعلومات> الاسبوع الماضي، من تحديد 4 شبكات خطيرة مختصة بتهريب كميات كبيرة من مادة الحشيشة وحبوب <الكبتاغون> من لبنان الى مصر وليبيا عن طريق استخدام بعض المرافئ اللبنانية والسورية، ومعرفة كامل هوية افرادها وهم لبنانيون وسوريون. وقد عملت <الشعبة> على تحديد موقع المستودع التابع للشبكة في حي <الاميركان> في الضاحية الجنوبية والذي تم استئجاره لتخزين كمية كبيرة من المخدرات المجهزة للتهريب الى مصر، وذلك بالتنسيق مع أحد المخلصين الجمركيين مقابل مبلغ

وقدره 200 ألف دولار أميركي، بحيث دفع للأخير دفعة أولى وقدرها 65 مليون ليرة لبنانية على أن يقبض باقي المبلغ بعد نجاح عملية التهريب.

وأوضح بيان لقوى الأمن الداخلي، أن المجموعة المُكلفة، نفذت عملية نوعية متزامنة وخاطفة، تم خلالها توقيف جميع المتورطين في مناطق: السان تريز وحي <الاميركان> في الضاحية الجنوبية، مُحيط مطار رفيق الحريري الدولي، عرمون ، سعد نايل، اللبوة وزحلة، وفي الوقت ذاته تم مداهمة المستودع حيث عثر بداخله على حوالى 2.2 طن من مادة حشيشة الكيف موضبة داخل قساطل المنيوم ومعدة للتهريب إلى الخارج.

 

لا أمن بالتراضي

المؤكد أن الأمن في لبنان لم يعد بالتراضي ولا مرهوناً لأشخاص أو فئات ولا حتى بأحزاب. وبالتزامن مع فرض الدولة هيبتها على كافة الصعد، وبعد سقوط العديد من الخطط الأمنية في فترات سابقة نتيجة عدم وجود قرار سياسي موحد، تسير المؤسسات الأمنية على قاعدة <لا خيمة فوق رأس أحد>، ومن هذه القاعدة تنطلق عمليات مكافحة المخدرات وتوقيف التجار في كل لبنان وليس على طريقة ستة وستة مكرر. والأبرز أن الدولة حسمت قرارها في هذا الشأن ولن تكتفي بتوقيف المروجين <الصغار>، بل ستلاحق الرؤوس الكبيرة مهما بلغ ارتفاع الهرم، ومن هنا تأتي عمليات كسر <مربعات> الترويج و<مثلثاتها> وتفكيكها وسوق أصحابها إلى العدالة مهما بلغ حجم <النفوذ> الذي يحظون به.

وفي السياق، تؤكد مصادر أمنية لـ <الأفكار> أن توقيف المتورطين والمروجين يتم بشكل شبه يومي، وهو لا يختلف على الإطلاق عن ملف الإرهاب على الرغم من أن لكل ملف حساباته الخاصة وطريقة لمعالجته. كما وأن البعض عندنا في لبنان يعتقد أن التجّار الكبار لا يتم الاقتراب منهم، وهذا كلام خاطئ خصوصاً وأن الشبكات التي يُلقى القبض عليها، يتم الكشف عن أسماء أعضائها ومعظمهم معروفون بالاسم ومطلوبون للعدالة، مؤكدة أنه ومن خلال المروجين الذين يتم القبض عليهم بشكل شبه يومي في أكثر من منطقة، يُصار إلى الكشف عن أسماء كبار التجار، منهم من يسقطون بأيدي الأجهزة، ومنهم من هم متوارون عن الأنظار والاتجار أيضاً. وبحسب المصادر عينها، فإن عمليات مكافحة المخدرات، سوف ينتج منها بكل تأكيد، الحد من مستوى الجرائم التي تحصل في لبنان لا سيما الجرائم التي غالباً ما تكون المخدرات السبب الأساسي بارتكابها.

وتختم مؤكدة، ان في جعبة القوى الأمنية، ما يُسمّى بـ<بنك اهداف> وهي تعمل بشكل متواصل لضرب وتجفيف منابع المخدرات والوصول بالبلد إلى بر الأمان وحماية جيل الشباب الذي سجلت الإحصاءات الاخيرة أرقاماً مُخيفة حول إنتشار الإدمان في صفوفه. وهذه مسؤولية كل اللبنانيين من مؤسسات اجتماعية ومجتمع مدني وجمعيات تعنى بمعالجة المدمنين.

