تفاصيل الخبر

تعمـيـــــم مصــــرف لـبــــنـان رقـــم 485 بشـــأن الـقــــروض الـسكـنـيـــة الـمدعـومــــة والـتداعـيــــات السلـبـيـــــة!

16/03/2018
تعمـيـــــم مصــــرف لـبــــنـان رقـــم 485 بشـــأن الـقــــروض الـسكـنـيـــة الـمدعـومــــة والـتداعـيــــات السلـبـيـــــة!

تعمـيـــــم مصــــرف لـبــــنـان رقـــم 485 بشـــأن الـقــــروض الـسكـنـيـــة الـمدعـومــــة والـتداعـيــــات السلـبـيـــــة!

بقلم طوني بشارة

20180309_084906

مع قرب انتهاء الفصل الأول من العام 2018، الذي لم يكن الأفضل بالنسبة لاقتصاد لبنان، يبدو أن مسلسل الانهيار الاقتصادي ما زال مستمراً في ظل غياب الحلول الاقتصادية الحقيقيَّة، واستمرار التوتر الانتخابي- السياسي في المنطقة، إلا أن بعض القطاعات كما يرى المحللون قد يصل التدهور بها إلى ذروته خلال الفصل الثاني من عام 2018، وذلك وفق المعطيات الاقتصادية الحالية التي تشير إلى مزيدٍ من الضعف الاقتصادي على المستوى الداخلي، وكذلك على مستوى التعاملات الخارجية من حيث سداد الالتزامات الخارجية من الديون في موعدها المحدد، وهو ما يسمى اقتصادياً بالإفلاس.

وتشير الدراسات الى أن لبنان يعد من بين الدول الأكثر مديونية في العالم؛ وذلك من حيث نسبة الدين إلى نسبة الناتج المحلي الإجمالي، والتي وصلت إلى 152 بالمئة خلال نهاية 2017 بحسب صندوق النقد الدولي، وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 بلغ الدين العام الإجمالي 112.375 تريليون ليرة (74.5 مليار دولار) بحـسب تقرير صادر عن جمعية المصارف في لبنان، ومن المتوقع أن يصل إلى 110 مليارات دولار بحلول 2022.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذَّر من الديون المتفاقمة، مطالباً لبنان بالسيطرة على ديونه السيادية، وموضحاً أن الأوضاع الاقتصادية تبقى صعبة، والنمو الاقتصادي سيتراجع هذا العام مع عجز في الميزانية يترك البلاد في وضع ضعيف، ويرفع الدين إلى 148 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل ثالث أعلى مستوى للدين من حيث معدله إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم.

وتشير هذه الأرقام إلى أن لبنان يواجه أزمة ديون عنيفة قد تنفجر بعيد منتصف عام 2018، إزاء ذلك يحاول الاقتصاديون في لبنان التعلق بأي أمل يبقي الوضع الاقتصادي <مكانك راوح> من دون أن يشهد المزيد من التدهور والركود، في ظل عدم وجود أي بصيص نور يمكّن هذا الاقتصاد من إعادة تفعيل قطاعاته المختلفة، وقد وصل التراجع الاقتصادي في لبنان الى حدود خطرة في ظل تنامي الدين العام وتوقع اقترابه من 75 مليار دولار ونسبة 148 بالمئة من الناتج المحلي، وفي ظل تراجع حركة الاستثمارات الاجنبية المباشرة وتضرر مختلف القطاعات الاقتصادية التي باتت تعاني الركود، وانعكاس ذلك على حركة التصدير اللبناني وتراجعها بنسبة 30 بالمئة، وعدم القدرة على المنافسة مع ارتفاع الكلفة، كما أن القطاع العقاري ما زال يشهد ركودا وتباطؤا، اضافة الى ان نسبة التشغيل في القطاع الفندقي بقيت بحدود 60,55 بالمئة مع تراجع في اسعارها.

مقابل هذه الازمات اصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (المعروف بقدرته على اتباع سياسات مالية رشيدة) التعميم رقم 485 الذي خصص مبلغ 750 مليار ليرة فقط للقروض السكنية المدعومة، فما هو هذا التعميم؟ وما اثره على الازمة الاقتصادية؟ وما الاسباب الكامنة وراء اتخاذه؟

 

لحود والتعميم 485

 

مدير عام <المؤسسة العامة للإسكان> روني لحود أشار الى انه وقبل صدور التعميم رقم 485 عن مصرف لبنان، كان الدعم يتم من الاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان الذي كان يعطي قروضاً للمصارف بفائدة 1 بالمئة فقط لتتمكن من ادانتها 20180311_153011 لكافة المستفيدين.

وتابع لحود: اما التعميم 485 فقد خصص مصرف لبنان المركزي بموجبه مبلغا قدره 750 مليار ليرة لبنانية فقط (نحو نصف مليار دولار) للقروض السكنية المدعومة، وتم رصدها على شكل <كوتا> لكل مصرف مع تعديل شروط استدانة المصارف لتلك الأموال، بمعنى انه تم تحديد الحد الأقصى لكل مصرف للاستفادة من القروض المدعومة، أي انه أصبحت المصارف تعطي قروضاً للمستفيدين فيما مصرف لبنان يدعم الفائدة على هذه القروض.

