تفاصيل الخبر

تأثير الطاقة السلبية والايجابية على حياة الانسان...

17/01/2020
تأثير الطاقة السلبية والايجابية على حياة الانسان...

تأثير الطاقة السلبية والايجابية على حياة الانسان...

 

بقلم وردية بطرس

 

الاختصاصية في العلاج النفسي الدكتورة ميرنا سعادة:الشخص السلبي يعتقد بأنه الضحية ويخلق الأعذار لنفسه لكي لا يواجه الحياة!

 

كل انسان يحمل في نفسه طاقة قد تكون ايجابية وقد تكون سلبية، وقد يمزج بين الطاقتين بحسب الموقف، فالطاقة الايجابية هي طاقة تحمل في طياتها الحب والعطاء والتفاؤل، أما الطاقة السلبية فتزرع في قلب صاحبها وتنعكس على سلوكه بالكراهية والسلبية والتشاؤم.

الدكتورة ميرنا سعادة ونظرة الشخص السلبي للحياة!

فكيف تؤثر كل من الطاقة السلبية والايجابية على حياة الانسان من جميع النواحي؟ وكيف يمكن التخلص من السلبية؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الاختصاصية في العلاج النفسي والطب النفسي الدكتورة ميرنا سعادة (اختصاص العلاج النفسي للأشخاص والأزواج والعائلة كما تدرّس الطب النفسي في الجامعة الأميركية في بيروت ولديها مركز <Wellbeing Center> او <مركز العافية>) ونسألها:

ــ لماذا ينظر بعض الأشخاص الى كل شيء من حولهم بسلبية؟

- ينظر الأشخاص الى الأمور بسلبية لأنهم يعانون من مرض نفسي او اكتئاب، ويشعرون كأنهم يسيرون في نفق مظلم فلا يرون الضوء في آخر النفق، وبالتالي يترافق التشاؤم والسلبية مع مرض الاكتئاب. وأحياناً حتى لو لم يكن الشخص مكتئباً لكنه يعتاد ان يفكر بسلبية خصوصاً في مجتمعنا اللبناني حيث يعيش الناس في ظل ظروف معيشية صعبة، وحتى اذا فكر الشخص بطريقة ايجابية فانه يشعر بأنه سيخيب ظنه فينظر الى كل شيء من حوله بسلبية. كما ان الشخص السلبي يكون حساساً جداً وهذه الحساسية الزائدة او المفرطة سرعان ما تظهر عندما يُصاب بالقلق او التوتر، وكلما كان الانسان حساساً ينظر الى الأمور بسلبية ويشعر بالقلق.

وتتابع:

- بالنسبة لمجتمعنا فيجب التنويه هنا ان اللبنانيين عاشوا في ظل حروب وأزمات عديدة، ناهيك عن ان أجدادنا عانوا من الحروب مما ينعكس على حياتنا اليوم، وما يحدث اليوم في البلد يقلق الناس لهذا يتخوفون من الفقر والمجاعة والوضع المعيشي المتردي، وهناك عائلات لم تعد قادرة على دفع ايجار البيت وفواتير الكهرباء والماء الى ما هنالك وبالتالي تزداد السلبية والقلق أكثر... ومن خلال الحالات التي أراها في المركز يتحدث الناس بسلبية وقلق... ومنذ أيام علمت بأن ثلاثة أشخاص قد فارقوا الحياة وهم لا يشكون من اي مشكلة صحية لا بل يتمتعون بصحة جيدة وهذا ما نسميه <Broken Heart Syndrome> اي <متلازمة القلب المكسور> او كما نقول بالعامية <فقع قلبو>، وبالفعل هذا ما يحدث للقلب عندما يزداد القلق والخوف والسلبية.

تأثير السلبية على حياة الشخص وتعاطيه مع الناس!

