تفاصيل الخبر

”تفاهم معراب“ اهتز... ولم يُحدث ”تسونامي“ والقيادات التقليدية والعائلية فرضت نفسها على الأحزاب!    

20/05/2016
”تفاهم معراب“ اهتز... ولم يُحدث ”تسونامي“  والقيادات التقليدية والعائلية فرضت نفسها على الأحزاب!      

”تفاهم معراب“ اهتز... ولم يُحدث ”تسونامي“ والقيادات التقليدية والعائلية فرضت نفسها على الأحزاب!    

سامي-الجميل-1 لا يمكن لأي طرف سياسي أن يقول بأن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان بأقضيتها الستة، قد توجته منتصراً ألحق الهزائم بالآخرين، ذلك أن مسار العملية الانتخابية، أظهر أن ما من طرفٍ سياسي ربح بالمطلق، وما من طرف آخر خسر بالمطلق، فثمة من فاز في دائرة أو أكثر لكنه خسر في غير مكان، وثمّة من ألحقت به هزيمة في دائرة لكنه عوّض خسارته في دائرة أخرى. وبذلك تكون انتخابات جبل لبنان قد أعطت الفاعليات السياسية والأحزاب المتناحرة في مكان، وأخذت منهم في مكان آخر، في عملية حسابية دقيقة بدت للوهلة الأولى عفوية، فيما يتحدث البعض عن <ميزان جوهرجي> أقام توازناً في أكثر من مكان كي لا تحمل انتخابات الجبل منتصرين ومهزومين...

حقيقة أخرى كرّستها العملية الانتخابية البلدية والاختيارية في جبل لبنان وهي أن نسبة المشاركة في الاقتراع تجاوزت في معدلها الإجمالي 56 بالمئة (خلافاً لما كان عليه الوضع في بيروت والبقاع)، ما دلّ على أن الناخب المسيحي <تواق> الى ممارسة حقه الديموقراطي في تحديد خياراته من جهة، ومصيره من جهة ثانية، ويريد لصوته أن يكون مؤثراً في الحياة السياسية العامة طالما أنه غير قادر أن <يضمن> حقه الكامل في المشاركة على الصعيد الوطني لاعتبارات كثيرة.

وكما أسقطت انتخابات بيروت كل الحجج والمبرّرات للتمديد لمجلس النواب، كذلك فرضت انتخابات الجبل <حتمية> إجراء الانتخابات النيابية الذي لا ينقصه سوى القرار السياسي، سواء تم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات أو طُبق <قانون الستين> الذي لا يزال حياً يُرزق، ولعلّ تراجع نسبة الحوادث الفردية في انتخابات الجبل، وإمساك القوى الأمنية بالوضع على الأرض، ونجاح وزارة الداخلية والبلديات في تفادي أخطاء المرحلة الأولى من الانتخابات، كان كل ذلك من العوامل التي تُضاف الى الأسباب التي تجعل من إجراء الانتخابات النيابية من الأمور البديهية.

 

التحالفات غير متينة

أما القراءة السياسية الهادئة لنتائج الانتخابات في جبل لبنان فهي تظهر إضافة الى عدم حصرية الفوز، لا بالأحزاب ولا بالزعامات التقليدية والعائلية، بأن التحالفات الحزبية لم تكن متينة ولا معمّمة على سائر <الجبهات> والدوائر الانتخابية، بدليل بروز تباينات وانقسامات في بلدات وقرى عدة وتوزيع أصوات من المقترعين الذين ينتمون الى حزب واحد أو تيار معيّن انطلاقاً من عوامل عدة، منها عامل القربى بين العائلات، أو عامل الحسابات الشخصية الضيقة، أو المصالح الذاتية، وقد أدى ذلك الى بروز ظاهرة <التحالفات الانتقائية> بين الأحزاب التي كان بعضها متحالفاً مع الآخر في دائرة معيّنة، وخصماً في دائرة أخرى، وهذا الواقع لا ينطبق فقط على الأحزاب المسيحية بل ينسحب أيضاً على الأحزاب الأخرى، لاسيما الدرزية منها، فيما كان التنسيق بارزاً بين الأحزاب والتيارات السنية (في إقليم الخروب وفي الشوف خصوصاً)، في وقت بدت فيه <الثنائية الشيعية> تعاني من انقسامات في بعض القرى (في بلاد جبيل مثلاً)، ومن وجود مجموعات سياسية في مواجهتها في أماكن أخرى (الضاحية الجنوبية) من دون أن يكون تأثير هذه المجموعات كبيراً.

