تفاصيل الخبر

تباطؤ التحقيق الداخلي في جريمة المرفأ قد يؤدي الى فرض تحقيق دولي!

10/02/2021
تباطؤ التحقيق الداخلي في جريمة المرفأ  قد يؤدي الى فرض تحقيق دولي!

تباطؤ التحقيق الداخلي في جريمة المرفأ قد يؤدي الى فرض تحقيق دولي!

[caption id="attachment_85703" align="alignleft" width="454"] ألسنة اللهب في انفجار المرفأ.[/caption]

نصف عام مرّ على انفجار بيروت في الرابع من شهر آب (أغسطس) 2020 والذي اسفر عن تدمير المرفأ وأحياء عدة في بيروت، إضافة الى 200 قتيل و 6 الاف جريح... والتحقيق الذي يجريه القضاء اللبناني لم يقدم أجوبة ولو أولية للضحايا وذويهم، ولم يحدد المسؤولية عمن يقف وراء هذه الجريمة والمتسببين بها. ستة اشهر والاسئلة لا تزال إياها: كيف دخلت "نترات الامونيوم" الى مرفأ بيروت ولماذا تم تخزينها في المستودع رقم 12 ومن كان المسؤول عن حماية المستودع وكيف فتح اكثر من مرة ولماذا فقدت كميات من النترات لأن ما انفجر منها يوازي 500 طن في حين ان الكمية المخزنة كانت في الأساس 2500 طن. لا بل اكثر من ذلك كيف وصلت هذه المواد الى مرفأ بيروت ولماذا أدخلت السفينة التي تناوبت على ملكيتها اكثر من شركة، واكثر من ربان مع فريق جرى تبديله في عرض البحر في المياه الإقليمية التركية.

علامات استفهام كثيرة تحوم حول عمل قاضي التحقيق العدلي القاضي فادي صون الذي توقف عن التحقيق بعد دعوة النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر في الارتياب المشروع ولم تبت محكمة التمييز بعد في هذه الدعوة وان كانت طلبت الى القاضي صوان الاستمرار في التحقيق الى حين صدور القرار النهائي في دعوة الارتياب. لكن القرار لم يصدر بعد ولا القاضي صوان استأنف تحقيقاته بحجة الاغلاق التام الذي تحقق في البلاد في حالة التعبئة العامة لمواجهة تمدد وباء "كورونا ". والجمود في التحقيق ليس فقط محلياً، بل كذلك أيضاً خارجياً ذلك ان لبنان الذي طلب من الانتربول ملاحقة مالك السفينة ROSHOS وقبطانها تلقى جواباً سلبياً من موسكو التي ردت بأن الرجلين لن يسلما الى الانتربول وسيبقيان في الأراضي الروسية.... اما قصة الأقمار الصناعية التي طلب لبنان صوراً منها يوم الانفجار المشؤوم فلم يصل منها شيء بحجة ان هذه الأقمار لم تكن فوق بيروت ذلك اليوم الدامي....

اذن، "مسكرة" من كل الجهات في تحقيقات المرفأ، ولا يبدو ان تحركات ذوي الضحايا المتمثلة بالاعتصامات شبه اليومية عند مداخل قصر العدل في بيروت وامام منزل المحقق العدلي للمطالبة بتسريع وتيرة التحقيقات وعدم الخضوع للضغوط السياسية التي تمارس عليه أتت أكلها بل ان قلق أهالي الضحايا وعامة اللبنانيين بدأ يتزايد جراء محاولات ادخال التحقيق في متاهات التجاذبات السياسية مقدمة لطمس الحقيقة وقطع الطريق على كشف المتسببين بهذه الجريمة سواء بالتقصير والإهمال او بالعمل المتعمد بدءاً من شراء شحنـــة "النترات" من جورجيا ونقلها الى مرفأ بيروت بطريقة مشبوهة وانتهاء بلا مبالاة الدولة اللبنانية بعدم تقديرها لخطورة هذه المواد في المرفأ عدا عن التباطؤ بالبت بمصير 25 موقوفاً في القضية من مسؤولين امنيين او مديرين عامين وموظفين في مرفأ بيروت. واللافت هو تزايد الحديث عن امكان بلوغ التحقيق في القضية، ما حصل مع قضايا أخرى لقيت مصيراً مجهولاً لاسيما جرائم الاغتيالات والتفجيرات التي شهدها لبنان في ابان الحرب الاهلية وبعدها. وفي الحديث المتزايد أيضاً بروز موانع داخلية وخارجية "تفرمل" مهمة المحقق العدلي الذي وزع اتهامات في اتجاهات مختلفة مكتفياً بالشق الداخلي من التحقيق، متناسياً وجوب التحقيق في مسار الباخرة منذ انطلاقتها من جورجيا في طريقها الى موزامبيق كما قيل في حينه، وسبب توقفها في بيروت ثم حصول اعطال فيها ما ابقاها في المرفأ كل هذه السنوات...