ــ وكيف تؤثر السلبية على حياة الانسان وسلوكه وتعاطيه مع الناس وفي المجتمع؟

- عندما تراود الانسان الأفكار السلبية فذلك لأنه ليس سيد نفسه، اي يشعر بأنه هو الضحية فيخلق الأعذار لنفسه، وبأن كل ما يحصل له بسبب ما يحصل في الحياة، لذا يشعر بأنه هو ضحية كل المواقف فيعتقد بأن ليس له علاقة بالأمر، مع العلم ان الأمر ليس كذلك اذ على الانسان ان يفكر بأنه هو سيد نفسه ليقدر ان يغيّر ما يحصل معه. وان الانسان السلبي يظل يشعر بأنه هو الضحية، بالاضافة الى شعوره بعدم الثقة بنفسه وهذا مؤذٍ أيضاً، لذا عندما نسأل الشخص لماذا لا يشعر بالثقة بنفسه يقول بأنه قد اختبر تجربة فاشلة في حياته، وحتى لو كان هذا الفشل قد حصل مرة واحدة يظل يشعر بالسلبية لأنه لم يعمد الى معالجته عندما حصل ذلك، لهذا يتعاطى مع الناس بخوف وقلق. ومن الجدير ذكره ان الشخص السلبي يتعاطى مع الناس بفوقية، كما يتصرف معهم بقلة احترام لأن السلبية لديه تجعله لا يحترم الناس فيسيء التصرف معهم، وانك تجدين الطفل الذي لم يشعر بمحبة أمه تخلق لديه السلبية حتى انه يشعر بالغيرة أيضاً.

ــ وكيف تؤثر السلبية على الانسان بتعاطيه مع أفراد أسرته؟

- الشخص السلبي يتعاطى مع عائلته بطريقة سلبية أيضاً، اذ يعبّر عن غضبه ويصرخ ويقول كلاماً مؤذياً، اذ ان الشخص السلبي يعتبر ان أهله هم السبب لذا يعبّر عن غضبه وقد يشعر بأنه يريد ان ينتقم منهم، وبالتالي تتأثر العلاقة بين الشخص السلبي وأفراد أسرته بطريقة سلبية.

ــ وكيف تؤثر السلبية على حياة الانسان المهنية وانتاجه في المجتمع؟

- الانسان السلبي يشعر بأن حياته تعيسة ونكدة، وحتى لو لم تكن لديه مشكلة فهو يخلق المشكلة، كما انه يشعر بأنه متعب او انه يعاني من مشكلة صحية مثلاً مع العلم انه عندما يخضع للفحص الطبي يتبين انه لا يعاني من اي مشكلة، ولكن بسبب السلبية بداخله يشعر بأنه متعب، وبطبيعة الحال عندما يشعر الشخص بأنه متعب سيؤثر ذلك على عمله وانتاجه حتى انه لا يذهب الى العمل، ويلاحظ زملاؤه في العمل بأنه لا ينتج ولا يحترم مواعيد العمل وما شابه، اما هو فيعتقد بأن زملاءه يشعرون بالغيرة منه وبالتالي تكون توقعاته مبنية على الأوهام وهي طبعاً توقعات سلبية، ولا يشعر بالأمل بالحاضر ولا بالمستقبل... فكل هذه الامور تؤثر سلباً على انتاجه في العمل، كما انه لا يبدع في عمله ومهنته وتسوء علاقته مع زملائه، وأحياناً قد يترك العمل او يُطرد منه بسبب اهماله وعدم انتاجه، وبالتالي اذا لم يتلق الشخص السلبي المساعدة والعلاج فلن يقدر ان يعمل وينجح ولن يقدر ان يواجه الحياة ويتحدى الصعوبات.

ــ وهل يختلف الأمر بالنسبة للأعمار اي اذا بدأت السلبية لدى الشخص بسن صغير ام في الكبر؟