غير أن طبيعة العملية الانتخابية في جبل لبنان وضعت الأحزاب المسيحية في واجهة الاهتمامات، لاسيما وأن <تفاهم معراب> الذي انتج لوائح مشتركة في بيروت والبقاع، لم يصمد في بلدات كثيرة من جبل لبنان، فتواجه أنصار التيار الوطني الحر مع انصار القوات اللبنانية وخاضوا معارك شرسة ضد بعضهم البعض، فيما تكاتفوا وتواصلوا في بلدات أخرى ضد لوائح مدعومة من العائلات  أو الزعامات التقليدية. أكثر من ذلك فإن انقسامات حصلت في صفوف <العونيين> و<القواتيين> في أكثر من بلدة، فكان <البرتقاليون> في اللوائح المتنافسة في البلدة، وكذلك توزع <القواتيون> على هذه اللوائح الى درجة أن <قواتيين> تنافسوا مع <قواتيين> في البلدة الواحدة، وكذلك الحال بالنسبة الى <العونيين> حيث سُجلت مواجهات قاسية في بعض البلدات مثل جل الديب في المتن.

 

عون-جواننكسات أصابت <تفاهم معراب>

وتعتبر مصادر متابعة أن <تفاهم معراب> أُصيب بنكسات متتالية في انتخابات الجبل وبدا هشاً في بعض الأماكن، وقد حال كل ذلك من أن يُحدث <الثنائي المسيحي> في أقلام الاقتراع كافة <تسونامي> كما حصل مع التيار الوطني الحر في انتخابات 2005، وكما يُفترض أن يحصل مع <الثنائية الشيعية> في انتخابات الجنوب يوم الأحد المقبل. وتضيف المصادر أن التحالف بين <القوات> والتيار الوطني الحر لم يستطع أن يتحكّم بالساحة الانتخابية، وأن يحرز نتائج حاسمة على غرار ما تحصده <الثنائية الشيعية>، علماً أن هذا التحالف لا يزال طري العود ولم تُتح له فرصة زمنية كافية <يتمرّن> خلالها على خوض المعارك الانتخابية معاً بدلاً من المواجهة كما كان يحصل في السنوات الماضية، من دون أن نسقط من الحساب أن الساحة المسيحية موصوفة بتعدّد سياسي وتنوّع في العمل الحزبي، وأن الانتخابات البلدية ليست الاستحقاق الأنسب لاختبار هذا التحالف، وإنما الانتخابات النيابية هي التي يمكن أن تكون كذلك. وفيما أبدى كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع حرصاً على التخفيف من تأثير <الهزة> التي أصابت تحالفهما من خلال مواقف أطلقاها تبيّن أن الندوب التي أصابت جسد <تفاهم معراب> ستحتاج الى وقت كي تندمل، علماً أن هذا الأمر يتطلب -  في رأي المصادر المتابعة -  خطوات جريئة وإقراراً موضوعياً بما حصل، ومقاربة أكثر دقة للأوزان السياسية ودور الأحزاب الأخرى والعائلات والزعامات التقليدية. وقد أتت مسارعة رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الى توصيف <الاختبار العوني -  القواتي> بأنه ناجح <حتى الآن> ليضع التباين بين الطرفين في إطار محصور وضيّق أعاده الى <أسباب محلية قاهرة> في القرى التي لم يتم الاتفاق عليها <فتركنا الأمور كما هي>. وحرص جعجع بالتزامن على التشديد بأن مسألة ترشيح القوات اللبنانية للعماد عون لرئاسة الجمهورية <لا تهزّه لا بلدية جونيه ولا غيرها>. وكانت مقاربة التيار الوطني الحر مماثلة الى حدٍ ما لمسألة التحالف مع <القوات> من دون أن تحمل في طياتها الكثير من التركيز كما كان الوضع مع مقاربة <القوات>.

