تفاصيل الخبر

تعيد اكتشاف روما ”مدينة السحر والجمال“ بعد 25 عاما في لبنان...

24/01/2020
تعيد اكتشاف روما ”مدينة السحر والجمال“ بعد 25 عاما في لبنان...

تعيد اكتشاف روما ”مدينة السحر والجمال“ بعد 25 عاما في لبنان...

 

بقلم عبير انطون

 

آنا بوندافاللي ورد“ في كتاب ومعرض عن روما ”الاستثنائية“: بعدسة القلب لا العين التقطت صور المدينة التي أعشقها!

روما، المدينة العالمية، من منا لم يزرها يوما او يحلم بزيارتها او حتى يستعد اسمها في ذاكرته بصوت فيروز يصدح في مسرحية <بترا>: روما روما.. ها هي المدينة التاريخية بحضارتها وعظمتها واوجهها المتعددة الكلاسيكية والعصرية، تأتينا في كتاب قيّم لابنة ايطاليا السيدة <آنا بوندافاللي ورد>، تسكبها في اصدارها الأول بعنوان:

«ROMAE - Inner Shades - Un autre Regard - Sguardi Intimi» حيث التعليق باللغات الثلاث الايطالية والفرنسية والانكليزية، يرافقه معرض صور معجونة بحنين الفراق عن المدينة الأحب، ومجبولة بشغف عميق لكل ما فيها من فن وتاريخ، فتسافر، ومعها القارئ، الى ازقة روما وأحيائها ومعالمها وأمجادها، وانما ايضا الى حاضرها المعاصر والنابض...

 فماذا بين ضفتي الكتاب (نشره Noir Blanc Et Caeter، ويباع في <مكتبة انطوان>)؟ وكيف اختارت ورد صوره <من روما>، وما الذي تعنيه كلمة Romæ باللاتينية؟ لماذا عهدت الى المصور والسينمائي اللبناني فيليب عرقتنجي تحديدا لكتابة التمهيد له، وكانت وصيّة متحف الفن الحديث (موما) في نيويورك <روني هيمان> قد كتبت غلافه الخلفي؟

في لقاء <الأفكار> مع <آنا> حصاد لكل الأجوبة بدءا من السؤال:

ــ لنتعرف بك سيدة <آنا> اولا، من أية منطقة في إيطاليا تتحدرين، ومنذ متى وانت تقيمين في لبنان؟

- أنا من <ريجيو إميليا> وهي بلدة صغيرة في شمال إيطاليا. بعد أن حصلت على شهادة في علم الاقتصاد والتجارة من <جامعة بارما>، انتقلت إلى بيروت حيث أعيش منذ خمسة وعشرين عاما مع زوجي وأطفالي الأربعة. لقد تخصصت في مجال إدارة الأعمال وإدارة العلامات التجارية. أهوى الفن والسفر، ولطالما كان التصوير شغفي منذ الطفولة. مع فجر ميلادي الخمسين، أدركت أنني عشت العدد نفسه من السنوات في إيطاليا وفي لبنان ما جعل من هويتي مزيجا لا ينفصم من الثقافتين. وهذا الخليط هو الذي يتم التعبير عنه اليوم من خلال عدسة كاميرتي.

ــ كيف تعرّفت بزوجك؟ هل كان ذلك في لبنان أو في ايطاليا، وما كانت ظروف لقائكما؟

- تعرفت بزوجي في باريس من خلال اصدقاء لبنانيين. وكان اللقاء، بالمعنى الحرفي للكلمة، حبا من النظرة الاولى، وبعد سنتين لحقت به الى لبنان.

ــ كيف اكتشفت هذا الشغف لديك بالتصوير؟ هل تتذكرين الصور الاولى التي التقطتها وهل لا زلت تحتفظين بها؟

- لقد كنت شغوفة بالتصويرالفوتوغرافي منذ سن مبكرة جدًا. صوري الأولى، ولا زلت أحتفظ بها، التقطتها في الـ<دولوميت> (جزء من جبال الألب الإيطالية) حيث دفعني مشهد الطبيعة الخلابة وتعابير الأطفال الذين كنت المشرفة عليهم لالتقاط الصور للحظات لا يمكن تعويضها، والتي بفضل الكاميرا استطعت وضعها في بعد جديد، بعد خالد.

