تفاصيل الخبر

تأثير فيروس "كورونا المستجد" على مرضى القلب والضغط...

27/05/2020
تأثير فيروس "كورونا المستجد" على مرضى القلب والضغط...

تأثير فيروس "كورونا المستجد" على مرضى القلب والضغط...

 

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_78251" align="aligncenter" width="601"] مرضى القلب والضغط الاكثر عرضة للمضاعفات في زمن "كورونا"[/caption]

 

الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين الدكتور أنطوان سركيس: مرضى القلب المتقدمون في السن هم الاكثر عرضة للوفاة!

في الوقت الذي يتسابق فيه العلماء لتطوير لقاحات وعلاجات لفيروس "كورونا المستجد"، يعمل آخرون على دراسة الآثار التي يحدثها الفيروس في أجهزة الجسم المختلفة. وتظهر أكثر تداعيات هذا الفيروس على الرئتين حيث يمكن ان تتطور الى التهاب رئوي حاد ثم الى فشل رئوي، ومن ثم تحدث الوفاة. لكن دراسة حديثة رصدت أن خطر هذا المرض لا يقف عند حدود الرئة بل يمكن ان يشمل القلب ايضاً حيث أوضح الباحثون في مركز العلوم الصحية في "جامعة تكساس" و"معهد تكساس لأمراض القلب" في الولايات المتحدة ان فيروس "كورونا" يمكن ان تكون له عواقب وخيمة على صحة القلب حتى بين الأشخاص الذين لم يعانوا في السابق من أمراض القلب والأوعية الدموية. وكشف الباحثون في دراستهم المرجعية التي نُشرت في دورية "الجمعية الطبية الأميركية" ان عدوى "كوفيد – 19" يمكن ان تسبب التهاب الأوعية الدموية وعضلة القلب وعدم انتظام ضربات القلب.

ولقد أشار الدكتور انطوان سركيس خلال مداخلته في الحلقة الحوارية التي أجرتها "سانوفي" تحت عنوان "مكافحة وباء كوفيد  - 19: تبادل المعرفة والخبرات"، الى انه تزداد المضاعفات ويرتفع معدل الوفاة لدى المصابين بأمراض القلب الوعائية خصوصاً لدى المتقدمين في السن.

الدكتور أنطوان سركيس وتأثير" كوفيد - 19" على مرضى القلب 

[caption id="attachment_78246" align="alignleft" width="346"] الدكتور انطوان سركيس: اذا تناول مريض الضغط الادوية بانتظام فلن يكون هناك خطر[/caption]

فكيف يؤثر هذا الفيروس على مرضى القلب؟ وماذا عن المضاعفات ومعدل الوفاة لدى المتقدمين في السن في حال أُصيبوا به؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين انطوان سركيس الذي استهل حديثه قائلاً:

-  آخر احصائيات لغاية 21 أيار (مايو) الجاري تفيد بأنه تقريباً هناك 5 ملايين اصابة بفيروس "كورونا المستجد" في العالم ومن بينها 330 ألف حالة وفاة بسبب الفيروس. وفي أوروبا تُسجل أعلى نسبة اصابات 1,75 مليون حالة وحوالى 166 ألف حالة وفاة مقارنة مع أميركا التي تسجل تقريباً 100 حالة وفاة. ففي فرنسا تُسجل نسبة عالية من حالات الوفاة في دور الرعاية الصحية لكبار السن.

وعن نسبة الوفيات لدى المتقدمين في السن يشرح:

- نلاحظ ان نسبة الوفيات لدى المتقدمين في السن عالية، ومن الطبيعي ان نجد عند هؤلاء الأشخاص أمراضاً مثل الضغط والسكري وأمراض القلب والشرايين. واذا كان هناك 17 بالمئة من مرضى "كوفيد – 19" لديهم ارتفاع في الضغط فيمكن الاعتبار من خلال الحالات الخطرة ان الذين يموتون بسببه هم 70 بالمئة ممَن لديهم ارتفاع في الضغط، وبالتالي فإن 75 بالمئة من الناس الذين يموتون في ايطاليا عند الاصابة بفيروس "كورونا المستجد" تكون لديهم مشاكل في الضغط. ولكن هل يا ترى الضغط بحد ذاته هو المسؤول عن الوفاة ام ان هذا الأمر غير مؤكد؟ بما ان مشاكل الضغط موجودة بكثرة لدى كبار السن بالتالي ستكون نسبة الوفاة لديهم أعلى من غيرهم. وقد يظن الناس ان الضغط هو المسؤول عن الوفاة بينما التقدم في السن هو السبب، وبالتالي نود ان نوجه رسالة للناس نوعاً ما نطمئنهم فيها ان الشخص الذي لديه مشاكل في الضغط ومسيطراً عليه بالأدوية ليس معرضاً للموت اثر اصابته بـ"كورونا"، اذ ليس هناك حالياً ما يدل بأن الضغط بحد ذاته هو السبب الرئيسي للوفيات، علماً أن كل شخص لديه مشاكل في الضغط وأيضاً مشاكل أخرى مثل السكري او نشاف في شرايين القلب او ضعف في عضلة القلب سابقاً، فهذه كلها تتأثر بسبب الفيروس الذي يؤثر على الشرايين وعلى العضل وتخثر الدم. اذاً كلما كانت هناك عوامل خطر متعددة لدى الأشخاص، خصوصاً اذا كان لديهم سابقاً ضعف في عضلة القلب، يصبحون معرضين أكثر للمضاعفات في حالة الاصابة بهذا الفيروس الذي يحدث نقصاً حاداً في الأوكسجين عند المرضى، ومن الممكن ان يساهم سلباً على وظيفة القلب. وطبعاً على مرضى القلب الذين لديهم حالات مرضية سابقة ان يتنبهوا للأمر وان يلتزموا بالحجر المنزلي وبمبادىء التباعد الاجتماعي أكثر من غيرهم لأنه في الأحوال العادية اذا حدث معهم اي التهاب فهم معرضون أكثر للمضاعفات، فكيف الحال اذا كانت الاصابة بـ"كوفيد – 19" الذي لا نعرف عنه الكثير من الأمور وفي كل مرة نكتشف أمراً جديداً؟

* ولكن نرى مشاكل الضغط وأمراض القلب لدى الشباب في سن الثلاثين والأربعين، فهل هم أيضاً معرضون للمخاطر كما كبار السن اذا أصيبوا بالفيروس؟

- ليست هناك مخاطر في هذا الخصوص، إذ كما ذكرت في بداية الحديث ان الخطورة هي عند المتقدمين في السن لأن الضغط بحد ذاته ليس بعامل خطر، فاذا كان المريض يتناول الدواء بانتظام فلن يكون هناك خطر، انما التقدم في السن هو عامل خطر او بحال اذا اجتمعت العوامل مع بعضها البعض اي اذا كان الشخص مصاباً بالسكري وبضعف في عضلة القلب ونشاف الشرايين.

عضلة القلب وفيروس "كورونا المستجد"

* وهل اذا أصيب مريض القلب بفيروس "كورونا المستجد" يمكن ان يتخطى الخطورة؟ وبأية حالة لا يمكن انقاذ مريض القلب عند اصابته بالفيروس؟

- نحن نعلم ان مرضى القلب ليس لهم علاج واحد اي حسب اذا كانت عضلة القلب تعمل بشكل جيد ام لا، لأن "كوفيد – 19" يخفّض معدل الأوكسجين في الدم كثيراً وهذا ممكن ان يؤثر سلباً على عضلة القلب. كذلك يمكن ان يؤثر الفيروس على عضلة القلب لدى الأشخاص الذين ليست لديهم مشاكل في القلب، اذ من الممكن ان يؤدي الى ارتفاع انزيمات القلب وان يؤثر على الشرايين الصغيرة ويسبب تخثّراً في الدم، وذلك يؤدي الى جلطات في الشرايين والى جلطات في الرئتين، وهذه الجلطات هي ما يتسبب بوفاة المريض. فاذاً القلب هو متلقٍ للصدمات ومن الممكن ان يكون جزءاً من الصدمة اذا كان بالأساس يعاني من مشاكل.

