تفاصيل الخبر

تـانـيـــــــا صـــالـــــــح: ”الـبَركــــــة بـالـنــــــاس الـتــــــي سـتـوصـــــــل أعـمـالــــــي للاجـيـــــــال الـمـقـبـلـــــــــة“!

07/12/2018
تـانـيـــــــا صـــالـــــــح: ”الـبَركــــــة بـالـنــــــاس الـتــــــي سـتـوصـــــــل أعـمـالــــــي للاجـيـــــــال الـمـقـبـلـــــــــة“!

تـانـيـــــــا صـــالـــــــح: ”الـبَركــــــة بـالـنــــــاس الـتــــــي سـتـوصـــــــل أعـمـالــــــي للاجـيـــــــال الـمـقـبـلـــــــــة“!

 

بقلم عبير انطون

في التعريف عنها تتشابك أكثر من صفة، فتانيا صالح من رواد الفن البديل في المنطقة، هي مغنية وكاتبة وفنانة تشكيلية وراسمة جداريات، وهي ايضا امرأة حرة من هذا الشرق، تؤمن بكنوزه الحضارية والثقافية وتسعى الى استعادتها عبر أغنياتها علها اليوم او غدا تصل الى المكانة التي تستحقها. اجتماعيا كان لأغنياتها اكثر من محطة عبّرت فيها عن واقع المجتمع اللبناني والعربي بكل حلاوته ومرارته وتشعباته السياسية والثقافية، ولا زالت اغنيتها <سكر الدكانة> تشد الاسماع بعد أن ترجمت فيها اوجاع الشارع اللبناني في مواجهة سلطة الفساد.

المسيرة التي بدأتها في العام ١٩٩٠ دخلت عبرها في تجارب موسيقية متعددة أصقلت موهبتها وأعطتها خبرة كبيرة في دمج الأنماط الموسيقية المختلفة، فأصبح الطرب العربي والموال والدبكة اللبنانية مطعّمة بموسيقى <الروك> و<الفانك> و<الجاز> و<البوسا نوفا> وفي عملها الأخير مع الموسيقى الإلكترونية استطاعت أن تخلق اسلوبا خاصا بها لا ينافسها عليه احد. مع نادين لبكي شاركت عبر اغنيات جميلة في فيلمي <كاراميل> و<هلأ لوين>، غنت لبعلبك <مدينة الشمس>، وجالت في ربوع العالم صادحة بصوتها، حتى انها استحقت مؤخرا <جائزة النقاد الألمان> عن فئة <الموسيقى العالمية> عن عملها الجديد <تقاطع> بالتزامن مع نشرها على <يوتيوب> فيلمها الذي يحمل العنوان نفسه من إخراج إيلي فهد.

فما الذي في جعبة تانيا بعد؟ ماذا تقول عن تجربتها مع المخرجة نادين لبكي؟ وماذا عن تعاونها السابق مع زياد رحباني؟ لماذا لم تصل <شعبيا> الى المكانة التي تستحقها بعد؟ وماذا عن حفلتها القريبة في <معهد العالم العربي> في باريس؟

معها كان لقاء <الأفكار> بدءا من مشاركتها مؤخرا في <مهرجان بيروت اند بيوند> المحتفي بنسخته السادسة وسألناها اولا:

ــ وصف <مهرجان بيروت ان بيوند> بأنه يحتفي بـ<الموسيقى الحرة المستقلة> ما الذي عني بذلك وما كان برنامجك فيه؟

 - الموسيقى الحرة المستقلة هي الموسيقى التي لا تبغي الربح التجاري وانما تقديم ما هو جديد بغض النظر عن الذوق العام. في هذا المهرجان، قدّمت آخر عمل سمعي بصري بعنوان <تقاطع> مع الـ<DJ> السويدية <ليزا نوردستروم> التي رافقتني في جولاتي حول العالم هذه السنة.

