تفاصيل الخبر

تباين المواقف بين السعودية وإيران أحرج باريس وزيارة ”ايرولت“ لبيروت لن تحمل جديداً في الملف الرئاسي!

01/07/2016
تباين المواقف بين السعودية وإيران أحرج باريس  وزيارة ”ايرولت“ لبيروت لن تحمل جديداً في الملف الرئاسي!

تباين المواقف بين السعودية وإيران أحرج باريس وزيارة ”ايرولت“ لبيروت لن تحمل جديداً في الملف الرئاسي!

hollande-zarif <ليس من مهمة فرنسا حل مشكلات اللبنانيين بدلاً عنهم.. نحن نتحادث مع كل الأطراف، مع الإيرانيين، ومع الشخصيات التي نستقبلها في باريس ونحن نتكلم عن لبنان، إنما لسنا نحن من يدير السياسة في إيران مكان الإيرانيين، ولسنا من يدير سياسة لبنان مكان اللبنانيين>. بهذه العبارات استبق السفير الفرنسي في بيروت <إيمانويل بون> زيارة وزير الخارجية الفرنسية <جان مارك ايرولت> للبنان يوم 11 تموز/ يوليو الجاري، والمقرر أن تستمر ليومين يلتقي خلالهما رسميين وسياسيين وفعاليات اقتصادية للتشاور في ما آل إليه الوضع في لبنان والاستحقاقات المجمدة فيه وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي. وبدا من كلام السفير <بون> أن باريس لا تريد أن تحمل زيارة <ايرولت> وعوداً أو آمالاً في ما خص الملف الرئاسي، لاسيما وأن حصيلة المشاورات التي أجرتها الديبلوماسية الفرنسية خلال الأيام الماضية مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، ثم مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، لم تمكّن المسؤولين الفرنسيين من الحصول على ما كانوا يتمنون من وعود والتزامات بتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان قبل نهاية فصل الصيف، وبداية دخول الولايات المتحدة الأميركية في <كوما> الانتخابات الرئاسية وما يسبقها من تحضيرات، لاسيما وأن المؤشرات تدل على أن المنافسة ستكون شديدة بين المرشحين <دونالد ترامب> و<هيلاري كلينتون>.

تباين في المواقف

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ<الأفكار> أن التباين الحاد بين السعودية وإيران حيال الأزمات الاقليمية وخصوصاً الأوضاع في سوريا والعراق واليمن، انعكس سلباً على المساعي الفرنسية في ما خص تحريك الملف الرئاسي الذي دخل الشغور فيه سنته الثالثة، إذ لم يسمع الفرنسيون إلا <كلاماً عاماً> لا يوحي باستعداد الجانبين السعودي والإيراني الى بذل جهد استثنائي في المساعدة على تحقيق إنجاز للديبلوماسية الفرنسية يؤمن انتخاب رئيس جديد للبنان لإخراجه من <الوضع الخطير> الذي يعيش فيه على حد تعبير الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> في حديثه مع وزير الخارجية الإيراني الذي سمع من الرئيس الفرنسي عبارات انتقد فيها <بعض الاطراف اللبنانيين> الذين قال إنهم يعتقدون أنهم يمكن أن يستمروا من دون رئيس. وأشارت المصادر الى أن الموقف الإيراني لم يحمل جديداً باستثناء التأكيد على حرص طهران على انتظام المؤسسات الدستورية اللبنانية وعلى دور اللبنانيين أنفسهم في إنجاز هذا الاستحقاق <الذي يعنيهم بدرجة أولى قبل أن يعني غيرهم من الدول والشعوب>.

وأعاد الوزير الإيراني التأكيد على أهمية الحوار بين اللبنانيين ولاسيما الجهات القادرة على إحراز تقدم في الملف الرئاسي. وفي إشارة غير مباشرة الى دور حزب الله في الشأن اللبناني، تحدث الوزير طريف عن أهمية تلاقي <الجهات الفاعلة والمؤثرة> في الحياة السياسية اللبنانية والاتفاق في ما بينها على الحلول المناسبة لإنهاء الشغور الرئاسي، <لاسيما وأن أي جهد خارجي لن يكون البديل عن الاتفاق الداخلي واعتراف الاطراف بدور كل منهم في الحياة السياسية اللبنانية>.

