تفاصيل الخبر

تضخم البروستات الحميد ليس بالضرورة أن يتحول الى تضخم خبيث!

21/12/2018
تضخم البروستات الحميد ليس بالضرورة أن يتحول الى تضخم خبيث!

تضخم البروستات الحميد ليس بالضرورة أن يتحول الى تضخم خبيث!

 

بقلم وردية بطرس

البروستات هي غدة صغيرة نسبياً اذ يعادل حجمها وشكلها أيضاً حجم حبة الجوز، وتقع هذه الغدة تحت المثانة وهي جزء من الجهاز التناسلي الذكري وتفرز هذه الغدة مجموعة من السوائل، وان احدى وظائفها هي افراز السائل المنوي. ولدى الأجنة تكون غدة البروستات عبارة عن كتلة صغيرة جداً من الخلايا التي تأخذ بالنمو والتطور مع ارتفاع مستويات هرمون الـ<تستوستيرون> في الجسم، وخلال فترة المراهقة تكبر غدة البروستات بوتيرة عالية، ويتضاعف حجمها حتى سن العشرين عاماً، وخلال العقدين التاليين من العمر تنخفض وتيرة نمو البروستات، ولا تسبب أية مشاكل تذكر خلال هذه الفترة او حتى سن الأربعين على الأقل، ولا تصل نسبة الرجال الذين يشتكون من مشاكل البروستات في العقد الثالث من العمر الى 10 بالمئة، وعندما يصل الرجل الى سن الأربعين عاماً تستأنف غدة البروستات النمو مجدداً. ونحو نصف الرجال يعانون من تضخم حميد في البروستات حتى بلوغهم سن الـ65 عاماً، بينما يعاني نحو 95 بالمئة من الرجال من هذه المشكلة في حدود سن الـ85 عاماً. وخلال سن المراهقة وما بعده، تنمو غدة البروستات بشكل متوازن ومتساو من كلتي الجهتين، بينما يتسم كبر حجمها خلال الدورة الثانية من النمو (حوالى سن الأربعين) بأنه يكون قريباً جداً من الاحليل. وعندما تكبر الغدة أكثر من اللازم فانها تضغط على المثانة البولية وتجعلها تعمل بجهد أكبر وبشكل أصعب خلال عملية التبول، ومع الوقت تزداد هذه المشكلة تعقيداً الى درجة انها قد تشكل صعوبة بالغة جداً في التبول وتفريغ المثانة، كذلك من الممكن ان يؤدي الأمر الى زيادة في سُمك جدران المثانة ما قد يسبب الألم.

 

تضخم البروستات الحميد والخبيث

 

يحدث سرطان البروستات عندما تتكون خلايا غير طبيعية في البروستات، ويمكن لهذه الخلايا ان تستمر في التضاعف بطريقة لا يمكن السيطرة عليها او أحياناً تنتشر الى خارج البروستات الى أجزاء قريبة او بعيدة من الجسم. وان سرطان البروستات بشكل عام هو مرض بطيء النمو ومعظم الرجال المصابين بسرطان البروستات منخفض الدرجة يعيشون لسنوات عديدة من دون عوارض ومن دون ان ينتشر المرض ويشكل خطراً على الحياة، الا ان المرض بدرجة مرتفعة ينتشر بسرعة وقد يكون مميتاً ولكن المعالجة الصحيحة هي الأساس...