 الأمر ذاته يصح اليوم ايضا، اذ ما إن يلفت جزء من الواقع انتباهي حتى يتغلغل في أعماق ذاتي ويستثير نسيجي الشاعري فيستولي علي حتى من قبل ان أستولي عليه، وأنا مدركة تماما أن ما أعتقد أنني ألتقطه في الخارج ليس سوى صورتي الداخلية وانعكاساتها، فما ان يسلط الضوء على المادة ويتفاعل معها ويكشف لونها وجمالها وحجمها عندئذ تتبلور الصورة وتتحول الى سباق أطفال او حفيف أجنحة في السماء او قطرات ماء في نافورة او نظرة عمياء لتماثيل ضخمة... حين أضغط على زر الكاميرا، اكون على يقين بأنني سأعيش تجربة فريدة ومميزة اذ سأغتنم هذه اللحظات التي لا تعوض لانتزع الوقت الحقيقي للمادة المصورة وأضعه في إطار جديد يتخطى الزمن، وبذلك أكتب نوعا من الخلود لأن الأشياء الجميلة لا تموت أبدا..

ــ في «Romæ» باكورة كتبك، تُظهرين روما على نحو مختلف. كيف تفسرين ذلك؟ ما هي تلك <النظرة الأخرى> على روما <روماك> انت؟ وفي اية اعوام التقطت صورك الفريدة ولم هي مميزة برأيك؟

- التقطتها منذ سنوات عديدة، وخاصة ما بين عامي 2015 و2019، اذ كان من دواعي سروري فعلا القيام بـ<نزهات فوتوغرافية> في هذه المدينة الاستثنائية التي هي روما، بحيث أعيد اكتشاف المدينة بعد 25 عاما بأوجه جديدة، غير اعتيادية. مدينة روما هي مدينة السحر والجمال، فلا مثيل لها عالميًا ومن غير المجدي الاحتفال بروعتها بطريقة موضوعية مجردة من الأحاسيس. تربطني علاقة حميمة غريبة بالموضوع الذي أحاول أن التقطه في عدسة كاميرتي.

 لقد اختلجت في نفسي مشاعر غير متوقعة، كانت أسيرة بنظري على حد سواء ما بين الانصهار والانفصال، لتتردد في أعماق روحي وتجد صدى لها في حبي للفن والتاريخ المغروسين فيّ من قبل اهلي منذ الطفولة. وفي مثل هذه اللقطات، يتفاعل هذا الحب مع جمال المدينة الخالد، الى جانب لحظات مكثفة وعابرة من الحياة العصرية.

وتضيف <آنا>:

- وعلى غرار ما يشرح المخرج <ويم وندرز>، (وهذا وراد في الكتاب أيضا)، فإنه عند الضغط على زر الغالق، يندمج الخارج مع ظلال داخلية (Inner shades)، (Sguardi intimi) في علاقة أكثر حميمية نلتقطها في الصور التي تشكّل الإلحاح الطارئ للتعبير عن شعور عميق، كما هو الحال في لمّ شمل غير متوقع مثلا، ما يجعل النظر الى هذا الواقع مغايرا، فتكون نظرة جديدة ومختلفة طبعا عن نظرة السياح العابرين بالمكان او نظرة سكان المدينة الذين لم يبتعدوا عن البلد لسنوات عديدة.

ــ لقد نقلت ايضا شغفك بالفن والتاريخ والثقافة الايطالية من خلال عملك ايضا في <المركز الثقافي الايطالي في بيروت>. ماذا تخبرينا عن ذلك؟

- لقد درّست اللغة والثقافة الايطالية في <المركز الثقافي الايطالي> لمدة عشر سنوات، وكانت تجربة غنية سمحت لي بنقل لغتي الام ومعلوماتي الثقافية فضلا عن شغفي لبلدي الى عدد كبير من الطلاب، وما زلت احتفظ مع البعض منهم بعلاقة صداقة حلوة.

