تفاصيل الخبر

”طــائـفـــــة“ مــن الــقـراصـنــــــة تـهـــــدّد حـيـاتـنــــــا الـمـهـنـيــــــة والـشـخـصــيـــــــة فــي كــل لــحـظـــــــــة!

22/09/2017
”طــائـفـــــة“ مــن الــقـراصـنــــــة تـهـــــدّد حـيـاتـنــــــا  الـمـهـنـيــــــة والـشـخـصــيـــــــة فــي كــل لــحـظـــــــــة!

”طــائـفـــــة“ مــن الــقـراصـنــــــة تـهـــــدّد حـيـاتـنــــــا الـمـهـنـيــــــة والـشـخـصــيـــــــة فــي كــل لــحـظـــــــــة!

 

بقلم كوزيت كرم الأندري

1--ab

<ما تِحكي مع الغريب>، عبارة معظم الأهالي لأولادهم في سنّ معينة، باتت توازي، في زمننا هذا: <ما تفوت على مواقع إلكترونية ما بتعرفا>. وعبارة <ما تْحُط المصاري والدّهب بالجرور>، تحوّلت فأصبحت <ما تحط معلومات وصور خاصة عتلفونك>. فالجريمة تبدّلت من حيث الشكل، طريقة ارتكابها والوسيلة المستخدمة. قد تختلف التسمية ما بين <جرائم الإنترنت>، <جرائم المعلوماتية>، أو <الجرائم السايبرية>، لكن النتيجة واحدة: إنه سلوك غير قانوني يتم بواسطة الأجهزة الإلكترونية، هدفه إما التسلية واللهو، وإما سرقة المال والتلاعب بالبيانات الخاصة للأفراد والشركات والحكومات. صحيح أنها أقل عنفا في التنفيذ، مقارنة بالجرائم التقليدية، إلا أنها غاية في الخطورة كونها عابرة للحدود. من هم هؤلاء الذين يشكلون <طائفة القراصنة>؟ كيف يقتحمون حياتنا، فيطلعون على معلوماتنا الخاصة لتشفيرها أو سرقتها أو إتلافها؟ كيف ينتهكون أعراضنا ويشوّهون سمعتنا؟ وكيف نحمي أنفسنا من أفعالهم المشينة هذه؟ أسئلة حملتها <الأفكار> إلى المحامي شربل شبير، مقرِّر مركز المعلوماتية في نقابة المحامين في بيروت.

ــ فلنبدأ من دراسة قرأتها، وأقلقتني، عن اختراق هواتفنا الذكية ونحن في المقاهي. كيف يتم ذلك؟

- لا تقتصر المسألة على المقاهي، وإن كان المقهى مكاناً حساساً، في هذا المجال، إذ يجتمع فيه الكثير من الناس الآتين من كل حدب وصوب. مَن منّا لا يطلب الحصول على كلمة السر للاتصال المجاني بشبكة الانترنت المحلية، لدى جلوسه في مقهى ما؟ خطر القرصنة والخرق موجود في أي مكان عام. فبمجرد أنه عام يكون، تالياً، غير آمن. لدى دخولك مكاناً لا تعرفينه تصبحين، تلقائياً، معرّضة بنسبة أعلى من تعرّضك للقرصنة في منزلك أو مكتبك أو أي مكان خاص. خذي، مثالاً على ذلك، عمليات السرقة والنشل. <وين أسهل تنسرقي، ببيتك أو برّا؟ أكيد بمكان عام!>.

ــ هل يُعتبر التجسس، أو الخرق، جريمة بكل ما للكلمة من معنى؟

- هما، طبعاً، جريمة يحاسب عليها القانون. الفرق بين هذا النوع من الجرائم وبين أي جريمة أخرى <تقليدية> يكمن في الأداة المستعملة وهي، هنا، التكنولوجيا. لقد استغرقت عملية البحث عن المصطلح وقتاً طويلاً، واختلف الخبراء حوله، إلى أن اعتُمدت صفة <هاكر Hacker> أي المخترِق الذي يقوم بالقرصنة الإلكترونية، بالرغم من تحفّظ البعض على هذه التسمية. (الـ<هاكر> هو في الأساس المبرمِج الذي يتمتع بقدرات خاصة، قد يستخدمها في الصواب كما في الخطأ. لكن مع مرور الوقت، اقترن اسم <هاكر> بالشخص المفسِد).