 

قوة عون في بعبدا وكسروان

 

وإذا كان الدكتور جعجع قادراً على <استيعاب> بعض الحالات النافرة التي ظهرت في أداء <قواتيين>، فإن مجريات انتخابات الجبل أظهرت أن مكامن القوة عند العماد عون، لاسيما في قضائي بعبدا (بلدية الحدث) وكسروان -  الفتوح (جونيه خصوصاً)، لا مجال للنقاش فيها أو التقليل من أهميتها، لكن في المقابل، وضعت العماد عون أمام استحقاق كبير وهو إعادة تنظيم <القوة العونية> وجعلها أكثر انضباطاً في المؤسسة الحزبية التي تعيش سنتها الأولى بعد انتخاب الوزير جبران باسيل رئيساً للتيار <البرتقالي> وتبرز الحاجة الملحّة لمثل هذا <التصحيح> المطلوب من العماد عون من خلال مؤشرات عدة، أبرزها: أولاً، الانقسام الذي حصل في صفوف العونيين في عدد لا يُستهان به من البلدات والقرى وتشتّت الأصوات من خلال اقتراع كثيرين خلافاً لقرار القيادة السياسية للتيار (كما حصل مثلاً في جل الديب مع النائب نبيل نقولا)، وثانياً، التحالفات التي عقدها التيار في عدد من البلدات والقرى والتي وضعته في مواجهة مع أحزاب وشخصيات وزعامات تقليدية أخرى (كما حصل في انطلياس وجل الديب وسن الفيل وضبيه إلخ..).

وفي رأي مطلعين أن التيار كان يمكن أن يتفادى حصول مثل هذه التحالفات التي لم تحقق له أي فوز يُذكر لا بل <أغرقته> في الخلافات العائلية و<الضيعوية> ما أدى الى إرهاقه وخروجه من المعركة خاسراً. ولعلّ الفارق الضئيل في أرقام المرشحين الفائزين والخاسرين على حدٍ سواء من التيار، ما يؤكد على ضرورة إجراء عملية إعادة تقييم سريعة وتفادي تكرار ما حصل في أكثر من بلدة وقرية. أما خيار إقصاء العائلات الذي سار به التيار في بعض البلدات، فقد تبيّن أنه لم يكن خياراً موفقاً في حالات كثيرة.

ميشال-عون

حزب الكتائب <رافعة>

 

في المقابل، استعاد حزب الكتائب بعضاً من حضوره في البلديات المتنية والكسروانية، وحقق في بلديات أخرى نجاحات تاق إليها الكتائبيون منذ الانتخابات النيابية العام 2009، واتضح أن لحزب الكتائب <قوة تجيير> لا يُستهان بها عند الضرورة، إذ كانت <رافعة> لعدد من البلديات المتنية والكسروانية، في وقت لم يكن فيه لحزب الكتائب التأثير المباشر في أقضية بعبدا وجبيل والشوف، مع بعض الاستثناءات في قضاء عاليه. وقد حرصت المصادر الكتائبية على إبراز دور الكتائبيين في كل البلديات التي حصلت فيها مواجهة مع <القوات> و<العونيين>.