الامكنة الأحبّ..

 

ــ شخصيا، اي الامكنة هي الأعزّ عليك في روما والتي تتعلقين بها؟

- أحب المدينة كلها التي أعيد اكتشافها باستمرار، الا انه من بين الأماكن المفضلة لدي <Parco deghli acquedotti> أو <حديقة القنوات المائية> حيث يوجد ما لا يقل عن سبع قنوات بعضها بالطول وبعضها الآخر تحت الارض او بالكاد هي مرئية، وفي حقبات قديمة كانت هذه القنوات تنشر الماء والحياة في روما القديمة، وهي في ايامنا اليوم اشبه بالبطاركة، تحمل ذكرى الماء الخصبة لعدة كيلومترات، وكأنها تجتاز الزمن وتشهد على سكان روما يأتون للترويح عن انفسهم في هذا الاطار الفريد.

كذلك، فإن من الأماكن المفضلة لدي أيضا <Tor Marancia> وهو حيّ يجمع ما بين فنون الشارع والجداريات، وهي ثمرة أعمال فنانين شباب من مختلف البلدان أعادوا إحياء المباني المجهولة في حي شعبي، إذ يروي كل عمل منها قصصا معاشة في مبنى معين، مما يجعله من أكثر الأحياء ألوانا في روما.

بين روما وبيروت..

ــ إذا ما وُصفت <روما> بأنها <مدينة أبدية>، كيف تصفين <بيروت>؟ وما الذي تشترك فيه المدينتان برأيك؟

- لمدينَتَي روما وبيروت أكثر من ماض، واكثر من حياة متعددة غنية بالتاريخ والثقافة، تمتزج مع حاضر مليء بالتناقضات التي تتعايش في الأزقة وفي عيش سكانها. في روما كما هو الحال في بيروت، الزائل ينزرع على الحجر الثابت، وعلى وجه المدينة الخالدة. وبعد 25 عامًا من العيش في كلا البلدين، أدرك تمام الإدراك أن <رومايَ> أنا، كما <بيروتي> أنا، تعايشتا أولاً في تاريخي الشخصي.

ــ لماذا اخترت السينمائي والمخرج اللبناني فيليب عرقتنجي تحديدا لكتابة التمهيد للكتاب وهو الذي وجد <القليل من بيروته وبيروتك في روما الخاصة بك>؟

 - فيليب عرقتنجي هو مصور ومخرج سينمائي من العيار الفني الكبير وهو شخص أقدره عميقا على الصعيدين الشخصي والمهني لصدقيته وقيمه الإنسانية. ولا أخفي عليكم بانه أثناء الوقت الذي كنت أريه فيه الصور للكتاب، كنت أحبس أنفاسي في خلال تفحصه للصور الواحدة تلو الأخرى في أدق التفاصيل تحت نظرته الثاقبة، وعاد الي النفس من جديد بمجرد أن لاحظت أن صوري أثارت عواطف مألوفة لديه. وأنا على اقتناع ان ما من أحد غيره كان يمكنه تقديم كتابي للقراء بسبب ارتباطه ببلده الأصلي بشكل خاص والحاجة إلى التعبير باستمرار في أعماله عن الجوانب المختلفة لهذا الانتماء.

ــ وهل تعملين حاليا على مشروع جديد؟

- نعم، هناك العديد من الأحداث المخطط لها، بدءًا من توقيـــــــــــــــع كتابي في <معرض باريس للكتاب>، يليه إطلاق الكتاب في روما وفي مسقط رأسي اذ يندرج المعرض في <إطار مهرجان التصويـــــــــــر الفوتوغرافي>، ويأتي ذلك كجزء من برنامج متكامل: معرض لصوري ترافقه جلسات التوقيع.