* أشارت دراسة ايطالية حديثة الى انه تبين خلال تشريح جثث لمصابي "الكورونا" انه حصل معهم تخثر في الدم. فهل هذا صحيح؟

- لقد تطلب تشريح الجثث وقتاً لأن المرض معدٍ جداً، وبالتالي تم التشريح وفق معايير حماية شديدة، ولهذا ليس لدينا الكثير من الدراسات حول هذا الامر، ولكن هناك بعض الدراسات ومنها هذه الدراسة الايطالية التي اشارت الى انه عند تشريح الجثث تبين لدى حوالى 16 جثة تعرض اصحابها لتخثر في الدم.

* ماذا عن النصائح والتعليمات لمرضى القلب والضغط خلال جائحة "الكورونا؟"

-  أولاً يجب ان تتم السيطرة على الضغط كما في الأحوال العادية، لأنه اذا لم تتم السيطرة عليه فانه سيشكل خطراً على المريض لأن الضغط مرض صامت وقاتل، وبالتالي يجب الا يكون الحجر المنزلي وعدم زيارة الأطباء في هذا الوقت ذريعة للمريض بألا يراقب وضعه الصحي، اذ عليه ان يتناول دواءه بانتظام خلال معركة "كوفيد – 19" وان يتناول ادوية القلب وايضاً أدوية السكري والضغط بدون توقف، وأيضاً يجب ان يتجنّب قدر المستطاع العدوى عبر الالتزام بالارشادات الوقائية والتباعد الجسدي. وبالنسبة للمرضى المصابين بالضغط فأهم ما في الأمر ألا يتوقفوا عن تناول الأدوية.

وعن ضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي يقول:

- نحن لغاية اليوم لا نعرف الكثير عن هذا الفيروس، فهل يا ترى 5 ملايين انسان في العالم أصيبوا بفيروس "كورونا المستجد" بواسطة العطس؟ طبعاً لا، اذ هناك طرق اخرى لانتقال العدوى، وهناك فرضية انه حتى خلال الكلام قد يلتقط الانسان الفيروس من خلال الرذاذ الذي يخرج من الفم وليس فقط من خلال العطس، فاذا تكلم الشخص بقوة ممكن ان يخرج رذاذاً خفيفاً من فمه ويبقى في الهواء ومن الممكن عندها ان يعدي الآخرين، ولهذا يجب تجنّب الاجتماعات في الغرف المغلقة، وحتى عندما يتواجد الأشخاص في  غرفة مغلقة وهم يضعون الكمامات يبقى هناك خطر، اذ قد يلمس الأسطح وبدون ان يلاحظ يلمس وجهه وبهذه الطريقة يكون عرضة لالتقاط الفيروس. اذ انه في بداية انتشار الفيروس حصل ذلك في مباراة لكرة القدم حيث كان الناس يصرخون لتشجيع فريقهم وهكذا  انتقلت العدوى بينهم، كما انتشر الفيروس في مراكز للتزلج وقاعات اجتماعات رجال الأعمال وغيرها، بالتالي التباعد الجسدي هو أمر ضروري. وبالنسبة للكمامات فيجب ان يقوم الشخص بتغييرها كل ست ساعات، وأيضاً لا يجب ان يضع الشخص يده على الكمامة من ثم على عينيه لأنه بهذه الطريقة يعرّض نفسه لالتقاط الفيروس. اذاً هناك تفاصيل كثيرة يجب ان يعرفها الناس ولهذا أقول ان التباعد الاجتماعي مهم وضروري.

ويتابع:

- الحجر المنزلي سيف ذو حدين لان الأشخاص الذين التزموا به فانه عندما يخرجون من منازلهم اذا لم يتبعوا التعليمات الصحية والتقيد بالتباعد الاجتماعي فهم معرضون للاصابة بالفيروس. وبالتالي الحجر المنزلي هو وسيلة مؤقتة، علماً ان الحجر الشامل له ثمن باهظ في الدول الصناعية الأوروبية، واليوم هناك جدل حول التوازن الذي يجب ان يقام بين الحجر المنزلي والاقتصاد، وهذا التوازن لم نعتد عليه بعد لأن الطب ومنذ عشرات السنين يركز على الشخص اي اذا كان يعاني من تضيق في الشرايين يُصار الى توسيعها او اذا كان المريض بحاجة لاجراء عملية جراحية نجريها له، بمعنى ان الطب لطالما ركّز على الأفراد بينما الآن في ظل الوباء فالطب يركز على سلامة المجتمع ككل بوجود أخطار وبائية. فحجر المجتمع كله ليس قراراً سهلاً، اذ على كل دولة ان تعتمد على نفسها بتأمين الكمامات والأدوية ولا يمكن ان تنتظر ان تصدر لها دولة أخرى هذه المستلزمات، بهذا المعنى سيصبح الأمن الصحي المجتمعي بمثابة الأمن الغذائي وبمثابة الأمن العسكري، والمستقبل قائم على عناصر عديدة أذكر منها: نحن بعالم أصبح فيه انتشار الفيروسات والأوبئة سهلاً بسبب الانفتاح الكوني، وبالتالي يجب ان نكون حاضرين مستقبلاً كمجتمعات في كل الدول للتعامل مع الاوبئة حيث لا بد ان يكون التعامل معها من خلال سياسة صحية قائمة على مكافحة الوباء اي اليوم يجب ان تُحضّر الكمامات وتُخزن الأدوية وكذلك يجب تأمين اللباس الخاص للطواقم الطبية في المستشفيات او الطواقم الطبية التي تنقل المرضى، على سبيل المثال ان نقل الصليب الأحمر للمرضى مكلف جداً وبالتالي يجب التحضير لكل هذه الأمور.

* وهل علينا التعايش مع وباء "الكورونا"؟

- سنتعايش مع الوباء لفترة طويلة على الأرجح، فاذا تحوّل فيروس "كورونا" الى كريب مثل الانفلونزا فمعنى ذلك اننا سنتعايش معه طويلا. واليوم تُجرى دراسات لتصنيع اللقاح انما اللقاح لغاية الآن ليس جاهزاً ومن المستبعد ان يحضّر سريعاً لأسباب عديدة منها أسباب تقنية.

* ولكن ألن ينحسر الوباء كما حال اي فيروس؟

- سينحسر الوباء حسب طبيعة هذا الفيروس، اذ سينحسر لأسباب عدة، فاذا أصيب كل المجتمع بالفيروس واكتسب المناعة عندها ينحسر الفيروس. ونحن لا نتمنى ان يُصاب أكبر عدد من الناس لاكتساب المناعة لأنه اذا حصل ذلك فالكثيرون سيدخلون الى المستشفيات والكثيرون منهم سيموتون، فمناعة القطيع هي بالأساس فكرة مدروسة على الحيوانات وليس على البشر. اذاً من الممكن ان يتغير الفيروس جينياً بعوامل طبيعية مثل فيروس الانفلونزا الذي تغيّر ومن الممكن ان تخف عدائيته، وبذلك بمرور الوقت نتعايش مع فيروس أخف خطورة مما بدأ، كما انه من الممكن ان تُوجد له علاجات قريباً قبل ايجاد اللقاح، واذا تم تصنيع اللقاح بدون مساؤى جانبية لمَ لا؟ اذ نحن نعلم ان المناعة التي يعطيها مرض "كوفيد – 19" ليست مناعة تستمر كثيراً، وبالتالي اذا تم ايجاد اللقاح ومنح المناعة لأشهر او سنة فسيعاود المرض، ومن الممكن للقاح ان يسبب مفاعلات في الجسم اي تفاعلاً بين المضادات والـ"Antigen" او الأجسام المضادة مما يؤدي الى مشاكل وأعراض، اما اذا نجح اللقاح فذلك أمر عظيم، ولكن خلال هذا الوقت يهمنا ان تُكتشف علاجات واضحة للمصابين الذين أصيبوا وأدخلوا الى المستشفى، وفي الوقت نفسه يهمنا ان نمنع اصابات جديدة بفضل التباعد الجسدي والحماية الشخصية ومن خلال عزل المريض المصاب والبحث عن الناس الذين خالطهم، وان تتحول فكرة عزل المجتمع كله لعزل الشخص المصاب بالفيروس وايضاً الأشخاص الذين خالطهم في الأيام السابقة.