 

الدولة تبدأ من الداخل

 

منذ ثلاثة أشهر، أوقفت <شعبة المعلومات> في قوى الأمن الداخلي ١٥ ضابطاً و٢٨ رتيباً وعسكريين اثنين في قوى الأمن قبضوا مبالغ مالية من تجار مخدرات مقابل عدم توقيفهم أو تسهيل تنقلاتهم أو تسريب معلومات إليهم أو شراء مخدرات منهم. حملة التوقيف هذه جاءت إثر إطلاق ورشة لمكافحة الفساد بين ضباط المديرية وعسكرييها، تولاها الأمن العسكري في <المعلومات> تحت عنوان <حرب مكافحة المخدرات والفساد> بتوجيهات مباشرة من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وبداية أوقفت <المعلومات> ضابطاً برتبة ملازم أول بالجرم المشهود أثناء نقله أحد تجار المخدرات المطلوبين على متن آليته العسكرية الرسمية، ويُدعى ع.ع.م. (مواليد ١٩٧٥). أمّا الضابط كان يعمل <شوفيراً> لدى تاجر المخدرات يدعى ع. م. وهو أحد ضباط مكتب مكافحة المخدرات في البقاع.

وخلال التحقيقات اعترف التاجر أن الملازم أول نقله على متن آليته العسكرية عدة مرات مقابل مبالغ مالية للحؤول دون توقيفه على الحواجز الأمنية بين البقاع وبيروت. كما اعترف بأن الرقيب أول ح. م. (مركز خدمته فصيلة بريتال)، كان يُسرّب له أيضاً معلومات عن حواجز أمنية ومذكرات ترد كانت بحقه. والمفارقة أن تاجر المخدرات الموقوف نفسه، فضح يومذاك هوية ضابط برتبة رائد ويُدعى ج. ب. وأربعة رتباء آخرين في قوى الأمن (مركز خدمتهم مفرزة سير زحلة وسرية مطار بيروت)، كانوا يتقاضون مبالغ مالية منه لقاء خدمات يُقدمونها له، كل واحد منهم تبعاً لمركز خدمته أو مسؤوليته. وقد أحيل الضابط في قوى الأمن ورتيبان إلى القضاء بعد توقيفهم عدلياً، فيما عوقب الآخرون مسلكياً. بعدها أوقفت <المعلومات> تاجر المخدرات ي. ع. ش. كان ينقله شيخ معمم يُدعى غ. ز. من منطقة البقاع إلى مدينة بيروت. وتوجد بحق تاجر المخدرات ٧٦ مذكرة قضائية وعدلية بجرائم المخدرات. وقد كشفت التحقيقات معه يومئذٍ، وجود تواصل بينه وبين العديد من عناصر ورتباء المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وقد توسّعت التحقيقات وأدت إلى توقيف ٨ رتباء آخرين في قوى الأمن الداخلي. وقد اعترف الموقوف ي. ع. ش. بأنّ معظم هؤلاء هم من زبائنه ويستحصلون منه على المخدرات.

وفي ٢٨ آذار/ مارس الماضي اعترف تاجر المخدرات ع. م. م. أنه يتواصل مع عدد من ضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي، وجميعهم يخدمون على حاجز للمعاينة الميكانيكية في محلة الحدث في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كان قدم لهم شقة يملكها بالقرب من مركز عملهم، لاستخدامها مقابل تسهيل أموره على الحواجز الأمنية وتسريب معلومات أمنية له. وفي ٢٦ أيار/مايو الماضي اعترف كل من ر. م. والمطلوب ح. م. الملقب بـ <الغبي> بوجود تواصل بينهم وبين عدد من ضباط وعناصر قوى الأمن، وكشفوا أنهم يدفعون لهم مبالغ مالية مقابل عدم توقيفهم وتسريب معلومات لهم. وفي هذه القضية، عوقب عشرة ضباط هم، عقيد ومقدمان ونقيبان وثلاثة برتبة ملازم أول وخمسة رتباء، جميعهم ثبت تورطهم مع التاجر المذكور.

 

مدمنون وأهالي وصيادلة

في العديد من المناطق اللبنانية التي يكثر فيها متعاطي المخدرات تضيع الحقيقة كما تؤكد التحقيقات. البعض يُحمّل للدولة باعتبار انها لم ترفع سيف القانون بعد في عمق المناطق التي يسكنون فيها. لكن البعض الآخر يضعها ضمن خانة الامن المتفلّت وما ينتج عنه من ارتكابات وتجاوز للحدود العامة ثم يُضاف اليها غياب فرص العمل للشباب مما يجعلهم فريسة سهلة للوقوع في شباك تجّار ممنوع <صرفهم> من <خدمة> قتل البشر أو التصرّف معهم وفق القانون رغم دعوات قادة الاحزاب مراراً وتكراراً الدولة للضرب بيد من حديد منعاً للإتجار بحياة البشر. مثلاً في الضاحية الجنوبية تتنكّر الأحزاب الموجودة لظاهرة انتشار المخدرات المتزايدة والمتعددة وفي طليعتها حبوب <الكابتاغون> وعدد من الادوية الموجودة في الصيدليات، ويقول بعض المسؤولين أيضاً إنهم اول من دعوا الدولة للدخول الى المنطقة وتطهيرها من هذه الآفة، وانهم في تعاون مستمر معها للقضاء عليها نهائياً كونها اقتربت في بعض جوانبها من عناصر تابعة لهم. الأهالي في هذه المنطقة، يروون قصصاً عن تجار يسرحون ويمرحون في أحيائهم، وعن مجموعات من الشبان الذين ينتشرون داخل الاحياء السكنية، ويؤكدون أن الاتجار يغدو أكثر سهولة بسبب وجود منبع المخدرات في منطقة تُسمّى <حي الجورة> حيث يستطيع أي شخص أن يتوجه إلى هناك ليشتري المخدرات.

