تفاصيل الخبر

«طـبخــة» تمديــد ثالـثـــة لـمـجــلـس النواب تُعـدّ خـلــف الكوالــــيـس، الى جـــانـب «طـبـخـــة» استثمـــار الغـــاز!

18/12/2015
«طـبخــة» تمديــد ثالـثـــة لـمـجــلـس النواب تُعـدّ خـلــف الكوالــــيـس، الى جـــانـب «طـبـخـــة» استثمـــار الغـــاز!

«طـبخــة» تمديــد ثالـثـــة لـمـجــلـس النواب تُعـدّ خـلــف الكوالــــيـس، الى جـــانـب «طـبـخـــة» استثمـــار الغـــاز!

 

بقلم جورج بشير

جيلبير-شاغوري في خضم الصراع والنقاش السياسي والديبلوماسي والإعلامي حول انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية التي مضى عليها سنة ونصف السنة من <دون رأس وبـ24 رأساً>، عاطلة عن العمل، برز فجأة موضوع الطاقة استخراجاً واستثماراً، وخاصة موضوع الغاز المدفون في أعماق المياه الإقليمية اللبنانية في ظل الإهمال ومحاولات الابتزاز والاستغلال السياسي والمالي والتوظيف لمصلحة أصحاب مراكز النفوذ، وكأن موضوع الطاقة هذا، وخاصة موضوع الغاز، هو الوجه الآخر للصراع الدائر حول موضوع ملء الفراغ القاتل في سدّة رئاسة الجمهورية، هذا الفراغ الذي أنتج تداعيات خطيرة على لبنان أبرزها اعتماد عدد من السياسيين سياسة النكاية في صراعهم على مراكز النفوذ ومحاولات مضاعفة ثرواتهم المالية والسياسية والطائفية والمذهبية على حساب ثروات الوطن والشعب، خصوصاً تلك الثروة التي هي هبة من الله لإسعاد اللبنانيين ولتحقيق استقرارهم الاقتصادي والاجتماعي.

وفي خضم هذا الصراع، وما رافق مبادرة الرئيس الحريري الرئاسية من باريس، برز في الكواليس اسم الاقتصادي العالمي المعروف جيلبير شاغوري الذي لم يكن طيفه بعيداً عن هذه المبادرة الرئاسية وما رافقها وتبعها، وسيتبعها لاحقاً كونه من الغيارى على الوضع اللبناني، وهو أحد أبرز الذين يساهمون بنفوذهم وطاقاتهم بفكّ العقد الرئاسية وحلّ الأزمات السياسية المستعصية التي تواجه بلداناً أخرى غير وطنه الأم لبنان، كما يعرف ذلك القاصي والداني. والشاغوري فضلاً عن كونه <حلاّل عُقد> ومشاكل الغير من البلدان، فليس مستغرباً أن يكون أحد أبرز المساهمين في حلّ العُقد التي تكبّل وطنه الأم، وفي طليعتها العُقدة الرئاسية، والى جانبها العُقد النفطية وعُقدة الطاقة من الغاز وهو الخبير البارز على هذا الصعيد في المجال الدولي خصوصاً المجال الأفريقي، وبالتحديد نيجيريا البلد الأفريقي الغنيّ بالطاقة والثروة النفطية والغني أيضاً بالوجود اللبناني المتفوّق من حيث وجود جالية لبنانية كبيرة ساهمت الى حدٍ كبير في تحقيق الرخاء الاقتصادي والتطوّر الاجتماعي الذي شهدته نيجيريا في السنوات الثلاثين الماضية.

 

المبادرة، مكانك راوح

  

منذ أن تسرّبت مبادرة الرئيس الحريري من باريس على أثر اللقاء الشهير الذي عقده رئيس الوزراء اللبناني الاسبق مع النائب سليمان فرنجية حول ترشحه للرئاسة الأولى، وهو أحد الموارنة الأربعة الأقوياء الذين رأى فيهم لقاء بكركي الأكثر تمثيلاً للمسيحيين وللموارنة لتبوء هذا المنصب القيادي في لبنان، وحلّ عقدة انتخاب الرئيس العتيد، أجل، منذ ذلك التسريب والبعض يعتقد بأن عُقدة انتخاب رئيس جديد للبنان قد حُلّت، أو هي في طريق الحلّ. لكن هذا البعض مُصاب بالذهول، أو بما فرنجيه-عونيشبه الخيبة السياسية اليوم، لأن ما اعتبروه حلاً زاد العقدة تعقيداً، إن لم يكن ضاعف من تأثيرها على الوضع السياسي في البلاد.

الوزير فرنجية شاب جريء ومقدام وصريح وصاحب خبرة في ممارسة الحكم والسياسة، وابن بيت سياسي مسيحي ماروني لبناني عريق، وهذه حقيقةلا يختلف عليها اثنان. أضف الى ذلك أنه، وكما أشرنا في <الأفكار> في العدد الماضي ابن تجربة مُرّة وقاسية، وابن مدرسة أعطى عبرها شهادة ناصعة على صعيد الإيمان المسيحي بالتسامح والغفران، هذه المدرسة الإنجيلية (نسبة للإنجيل) التي أنشأها السيد المسيح عليه السلام.. لكن الذين بادروا الى اقتراح الحلّ الرئاسي المشار إليه، أخذوا بالقشور وتركوا لبّ المشكلة - الأزمة جانباً، كون لقاء بكركي خرج يومئذٍ بحلّ وطنيّ لأزمة سياسية كبّلت الحكم وشكّلت العُقدة الرئاسية، في ظل قانون انتخابات نيابية ضرب العدالة ولم يحقق في معظمه صحّة التمثيل في ظل الهيمنة السورية، وقد رسم خطوطه العريضة عبد الحليم خدام والراحل غازي كنعان ومن كانوا من صنيعتهما على رأس السلطة في ذلك الحين، وفي طليعتهم رأس الدولة الذي وقّع مرسوم التجنيس لـ(250 ألف شخص)، هذا المرسوم المسخ الذي ما زال لبنان الى يومنا هذا يعاني من آثاره وتداعياته البالغة السوء...