عرقلة داخلية وخارجية

يقول مطلعون إن العرقلة لا تقف عند العوامل الداخلية، بل ثمة مواضيع خارجية تحول دون استكمال جمع المعلومات الخاصة بانفجار المرفأ، وفي هذا الاطار رسمت المصادر المواكبة لمسار القضية علامات استفهام عن "الأسباب التي تحول دون صدور تقرير الخبراء الفرنسيين الذين عملوا في مرفأ بيروت مدة ثلاثة أسابيع". وشددت المصادر على ان "التقرير الفرنسي يبقى الحلقة الأهم في تحديد أسباب الانفجار، وما اذا وقع نتيجة حريق او اعمال تلحيم، ام انه نتيجة استهداف خارجي، أي بصاروخ او بواسطة عمل امني ناجم عن وضع قنبلة او عبوة أدت الى الانفجار الهائل". مشيرة الى ان "الخبراء الفرنسيين كانوا تعهدوا بتزويد المحقق العدلي بتقريرهم في مهلة شهرين بعد انتهاء عملهم أواخر شهر آب (أغسطس)  الماضي فلماذا لم يصدروا تقريرهم رغم مرور خمسة اشهر على انتهاء مهمتهم، ورغم عدة مراسلات وجهها القاضي صوان الى الجانب الفرنسي بهذا الشأن؟".

وكما اشرنا فإن خطوات فرملة التحقيق تتزايد يوماً بعد يوم، في ظل امتناع جهات خارجية عن التعاون مع لبنان وتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق مشتبه بهم، وكان آخر ردود الفعل الرافضة عدم تعاون السلطات الروسية في قضية الانفجار بعد جواب السفيرة الروسية في بيروت باستحالة تسليم صاحب الباخرة وقبطانها. هذا الجواب اثار استياء المراجع القضائية المعنية بالتحقيق لأن الجواب الروسي يحمل تفسيراً واحداً وهو عدم التعاون مع لبنان في هذا الملف على رغم ان مذكرة توقيف الرجلين صدرت عن الانتربول بناء على طلب لبنان.

 

نحو تحقيق دولي

[caption id="attachment_85705" align="alignleft" width="187"] المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي فادي صوان.[/caption]

