تفاصيل الخبر

”تــانــغـــــــو الــهـــــــوى“... ســابــقــــــــــة عــالــمــيــــــــة مـــن قــلــــــــب بــيــــــــــروت!  

06/05/2016
”تــانــغـــــــو الــهـــــــوى“... ســابــقــــــــــة  عــالــمــيــــــــة مـــن قــلــــــــب بــيــــــــــروت!   

”تــانــغـــــــو الــهـــــــوى“... ســابــقــــــــــة عــالــمــيــــــــة مـــن قــلــــــــب بــيــــــــــروت!  

بقلم عبير انطون

Invitation-Card-Recto

بعد غياب دام لثماني سنوات يعود مسرح <الاريسكو بالاس> الذي شهد اجمل العروض الفنية والاستعراضية. عودته تحت اسم <the palace theatre> موقعة من قبل مقدمة البرامج المعروفة رانيا برغوث التي تستثمر المسرح لمدة 12 عاماً من مالكيه، وكانت البداية مسكاً مع <مهرجان بيروت الدولي للتانغو> في دورته الثامنة، دورة دونها صعوبات عدة لم تحل دون المضي في تقديمه احتفالاً سنوياً بات منتظراً لعشاق هذا النوع من الرقص.

فماذا عن <التانغو> في لبنان؟ من هو جمهوره؟ اين يمكن المشاركة في سهراته؟ ما كانت صعوبات المهرجان لهذا العام؟ وما جديده في سابقة ليست الاولى على صعيد الشرق الاوسط فحسب بل على صعيد العالم كله؟

 مع مؤسس المهرجان ومديره الفني استاذ الرقص مازن كيوان دخلت <الافكار> الى الكواليس وكان <تانغو الاسئلة والاجوبة>..

 

<اوباما> .. و<ميشيل>

 

 لطالما شُبّهت الحياة برقصة <التانغو> من ناحية انها بحاجة الى اثنين، رجل وامرأة، وهذه الرقصة العريقة التي وُلدت في اواخر القرن التاسع عشر في <بيونس ايرس> و<الأوروغواي> انتقلت خلال هجرات الأفارقة والاوروبيين عبر إسبانيا خلال سنة 1880 حتى وصلوا الأرجنتين ومنها انتشرت الرقصة للعديد من الدول.. رقصة <التانغو> شدت الانظار اليها مؤخراً مع الرئيس الاميركي <باراك اوباما> في الثالث والعشرين من شهر آذار/ مارس الماضي، اذ استغل الرئيس الأميركي حفلة العشاء مع نظيره الأرجنتيني <ماوريسيو ماكري> في <بوينس أيرس> لاستعراض مهاراته في الرقص على أنغام موسيقى <التانغو> مسارعاً إلى قبول عرض راقصة <التانغو> الأرجنتينية الشهيرة <مورا غودوي>، ليقدّما سوياً عرضاً راقصاً أمام عدسات الكاميرا. كما رقصت <ميشيل> عقيلة الرئيس على أنغام <التانغو> أيضا مع أحد الراقصين، وسط تصفيق الحضور الذي عبّر عن إعجابه بمهارات الزوجين الراقصة.

وبعيداً من الارجنتين، ماذا عن <التانغو> في لبنان؟

مع أهمّ راقصي <التانغو> ومنسّقي الأغنيات وعشّاق الرقص من أكثر من 35 بلداً من حول العالم، دول الاوروبيتين الشرقية والغربية الى الارجنتين واليونان وسوريا والاردن ومصر واجانب يقيمون في الخليج العربي، يحتفل <مهرجان بيروت الدولي للتانغو> بموسمه الثامن. هذا <التانغو> الذي أُعلن من قبل منظمة <الأونيسكو> في شهر ايلول/ سبتمبر من العام 2009 جزءا من <التراث الثقافي الإنساني غير الملموس> في العالم، وذلك بناءً على طلب تقدّم به كل من الأرجنتين و<الأوروغواي> اذ انهما البلدان الللذان انتشرت فيهما هذه الرقصة بادئ الأمر.

 عاشق <التانغو> مازن كيوان تحدث عن المهرجان:

- «تأسّس «مهرجان بيروت الدولي للتانغو» عام 2009، وهو حدث وحيد من نوعه في الشرق الأوسط، في إطار جهد لترسيخ مدينة بيروت كوجهة دولية رائدة لهذا النوع من الرقص. وتحت شعار «Let Beirut Embrace You»، في إشارة إلى العاصمة الحاضنة للتنوع والثقافات، واشارة ايضاً الى ضرورة العناق والتلاقي، ازدادت صعوبات القيام بالمهرجان بسبب الوضعين الامني والبيئي. ويشرح كيوان:

 في العام 2012 استقطبنا الأجانب بنسبة 50 بالمئة من جمهور المهرجان فيما انحسرت نسبة هذا الجمهور الاجنبي لهذا العام بشكل كبير، اولا بسبب الاوضاع الامنية وتحذير بعض السفارات رعاياها من زيارة البلد، وثانيا بسبب النفايات وما <فرزته> من صورة سيئة عن لبنان وشوارعه.