لقاء بكركي الذي رشح واحداً من الأربعة (أمين الجميل، ميشال عون، سليمان فرنجية، سمير جعجع) وضع قاعدة لهذا الترشيح كما هو معروف، فضلاً عن مشروع القانون الأرثوذوكسي استعادة الـ32 مقعداً نيابياً لأصحابها المواطنين المسيحيين كي يصبح التمثيل اللبناني في البرلمان صحيحاً وعادلاً، وإقرار مشروع قانون استعادة الجنسية ومبدأ النسبية كحجر أساس في قانون الانتخابات النيابية العتيد. والواقع هو أن الذين استفادوا من المقاعد النيابية الـ32 بفعل قانون الانتخابات المطلوب تغييره (الحريري، بري، جنبلاط، وحزب الله) بعضهم عارض إعادة المقاعد النيابية إلى أصحابها (الحريري، بري، جنبلاط) حتى إشعار آخر، فيما تبلّغت بكركي والبطريرك الراعي قرار كتلة حزب الله الموافقة على إعادة المقاعد التي صارت من حصة الحزب الى أصحابها، وأُعلن ذلك رسمياً في مؤتمر صحافي عُقد في بكركي على أثر إبلاغ البطريرك الراعي بالقرار.

سبب المشكلة الحقيقي

يعتقد الذين شاركوا في لقاء بكركي وحضّروا له، أن السبب الأساس في حماسة الرئيس الحريري والوزير جنبلاط وحتى الرئيس بري لمبادرة باريس، فضلاً عن رغبتهم بإيجاد حلّ لعقدة الرئاسة وإنهاء أزمة الشغور في هذا المنصب القيادي في الدولة، هو معارضتهم لأي حلّ لأزمة قانون الانتخابات النيابية يعيد المقاعد النيابية المذكورة آنفاً لأصحابها استناداً لعدد من المبرّرات. ولعلّ هذه الرغبة هي التي دفعت الى المماطلة بإقرار مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية، وعدم إجراء هذه الانتخابات كما كان يُفترض دستورياً في دورتين أو في استحقاقين متتاليين، وقد دفعتهم الى تفضيل تمديد ولاية المجلس النيابي مرتين خلافاً للدستور وللنظام الديموقراطي، والى <القوطبة> على الأمر من جديد من خلال اجتماع باريس.. وهذا ما دفع الرئيس ميشال عون والدكتور سمير جعجع الى التمسّك أكثر بضرورة تغيير قانون الانتخابات النيابية لتحقيق العدالة وصحة التمثيل في مجلس النواب، واعتبار أن سقف الموافقة على الترشيح هو التسليم بتحقيق العدالة وصحة التمثيل بقانون انتخابات نيابية جديد ليكون التبديل في السلطة تبديلاً دستورياً وديموقراطياً، عادلاً محمد-رعد-عونومحققاً للتمثيل الصحيح.

وإذا وافق حزب القوات اللبنانية ولو متأخراً على انتخاب الرئيس عون رئيساً للجمهورية، وتكرّس عقد التحالف السياسي والانتخابي العتيد بين حزبيهما (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، فإن انضمام كتلة حزب الله الى تأييد هذا الترشيح وهو مؤبد أصلاً لعون، لا بدّ وأن يضع الجميع عاجلاً أم آجلاً أمام الاستحقاق الأهم، ألا وهو عُقدة تغيير قانون الانتخابات النيابية الحالي واعتماد قانون جديد يحقق العدالة وصحة التمثيل ويعيد المقاعد النيابية الـ32 الى أصحابها، وهنا بيت القصيد كون مجلس النواب مصاب بالشلل، وأحد أبرز أسباب هذا الشلل، هو فقدان العدالة وصحة التمثيل واعتماد التمديد حلاً مؤقتاً لمجلس النواب بدلاً من إجراء الانتخابات النيابية والرجوع الى الشعب كما هو مفروض للتهرّب من الاستحقاق وكسب الوقت علّ وعسى.

ويقول المشدّدون على ضرورة تشريع قانون جديد للانتخابات النيابية إن <طبخة> تمديد جديدة لولاية المجلس النيابي الحالي قيد الإعداد، وهم لذلك وفي سبيل الحؤول دون الوصول إليها مرة ثالثة، يصرّون على أن يتمّ إقرار القانون الجديد المطلوب للانتخابات قبل البتّ بانتخاب الرئيس العتيد. ومروحة الاتصالات والمشاورات التي جرت من الخارج والداخل، تمحورت حول هذا الموضوع، فضلاً عن موضوع الموقف من المقاومة وصلاحيات رئيس الجمهورية التي كانت الطبق الرئيس في اللقاء بين العماد عون والنائب فرنجية في الرابية، واللقاء الآخر الذي جرى مع السيد حسن نصر الله، ناهيك عن التغيير الحاصل على الأرض في الحرب السورية، وهو ما يريح الفريق الأول أي فريق المبادرة ويقلق الفريق الثاني، وما عدا ذلك مجرد تفاصيل.