ويُعّد تضخم البروستات الحميد والذي يُعرف بضخامة غدة البروستات، حالة طبية شائعة مع تقدم الرجال في السن، ويمكن ان يؤدي تضخم غدة البروستات الى ظهور عوارض بولية غير مريحة مثل انسداد تدفق البول خارج المثانة، كما يمكن ان يتسبب أيضاً في حدوث مشكلات بالمثانة او الجهاز البولي او الكلى. ويُوجد العديد من العلاجات الفعالة لتضخم غدة البروستات، بما في ذلك الأدوية، والعلاجات طفيفة التوغل والجراحة. وعندما يتقدم الرجل في السن تمر البروستات في مرحلتين من النمو، المرحلة الأولى تحصل في بداية سن المراهقة عندما تضاعف البروستات حجمها، وفي سن الـ25 سنة تبدأ البروستات بالنمو من جديد، وهذا النمو يؤدي في بعض الأحيان بعد سنوات عدة الى تضخم البروستات الحميد. وعلى الرغم من ان البروستات تستمر في النمو خلال كل حياة الرجل، الا ان هذا النمو لا يؤدي الى مشاكل الا في سن أكبر، ونادراً ما يؤدي تضخم البروستات الى ظهور عوارض قبل سن الأربعين عاماً، ولكن أكثر من نصف الرجال في سنوات الستين من العمر

وقرابة التسعين بالمئة من الرجال في سن السبعين والثمانين عاماً يعانون من عوارض تضخم البروستات الحميد بدرجات مختلفة.

وعندما تتضخم البروستات تحول طبقة النسيج التي تغلفها دون توسعها، مما يؤدي الى انضغاط البروستات على الاحليل مما يؤدي الى تكثّف جدار المثانة البولية وتهيجه، وتسبب المثانة البولية حينئذٍ ضغطاً حتى عندما تحتوي على كمية قليلة من البول، وهي ظاهرة تسبب التبول في فترات زمنية متقاربة. ومع مرور الوقت تضعف المثانة البولية وتفقد القدرة على افراغ البول بالكامل، وان تضيّق الاحليل والافراغ الجزئي للمثانة هما المسببان لجزء كبير من المشاكل التي لها علاقة بتضخم البروستات الحميد. وينبغي على الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 سنة او الذين تزيد أعمارهم عن 40 سنة ولديهم سوابق عائلية بسرطان البروستات ان يتحدثوا الى أطبائهم حول الخضوع لفحص للكشف عن سرطان البروستات باستخدام فحص المستضد النوعي <PSA> كجزء من الفحص الطبي، والفحص الشرجي الاصبعي، وينبغي ان يتخذ الرجال قراراً فردياً عن سابق معرفة في ما يتعلق بالخضوع للفحص بناء على آخر الأدلة المتوافرة حول الفوائد والمضار المحتملة للفحص والعلاجات اللاحقة لسرطان البروستات.

البروفيسور بيار سركيس وأسباب تضخم البروستات الحميد وتضخم البروستات الخبيث

 

فماذا عن اسباب حدوث تضخم البروستات الحميد وأيضاً تضخم البروستات الخبيث؟ وهل يتحول التضخم الحميد الى تضخم خبيث؟ وكيف يُعالج كل منهما؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها اختصاصي جراحة المسالك البولية في جامعة القديس يوسف البروفيسور بيار سركيس (وهو حائز البورد الأوروبي في المسالك البولية، ويعمل في مستشفى أوتيل ديو ومستشفى مار يوسف) ويستهل حديثه قائلا:

- أولاً يجب ان نميّز بين الحالات الثلاث بما يتعلق بالبروستات: الحالة الأولى: التهاب بالبروستات وهو ناتج عن مشكلة في المبولة اذ يؤدي لحدوث التهاب بالمسالك البولية، وتجدر الاشارة الى انه قد يحدث التهاب بغدة البروستات بأي عمر ولكن لا علاقة له بتضخم البروستات، وعلاجه يتم بالمضادات الحيوية اذ أولاً يحدث مع المريض ارتفاع في الحرارة، وارتعاش، وأيضاً انزعاج أثناء التبوّل، ولأن عوارضه حادة فيجب ان يقصد الطبيب، وفي بعض الأحيان يتم ادخاله الى المستشفى وأحياناً أخرى نعالجه بدون الدخول الى المستشفى. الحالة الثانية: يحدث تضخم حميد بالبروستات وهذا أكثر شيوعاً ولكن هنا يجب التمييز بين تضخم حميد وتضخم خبيث. وعادة يحدث التضخم الحميد عند قسم من الرجال ما فوق سن الـ40 او الـ50 ولكن ممكن ان يحدث أيضاً ما قبل سن الـ40، انما اجمالاً يبدأ التضخم بالبروستات بسن الأربعين وأحياناً قد يحدث تحت سن الأربعين... ولا نعرف أسباب حدوث تضخم حميد ولكن نعرف انه يحدث مشكلة بالهرمون الذكري الذي يغذي البروستات، اذ كما يعلم الجميع ان الهرمونات الذكرية تغذي البروستات. وتجدر الاشارة هنا الى انه ليس بكل حالة تضخم تظهر العوارض مثلاً أحياناً يحدث التضخم بدون عوارض، فيما أحياناً أخرى تظهر العوارض مثل تقطع البول وبالتالي ينزعج المريض أثناء التبّول لأن التضخم يؤثر على مجرى البول. أما علاج تضخم البروستات الحميد فإجمالاً يتم بواسطة الأدوية، واذا لم يتحسن المريض بعد تناول الأدوية فعندئذٍ ممكن ان نلجأ الى اجراء عملية الناضور لازالة التضخم.