كذلك أظهرت الانتخابات بروزاً متجدداً للنائب ميشال المر في المتن من خلال تحالفات نسجها مع العائلات ورؤساء البلديات والشخصيات التقليدية وحزب الكتائب على حدٍ سواء، إضافة الى التنسيق الذي لم ينكفئ يوماً بينه وبين حزب الطاشناق الأرمني. وقد ضمن النائب المر فوز كريمته السيدة ميرنا المر أبو شرف برئاسة اتحاد بلديات المتن الشمالي، إذ وفّر لها أكثر من العدد المطلوب لتفوز برئاسة الاتحاد (41 مجلساً بلدياً) بالتنسيق مع رئيس الكتائب النائب سامي الجميل الذي أكد أن شقيقته نيكول الجميل التي انتُخبت رئيسة لبلدية بكفيا - المحيدثة غير مرشحة لرئاسة اتحاد البلديات، وهو -  أي الجميل -  أبرم تفاهمات مع ميشال المر في عدد من بلدات الساحل المتني خشية من أن تكتسح <الثنائية المسيحية> المتمثلة بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر البلديات المتنية التي دخل حزب الكتائب الى بعضها للمرة الأولى، فيما جدّد حضوره في بلديات أخرى.

وحده رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون خرج من الانتخابات في دير القمر خاسراً نتيجة تحالف <القوات> والتيار الوطني الحر، وإن كانت اللائحة التي دعمها مع الوزير السابق ناجي البستاني قد حققت خروقات في اللائحة المقابلة التي خسر فيها شقيق النائب جورج عدوان.

أما في المقلب الآخر، فقد بدت <الثنائية الشيعية> على تفاهم وتنسيق في كثير من البلديات، لاسيما في الضاحية الجنوبية مثل بلدتي برج البراجنة والغبيري، وأي تنافس حصل في بلدات أخرى في قضاء جبيل مثلاً، فهو ظل تحت سقف ممسوك ولم يثر أي خلافات عميقة غير قابلة للمعالجة، باستثناء ما حصل في بلدة أفقا حيث لعبت الخلافات داخل العائلة الواحدة دوراً في اهتزاز التحالف بين <أمل> وحزب الله، لكن ارتدادات هذه الهزة ظلت مضبوطة.

 

<الثنائية الدرزية> لم تتفعل

 

وعلى الصعيد الدرزي، فإن النائب وليد جنبلاط نأى بنفسه عن المعارك البلدية، متجنباً خسارة بلديات تتأثر بالتحالف <العوني -  القواتي>، في حين حافظ على <حضوره> في بلديات أخرى أبرزها بلدية الدامور التي سبق أن دعم رئيس بلديتها شارل غفري في مناسبات مماثلة سابقة. وأفسح جنبلاط المجال في القرى المختلطة لأن تلعب العائلات دوراً مباشراً ونجح في توفير تجاوب المعنيين مع خياره خصوصاً في قرى العودة، ومنها بريح التي شهدت انتخابات بلدية للمرة الأولى، لكن اللائحة التي فازت لم تكن متوازنة إذ غلب عليها الحضور الدرزي أكثر من الحضور المسيحي، وذلك ناتج عن سقوط خيار اللائحة التوافقية بالتزكية وحصول انتخابات أحدثت خللاً في التصويت الذي كان كثيفاً في الأقلام الدرزية ومحدوداً في الأقلام المسيحية.

في المقابل، نجحت <الثنائية الدرزية> في تحقيق توافق في عاليه وعدد من بلدات القضاء، لكنها اختُرقت في بلدية الشويفات التي فاز بها أنصار النائب طلال أرسلان الذي وجه انتقادات الى الحزب التقدمي الاشتراكي من دون أن يسميه لـ<تلطيه> خلف المجتمع المدني، وبدا من سير العملية الانتخابية في إقليم الخروب في الشوف ذي الغالبية السنية، ان العائلات نجحت في تقليص دور الأحزاب، فاتخذت المعارك طابعاً عائلياً فرض إيقاعه على تيار <المستقبل> والحزب التقدمي الاشتراكي و<الجماعة الإسلامية>.