 ــ مزجت انواعا متعددة من الموسيقى التراثية التي نشأت عليها والغربية التي اخترتها ومشيت عكس السائد فنيا. الى اي مدى لاقاك الجمهور اللبناني والعربي الى المكان الذي انت فيه؟

-  الناس تحترم من يغامر في الفن وليس من يقلد. وانا كنت دائما اتبع حدسي في الغناء والكتابة والتلحين بكل صدق. الجمهور يحس بذلك وانا محظوظة بأن الناس التي تتابع عملي منذ البداية ما زالت موجودة حتى اليوم، وانا فخورة بأنني استطعت ان اوصل الأغنية اللبنانية المعاصرة الى البلاد العربية والأوروبية.

 ــ كيف ولدت فكرة استعادتك لكبار الشعراء غناءً، وهل كان صعبا على الجيل الجديد تلقفها؟

 - كان <الألبوم> الأخير مغامرة فنية من جميع النواحي كما انه كان <الألبوم> الذي اردت فيه تخليد ذكرى والدي الذي علمني الكثير عن الأدب والسياسة والفن العربي. هذا <الألبوم> <تقاطع> يدرس الآن في عدد من المدارس اللبنانية لإيصال اللغة العربية للتلاميذ بشكل معاصر، وانا أشكر الأساتذة والمعلمات الذين اختاروه ووضعوه في مناهجهم (ن) من دون علمي، لقد عرفت ذلك بالصدفة عندما اتصل بي ابني من المدرسة ليخبرني عن الأمر.

 ــ ماذا عن ظروف ولادة هذا العمل بأغنياته المنوعة (فرحاً بشيء ما، كيف بروح، ليس في الغابات عدل، الشرق، خناقة مع الله، القصيدة الدمشقية <لاسلام ولا كلام>، في بلاد الآخرين، سنحلم، انا ليليت، الدنيا ربيع، عجبي، حنغني) وتعتبرينه اكثر من <البوم> بل <نهجا جديدا تعملين عليه>. كيف تصفينه، ما هو هدفه ومع من تعاونت لإنجازه؟

- هذا العمل السمعي البصري يمزج بين الشعر العربي وفن الشارع والموسيقى الالكترونية. عملت مع المنتج النروجي <ايريك هيلستاد> لتنفيذه وقد تطلب مني الأمر السفر الى عدد من البلاد العربية والأوروبية لتسجيل الموسيقى وتنفيذ الرسومات على الجدران. هذا العمل هو محاولة لنقل صورة عن عالمنا العربي الذي يقف اليوم مهتزاً حائراً على مفترق مسارات وتناقضات وتحديات. هو محاولة متواضعة للمشاركة بإيجاد أرضية ثقافية جامعة تبني عليها الأجيال العربية المقبلة منصات ثابتة وموحدة الأهداف للإنطلاق نحو غد أفضل.

وأضافت:

- جرى إطلاق هذا المشروع المتعدد الأبعاد من خلال شركة <Kirkelig Kulturverksted> ومقرها أوسلو، وتم إنجازه من خلال التعاون مع منتج الموسيقى الالكترونية التجريبية خليل جدران، وهو يتعلق بالقضايا محل الاهتمام في الشرق الأوسط، والتي يتم دمجها بذكاء وحماس في عناصر بصرية وسمعية مبتكرة لخلق شيء أكثر من مجرد <ألبوم>.

واستطردت تانيا:

 - لقد أضاف الموزع الموسيقي التونسي خليل جدران على الحاني توزيعا <مناسبا> للعصر كما لحن مقطوعتين في <الألبوم>. اما مع المخرج اللبناني الشاب ايلي فهد فقد عملت معه على لغة بصرية مختلفة لإيصال فكرة الأغنيات كلها بأفضل طريقة من خلال الفيلم الترويجي ومدته ١٥ دقيقة، ويمكن مشاهدة الفيلم وهو بعنوان (تانيا صالح ــ تقاطع) على <يوتيوب>.