ويتابع:

- الحالة الثالثة: التضخم الخبيث ويجب التمييز هنا لأن تضخم البروستات الحميد لا علاقة له بتضخم البروستات الخبيث، اي ليس بالضرورة ان يتحول التضخم الحميد الى تضخم خبيث، إذ عندما تظهر عوارض التضخم الحميد يخاف الرجل من ان يتطور ليصبح تضخماً خبيثاً بينما هذا غير صحيح، اذ ليس بالضرورة ان يتحول من تضخم حميد الى تضخم خبيث. أما التضخم الخبيث فاجمالاً يحدث بعد سن الـ40 والـ45 ونجد هذه الحالة في لبنان.

 

فحص الـ<بي اس اي>

 

وعن فحص الـ<بي اس اي> يشرح البروفيسور سركيس:

- نلاحظ ان نسبة تضخم البروستات الخبيث تزداد ولكن ليس بشكل كبير كما قد يظن البعض، اذ اننا نرى ان الحالات تزداد بفضل الكشف المبكر للبروستات، لأنه في السابق لم يكن يتم كشفه مبكراً فكان يتطور لمرحلة صعبة، ولهذا فإن اجراء فحص الدم <PSA> فحص المستضد النوعي للبروستات مهم في هذا الخصوص، اذ تظهر النتيجة ما اذا كانت هناك زيادة في هذا البروتين المحدد، وحسب النتيجة فقد يحتاج المريض للمزيد من الفحوصات تحدد من قبل الاختصاصي، فاذا كان فوق معدل معين عندئذٍ نشك بأن لديه تضخماً خبيثاً بالبروستات. كما يُخضع المريض لفحص الأصبع لنرى ما اذا كانت هناك أماكن قاسية قبل ان تتطور الحالة أكثر، وفي السابق كنا نقوم بخزعة بينما اليوم لا نلجأ الى الخزعة بل نجري التصوير بالرنين المغناطيسي للبروستات وهو تطور مهم إذ الآن نستعمل هذه الطريقة أكثر، وطبعاً للرنين المغناطيسي قواعد تزيل لدينا الشك ما اذا كان الشخص مصاباً بالسرطان ام لا، وبالتالي تظهر لنا النتيجة ويحدد المكان المصاب بالسرطان، وبالتالي هذه الطريقة تساعد على كشف المرض بشكل مبكر، اذ كما اشرت انه بدل ان نلجأ الى أخذ خزعة نخضع المريض لفحص <بي اس اي> للتأكد ما اذا كان المعدل عالياً في الدم. ويجب ان يدرك الناس انه ليس كل سرطان بروستات يؤدي الى الوفاة.