بالنسبة الى المال فإذا لم يكن متوافراً وهذا أمر حاصل على الدوام مع معظم الشبان، فهناك أنواع أخرى من المخدّرات يلجأون اليها وهي موجودة في جميع الصيدليات ويمكن لأي شخص أن يشتريها مثل حبوب <ريفوتريل> المعروفة بـ<ريفو>، وهي حبّة تعطي دفعاً من القوّة والشجاعة عند اللزوم، بالإضافة الى أنواع من أدوية <السعلة> وحقنة <ترامال> المتوافرتين بكثرة، وهذان النوعان يُستعملان للتهدئة من سرعة الانفعال والغضب، لكن يبقى <السيمو> و«البينزيكسول> الأكثر شيوعاً بين المدمنين بحيث يراوح سعر العلبة الواحدة بين خمسة أو عشرة دولارات وفي الحد الأقصى عشرين دولاراً. والتحقيقات تكشف، أن جزءاً كبيراً من الاهالي يخشون الفضيحة ولذلك يعمدون الى اخفاء حالات ابنائهم وابقائها طي الكتمان، لكنهم في الوقت عينه يُبدون عتبهم على الدولة التي تغض الطرف عن اصحاب بعض الصيدليات الذين يصرفون الدواء من دون وصفة طبية مما يُسهل في عملية الادمان وسط الشبان ويُشجعهم في المضي بتعاطي المخدرات طالما ان طلبهم متوافر.

 

الصيادلة يردون: ابحثوا عن تجار السوق السوداء

صاحب اسم بارز في مهنة الصيدلة في لبنان (رفض الكشف عن اسمه)، يؤكد أن مشكلة بيع العقاقير التي توجد فيها مادة مخدرة هي مشكلة عامة ولا تخص فئة معيّنة من الناس، اذ ان الجميع وبالتعاون مع المجتمع المدني مكلّف بمحاربتها، وبالتالي لن نتمكن من التغلب على هذه الآفة ما لم تقم الدولة بواجباتها في هذا المجال بدءاً من ملاحقة التجار الذين يبيعون أدويتهم في السوق السوداء من دون أدنى احساس بالمسؤولية أو بتأنيب الضمير امام جيل مهدد بمعظمه من ظاهرة المخدرات. ويُشير الى ان هناك قانوناً مختصاً ببيع الدواء يجب أن يُطبق على مساحة الوطن وليس ضمن مناطق محددة، فالدواء يجب ألا يُباع إلا من خلال وصفة طبية عليها امضاء الطبيب المختص لأنه في عُرفنا نقول ان الصيدلي هو رجل الأمن الصحي.

ويأسف لأن هناك ادوية تتضمن مواد مخدرة طبية مثل <الترامال> وما شابه بين ايدي التجار يبيعونها في السوق السوداء ولتجار المخدرات واحياناً كثيرة يحصلون عليها إما من المستوصفات عبر وصفات طبية مزورة او من تحت الطاولة وإمّا من داخل مخيمات النازحين في لبنان او خارجه. أما ما يُشاع عن مسؤولية الصيدلي فهذا الامر غير واقعي ولا اساس له من الصحة خصوصاً وأننا في كل يوم نسمع فيه عن اعتداء على الصيدليات عن طريق السطو المسلح وأحياناً تصل الى حد القتل، ولذلك ندعو وزارة الداخلية الى تأمين الحماية للصيدليات كما هو الحال مع المصارف لأنها مسؤولة عن حماية مجتمع ومنعه من الانزلاق نحو السُم والخراب او الموت.

وفي الختام، تضع الشخصية اللوم أيضاً على القيّمين على وزارة التربية، فتوضح الآتي: لدينا في لبنان خمس كليات للصيدلة لكن هناك قرار يسمح بأن تصبح احدى عشرة كلية، ما يعني انه بدل ان يكون عندنا اليوم ثلاثة آلاف صيدلية سيصبح العدد في المستقبل عشرة آلاف، فكيف سيسترزق الصيدلي؟ عدا عن أن هذا الامر سينعكس بالطبع على نوعية الخدمة سواء لجهة مضاربة الاسعار او تسهيل تمرير الدواء من دون وصفة طبية ربما، وبهذا بدل ان نكون في صدد معالجة ظاهرة الادمان على العقاقير التي تُباع في الصيدليات نصبح وكأننا نُسهّلها من دون قصد.