ــ يُمكننا أن نتخيل ما هي الشخصية النفسية للمجرم <العادي>. لكن ماذا عن <الهاكر>؟ من هو هذا الشخص؟ هل يهوى المرح والتسلية؟ هل هو فضولي؟ أم أنه يهدف، فعلاً، إلى الأذية؟

- هناك تصنيف عالمي لقراصنة المعلوماتية، وقد قُسّموا إلى ثلاث فئات: في الأولى، أشخاص <عم يتسلّوا>، يجدون لذة في الاختراق لمجرد الاختراق، من باب تحدي الذات وتثبيت قدرة تقنية معينة. <هيدا ما بكون إجمالاً عارف إنو عم يرتكب جرم>. في الفئة الثانية يندرج المحترفون، وهم غالباً مجموعة منظَّمة هدفها الأذية ومن هنا خطورتها. فهي تستهدف المصارف والشركات لسَحْب المال، أو للتلاعب بالبيانات بغية تجميدها أو تدميرها. أما الفئة الثالثة فتتعلق بالدول، أيا يكن الجهاز المنضوي تحتها. فالحروب، اليوم، لم تعد تندلع بالصواريخ والقذائف فحسب، ولا هي مجرد <ناس عم بقوّصوا عبعض>. باتت أبرز وجوه الحرب معلوماتية، وهذا النوع من الحروب يتخطى الحدود، مما يفاقم من المشكلة ومن إمكانية إثبات الجريمة.

ــ ماذا تقصدون بـ<تجميد البيانات>؟ أليس الهدف تدميرها أو سرقتها؟

- لا، هدف <الهاكرز> لا يقتصر على تدمير أو تلف البيانات والمعلومات الخاصة بشركة أو بمصرف ما. قد يكون الهدف من الهجوم تجميدها، أي تشفيرها، وهو ما يعرف، تقنيا، بالـ<Encryption> وعملية التشفير هذه تتم من خلال برنامج <الرانسوموار Ransomware>، بحيث تعجز، بعد ذلك، الجهة المعنية عن استخدام هذه البيانات.

ــ الهدف، إذاً، هو الأذية وليس الحصول على معلومات معينة؟

- لا بل الهدف هو السرقة المادية! إنه ابتزاز يقضي بدفع المال مقابل فكّ الشيفرة.

ــ أوَلا يمكن للخبراء والمهندسين الإلكترونيين فك التشفير هذا؟

- الأمر بغاية الصعوبة، وقد تصل تكاليفه حدّ المبالِغ المطالَب بها من قبل المخترقين! وحدهم المخترقون الذين قاموا بذلك يمكنهم إصلاح ما قاموا به، وإلا <بيخرب السيستيم كلو>.

ــ هل عالجتم حالات كهذه في لبنان؟

- نعم، تحصل بكثرة في دول العالم وكذلك في لبنان وقد عالجنا، كمركز معلوماتية تابع لنقابة المحامين في بيروت، قضايا واعتداءات كهذه. فمركزنا هذا يكاد يكون الوحيد الذي يجمع ما بين التكنولوجيا والقانون. نحن نمثل النقابة أمام البرلمان ومجلس الوزراء في كل القوانين والقضايا المتعلقة بالمعلوماتية، كما أن العديد من الجمعيات، التي تُعنى بحقوق الإنسان، تلجأ إلينا لمساعدتها.

ــ هل يتحول، بحسب اطلاعكم على الموضوع وانغماسكم فيه، <هاكر> الفئة الأولى إلى <هاكر> من الفئة الثانية؟

- طبعا! ففي بداية الأمر يستلذ المخترق بعمله هذا من دون هدف محدد، بل يخرق لمجرد الخرق كما سبق وذكرنا، لكن في ما بعد يذهب أبعد من ذلك ويبدأ يتقصد الأذية. <بتبلّش تسلاية وبتزيد>...

ــ من هم الأشخاص الأكثر عرضة للقرصنة؟

- جميعنا معرّضون، من دون استثناء! كل شخص مُعرّض للخرق، وإن اعتقد أنه غير مستهدف. قد تبدأ عملية الخرق، مثلاً، باعتداء تكنولوجي عشوائي، ومع اكتشاف <الهاكر> ماهية عملكِ وما قد ينتج عنه من حسابات مصرفية ضخمة أو معلومات مهمة وحساسة، سيتقصد برمجة اعتدائه عليكِ والتوصل إلى ما يريد. الهدف الأساسي من الخرق لم يعد مادياً فحسب، بل أصبح مرتبطاً بالبيانات والمعلومات التي تتم سرقتها لأهداف عديدة، منها بيعها...

الابتزاز والفضائح

ــ ماذا عن الابتزاز الجنسي؟ كيف يحصل؟ وهل هو شائع في لبنان؟

- إليك مثلاً: أنا شاب جالس أمام الشاشة <عم بتسلى> على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي. <بتطلعلي بنت حلوة>، أتواصل معها عبر الـ<شات>. يوم، اثنان، ثلاثة... أسبوع، تتريث حتى تجعلني أثق بها، وعند اكتسابها هذه الثقة تنتقل إلى مرحلة أكثر خطورة من مخططها وتجعلني أتعرى، فأفعل، غير مدرك بأنها تصوّرني بواسطة الفيديو. عند الانتهاء من لعبتها هذه، تبعث لي بالفيديو مهدّدة: <بتدفعلي كذا أو بنشرو>.