وزاد قائلاً:

- يجب التذكير هنا ان للعملية آثاراً سلبية اذ ممكن ان تؤثر على الانتصاب والسلس البولي. اما اليوم فتظهر الدراسات ان قسماً من المرضى الذين لديهم سرطان بدرجة خفيفة جداً اي ان عامل الخطورة ليس كبيراً، لا يتطور الأمر لديهم ولا يؤدي الى الوفاة، وبالتالي بدل ان نجري للمريض العملية نتابع الحالة من خلال الرنين المغناطيسي، ولا نخضعه للعملية الا اذا تطورت الحالة، وبالتالي يهمنا ان نعرف اي سرطان يتطور واي سرطان لا يتطور لأنه بحالة مرض البروستات فان قسماً من المصابين لا تتطور الحالة لديهم ولا تسبب لهم الوفاة، فيما قسم آخر منهم تتطور الحالة لديهم، ولكن الأهم ان نعرف كيف نعالجهم.

ــ وما هي نسبة الاصابة بسرطان البروستات؟

- اليوم في لبنان ليس لدينا <داتا> تبين نسبة الاصابة بسرطان البروستات، وربما أصبحنا نرى حالات الاصابة بسرطان البروستات نظراً للكشف المبكر، بينما في الماضي لم يكن الرجل يخضع للكشف المبكر لمعرفة ما اذا كان يعاني من مشاكل في البروستات الا عندما كان يصل المرض الى العظم فيصبح بمرحلة صعبة ويعاني من أوجاع في الظهر، عندئذٍ كان يقصد الطبيب لمعالجة المشكلة، بينما اليوم يتم كشف الحالة بمرحلة مبكرة فيساعد ذلك كثيراً في العلاج. وفيما هناك دراسات عدة تبين انه يجب ان يتم الكشف المبكر كما بحالة سرطان الثدي، هناك جدل على الموضوع لأنه بحالة الاصابة بسرطان الثدي فان الكشف المبكر يساعد لئلا تتطور الحالة، ولكن بحالة سرطان البروستات يختلف الأمر اذ يجب ان نعرف من خلال الكشف ما اذا كان خبيثاً ونساعد المريض لكي لا تتطور الحالة... لا شك ان للكشف المبكر عن سرطان البروستات فائدة ولكن يجب ان نعرف كيف يُكتشف سرطان البروستات لأن قسماً من المصابين لا تتطور الحالة لديهم وبالتالي لا نعالجهم بل نراقبهم، ولكن طبعاً نتفهم وضع المريض عندما نعلمه بأنه مصاب بسرطان حميد ولكنه لن يتطور، فإنه يظل خائفاً من ان يتطور من سرطان حميد الى سرطان خبيث.

 

العلاجات

ــ وماذا عن العلاجات؟

- كلما تم اكتشاف المرض مبكراً يكون العلاج أفضل، فاذا اكتشف في مراحله الأولى تكون نسبة النجاح 95 بالمئة، لأنه عند الكشف المبكر يكون السرطان محصوراً بداخل البروستات، وبالتالي تكون نسبة الشفاء عالية. ولكن لسوء الحظ قد يمتد المرض من البروستات الى أجزاء أخرى في الجسم وعندئذٍ لا تكون نسبة الشفاء عالية اذ تتراوح بين 70 و75 بالمئة، فاذا امتدت الخلايا السرطانية الى العظم عندئذٍ يصبح العلاج صعباً، وهنا نذكر أيضاً ان بعض المرضى تتطور الحالة لديهم لأن السرطان يتطور وينتشر بسرعة، بينما بعض المرضى لا تتطور الحالة لديهم.

ــ وهل من نصائح وارشادات معينة؟

- يجب الا يتخوّف الرجال بأنهم سيُصابون بسرطان البروستات عندما يعانون من مشاكل في البروستات، لأنه كما اشرت في سياق الحديث ان الرجل يخاف عندما يعاني من احتباس البول او الانزعاج أثناء التبوّل ويبقى أسير القلق والخوف من الاصابة بسرطان البروستات. والأهم ان يعلم الرجل ان تضخم البروستات الحميد لا علاقة له بسرطان البروستات. وطبعاً الكشف المبكر مهم شرط ان يقصد الرجل الطبيب المتخصص لمعالجة اية من الحالات التي ذكرتها في بداية الحديث ولكي يحصل على العلاج المناسب.