تفاصيل الخبر

”سيـتــــــرن بــيــــــــروت“: فــضـــــــاء فــنــــــــي ثــقــافـــــــي مـفـتـــــوح لـكــــل جـمـيـــــل مـــن لـبـــنـان وخــارجــــــه!

22/03/2019
”سيـتــــــرن بــيــــــــروت“: فــضـــــــاء فــنــــــــي ثــقــافـــــــي مـفـتـــــوح لـكــــل جـمـيـــــل مـــن لـبـــنـان وخــارجــــــه!

”سيـتــــــرن بــيــــــــروت“: فــضـــــــاء فــنــــــــي ثــقــافـــــــي مـفـتـــــوح لـكــــل جـمـيـــــل مـــن لـبـــنـان وخــارجــــــه!

بقلم عبير انطون

«فضاء ثقافي وفنّي ومساحة إبداعية للفنون الأدائية>. بهذه الجملة يعرّف عمر راجح وميا حبيس <سيترن بيروت> المساحة الثقافية الجديدة في قلب العاصمة اللبنانية عند منطقة مار مخايل، على تقاطع حيوي لشوارع العاصمة وشرايينها في كل اتجاه. بالخوذ الصفراء، تحت شمس آذار اللطيفة، جمعوا باقة من الراقصين والاعلاميين والديبلوماسيين والداعمين، وشرحوا تفاصيل حلم أضحى واقعاً على مساحة واسعة، تحت قبةٍ جامعةٍ يمتد الـ<هول> فيها على 700 على مساحة م.م مجهّز لاستقبال جميع انواع الاحداث والنشاطات الثقافية. الخزان الجديد يراد له ألا ينضب، يفتح ذراعيه لكل فرقة او موهبة او تظاهرة فنية، وبرامجه ستبقى حيّة على مدار العام مع تركيزعلى المواهب والابداعات اللبنانية. فماذا يقول رائدا الفكرة؟

مع اعلان اطلاق <مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر بايبود> بدورته الخامسة عشرة، واطلاق <سيترن بيروت>، كان لـ<الأفكار> لقاء مع ميا حبيس وعمر راجح، شريكا الحياة والرقص والاحلام. فما علاقتهما بالرقص، وكيف وصلا الى تكوين <خزان> ملأ رصيده من مساحات التدريب على الرقص التي اوجداها والشراكات العربية والدولية التي نسجاها على مدى اكثر من 15 عاماً، وماذا عن عملهما العالمي <ميناريت> الذي يفتتح به المهرجان في الرابع من نيسان/ أبريل المقبل؟

الحديث من قلب الورشة الواسعة كان اولاً مع المديرة الفنية للمهرجان ميا حبيس وعلاقتها بعالم الحركة والجسد...

- بدأت الرقص وانا في عمر الثلاث سنوات حتى صار جزءاً مني ومن حياتي، تقول ميا بعينيها الزرقاوين وبسمتها الناعمة. لم أكن اتصور يوماً أنني سأعمل في مجاله، فقد درست الأدب الفرنسي وفنون التسويق الا ان ذلك كله ترافق مع الرقص الذي لم اتركه يوماً، ومع تماريني المنتظمة التي مارستها بجدية مطلقة، وجدت نفسي في النهاية راقصة محترفة بإمكانها ان تعلو المسرح وتقدم عرضها.