وقد التقت مصادر عدة على القول بأن تصويت الناخبين في جبل لبنان تأثر خصوصاً بأزمة النفايات التي غرقت بها البلاد طوال أشهر، بدليل أن مقترعين كثيرين حجبوا أصواتهم عن رؤساء بلديات ترشحوا من جديد إما لأن الاداء لم يكن سليماً وشفافاً، وإما لأن هؤلاء الرؤساء لعبوا أدواراً ملتبسة في أزمة النفايات واستحداث مكبّات عشوائية وتقاضي الرشى للسماح لشاحنات في إفراغ حمولاتها من النفايات في نطاقهم البلدي!

 

<المعارك الأم>

ميشال-المر-2 

في أي حال، فإن الأحزاب التي تقاسمت مع العائلات والزعامات التقليدية بلديات جبل لبنان في أعلى نسبة اقتراع سُجّلت منذ زمن، كان لها في كل قضاء <معركة أم> خرجت منها إما منتصرة أو منهزمة وساعية للتعويض في بلديات أخرى. في قضاء بعبدا كانت المعركة الأقسى بالنسبة للتيار الوطني الحر في الحدث والحازمية، فأتى النصر العوني في الحدث كبيراً، فيما كانت <الهزيمة> في الحازمية مزعجة، في وقت لم يحقق فيه <التيار> نجاحاً في بلدية فرن الشباك على رغم التحالف مع <القوات>، وقد آثر أبناء البلدة المحافظة على <الريس> الذي عرفوه طوال سنوات (ريمون سمعان) على أن يتعرفوا الى رئيس جديد. ولم تحمل بلديات المتن الأعلى والأوسط أي مفاجآت تذكر، فيما لم تقع <معارك> بلدية بالمعنى الحقيقي للكلمة في بلديات الضاحية الجنوبية لأن لوائح حزب الله وحركة <أمل> والتيار الوطني الحر في برج البراجنة وحارة حريك والغبيري، كانت كفيلة بأن تكون النتائج <نظيفة>.

أما في الشوف الساحلي، فكانت الدامور المعركة الأم وقد خسرها تحالف <القوات -  التيار> لتربحها العائلات، فيما غلبت الأحزاب في دير القمر زعامة رئيس الأحرار دوري شمعون المتحالف مع الوزير السابق ناجي البستاني، فأتت باللائحة التي رئسها السفير السابق ملحم مستو مخروقة بعدد من أعضاء اللائحة المقابلة. أما في البلدات الدرزية من الشوف، فكانت النتائج مزيجاً بين الحزبيين وممثلي هيئات المجتمع الأهلي مع المحافظة على الأعراف في ما خصّ حصص المسيحيين. وسُجل دخول على خط البلديات للوزير السابق وئام وهاب الذي حقق نتائج في أكثر من بلدية وهيئة اختيارية.

وفي المتن الشمالي، دارت المعارك قوية في سن الفيل وجل الديب وانطلياس وضبية، لكن حضور تحالف الأحزاب لم يكن مؤثراً ففازت اللوائح المدعومة من العائلات والنائب ميشال المر وحزب الكتائب والطاشناق في هذه البلدات التي خسرها التيار الوطني الحر لأسباب بعضها تنظيمي والبعض الآخر قلة خبرة في تحديد التحالفات. أما في الوسط، فلم تكن هناك مواجهات قاسية، وكذلك الأمر في الجرد المتني لولا المنافسة في بسكنتا وعينطورة. أما في بيت مري وبعبدات والخنشارة وضهور الشوير وبيت شباب، فتوزعت النتائج بين الأحزاب و<التيار> والكتائب، علماً أن بلديات متنية كثيرة خرجت من السباق بفعل فوزها بالتزكية.