وعن القروض الحاصلة على موافقة مسبقة نوه لحود قائلاً:

- إن القروض الحاصلة على موافقة مسبقة من المصارف قبل صدور التعميم سوف تأخذ طريقها الى التنفيذ في القريب العاجل وستخصم قيمتها من قيمة <الكوتا> المحددة للعام التالي على ان أي تمويل جديد يجب ان يكون للطبقة الفقيرة والمتوسطة من خلال <المؤسســــة العامة للإسكان>، علما ان المغترب لا يمكنه الاستفادة من <المؤسسة العامة للإسكان> وان المؤسسة تعمل على معالجة وإيجاد حلول للقروض الجديدة عبر التمويل الذاتي.

وفي ما يتعلق بالتداعيات السلبية الناتجة عن هذا التعميم ركز لحود على ان تداعيات هذا التعميم سلبية جدا وستؤدي الى انهيار اقتصادي شامل وستطال كافة القطاعات الأساسية بما فيها القروض الاسكانية المعطاة لقوى الامن - الامن الداخلي - الجيش، وهذه التقديمات تطال 38 قطاعاً انتاجياً كقطاع المفروشات، الأدوات الكهربائية، السنكرية، التبليط والدهان.... مما يؤثر سلباً على الدورة الاقتصادية.

يشوعي والسياسة الاحتكارية

اما الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي فقد نوّه بأن كلفة المصرف المركزي عن طريق الدعم تزداد سنوياً مما يزيد من خسارة المصرف المركزي على اعتبار ان الدكتور رياض سلامة بات يتصرف بودائع المصارف، تلك الودائع التي يدفع عنها فوائد للمصارف ومن ثم فوائد دعم إضافية مما جعل العبء كبيراً على مصرف لبنان.

وتابع يشوعي قائلاً:

- رياض سلامة هدفه الأساسي الاحتفاظ بالاحتياط عن طريق اتباع هندسة مالية مدروسة، وذلك أساسا ليس من مهمته كما انه ليس من مهمته اطلاقا توزيع قروض مدعومة للاسكان والسكن على اعتبار ان هذا الامر من صلاحيات السلطة التنفيذية التي اتبعت ما يمكن تسميته تفويض صلاحية بالتصرف بـ96 ملياراً يضاف إليها 175 مليار دولار ودائع بنوك، وهنا أتساءل: أي مصرف مركزي في العالم بإمكانه التصرف بـ55 بالمئة من ودائع المصارف؟ الا يسمى ذلك سياسة إحتكارية؟

20180311_153232وأضاف:

- علماً ان مصرف لبنان ليس بنكاً تجارياً لإعطاء قروض مدعومة، والمصرف المركزي في لبنان عندما تدعو الحاجة يعمد الى اتباع هندسة مالية لزيادة الاحتياط، وهذه السياسة اعتمدت عام 2016، وهنا لا بد من الإشارة الى ان الأموال لو كانت بين ايدي المصارف لكانت الفوائد اقل بكثير ومتدنية جدا والقروض بمتناول الجميع.

وعن الانعكاسات السلبية لهكذا اجراء أوضح يشوعي قائلاً:

- نحن أساساً نمر بزمن انكماش وركود اقتصادي ومع هكذا اجراء سنصل الى مرحلة الاختناق الاقتصادي، وان تداعيات هذا الاجراء تطال قطاعات اقتصادية عديدة مما سيؤدي حكما الى شلل القطاعات المترابطة بقطاع العقارات.

عجاقة وغياب السياسة الاقتصـــاديـة

وبدوره الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة اعتبر ان القروض المدعومة هي من مهام الحكومة وليست من مهام مصرف لبنان، لكن للأسف السياسة الاقتصادية للحكومات السابقة كانت غائبة نظراً الى الوضعين السياسي والأمني فقام مصرف لبنان بمبادرة مشكورة في تأمين هذه الأموال للمصارف، وزاد قائلاً ان مصرف لبنان أمّن خلال السنة الماضية 2,3 مليار دولار صُرفت خلال 13 شهراً، وفي شهر شباط/ فبراير وضع نصف مليار دولار صُرفت أيضاً في اقل من شهر نتيجة ارتفاع الطلب بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي رفعت الرواتب وشجعت على الاقتراض، وأوضح عجاقة ان السؤال المطروح هنا: هل استخدمت الأموال لغايتها المنشودة؟ مشيراً الى ان مصرف لبنان فتح تحقيقا لمعرفة وجهة الاستعمال بالتحديد وسينتظر نتائج التحقيقات المتوقع ان تنتهي نهاية آذار/ مارس الجاري بعد انتهاء المصارف من تعبئة الاستمارات التي طلبها لمعرفة وجهة استعمال القروض، ورأى انه اذا تابع مصرف لبنان سياسة الدعم فإن ذلك سيؤدي الى زيادة التضخم، وأشار عجاقة الى ان مصرف لبنان لم يوقف القروض بل غيّر في الآلية مشدداً على ان حاكم مصرف لبنان يلتزم القوانين ولن يتهاون في حال كان هناك أي خلل في مكان ما.