 لا أمير ولا وزير...!

 

 ــ عند اي <تقاطع> من حياتك الشخصية تتوقفين وما الذي شكل تميّزه؟

- اردت ان اعمل على عمل يمزج بين حبي للغناء ولكتابة الأغنيات، وحبي للفن التشكيلي وفن الشارع في عمل واحد، فكان هذا الـ<تقاطع> هو الأهم بالنسبة لي.

ــ ما الذي يمنع وصولك برأيك الى <شعبية> اكبر تستحقينها؟

- انا <مش مصاحبة امير او وزير>، ولست بنت فنان مشهور ولا أجيد القيام بالعلاقات العامة... وكلّما تطلب حضوري او اجراء لقاء لي عبر اذاعة محلية او عبر التلفزيون دفع المال من جيبي فإن ذلك يصعّب المهمة علي، خاصة وان ليس من منتج لي يرعى هذه الأمور، وتعرفون بان الدعاية جزء كبير جدا من الإنتاج الموسيقي. لأجل هذه الاسباب لن تعرفني الناس بالشكل الكافي. في ايامنا هذه، حتى الانترنت بات يتطلب منا دفع المال للظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي. البركة فعلا هي بالناس التي تبذل الجهد لمتابعتي والتي اعتقد انها هي أيضا، بعد مماتي، سوف توصل للاجيال المقبلة الاعمال التي لم تأخذ حقها كفاية.

 ــ كيف تقيمين الوضع الغنائي اللبناني تحديدا والعربي عامة، هل نحن في بداية تشكيل <صحوة فنية> مع عدد من الاسماء وتجاربها الجدية بينها مثلا تانيا صالح، شربل روحانا، عبير نعمة، مايك ماسي وغيرهم؟

- طبعا. الساحة الفنية في لبنان والعالم العربي تتجه الى الأعمال الجدية والراقية التي تعبّر عن واقعنا وليس عن ماضينا بالرغم من كل الصعوبات على مستوى الإنتاج وحرية التعبير. عندما بدأت مسيرتي في التسعينات، بعد الحرب الأهلية في لبنان، كانت هناك فرقة <سوب كيلز> (ياسمين وزيد حمدان) وفرقة <عكس السير> (ريس بيك) وتانيا صالح ومنير الخولي وكنا نقدم أغنيات باللغة اللبنانية المعاصرة وكنا نحن من أخذ المبادرة في اطلاق ما أصبح يسمى بالموسيقى البديلة. اليوم هناك العديد من الفنانين المستقلين والفرق المستقلة في جميع الدول العربية التي تحاول ان تنتج موسيقى جديدة معاصرة وهذا يعني ان ما بدأناه نحن كبر كثيرا في السنوات العشرين الماضية، وهذه بشرة خير.

 ــ شخصيا كيف تعرفت على قدراتك الغنائية، متى قررت دخول هذا العالم وما كانت ابرز العوائق في وجهك؟

- كنت أغني في الاحتفالات المدرسية وبعد ذلك في بعض الإعلانات والفرق الموسيقية الأجنبية وكورال أغنيـــات زيــــاد الرحبـــاني، إلى ان قــــررت ان أعمـــــل علــــى <البومي> الخاص بمساعدة زوجي السابق مهنــــدس الصوت والمنتج الموسيقي فيليب طعمه الذي كان له الفضل الكبير على بداياتي في المجال الفني. انتجنا سويا <البوم> <تانيا صالح> و<وحدة> قبل ان ننفصل.

وتابعت قائلة:

- اما العوائق فهي على انواع، فهناك العوائق الإجتماعية بالقول <لا يمكنك ان تمشي بعكس التيار>، والعوائق العائلية بعدم التشجيع <لا يمكنك ان تكوني اما وزوجة لديها طموح>، فضلا عن نظرة الناس للفن وانه <ما بيطعمي خبز> الى النظرة الى المرأة التي تكتب وتلحن والظنّ بأنها ليست اهلاً لذلك.

