تفاصيل الخبر

تعددت الأسباب والتوصيفات...والنتيجة واحدة: لا قانون "كابيتال كونترول" في المدى المنظور!

04/06/2020
تعددت الأسباب والتوصيفات...والنتيجة واحدة: لا قانون "كابيتال كونترول" في المدى المنظور!

تعددت الأسباب والتوصيفات...والنتيجة واحدة: لا قانون "كابيتال كونترول" في المدى المنظور!

[caption id="attachment_78585" align="alignleft" width="376"] الرئيس نبيه بري والنائب جبران باسيل صاحبا اقتراح قانون "الكابيتول كونترول" الذي أعيد الى اللجان[/caption]

 "فرحة" اقتراح قانون "كابيتال كونترول" الذي كان ثمرة تفاهم بين الرئيس نبيه بري ورئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل، لم تكتمل في جلسة مجلس النواب الخميس الماضي في قصر الأونيسكو، على رغم كل المعطيات التي كانت توحي بأن هذا الاقتراح سوف يبصرالنور لأنه حصيل توافق كتلتين كبيرتين، "كتلة التنمية والتحرير" برئاسة الرئيس بري، وكتلة "لبنان القوي" برئاسة النائب باسيل، واتضح أن هذا الاتفاق لا يعني ولادة للقانون، لأن قسماً كبيراً من النواب لم يقتنعوا به ولا بالحيثيات التي فرضت إعداده على عجل بتوقيع من النواب ياسين جابر وآلان عون وسيمون أبي رميا. وأحيل الاقتراح الى اللجان النيابية لمزيد من الدرس بعدما اتضح أن فيه ثغرات لا بد من معالجتها كي يصبح في الامكان تمريره في جلسة الهيئة العامة.

 ولعل العبرة التي يمكن استخلاصها مما حصل، أن الاتفاق بين "قويين" لا يلزم بالضرورة أفرقاء آخرين في مجلس النواب، بعد علامات الاستفهام الكثيرة التي رُسمت حول النص الذي أعد بعد سبعة أشهر على "ثورة 17 تشرين" التي كشفت عن فضيحة تهريب أموال مودعين كبار بينهم مجموعة من السياسيين وأصحاب مصارف "هرّبوا" أموالهم الى الخارج تجنباً لانهيار الوضعين المالي والنقدي في البلاد... كل ذلك حصل على رغم تراجع العملة الوطنية وسقوطها أمام الدولار ونفاد الدولار من الأسواق، وحجر المصارف على أموال المودعين ورواتب الموظفين والشكوى من تعامل "استنسابي" من المصارف في مسألة التحويلات توازياً مع استمرار معاناة اللبنانيين مع المصارف...

 لقد استفاق النواب صباح جلسة الخميس على إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر تحت عنوان "وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية"، أو ما يعرف بـ"كابيتال كونترول" على جدول أعمال جلسة المجلس، الى جانب اقتراحات قوانين من بينها قانون العفو الذي سقط أيضاً بالضربة القاضية، وسيعاد درسه في اللجان أيضاً. أما الذين اعترضوا على قانون "كابيتال كونترول" فقد تساءلوا عن فائدة إعادة انعاش "الكابيتال كونترول" والعمل على اقراره بعدما تم تهريب الودائع الى الخارج، والمساهمة في إغراق الليرة، علماً أن الرئيس بري كان أعلن مراراً أن لا "كابيتال كونترول" معللاً رفضه بأنه يلحق الضرر بالمودعين ويخالف مبدأ النظام الاقتصادي الحر.  إلا أنه ونتيجة استمرار عمليات التحويل الى الخارج على مدى أشهر، "اقتنع" الرئيس بري بطروحات النائب باسيل لجهة ضرورة إصدار القانون الذي اختلف نسبياً عن صيغة سابقة كان يُعمل على تمريرها تارة بمراسيم في مجلس الوزراء، وتارة أخرى بتعاميم من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي رفض على ما يبدو الدخول في هذا "البازار" وترك للسلطة التشريعية هذه المهمة الحساسة التي "أُحضرت" على أساس أن الظروف الاستثنائية أدت بالمصارف الى اتخاذ تدابير ووضع قيود على حقوق المودعين والعملاء لجهة عدم المساواة في ما بينهم وعدم تأمين الخدمات المصرفية المعتادة لجهة تحويل الأموال الى الخارج، ولأن المرحلة الراهنة تتطلب بالتالي اتخاذ اجراءات وتدابير استثنائية ومرحلية تهدف الى ضبط حركة التحاويل وتسهيلها حيث يجب لمصلحة المودع والاقتصاد الوطني معاً.