وتضيف المصادر نفسها إن الحديث الفرنسي مع ولي ولي العهد السعودي طغى عليه التوتر القائم بين الرياض وطهران في ضوء المواقف السعودية الواضحة والثابتة حيال التدخل الإيرني المتزايد في الشؤون العربية على رغم الاتفاق النووي الذي كان يفترض أن يعيد رسم الاستراتيجية الايرانية حيال جيرانها دول الخليج والعراق والجوار العربي ككل. ولم يلق العرض الفرنسي لإجراء محادثات مباشرة بين الرياض وطهران في شأن الملفات الإقليمية، ومن بينها الملف اللبناني، ردود فعل سعودية مشجعة، علماً أن الأمير محمد بن سلمان كان قد أبلغ المسؤولين الأميركيين خلال وجوده في واشنطن قبل اسبوعين مواقف مماثلة وصل صداها الى باريس التي كانت تنتظر الأجوبة السعودية لكنها حاولت علّ وعسى تحقق خرقاً ما يكون لمصلحة الملف اللبناني. وقد أقرّت المصادر بأن التناقض في الموقفين السعودي والإيراني الذي تجلى بوضوح في محادثات باريس، لن يسهل دور باريس في السعي الى إطلاق مبادرة تؤمن حل الأزمة الدستورية التي يعيشها لبنان، وأنه لا بد من الانتظار، ما لم تحصل تطورات ما تعيد الانقشاع الى الأجواء الرئاسية اللبنانية الملبّدة.

فرانسوا-هولاند-و-محمد-بن-سلمان

باريس مستمرة في تحركها

ماذا ستكون ردة الفعل الفرنسية، وهل تصل الى حد الاستسلام واليأس؟ تجيب المصادر الديبلوماسية بالقول إن المحادثات الفرنسية - الإيرانية - السعودية لن تتوقف لاسيما وان الرئيس <هولاند> ووزير خارجيته <ايرولت> حصلا على التزام من كل من السعودية وإيران باستمرار البحث في الملف اللبناني للوصول الى نتائج عملية ولو أخذ ذلك وقتاً إضافياً، وان الوزير <ايرولت> سيضع القيادات اللبنانية عندما سيلتقيها بـ<الجملة والمفرق> في حصيلة المشاورات الفرنسية التي يواكبها الفاتيكان عن قرب والولايات المتحدة الأميركية عن بعد، محاولاً أن يجد بدائل تقلل من العراقيل القائمة وتذلل تباعاً عقدة خلف عقدة. أما الجهد الفرنسي الذي كان سينصب على إيجاد ثقوب في الجدار الرئاسي الصلب،  فسينتقل في الآتي من الأيام الى العمل على تأمين عقد اجتماع لمجموعة الدول الداعمة للبنان في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتزامن مع إصدار مواقف دولية تحمي لبنان من تداعيات الصراعات في المنطقة، وذلك من خلال إبراز توافق دولي على أهمية بقاء لبنان وحمايته ليلعب عند الحاجة دوره من جديد.

وترى المصادر الديبلوماسية أن التبدل الذي طرأ على مهمة الوزير <ايرولت> لا يعني تراجعاً للحراك الفرنسي الذي سوف يستمر كلما كانت الفرص سانحة لتحقيق خرق ولو محدود على أمل أن يؤدي تراكم الخروقات الى منفذ يجعل الاستحقاق الرئاسي حقيقة قائمة، خصوصاً ان الوزير الايراني أبدى استعداد بلاده للمساهمة في أي مبادرة <مقبولة لبنانياً> لتسهيل حل الأزمة الرئاسية اللبنانية وما يتفرع عنها، كما أكد أيضاً التزام بلاده بالحوار المباشر او غير المباشر مع السعودية لتقليص حجم التباعد بين وجهات نظر البلدين في المسائل الخلافية. أما في ما خص الملف اللبناني فقد أكد ظريف أنه ينتظر نتيجة زيارة <ايرولت> للبنان وما يمكن أن تحمل من معطيات جديدة ليعاود الاتصال بنظيره الفرنسي والتشاور في الأفكار التي سيعود بها <ايرولت> من بيروت. وهذا الأمر أكده أيضاً الوزير الفرنسي حين قال انه سيعرض لاحقاً على نظيره الإيراني حصيلة مشاوراته في العاصمة اللبنانية.

وأعادت المصادر الديبلوماسية التذكير بالموقف الفرنسي الثابت حيال الاستحقاق الرئاسي والقائم على ضرورة التحاور بين القيادات اللبنانية لاسيما وأن باريس لم تعد تضع <فيتو> على أي من المرشحين المعلنين وغير المعلنين لأنها <تحترم> خيارات اللبنانيين مهما كانت.