 

<وهلأ لوين>..؟

 

 ــ حدثينا عن التجربة مع نادين لبكي: اولا ما تعليقك على فيلمها الجديد <كفرناحوم>؟

- نادين موهوبة جداً ولديها <كاريزما> طبيعية وهي ذكية ومغامرة وصادقة. واهم شيء بالنسبة لي هي قدرتها الخارقة على إدارة الممثلين وغير الممثلين. أنا سعيدة جداً بنجاح فيلمها الأخير وأتمنى أن تحصل على <الأوسكار> لأفضل فيلم اجنبي لهذه السنة.

 ــ كيف كان التعاون معها في فيلم <وهلأ لوين>؟

 - طلبت مني نادين أن أكتب أغنية النهاية لفيلمها الأول <سكر بنات> فكتبت أغنية <مرايتي يا مرايتي>، ثم طلبت مني ان أكتب كل الأغنيات في فيلم <هلأ لوين> التي لحنها خالد مزنر ففعلت، وكانت <حشيشة قلبي> و<يمكن لو> و<كيفو هالحلو> و<يمي>. إنّها تجربة افتخر بها كثيرا.

 ــ الى اي مدى برأيك يولي السينمائيون وصناع الدراما المحليون في لبنان الاهمية للموسيقى التصويرية؟

 - لم احضر كل الأفلام المحلية ولكن لا أظن ان للموسيقى مكاناً كبيراً لأن الإنتاج لا يحسب حساب الموسيقى الا في نهاية العمل وبالتالي لا يبقى الكثير من المال للتسجيل الصحيح، فينتهي الأمر اجمالاً بأن تشكل الموسيقى <كومبارس> في الفيلم.

 ــ من يلفتك من الفنانين وتحرصين على الاستماع الى جديده، وأي عمل لفتك مؤخرا؟

- استمع الى كل ما يصدر في العالم من موسيقى من جميع الأشكال والألوان خاصة الموسيقى المعاصرة العربية والأجنبية...

 

لا تعليق...!

 

ــ مثلت وغنيت في المسرحيتين الاخيرتين لزياد الرحباني <بخصوص الكرامة والشعب العنيد> (١٩٩٣) و <لولا فسحة الأمل> (1994). هل تجدين استراتيجيته الجديدة في الاعلام والتواصل والاطلالات المتكررة في محلها، وهل سنسمعك في عمل من اعماله الجديدة؟

- لا تعليق.

ــ طيّب ماذا عن استراتيجيتك الفنية شخصيا، هل ترفضين الغناء في غير المسارح؟ (حانات... نوادٍ ليلية) الخ ولماذا؟

- لا احب ان اغني والناس يأكلون. <ما بتزبط...>.

 ــ ماذا عن الرسم التشكيلي وهل من معرض قريب لك في مجاله؟

 - أنتظر ان اصبح في عمر لا استطيع فيه السفر كثيرا، لنقل بعد عشر سنوات على الأقل، عندئذٍ سوف اتوقف عن الغناء واتفرغ للرسم والكتابة.

ــ بعد سلسلة حفلاتك ما بين اوسلو ومصر وغيرها، ماذا عن حفلة <معهد العالم العربي> في باريس المقبلة، من سيكون جمهورها برأيك، وماذا ستقدمين له فيها؟

- الاحتفال في باريس هو ضمن مهرجان للاحتفال باللغة العربية، وسوف اقدم عملي الأخير <تقاطع> وسوف يكون الجمهور مختلطا بين اوروبي وعربي. انا متحمسة كثيرا لهذا الاحتفال لأنها المرة الأولى التي أغني فيها في العاصمة الفرنسية التي لها فضل كبير جداً على مسيرتي من الناحية الفكرية والفنية والثقافية.