- يختلف الأمر بالنسبة للعمر حسب الأحداث التي حصلت في حياة الشخص مثلاً اذا تعرض لفقدان شخص عزيز او حالات انفصال او مشاكل في البيت، فالسلبية ممكن ان تبدأ بوقت مبكر، مثلاً اذا تعرض الشخص للضغوطات بسن صغير تبدأ السلبية بوقت مبكر، فالانسان يتأثر بما يحيطه،  وانه منذ ولادته لغاية بلوغه الـ9 سنوات تتكوّن شخصيته في هذه السنوات وبالتالي يتأثر بما يحيطه، الا ان المنطق يتكوّن لديه من عمر 10 او 11 سنة ولهذا اذا واجه مشكلة بهذا العمر ولم يُعالج فانه سيُصاب بالصدمة بعمر صغير وستلازمه هذه الصدمة حتى عندما يكبر، ولكن اذا تعالج في بداية الصدمة فانها تترك أثراً أقل ضرراً عليه عندما يكبر، وهنا على الأهل التنبه لهذه الأمور لتفادي حدوث مشاكل أكبر اي عليهم ان يساعدوا ابنهم او ابنتهم في حال اختبر صدمة ما، والحمد لله اليوم نجد ان هناك وعياً اذ يصطحب الأهل ابنهم الينا وهو بعمر 5 او 6 سنوات حيث نقوم بعلاج نسميه <Cognitive Behavioral Therapy> او <العلاج المعرفي السلوكي>، وهو يساعد الشخص لاستبدال الأفكار السلبية بأفكار ايجابية، حتى لو حصل أمر ما مع الشخص فلا يقدر ان يمحيه ولكنه سيغيّر نظرته للحدث وسيستبدل طريقة تفكيره السلبي باخرى ايجابية. كما يحتاج الشخص للتأمل، لذا ننصح الشخص بالتأمل لكي يسيطر على جسمه، ونعلّمه ان يتخلص من الطاقة السلبية خصوصاً في وضعنا الحالي في لبنان حيث المشاكل عديدة وهي خارجة عن ارادتنا، لذا نساعد الشخص في هذه الحالة وطبعاً عليه ان يساعد نفسه لكي لا تتفاقم المشكلة أكثر فأكثر.

ــ وما هي السبل لمساعدة الشخص السلبي للحد من تفاقم السلبية لديه؟ وهل يقدر ان يساعد نفسه؟

- على الشخص ان يساعد نفسه فتكون النتيجة أفضل، اذ هناك ما يسمى <Self-Health> اي <الصحة الذاتية>، او <Self-Change> اي <التغيير الذاتي>، اذ يجب ان يبدأ الشخص من الداخل حيث نتحدث عن الشفاء الذاتي، فعلى الشخص ان يمنح نفسه القوة لكي يغيّر مستقبله، ويجب ان يسيطر على أفكاره السلبية، وكما ذكرت بسياق الحديث عن <العلاج المعرفي السلوكي> يتعلّم الشخص المسؤولية لكي يتخلص من فكرة انه الضحية وليسعى الى التغيير. كما ان التأمل مهم في هذه الحالة أيضاً، اذ يجب ان يتعلم الشخص كيف يغيّر الطاقة ويعمل على <Chakras> او <مركز الطاقة في الجسم> فالطب الهندي مرتكز على مراكز الطاقة او <الشاكرا> فاما تكون طاقة سلبية او ايجابية، لذا ننصح الأشخاص بضرورة التأمل. وأيضاً قد يساعد الشخص نفسه من خلال الطعام فهناك أعشاب مثل القصعين الذي يطرد الطاقة السلبية، وهناك أناس يحوّلون القصعين الى مشروب فيشربونه، لأن الطاقة السلبية تأتي من التهاب في الجسم، والتوتر هو مصدر الطاقة السلبية، كما ان التوتر يخفض المناعة في الجسم. وهناك طرق عديدة لتقوية المناعة في الجسم مثل تناول العقدة الصفراء اذ تنظف الجسم من الداخل، واللجوء إلى <السونا>، كما ان الرياضة تساعد على اخراج السموم من الجسم، والأهم من هذا كله العودة الى الطبيعة لأن الطبيعة تمنح الطاقة للانسان بدل تمضية ساعات امام شاشات الهواتف و<الآيباد> وغيرها.

الطاقة الايجابية تمنح الانسان التفاؤل والسعادة!

ــ وما هي الطاقة الايجابية؟

- اولاً يجب التنويه هنا ان كل انسان لديه طاقة سلبية واخرى ايجابية، وليس هناك انسان ايجابي مئة بالمئة ولكن الطاقة الايجابية لديه تربح وتسيطر على الطاقة السلبية، ويتمتع الانسان الايجابي بالذكاء والذكاء العاطفي، وأهم ما في الطاقة الايجابية لدى الانسان انه تكون لديه قدرة على التحمّل، كما يكون لديه الكثير من الحب والعطاء واللطف، وأهم ما في الطاقة الايجابية ايضاً التفاؤل والتفاهم والتحمّل.