ولعل ما زاد الطين بلة، ما ذكرته "هيومن رايتس واتش" في تقرير لها من ان السلطات اللبنانية تقاعست عن احقاق العدالة خلال الأشهر الستة الماضية بعد انفجار المرفأ، لاسيما وان التحقيقات متوقفة وهي مليئة بالانتهاكات الجسيمة للإجراءات القانونية - حسب "هيومن رايتس واتش" - إضافة الى محاولات الزعماء السياسيين لوقف التحقيق ما يعزز الحاجة الى تحقيق دولي مستقل. وبعدما أورد تقرير المنظمة الدولية تفاصيل ما حصل في مسار التحقيقات وآلية إحالة الجريمة الى المجلس العدلي، يورد مضمون محادثات مع عائلات ومحامي أربعة موقوفين في مقر قيادة الشرطة العسكرية في محلة الريحانية، قالوا فيها ان القاضي لم يخبرهم او موكليهم بالتهم الموجهة اليهم او بالادلة ضد كل متهم، متذرعاً بسرية التحقيقات، وانهم لن يعرفوا الأدلة والتهم المحددة ضد موكليهم الا في نهاية تحقيق صوان، عندما يوقف الملاحقة او يصدر القرار الظني بحق المتهمين نظراً لأن التحقيق متوقف، فقد لا يصدر القرار الظني قريباً. وقال المحامون أيضاً إن القاضي استجوب موكليهم مرة واحدة في آب (أغسطس) وان حارسين يوجدان دائماً في الغرفة اثناء اجتماعاتهم مع موكليهم، وان موكليهم احتجزوا لــ 10 الى 16 يوماً قبل ان يصدر القاضي مذكرة توقيف. لقد منح "قانون أصول المحاكمات الجزائية" المحقق العدلي، الذي لا تخضع قراراته للاستئناف، سلطة توقيف المشتبه بهم احتياطياً دون تحديد المدة. لكن هذا ينتهك حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك حق أي شخص موقوف احتياطياً في محاكمة سريعة او اطلاق سراح ومراجعة قضائية مستقلة لقرار احتجازه، حسب ما جاء في تقرير"هيومن رايتس واتش".

ويضيف التقرير انه بموجب "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" الذي صادق عليه لبنان، يحق للمدعى عليهم الحصول على جلسة استماع في الوقت المناسب. قد يؤدي التأخير في إجراءات المحاكمة الى انتهاك حق المتهم في المثول على وجه السرعة امام قاض لمراجعة ضرورة وقانونية قرار احتجازه، وحقه في محاكمة خلال فترة زمنية معقولة او الافراج عنه.

وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، قد يؤدي التأخير الى زيادة خطر الاحتجاز الى اجل غير مسمى، بما يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الانسان. كما يحق للمدعى عليهم معرفة التهم الجنائية الموجهة اليهم والأدلة التي تستند اليها هذه التهم الجنائية، بما في ذلك ادلة البراءة. بالإضافة الى ذلك، وجدت "اللجنة المعنية بحقوق الانسان" التابعة للأمم المتحدة ان انعدام الخصوصية بين المحامي والموكل ينتهك الحق في التمثيل القانوني، ونسب التقرير الى محامين مطلعين على القضية قولهم إنه حتى اذا استأنف صوان تحقيقه، فإن التحديات القانونية لدوره ستستمر بما ان المؤسسة السياسية بأكملها قد عارضت تحقيقه. وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه، لضمان الاستقلالية الكاملة لاي تحقيق جنائي او ملاحقة قضائية او محاكمة، يجب الا يكون الأشخاص الخاضعون للتحقيق قادرين على التأثير او التدخل في أي تحقيق او قرار الملاحقة او الإحالة الى المحاكمة. وأضاف المحامون انه من غير الواضح ما اذا كان فريق القاضي صوان لديه القدرة الفنية لاجراء تحقيق شامل، بما في ذلك كيفية وصول نترات الامونيوم الى بيروت وكيفية حدوث الانفجار. علماً ان فريقه مكون من موظفين فقط يدونان الملاحظات باليد!.

وقالت المنظمة إن أعضاء في البرلمان البريطاني دعوا الى التحقيق بشأن شركة مسجلة في المملكة المتحدة ربطها صحافي استقصائي لبناني بالانفجار وبسوريين مدرجين على قوائم العقوبات الأميركية. ولفتت الى ان عناصر الجريمة العابرة للحدود على ما يبدو، فضلاً عن افتقار فريق التحقيق القضائي الى القدرة الفنية، ضرورة اجراء تحقيق دولي، مثل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة لكشف الحقيقة. يجب استخدام الأدلة التي تجدها اللجنة في الملاحقات الجنائية المحلية في المحاكم اللبنانية العادية.