- الفترات التي عشتها ما بين لندن وباريس، تكمل ميا، كنت ارقص فيها ايضاً الى ان عدت الى لبنان وبدأت العمل من دون ان تكون لدي ثقة بأنه يمكنني احتراف الرقص فيه. وشاء القدر أن التقي بعمر وكان يفتش على راقصة لعرضه بعنوان <اغتيال عمر راجح>، فبدأت ارقص معه، كما توليت الاهتمام بكل ما يتعلق بتنظيم المهرجان. اتاح لي ذلك التعرّف عن قرب على واقع الرقص والراقصين هنا، وقررت بذل جهد مني لمساعدة الراقصين والفرق ومصممي الرقص وإيجاد المساحة المناسبة لهم. كراقصة، شعرت بأن ذلك واجب علي، فلا يخفى على أحد من أن وضع الرقص في لبنان صعب، وهو غير مجهّز ليستوعب المواهب والعروضات كلها. في هذا المجال كان تأسيس فرقة <مقامات> مهم جداً، الفرقة التي ما زلنا نعمل على تطويرها والمشاركة بتقدمها لتشكل ارضية صلبة، ليس لنا فقط بل لجميع الفنانين في لبنان الذين ينوون العمل في هذا المجال.لذلك، ومنذ تأسيسها تحاول <مقامات> تشجيع ودفع الراقصين الى الامام وتقول لهم <هناك مكان لكم>، وها نحن اليوم من خلال <سيترن> الذي افتتحناه قبل عامين بعمل لنا ونعود اليه اليوم ليكون مكاناً ثابتاً، نقدم له مساحة ثقافية اضافية على مستوى عال.

وتزيد ميا:

- خلال سنواتنا الطوال تلمسنا عن قرب معاناة الفنانين في ايجاد اماكن مجهزة، وهذه ان وجدت فإنه من الصعب الوصول اليها. فعدد الراقصين المحترفين ليس قليلاً في لبنان بعكس ما يظن البعض، ومع العيد الخامس عشر للفرقة اليوم نركز على إبراز الراقصين اللبنانيين واعمالهم لاننا فرحون حقاً بأن كان لـ<مقامات> دور في جمعهم، فتكونّت حلقة واسعة من فنانين وراقصين ومصممي رقص لبنانيين الى ان صار يمكننا القول إنه تأسس فعلياً ما يسمى الرقص المعاصر في لبنان

<Temporary Dancing>.

 ونسأل ميا:

ــ بغير فرقة كركلا المعروفة عالمياً، لا تستقطب المهرجانات الدولية اللبنانية عروض الرقص اللبنانية، وهي تعتمد على المسرح الغنائي الاستعراضي بشكل اكبر. هل من عتب في هذا المجال؟

- لا، تجيبنا ميا، المهم ان يرانا الجمهور اللبناني بغض النظر عن المكان الذي نعرض فيه. من أبرز أهدافنا ان نكمل مسيرة الرقص في لبنان، ولو انطلقنا او عرضنا خارج البلد. هناك مهرجانات وحفلات ل

م احلم في حياتي بأنني ساكون فيها يوماً  كمثل <ميناريت> الذي قدمناه من انتاج <روما - أوروبا> والذي تمّ به افتتاح المهرجان العريق في روما وهو اهم مهرجان في ايطاليا حتى عرض <بيتنا> السابق، فإنه لا يزال يدور منذ ثلاث سنوات بين أهم مهرجانات باريس وروما وأمستردام واللائحة تطول. نحمد الله على نجاح العمل الذي يلاقي طلباً كبيراً. من دون أي شك يهمنا ان نعرض في بيتنا، في بلدنا، ونحاول ذلك دائماً. عرض <ميناريت>، والذي لامنا البعض على عدم البدء في عرضه من لبنان اولاً، عملنا بجهد حتى استطعنا استقدامه، لأنه ضخم ولولا مساهمة <غوتيه انستيتيوت> لما استطعنا ذلك بسبب كلفته العاليه. صحيح انه

عرض ليومين فقط لكنه سيترك اثراً كبيراً فيناً كفرقة وكجمهور.