ــ والى اي مدى تساعد الطاقة الايجابية الانسان لمواجهة المشاكل الحياتية والمهنية والصحية؟

- تساعد الطاقة الايجابية الانسان لأقصى الحدود اذ ليس هناك حدود لها، فالشخص الذي لديه طاقة ايجابية يرى أبعاد الأمور وتكون لديه أحلام ايجابية ويقدر ان يعكس هذه الطاقة بينه وبين نفسه كما وبينه وبين الآخرين والى المجتمع. ولربما يكون الشخص الايجابي انساناً فقيراً لكن لا يمنعه ذلك من ان يكون سعيداً ومطمئناً وهذا ينعكس على وجهه اذ ترينه بشوشاً، وبطبيعة الحال ينعكس ذلك على أفراد أسرته، وأدائه في عمله اذ يكون ناجحاً في مهنته والحياة ككل، وينشر المحبة والايجابية اينما وُجد واذا رأى أحدهم يعاني من الالم يقدم المساعدة له، كما انه يساعد بدون مقابل اذ يقوم بذلك بدون قيود ولا شروط لأنه يشعر مع الآخرين، وعندما يساعد من يحتاج للمساعدة يشعر بأنه سعيد جداً، وهذا ما يردده دائماً الأشخاص الذين يحبون مساعدة الآخرين بأنهم يشعرون بالسعادة عندما يقومون بذلك.

 ــ وهل ممكن ان يتحول الانسان السلبي الى انسان ايجابي اذ تلقى المساعدة من متخصصين؟

- ممكن ان يتحول الانسان السلبي الى انسان ايجابي، ولكن ليحصل ذلك يجب ان يبدأ الانسان من ذاته وان يطلب المساعدة وان يساعد نفسه أيضاً، ونحن نركز على الخصائص القوية لأن كل انسان يتميز بشيء ما، فمن جهتنا نركّز على الخصائص الايجابية لكي يطرد الأفكار السلبية، وبدورنا نحوّل نقاط الضعف الى نقاط القوة وهذا يزيد ثقة الشخص بنفسه، لأن الثقة بالنفس أمر أساسي، فعندما تزداد الثقة يصبح لديه استعداد لمواجهة الحياة ويضع أمامه الأهداف ويسعى لتحقيقها، وهنا فان للعلاج دوراً مهماً لأننا نقدّم له الدعم المعنوي والنفسي لكي يستعيد ثقته بنفسه.

ــ في المقابل، هل ممكن ان يتحول الشخص الايجابي الى شخص سلبي اذا تعرض لمشاكل في حياته الشخصية او المهنية؟

- طبعاً الانسان يمر خلال حياته بأوقات صعبة، وهذا يسبب له مشاعر سلبية، ولكن الانسان الايجابي لا يمكن ان يتحول الى سلبي، رغم انه قد يتحول الى انسان سلبي لوقت محدد ربما لمدة شهرين او ثلاثة أو أربعة أشهر، ولكن لا يمكن ان يبقى سلبياً لوقت طويل لأن الانسان الايجابي مهما جرحته الحياة فهو مثل الشجرة الطويلة التي تبقى صامدة بوجه العواصف لأن جذورها راسخة في الأرض، ولربما تسقط أوراقها بسبب العاصفة ولكن العاصفة لا تقدر ان تقتلعها من الأرض بسبب جذورها، هكذا هو الانسان الايجابي اذ مهما تعرّض لمواقف صعبة يقدر ان يحل المشاكل، كما انه يطمح للأفضل ويتميز أيضاً بأنه انسان متسامح، وبالتالي بفضل الطاقة الايجابية لديه تتغلب المحبة على الكراهية والحقد، ويتغلب التسامح على الحقد... اذاً بالمحبة والايمان يقدر الانسان الايجابي ان يواجه الحياة بكل مشاكلها.