اما عن كيفية بناء علاقات مع اهل <التانغو> ومحترفيه من حول العالم، وهي اسماء لامعة شاركت بأعداد كبيرة في السنوات السابقة، فيقول كيوان ان اغترابه عن لبنان لمدة عشرين عاماً قضاها تنقلا بين بلدان عدة وصلت الى اربعين بلداً مختلفاً، جعله ينسج شبكة علاقات مع اشهر الاسماء العالمية في مجال الرقص بشكل عام و<التانغو> بشكل خاص. ويؤكد ان <عشاق <التانغو> يتبعون المحترفين في اي عرض او ورش عمل يقيمونها في اي بلد من حول العالم. وكان لنا في هذا الشأن اقبال كبير للثقة بالمهرجان ولسمعته الطيبة، واقول بصدق ان ابرز النجوم في هذا المجال يلغون زيارات الى بلاد اخرى اذا ما علموا بمشاركتهم في لبنان، حتى انهم يعرضون المشاركة من تلقاء انفسهم، لانهم يصرون على اضافة المشاركة في المهرجانات اللبنانية على <سيرتهم الذاتية>، فبيروت مختلفة عن اية مدينة أخرى، وهي <كالفاكهة الـ<اكزوتيك>> بالنسبة اليهم. كذلك فإن مواكبتنا للمهرجان ببرنامج سياحي تحفّز المشاركين فنزور معهم مختلف المناطق اللبنانية من بيت الدين الى جبيل وحاريصا والارز وبعلبك سابقا بعد ان بتنا نتخوف على السياح فيها نظراً للوضع المتوتر في تلك المنطقة.

 

ارهاب والغاء..

صورة-الرئيس-اوباما-يرقص--التانغو

يخبرنا كيوان ان صعوبة المشاركة في الدورة الثامنة أتت خاصة بعد انفجارات باريس وبلجيكا، وموقف المشتركين من ذلك انه اذا ما ضرب الارهاب قلب اوروبا فان اي منطقة اخرى من العالم لن تكون بمنأى عن التفجير، فأُلغيت مشاركات عديدة.

 اما حول المساعدة المالية للمهرجان الذي يُنظم لمرتين في السنة، الاولى في شهر ايار/ مايو والثانية في شهر تشرين الاول/ أكتوبر من خلال <بيبلوس تانغو فيستيفال>، يقول كيوان ان اتصالهم كمهرجان يتم مع وزارة السياحة، والدعم الرسمي يقتصر على المعنويات والتسهيلات والتشجيع. لا يلوم كيوان اية جهة الا انه لا يغفل ايضا اهمية هذا المهرجان سياحيا، فالمشاركون به يأتون الى لبنان ويقيمون فيه على نفقتهم الخاصة، ما يشغل فنادق المدينة، اذ تمّ مثلا حجز ثلاثة فنادق بشكل كامل في منطقة الحمرا العام 2012 مع وصول عدد المشاركين الى 220 مشتركاً من 34 جنسية مختلفة ما سجّل رقما قياسيا حينذاك، في حين لا تتعدى المشاركة لهذا العام الستين شخصاً امكن استيعابهم في فندق واحد. هذا الامر لا بد انه ينعكس ايضا على المستوى التقني والفني في ليالي العروض. وحدهم النجوم المدعوون لاحياء الحفلات يتقاضون بدلاً مادياً، اما العاملون على تنظيم المهرجان فهم من المتطوعين الذين يتركون اعمالهم احيانا للمساعدةلايمانهم بالمهرجان ورسالته، في محاولة لتأكيد دور لبنان مساحة للثقافة والفن والتبادل الحضاري بين الشعوب.

وعن جمهور <التانغو> وراقصيه في بلدنا يقول كيوان:

- الجمهور يزداد عاماً بعد آخر لبنانياً، وقد ازداد بشكل لافت مؤخراً ما عوّض في مهرجاننا عن الجمهور الاجنبي، وقد بلغت نسبة اللبنانيين المشاركين نحو ستين بالمئة. هذه الزيادة مردها الى افتتاح اكاديميات للرقص من بينها الاكاديمية التي افتتحتها شخصياً وتحمل اسمي، فضلاً عن مدارس اخرى متخصصة بـ<التانغو> الاجنبي.