ــ وماذا عن هذا الجمهور، هل للرقص جمهوره في لبنان؟

طبعاً تجيب ميا، وهو يكبر يوماً بعد يوم. في العام 2004 بدأ البرنامج صغيراً، كم فرقة، في صالة صغيرة، واليوم اتسع هذا جداً. دائماً ما اكرّر، المهرجان يكبر مع جمهوره، لا يمكنه ذلك من دونه. انه رصيده الأساسي. اتصور انه مع مرور السنوات، ولأننا نقدم مادة جيدة، بات الجمهور ينتظر اعمالنا لأنه يدرك ان ما سيراه جديد وفريد، خاصة مع دعوتنا لفرق عالمية حديثة العروض، والتي قد لا تكون متاحة دائماً. جمهور <بايبود> احلى جمهور، وهو الداعم الاول لنا. اعرف انه ينتظر ما سنقدمه وأؤكد بأننا لن نخذله.

عمر... دينامية جديدة!

لعمر راجح علاقة بالرقص بدأت بالصدفة ولم تنمُ معه منذ الصغر كما مع شريكته في الحياة وفي الرقص ميا حبيس. علاقتي بالرقص بدأت بالصدفة - يقول عمر لـ<الأفكار> - كنت متوجهاً صوب علوم الفيزياء ومجال العلوم الذي أهواه، لكن هذا الحب للفيزياء اخذني الى الرقص، بمعنى أنني صرت افهم الرقص بمعنى الحركة، الدينامية، السؤال عن علاقتنا بجسدنا وبالناس بشكل مجرد. هذا ما يحفزني ويملأني حشرية لأكمل وأستمر. لكن الرقص بمعنى الترفيه فلا اقوم به ما <الي خلقو... بيزهقني>.

 ويعود عمر بالذاكرة الى سنوات البداية:

 - كانت لي مجموعة من الأصحاب أسسوا فرقة دبكة لتقديم استعراض في أحد المهرجانات وصودف ان تعرّض احدهم لإصابة في رجله، فتعلمت الرقصة ودخلت بدلاً عنه ومن هناك كانت البداية. ولما كنت في الجامعة الاميركية اتخصص في الـ<غرافيك ديزاين> سمعت بأن فرقة <كركلا> تطلب راقصين فدخلت معهم وبقيت لفترة حتى بات همّ الرقص يتملكني وهدفاً اولاً في حياتي، ثم سافرت الى لندن حيث أكملت دراستي وعدت الى لبنان وأسست فرقة <مقامات>، وككرة الثلج بدأت الأمور تكبر وتتدحرج من الفرقة الى المهرجان والى <سيترن بيروت> الآن...

ونسأل عمر:

ــ تريدون لـ<سيترن بيروت> ان يشكل خزاناً لا ينضب للرقص لبنانياً وعالمياً. الى اي مدى يتطور الرقص المعاصر في لبنان وهل ينبع هذا التطوير منا ام نستقدمه من الخارج؟

 لا افكر بهذا المنطق يجيب عمر. <نحن لا نلحق حدا>، لكن علينا ان نخلق حياةً لنا في الرقص. ان كانت الفكرة اننا نلحق بالخارج تحت عنوان اننا نستلهم مما يحدث في مجتمعات تطوّر نفسها علمياً وثقافياً وفنياً فإنني أقول نعم، نحن نلحق بهم. لم لا؟ بالنهاية نحن نقوم بما يجعلنا نطور انفسنا من خلال ذلك. <سيترن بيروت> موجود اليوم في بيروت وليس في مكان آخر من العالم، مع اخذنا تماماً بالاعتبار ضرورة ان تكون الاعمال التي تعرض فيه خارجة من تفاعل العمل المعروض مع هذا

المكان مع بيئته ومجتمعه وناسه، ونأمل من خلاله ان نقدم خطاباً فنياً حديثاً ومعاصراً يعكس أفكار هذه المدينة وناسها ووجهها الحضاري.

