تفاصيل الخبر

تعالوا نخترع... السعادة!

09/05/2014
تعالوا نخترع... السعادة!

تعالوا نخترع... السعادة!

 

    حان الوقت لأسألك أيها المواطن اللبناني، وأنت تواجه معركة الرئاسة: هل أنت سعيد؟!

    لنبدأ من ساعة الصباح. الزوجة لها مطالب، وهذا من حقها إذا كانت المطالب محقة. والأولاد الذاهبون الى الجامعة أو المدرسة يحتاجون الى مصروفهم اليومي، خصوصاً إذا كانوا سيستقلون <الأوتوبيس> او <الفان>، ويريدون أن يظهروا أمام رفاقهم بأحسن مظهر. وأنت يا صاحب المرتب المحدود لا تملك وسائل التلبية، ومع ذلك تحاول أن تطيب خاطرهم. وتطييب الخاطر يكون بالاستلاف على المعاش، أو الاستدانة، وما أصعب الوفاء بالدين هذه الأيام!

    وتأتي الظهيرة، أي موعد تناول الغداء. وعليك أيها الوالد العزيز، أو المسؤول عن العائلة، ان تشتري للغداء متطلباته من السوق: لحوم وألبان وأجبان، وخضار وفواكه. والأسعار نار. وتفضل يا رب العائلة وتصرف بامكاناتك المادية المحدودة!

   أنت تمسك بعد ذلك بالقلم والورقة، والآلة الحاسبة الصغيرة، إذا كان عندك حاسبة، لتحصي أقساط الجامعة أو الكلية، وتصاب بهبة بدن، لأن هذه الأقساط فوق الاحتمال، خصوصاً وشبح سلسلة الرتب والرواتب يخيّم على الفواتير، وإذا لم تكن قادراً على تسجيل ابنك أو ابنتك في الجامعة الخاصة، فعليك بالجامعة اللبنانية إذا وجدت فيها مقعداً، أو كنت قادراً على تسجيل الابن أو الابنة في إحدى الكليات الخاصة فعليك أن تستنصر ببطاقة نافذ للحصول على مقعد في المدرسة الحكومية!

   ثم..

   ها هو صاحب <موتور> الكهرباء الخاص يدق بابك ليبلغك ان التسعيرة قد زادت مع زيادة أسعار المازوت، ويطلب منك أن تعمل حسابك أو تضرب معدلك كما يقول المؤجر، أو صاحب <الموتور>. وكيف لك أن تضرب معدّلك وأنت في الأساس مضروب بالهموم والهواجس، والخوف من الغد الآتي.

    وإذا مررت في سوق لبيع الملابس الجاهزة فلا ننصحك الآن بالتفرج على الواجهات، لأنك لن تستطيع أن تشتري لك وللزوجة وللأولاد ما يحتاجون من ملابس هذا الموسم والأمل معقود على الموسم المقبل.

   كل هذه الهموم والهواجس أمامك، وقسط ايجار البيت وراءك، وكلفة السيارة المتواضعة شاغل لك بين الشواغل، وحالة البلد تعيسة مالياً واقتصادياً، فكيف تكون بعد ذلك سعيداً؟!

   من حقك بعد ذلك أن تسأل عن رئيس الجمهورية المقبل، صاحب الصلاحيات المحدودة حسب اتفاق الطائف. فقد يكون وجه سعد يعكس ظلاله على مجلس الوزراء، ويساهم في عملية انقاذية للبلاد. وقد يكون كذلك شخصاً عادياً من حواضر البيت أملت الظروف بمجيئه وإلا فالفراغ الدستوري آتٍ لا ريب فيه..

   والبطالة ضاربة الأطناب، وابنك يقول لك انه يبحث عن تأشيرة سفر الى الخارج، بحيث يكون دخله هناك داعماً لوضع العائلة، ولا تملك إلا أن تدعو له بالتوفيق.

   بعد ذلك كله لا يجوز أن أسألك: هل أنت سعيد؟!

   وكما اخترعوا الكهرباء والتليفون والقنبلة الذرية و<الانترنت>، عليك أنت أيضاً أن تخترع.. السعادة!