وأضاف:

- رقص <التانغو> لا نجده لبنانياً في حفلاتنا واعراسنا، وهو مفقود فيها نوعاً ما اذ ان جونا اللبناني مختلف، الا ان محبي هذا النوع من الرقص يمكن ان يستمتعوا به من خلال سهرة اسبوعية تُنظم مساء كل اربعاء، فيلتقي محبوه عند منطقة بدارو حيث يُحتفل بسهرة لرقص <التانغو> تمتد عن التاسعة والنصف حتى الواحدة والنصف. كذلك فان غياب <التانغو> عن سهراتنا ومرابعنا مرده بحسب ما يشرح كيوان الى طقوسه الخاصة، فلا مزج للحقبات او الموسيقات المختلفة وله خصوصيات تُراعى دائما. اما هو، اي كيوان، فلا <ينجو> بحسب وصفه من وصلات الـ<تانغو> في كل مناسبة يشارك بها، وقد تعلق بهذا النوع من الرقص من خلال عشقه لموسيقاها التي كان يهواها طفلاً، الى ان سافر من لبنان في العام 1995 الى باريس ومن ثم الأرجنتين ليتعرف عن كثب الى هذا النوع من الرقص، ويخبرنا كيف راح يلاحق الاساتذة والمدربين من بلد الى آخر حتى تعلم اصوله، الى ان احترف بدوره وراح يعلمه.

 

الهوى .. عربي!

حمل المهرجان لهذا العام عنوان <تانغو الهوى>، وهو العنصر الجديد والاهم في المهرجان الثامن لهذا العام الذي احيا حفلين في الثالث والرابع من ايار/ مايو الحالي تحت هذا العنوان، وقد جمع هذا الحدث ثنائيين راقصين عملاقين في عالم <التانغو> على مسرح واحد وعلى وقع أنغام <التانغو> الساحرة.

ويشرح كيوان:

- هو الهوى بكل معانيه، الهوى العربي وفي الاغاني العربية.. تخمرت الفكرة بعد ان كنت أُسأل متى نرى فرقا لبنانية مشاركة على وقع موسيقى عربية، وكان اللقاء مع المؤلف الموسيقي المبدع زياد سحاب الذي اعاد توزيع الموسيقى لاغنيات <تانغو> عرفناها مع فريد الاطرش واسمهان وعبد الوهاب وليلى مراد في أغنية <اطلب عيني>، وغيرها. التوزيع اللبناني رافقه توزيع موسيقي ارجنتيني مع <مارتين لوياتو> فتشارك الاثنان في خلطة خاصة ما بين ثلاثة موسيقيين ارجنتينيين واربعة لبنانيين على مختلف الآلات، في حوار يحصل للمرة الاولى ليس في الشرق الاوسط وحده بل في العالم كله. هذا الحوار الموسيقي بين آلة الـ<باندونيون bandoneon> وهي الآلة الاصلية التي تعزف الموسيقى لـ<التانغو> في الارجنتين، وبين العود الآلة الشرقية الرائعة، هو ابعد من مجرد حفلة، انه انصهار بين ثقافتين التقتا في توزيع جديد لاغنيات عالمية معروفة واخرى عربية مشهورة.

 ويشير كيوان الى تعاون ثان مع سحّاب ضمن عرض مسرحي راقص <نحضّر له سوياً، أنا على صعيد <الكوريغرافيا> وهو على صعيد الموسيقى، ويجمع العمل ممثلين وراقصين على الخشبة، على أن يُعرض في الخريف المقبل>.

صورة-زياد-سحاب-ومازن-كيوانبأفضل حال..

وحول وضع <التانغو> عالمياً اليوم، يؤكد كيوان انه يمر بمرحلة جيدة جداً: <لقد مر بمراحل صعبة في الارجنتين و<الاورغواي> حيث نشأ مع الحروب العالمية اولا ومن ثم الديكتاتوريات التي منعت التجمعات على اختلافها، ليعود وينشط في اواخر الثمانينات مع انتهاء الديكتاتورية، وهو ينتشر على نطاق واسع اليوم ما بين باريس وروما وبرلين وتتنقل عدوى انتشاره في العالم كله منذ العام 2003، حتى انه وصل الى الهند، وها انذا اشارك شخصياً في ورشة عمل في النرويج في شهر حزيران/ يونيو المقبل حول <التانغو>>.

لا ينفي مازن كيوان، عضو لجنة تحكيم برنامج <الرقص مع النجوم> اهمية الضوء الذي القاه البرنامج عليه كراقص وعلى رقص <التانغو> تحديداً. فقد شجع البرنامج على الانخراط في صفوف هذا النوع من الرقص مؤكداً ان الرقص يتعدى الخطوات الى كونه طريقة تعبير، هي الاجمل بنظره!

تستمر فعاليات <مهرجان التانغو> الذي يستمر حتى الثامن من ايار/ مايو الجاري، فبعد حفلتي النجمة الارجنتينية اللامعة <ديبورا روس> التي تجسّد روح <التانغو> الأرجنتيني وتعتبره <وجه الأرجنتين الذي يروي حياة وذكريات شعب بأكمله>، يستمر المهرجان مع دورات تدريبية متتالية لمختلف مستويات المهارات في الجامعة اللبنانية الأميركية. وفي كل ليلة، تتبع الدورات التدريبية حفلة <تانغو> راقصة تُعرف باسم «ميلونغا»، على وقع أغنيات أشهر منسّقي الموسيقى العالميين، ما يتيح لمحبي <التانغو> الاستمتاع به بانتظار موسم جديد لعلّه يحمل الأفضل في المهرجان التاسع العام المقبل..