 لا سقف زمنياً يحدد مهمة <سيترن بيروت> أو الى اي عام سيبقى <بقدر ما نستطيع، سنكمل في هذا المكان الجميل>، يقول عمر الذي يلقى للمشروع دعماً من السفارة النروجية وغيرها من السفارات الاجنبية التي تدعم العروض المشاركة، فضلاً عن رجال اعمال مؤمنين بضرورة وجود هذه المساحة، وسياسيين شدوا على ايديهم كرئيس الوزراء سعد الحريري والنائب تيمور جنبلاط مثلاً. هم الآن بصدد التحضير للافتتاح على مستوى فرقة <مقامات> من خلال عرض <ميناريت> او <مئذنة> الجامع الكبير في حلب الذي افتتح به مهرجان - <روما - اوروبا> في ايلول/ سبتمبر المنصرم لتتوالى امسيات البرنامج بما فيها من عروض منتظرة تضمّ «بعد نقطة معيّنة، تتبدّل الحركة نفسها» لغيدا حشيشو التي تقحم به الجسد في المساحات والأمكنة وتحديداً معبر «المتحف> في بيروت، الفنان اللبناني بسام أبو دياب الذي يشارك مع الفنان الإيطالي <جاكوبو جينا> في عرضهما <انكونترو> ويبحثان عن العلاقة بين الجمهور والأجساد، وتأثر هذه بالتنوع الثقافي للجمهور. ويقدم المهرجان ايضاً «عزي دهاكا» للإيرانيتين <ميترا ضياي كيا> و<هيفا سيداغات>، وفيه تنهلان من الأساطير الفارسيّة القديمة ضمن عرض بصري وحركي جميل.

 اما اللبناني غي نادر فيقدم مع الإسبانية <ماريا كامبوس> عرض <Set of Sets> وهما كانا قد شاركا أيضاً في دورات سابقة للمهرجان كثنائي فيما يأتينا من أستراليا <الكوريغراف> <شون باركر> وفرقته التي تقدم <كينغ> وهو ثمرة تعاون مع الموسيقي والمغني البلغاري <إيفو ديمتشيف>، حول السلطة الذكورية وتجلياتها من الأدغال إلى حفلات الكوكتيل. <إيفو ديمتشيف> الذي حقّق شهرة منذ مشاركته في برنامج «إكس فاكتور» قبل سنوات سيقدّم أمسية موسيقية غنائية بعنوان <Live> يتجاوز فيها الصوت إلى الفنون الأدائية والحركية. اما الموعد التالي فهو مع «تدفّق> لفرقة «لينغا» التي أسّسها المصمّمان البولندية <كاتارزينا غدانييك> والإيطالي <ماركو كانتالوبو>. وستؤدي مجموعة كبيرة من الراقصين العمل الذي يستند إلى بعض الدراسات حول الذكاء والوعي الجماعيين لبعض الحيوانات.

 وتحضر الموسيقى أيضاً في عمل لفرقة <KEDA> التي تجمع الموسيقية الكورية الجنوبيّة <إيجونغ جو> على آلة <جيومونغو> التراثية الكورية، والموسيقي الفرنسي <ماتياس ديلبلانك> حيث ستختلط الإيقاعات الوتريّة مع الموسيقى الإلكترونيّة برفقة حركة العازفين. أما الاختتام فمع <الكوريغراف> الفرنسي صماويل <ماتيو> الذي يقدّم مع فرقته عرض «حرب» المستلهم من أعمال الفنان الفرنسي <إيف كلاين> حول الحروب وعلاقتها بالجسد. ولا يغيب عن المهرجان أيضاً الدورة الثامنة من ملتقى «ليمون» الذي يجمع 18 راقصاً وراقصة من لبنان وتونس وفلسطين والأردن وإيران يقدّمون خلاله مشاريعهم وعروضهم وابداعاتهم.

وبانتظار انتهاء الاعمال في المكان العملاق، وما يضمه من صالات ومسارح ومكاتب مجهزة لاحتضان عروض ادائية وفنية وورش عمل ومحاضرات واقامات فنية، يؤكد راجح ان كل التقنيات عالية المستوى ابرزها عزل الصوت للضجة المحيطة. أما بالنسبة للبطاقات فإنها في متناول الجميع (تبدأ من 24 الفاً) وهي ترتفع طبعاً لمن يريدون المساهمة في دعم هذا المشروع الاساسي في العاصمة.