وفي كسروان، كانت <أم المعارك> في جونيه التي أعادت تثبيت زعامة العماد عون على رغم أن القوات اللبنانية دعمت اللائحة المناوئة لتلك التي ترأسها جوان حبيش وفازت كلها باستثناء خرق في 4 مقاعد نالتها اللائحة التي ترأسها فؤاد بواري ودعمها النائبان السابقان منصور البون وفريد الخازن والصناعي نعمت افرام. وشهدت جونيه مواجهات حادة قبل الاقتراع لاسيما بعد زيارة العماد عون لدعم اللائحة واتهامه مغترباً لبنانياً في افريقيا (يقصد جيلبير شاغوري) بوضع أموال ورشى لصالح لائحة البون - الخازن - افرام، على خلفية الانتخابات الرئاسية ودور الشاغوري في إقناع الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة. وفيما <عاب> أنصار اللائحة الخصم على العماد عون مجيئه الى جونيه والتدخل مباشرة في الانتخابات (علماً أنه نائب عن كسروان) سرت شائعات من مصادر لم تتأكد عن أن النائب فرنجية تابع سير العمليات الانتخابية في جونيه من يخت توقف في البحر قبالة شاطئ جونيه! أما المعركة الأخرى الحادة، فجرت في بلدة غوسطا لكن الفوز كان من نصيب اللائحة المدعومة من النائب السابق فريد الخازن على حساب اللائحة التي دعمها التيار الوطني الحر.

أما في جبيل، وعلى الرغم من وجود لائحة بلدية واحدة في المدينة برئاسة الرئيس الحالي للبلدية زياد حواط، فإن وجود مرشحة واحدة هي السيدة كلود مرجي باسم <مواطنون ومواطنات> جعل المعركة تتجه الى تسجيل <سكور> اعتبره حواط بمنزلة استفتاء لشعبيته، بحيث نالت اللائحة أصواتاً فاقت الأصوات التي حصلت عليها في العام 2010. أما في القرى الجبيلية الوسطى والجردية، فكانت الانتخابات موزعة بين داعمين للوائح العائلات واللوائح الحزبية مع تسجيل تقدم للوائح العائلية. وفي عمشيت عاد الدكتور طوني عيسى الى رئاسة البلدية مجدداً مسجلاً تقدّماً كاملاً للائحته وهو مدعوم من <التيار> و<القوات>.

في الخلاصة، قضت المواجهات في جبل لبنان مرة جديدة على ما كان يُعرف بـ8 و14 آذار إذ اختلط الحابل بالنابل، وبات خصوم الأمس حلفاء اليوم، وحلفاء الأمس خصوم اليوم، ما يؤشر الى أن <قيامة> فريقي 8 و14 آذار لن تكون قريبة، وهذا ما حرك اتصالات داخلية في كل فريق لعقد اجتماعات مكثفة فور إنجاز الاستحقاق البلدي والاختياري، لتحديد مصير التحالفات القائمة والتي تترنح بشكل غير مسبوق!

أما على صعيد ترابط الانتخابات البلدية بالاستحقاق الرئاسي، فثمة معطيات تؤكد ان العلاقة بين العماد عون والنائب فرنجية التي كادت أن تتحسن نسبياً نتيجة وساطات <أهل الخير>، ستعود الى نقطة الصفر من جديد، لاسيما وأن <الجنرال> على قناعة بأن فرنجية <عمل ضده> في كسروان من خلال المغترب جيلبير شاغوري بهدف إسقاطه بلدياً تمهيداً لإزاحته من المعركة الرئاسية، وهذا ما سيرتب تصعيداً في المواجهة بين الرجلين، فضلاً عن أن <شهر العسل> بين عون و<القوات> لم يكتمل فصولاً لأن ما حصل في جونيه <لم يهضمه> عون من حليفه الجديد الذي سيدعوه حتماً الى <توضيح> ما حصل لترميم <تفاهم معراب> الذي يُعتبر حاجة للطرفين!