تفاصيل الخبر

”طبخ“ تركيبة جديدة للمجلس الدستوري يتم بهدوء بين بعبدا وعين التينة والسرايا!

05/04/2019
”طبخ“ تركيبة جديدة للمجلس الدستوري  يتم بهدوء بين بعبدا وعين التينة والسرايا!

”طبخ“ تركيبة جديدة للمجلس الدستوري يتم بهدوء بين بعبدا وعين التينة والسرايا!

 

بعيداً عن الضجيج الإعلامي والصخب السياسي و<التناتش الحصصي>، يتم بهدوء <طبخ> تركيبة جديدة للمجلس الدستوري الذي انتهت ولايته منذ أربع سنوات واستمر رئيس المجلس والأعضاء يمارسون مسؤولياتهم استناداً الى قانون المجلس الدستوري حتى تعيين بدلاء وحلفهم اليمين. أما سبب <الطبخ الهادئ> لتركيبة مجلسية دستورية جديدة، فيعود الى رغبة رئاسية ثلاثية، من بعبدا الى عين التينة وصولاً الى السرايا، بأن تكون عملية تشكيل المجلس الدستوري توافقية لئلا تتعرض <التسوية> السياسية التي ترعى الحكومة الجديدة الى انتكاسة مع بداية استحقاق التعيينات على مختلف المستويات. وفي هذا الإطار يقول مطلعون إن ولادة التركيبة الجديدة للمجلس الدستوري ستكون أول اختبار للتوافق بين الكتل النيابية والوزارية الكبيرة، لأنها تتحكم بخيارات مجلس النواب الذي ينتخب خمسة أعضاء وبخيارات مجلس الوزراء الذي يعين الخمسة الآخرين. وبالتالي فإن المشهد السياسي الذي سيرتسم من خلال المجلس الدستوري الجديد يفترض أن يُعمّم على سائر التعيينات الأساسية الأخرى، ولاسيما منها المواقع القضائية الحساسة التي ستشغر خلال الأشهر المقبلة وأبرزها موقع المدعي العام التمييزي الذي تنتهي ولاية شاغله القاضي سمير حمود في شهر أيار/ مايو المقبل، والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الذي يخضع للآلية نفسها (خمسة أعضاء ينتخبون في مجلس النواب وخمسة يعينون في مجلس الوزراء)، وغيرها من المواقع الحساسة الأخرى.

وفي هذا الإطار، يتم البحث بين العاملين بهدوء على إعداد توليفة جديدة للمجلس الدستوري على فرز أسماء الذين تتوافر فيهم المواصفات المحدودة في قانون إنشاء المجلس، أي قضاة الشرف الذين مارسوا القضاء العدلي أو الاداري أو المالي لمدة 25 سنة على الأقل، أو أساتذة التعليم العالي الذين مارسوا تعليم مادة من مواد القانون أو العلوم السياسية أو الادارية مدة 25 سنة على الأقل، أو من بين المحامين الذين مارسوا مهنة المحاماة مدة 25 سنة على الاقل ايضاً. والواقع أن الترشيحات التي قُدّمت لعضوية المجلس الدستوري وسجلت في قلمه باتت منذ أيام <على المشرحة> بحيث يتم التوافق ضمنياً على الاعضاء، سواء من خلال <النَفَس> الذي سيعطى للنواب وهم يقترعون للأعضاء الخمسة، أو من خلال الاتفاق على تسمية الخمسة الباقين في مجلس الوزراء...

 

<تفاهم الرؤساء>

ويقول مطلعون على مسار تركيب المجلس الدستوري أن الرئيس نبيه بري يلعب الدور الرئيسي الذي يحدد مسار اقتراع النواب، الأمر الذي يفرض <التفاهم> بينه وبين رئيسي الجمهورية والحكومة لأن أصوات النواب المنتمين الى كتلة التنمية والتحرير وتيار <المستقبل> وتكتل <لبنان القوي> كافية وحدها لتأمين فوز الاعضاء الذين يقع الخيار عليهم ولا حاجة الى تفاهمات أخرى مع بقية الكتل الصغيرة أو مع النواب المستقلين لأن أصواتهم لن تبدّل في الواقع شيئاً إذا صمد الاتفاق بين <المستقبل> والتنمية والتحرير (وأيضاً كتلة الوفاء للمقاومة) وتكتل <لبنان القوي. ويؤكد المطلعون أن الاتفاق الذي يفترض أن يتم سينسحب حتماً على التصويت في مجلس الوزراء للأعضاء الخمسة الذين سيقع الخيار عليهم. أما في حال تعذر الاتفاق، فإن المطلعين يتخوفون من <خلطة> غير متجانسة يمكن أن تحصل داخل المجلس الدستوري ما يجعل مهمته متعثرة منذ البداية لأن القرارات التي تصدر عن المجلس تحتاج الى أكثرية سبعة أعضاء من عشرة وهي قرارات تتمتع بقوة القضية المحكمة وهي ملزمة لجميع السلطات العامة وللمراجع القضائية والادارية، وهي تبعاً لذلك مبرمة ولا تقبل أي طريق من طرق المراجعة العادية أو غير العادية.

المعلومات المتوافرة حتى نهاية الاسبوع لـ<الأفكار> تؤكد أن الاتصالات الجارية للاتفاق على اعضاء المجلس لا تزال مستمرة ولم تحسم بعد، سوى ثلاثة أسماء فقط، أحدهم سيكون رئيساً للمجلس الدستوري (وهو عُرفاً ينتمي الى الطائفة المارونية) فيما البحث لا يزال قائماً على من سيتولى نيابة رئاسة المجلس (وهو عُرفاً ينتمي الى الطائفة السنية)، علماً أن ثمة من يسعى الى حصول تبديل في طائفة نائب الرئيس، لكن الامر لا يزال عالقاً ما جعل الاتفاق على الاسم الذي سيشغل هذا الموقع متعذراً. إلا أن المصادر المطلعة تؤكد أن إمكانية التفاهم واردة والأرجح أن يبقى التوزيع الطوائفي نفسه منعاً لأية اجتهادات أو تفسيرات تنسحب سلباً على مواقع أخرى سوف تشهد تعيينات لا تقل اهمية عن تلك التي ستحصل في المجلس الدستوري. وثمة من يرى ضرورة التفاهم على تركيبة المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع بالتزامن مع الاتفاق على المجلس الدستوري بحيث تجرى انتخابات المجلسين في جلسة واحدة تكريساً للتفاهم الذي يفترض أن يتم بين <الكبار>.

تجدر الإشارة الى أن انتخاب الاعضاء الخمسة في مجلس النواب يتم قبل تعيين مجلس الوزراء الأعضاء الخمسة الآخرين وذلك لتأمين التوازن الطائفي إذا ما حصل أي خلل نتيجة اقتراع النواب، فتتم معالجته في التعيين في مجلس الوزراء كي يبقى التوازن قائماً.

يذكر أن المادة 19 من الدستور والمادة الاولى من قانون إنشاء المجلس الدستوري، ثم المادة الأولى من نظامه الداخلي، حددت مهمة هذا المجلس بمراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. وكانت الغاية الاساسية من إنشاء المجلس وفق ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، تفسير الدستور إضافة الى مراقبة دستورية القوانين والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. إلا أن قانون إنشاء المجلس الدستوري الرقم 350/93 أسقط صلاحية تفسير الدستور بعد نقاش مستفيض في مجلس النواب بعد اعتبار الاكثرية النيابية حينذاك أن المجلس سيد نفسه وهو من يتولى تفسير الدستور!