 وتبين من خلال ملاحظات النواب أن إقرار الاقتراح لن يؤدي الغايات المرجوة منه وإن كان لا يرتب قيوداً داخلية على المودعين كما كان مقترحاً في السابق، وإنما على التحويلات الى الخارج فقط بما فيها الحاجات الدورية. وبدا أيضاً أن الأسباب التي أعطت في السابق لعدم إقرار قانون مماثل، تلقي اللوم على السياسيين الذين اختلفوا على المشروع، فيما رفضت السلطة النقدية الممثلة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تحمل مسؤولية تقييد حركة الأموال مما جعلها ترمي الكرة في ملعب السياسيين الذين تقاذفوها بدورهم لأشهر إفساحاً في المجال ــ كما قيل ــ لتحويل ما تبقى من ودائع المحظيين والمحسوبين عليهم. وبدا خلال النقاش أن النواب ــ أو معظمهم على الأقل ــ استفاقوا بعد غياب معربين عن رفضهم للقانون الذي بات في عهدة اللجان النيابية التي ستدرسه من جديد و"تستأنس" بآراء بعض النواب علّ اللجان تتمكن من إعداد صيغة يمكن تمريرها في الدورة الاستثنائية التي يتوقع أن يفتحها رئيسا الجمهورية والحكومة حتى موعد بدء العقد الثاني العادي من المجلس في أول ثلاثاء يلي 15 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

نص إقتراح القانون

[caption id="attachment_78586" align="alignleft" width="349"] حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي رفض الدخول في البازار وترك للسلطة التشريعية أن تقرر[/caption]

 ولأن نص إقتراح القانون الذي أحيل الى اللجان سيكون المادة الأساسية للمناقشة، فإن "الأفكار" تنشر في ما يلي أبرز ما جاء فيه مع الإشارة الى أنه يقتصر على مادة وحيدة، تنص في مقطعها الأول على تقييد التحويلات الى خارج لبنان بالعملات الأجنبية، من الحسابات المصرفية كافة، إلا في الحالات المستثناة لاحقاً بموجب هذا القانون. وفي مقطعها الثاني، تفرض على أيّ عميل صاحب وديعة في مصرف عامل في لبنان وراغب في تحويل أي مبلغ من أصل قيمتها أو كاملها الى حساب مصرفي مفتوح في مصرف عامل خارج لبنان، أن يحصر بصورة استثنائية ومؤقتة تحويله بالغايات التالية:

1 ــ تسديد نفقات (المعيشة أو الطبابة أو الاستشفاء أو التعليم أو الإيجار).

2 ــ إيفاء قروض ناشئة قبل نفاذ هذا القانون.

3 ــ تسديد ضرائب أو رسوم أو إلزامات مالية ملحة متوجبة لسلطات أجنبية.

4 ــ شراء مواد أو منتجات صناعية أو تجارية أو زراعية أو غذائية أو تكنولوجية أو طبية (أدوية ومستلزمات).

 وحسب مشروع القانون "يُرفق أي طلب تحويل الى الخارج بمستندات ثبوتية موثّقة ووافية (أو أن تكون من نوع النفقات التي جرت العادة على تلبيتها) وتكون سقوف المبالغ المحوّلة في سنة واحدة، للغايات المنصوص عليها سابقاً، بما لا يتجاوز مبلغ 50000 دولار، أو ما يعادلها بالعملات الأخرى سنوياً. ويمكن للحكومة تحديد السقوف لكل حالة واردة في الفقرات أعلاه، وأي شروط خاصة إضافية لها، بموجب مرسوم يتخذ من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزراء المالية والاقتصاد والتجارة والصحة العامة والتربية والتعليم العالي، كل بحسب اختصاصه.

 وتستثنى من أي قيود أو سقوف تتناول تحاويل العملاء في المصارف العاملة في لبنان الى الخارج:

أ ــ الأموال الجديدة التي وردت وترد الى المصارف اللبنانية من أو الى عملائها نقداً أو من حسابات مصرفية خارج لبنان، اعتباراً من تاريخ 17/10/2019، على أن يُفتح لها حساب خاص لتمييزها عن أموال المودع الأخرى.

ب ــ أموال الدولة اللبنانية ومصرف لبنان.

ج ــ أموال المؤسسات المالية الدولية.

د ــ أموال وإيداعات البعثات الدبلوماسية والسفارات والمنظمات الدولية والاقليمية والعربية العاملة في لبنان.

هـ ــ صافي قيم بوالص التأمين العائدة لشركات إعادة التأمين، وذلك بعد إثبات مقدار هذا الصافي بمستندات رسمية صادرة عن وزارتي المالية والاقتصاد والتجارة.

 وتناط بموجب المشروع بلجنة الرقابة على المصارف، صلاحية تلقي الشكاوى والمراجعات حول مخالفة المصارف لأحكام هذا القانون ومراسيمه التطبيقية، على أن تبتّها اللجنة بقرار خطي، يصدر في مهلة ثلاثة أيام من تاريخ ورودها معتمدة الأصول الموجزة.

 المطلعون على مسار "ولادة" اقتراح قانون "كابيتال كونترول" يتحدثون عن "صعوبات" ستقف في وجه الوصول به الى الهيئة العامة لمجلس النواب، وأن احالته على اللجان خير دليل على صعوبة إقراره لاعتبارات عدة، الأمر الذي يعني أنه قد يستهلك وقتاً خصوصاً أن ثمة من يعتبر أنه لا يمكن توصيف النص المقترح بـ"كابيتال كونترول" لأنه محصور بالتحويلات الى الخارج وليس موجهاً ضد الناس، بل ضد الاستنسابية في التحويلات، وهو يضع القيود على المصارف وليس على المودعين...

تعددت الروايات والتوصيفات والنتيجة واحدة: لا "كابيتال كونترول" في المدى المنظور!