ــ أينتهي الابتزاز هنا أم يتم، فعلاً، النشر؟

- لا بل نُشر الكثير من هذه الفيديوهات المضرة بالضحية، من دون شك، لاسيما إن كانت ذا منصب رفيع.

ــ من يكون المُعتدي، بشكل عام، المرأة أم الرجل؟

- من الأسهل أن <تعتدي> المرأة على الرجل. وفي أي حال هي ليست سوى الواجهة أو الوسيلة. هناك فريق يعمل من ورائها...

ــ ما هي وسيلة التواصل الاجتماعي الأخطر، من حيث التجسس والخرق؟

- <كِلّن! كِلُّن متل بعض>. بمجرد أن تظهري أونلاين بتِّ معرضة.

ــ هل تم اللجوء إلى مركزكم في قضايا من نوع الابتزاز الجنسي؟

99- طبعا! <صايرة مع مليون واحد!>.

ــ والمعتدِيات هنّ لبنانيات؟

- بنسبة ضئيلة، فغالبيّتهن من بلدان عربية أخرى...

ــ وكيف يتم التعتيم على هذه الأشرطة والفضائح؟

- هناك ضحايا يرضخون فيدفعون المال، وبالتالي تُطوى المسألة بالنسبة للمُعتدي، وآخرون لا يخافون فيذهبون باتجاه التحدي وتكون النتيجة نشر الفيديو...

طرق الحماية

ــ كيف نحمي أنفسنا من كل هذه الأخطار والألغام التكنولوجية المحيطة بنا؟

- الخطوات التي لا بد من أن يتبعها كل منا بديهية، أبرزها استخدام أحدث برامج الحماية من <الهاكرز> و<الفيروسات>، والأهم، عدم الاحتفاظ بأي معلومات شخصية داخل جهازنا، كالرسائل الخاصة والصور والملفَّات المهمَّة وكلمات السر، وكذلك المعلومات المصرفية كأرقام الحسابات والبطاقات الائتمانية. نشدد أيضا على عدم الدخول إلى المواقع المشبوهة لإنزال التطبيقات المُراد إنزالها، وكذلك عدم تنزيل تطبيق مجهول. فـ<الهاكرز> يستخدمون أمثال هذه المواقع لإدخال ملفات التجسُّس إلى الضحايا، بحيث يتسلل الملف تلقائياً في الجهاز بِمُجرَّد دخول الشخص إلى الموقع. من الضروري، أيضا، عدم فتح أي رسالة إلكترونية من مصدر مجهول، فهي عبارة عن برامج تزرع ملفات التجسس في جهازنا. من الخطوات البديهية، أيضا، تغيير كلمات السر باستمرار، كونها قابلة للاختراق.

ــ ماذا عن مستوى الحماية على صعيد الدولة؟

- خرقنا، كدولة، ليس مهماً إذ لا نتمتع، أساساً، بالأرضية المعلوماتية اللازمة في مؤسساتنا الرسمية، وهو ما يعرف بالـ< E-government أي الحكومة الإلكترونية>. نحن، في مركز المعلوماتية، نعمل على تطوير هذا المفهوم. فغيابه مؤسف، إلا أن <إيجابيته الوحيدة>، إذا صح التعبير، هي عدم تسجيل خروقات مهمة على هذا الصعيد.

ــ وماذا عن القراصنة اللبنانيين؟

- <الهاكرز> اللبنانيون ذوو مستوى عالٍ جداً ويتمتعون بمهارة استثنائية في هذا المجال. <عِنّا أدمغة>، وبعضهم يعيش في الخارج وقد ربحوا جوائز في مجال الخروقات الأخلاقية. أضخم الشركات العالمية، منها <غوغل> و<فيسبوك> و<جي ميل>، تلجأ إليهم وتدفع لهم الملايين للاستفادة من أدمغتهم في مجال القرصنة الإلكترونية.

ــ استخدمتم عبارة <خروقات أخلاقية>. فهل من خرق أخلاقي؟!

- نعم، وهو ما يعرف بالـ< Ethical Hacker أي ما معناه المخترِق الشّرعي>. في هذه الحالة، تستدعي شركة ما <هاكر> متميزاً وتطلب منه خرق أنظمتها، عمداً، لاكتشاف نقاط الضعف فيها. إنه اختراق اختباري.

ــ ماذا عن الجنس اللطيف في مجال القرصنة الإلكترونية؟ هل من إناث يقمن بهكذا خروقات؟

- طبعاً! هناك أيضاً أولاد <هاكرز>! لا علاقة للعمر ولا للجنس في الموضوع. إنها موهبة فذّة، ملكة، مهارة لا تتعلق بالتحصيل العلمي. للكمبيوتر لغة رقمية معينة، وهناك أشخاص قادرون على فهم هذه اللغة والتعاطي معها!