تفاصيل الخبر

سياسة إيران في المنطقة انهكت لبنان وفتتت سوريا وأضاعت فلسطين!

18/04/2019
سياسة إيران في المنطقة انهكت لبنان وفتتت سوريا وأضاعت فلسطين!

سياسة إيران في المنطقة انهكت لبنان وفتتت سوريا وأضاعت فلسطين!

 

بقلم خالد عوض

 

في منطق الربح والخسارة لا بد من جردة حساب بالوقائع حول نتائج دخول إيران في الصراع العربي - الإسرائيلي وزعمها المستمر أن هدفها النهائي هو إلغاء إسرائيل من الوجود وتحرير فلسطين. يمكن الكلام أن <حرب> إيران على إسرائيل لم تنته وأن إسرائيل ربما كسبت بعض الجولات لا أكثر، ولكن يجب التوقف اليوم بعد أربعين سنة من نظام الثورة الإيرانية أمام حصيلة الصراع المباشر وغير المباشر بين إيران وإسرائيل.

 

لبنان... جلاء إسرائيل وتآكل الكيان!

ليس حزب الله مسؤولا عن كل مشاكل لبنان المالية والإقتصادية بل يحسب له أنه لم يتوسخ بنفايات الفساد التي لوثت الإدارة والمؤسسات وأدت إلى هريان هيكل الدولة، كما يحسب له ولشهدائه أنهم حرروا الجنوب من الإحتلال حتى جلاء الجيش الإسرائيلي هربا عام ٢٠٠٠، ولو كانت إسرائيل لا زالت موجودة في جنوب لبنان لتجرأ <دونالد ترامب> أو غيره من الرؤساء الأميركيين الذين يزايدون في حبهم لإسرائيل لأسباب إعلامية ومالية بحتة أن إعترف بسيادة إسرائيل على جنوب لبنان، وكما قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من الدوحة منذ اسابيع فانه لا يمكن تحرير الأراضي العربية إلا بطريقتين: الوحدة العربية والمقاومة، وطالما الأولى مفقودة منذ عقود فإن إسرائيل لا تفهم لغة التفاوض بل تخضع فقط أمام المقاومة، وكل من يقول أنه كان بإمكان لبنان تحرير أرضه بالوسائل الدبلوماسية وشبكة علاقاته الدولية يجب أن يعتبر من قرارات <ترامب> حول الإعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وضم الجولان المحتل إليها. ترى كيف يمكن أن يعبّر أي رئيس أميركي جديد عن صداقته لإسرائيل لو كانت الأراضي اللبنانية لا زالت محتلة؟ ولولا دعم إيران العسكري لحزب الله ومساعدة سوريا لوجيستيا لهذا الدعم لكنا اليوم نترحم على جنوبنا. ولكن في المقابل ارتضى حزب الله أن يتحالف مع منظومة الفساد في البلد وساهم ولو بطريقة غير مباشرة وفي كثير من الأحيان مباشرة، مثل حادثة ٧ ايار (مايو) ٢٠٠٨ ودعمه الفراغ الرئاسي والحكومي، في وصول الإقتصاد إلى الحالة شبه الميؤوسة التي وصل إليها. في لبنان، إيران ساعدت في التحرير ولكنها ساهمت في تعقيدات النظام السياسي وتآكل إقتصاد البلد حتى أصبح كيانه مهددا بالتفتت.

 

سوريا... أي مستقبل؟

 

اظهرت الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة أن مسألة السلام مع الفلسطينيين لم تعد مهمة، حتى المرشحين الأقل يمينية لم يعطوا الأمر أي أهمية وتسابقوا في الحديث عن حق إسرائيل في الجولان والقدس من دون منة <نتنياهو>. وتبين أيضا من خلال الحملات الإنتخابية المضادة لـ«نتنياهو> أن الأخير كان شرع عام ٢٠٠٩ في مفاوضات سرية مع السوريين يعرض عليهم من خلالها جزءا كبيرا من الجولان مقابل إخراج إيران من سوريا ووقف دعم حزب الله لوجيستيا. المفاوضات توقفت عام ٢٠١١ عندما اندلعت الحرب في سوريا. سبب الحرب السورية المباشر لم يكن وجود إيران، ولكن لا شك أن كل مخابرات العالم كان لها دور في تأجيج الصراع داخل سوريا من دون أن يكون هناك بديل لبشار الأسد يطمئن، وكانت هناك مصلحة مباشرة لعدة جهات دولية لإخراج إيران من سوريا وإستخدام فتيل الأزمة الداخلية لذلك. تدخل إيران وحزب الله لتثبيت النظام ثم دخول روسيا المعركة بشكل مباشر صب لمصلحة إسرائيل، على الأقل حتى الآن. إقتصاد سوريا إنهار والجولان أصبح في قبضة إسرائيل من دون معارضة شرسة من الصينيين أو الروس أو حتى الأوروبيين. حصيلة التدخل الإيراني في سوريا هي سلبية بكل المقاييس ومن الصعب رؤية مستقبل زاهر لسوريا في ظل الإنغماس الإيراني الحاصل هناك والذي استجلب

تدخلات من كل العالم.

 

فلسطين... دفن القضية!

يبدو أن <حماس> وإسرائيل على وشك الوصول إلى إتفاق جديد لضمان <التهدئة>، ذلك يعني أن حتى <حماس> بدأت تقبل باللعبة الإسرائيلية بعد تبخر الخيارات الأخرى للبقاء، خاصة بعد إنكماش الدعم الإيراني إلى أدنى مستوياته. رئيس الوزراء الإسرائيلي <بنيامين نتنياهو> الفائز مجددا بولاية خامسة، والذي يلقبه الإسرائيليون بالـ<فرعون> لأنه حكم ١٣ سنة متواصلة ويتهيأ لأربع سنوات أخرى، يسعى إلى هكذا إتفاق حتى يتسنى له التركيز على الأمور الإقتصادية والإجتماعية. الحدود الشمالية الإسرائيلية محمية دوليا بالقرار ١٧٠١، وعلاقة <نتنياهو> بـ<فلاديمير بوتين> تسمح له بتجريب صواريخه الـ<جو-أرض> الذكية على المواقع الإيرانية في الأراضي السورية، كما أن الجولان أصبح له، على الأقل حسب قرار <ترامب> الذي أصدر منذ أيام خريطة جديدة لإسرائيل تضم هضبة الجولان. لا تزال الضفة الغربية حسب الخريطة الجديدة تحت السلطة الفلسطينية، ولكن كما وعد <نتنياهو> في حملته الإنتخابية لا شيء يمنع ضم الضفة أيضا لإسرائيل في المستقبل القريب... وكما ضم <بوتين> جزيرة القرم يضم <نتنياهو> الأراضي العربية المحتلة واحدة تلو الأخرى.

إيران ساهمت في تقوية <حماس> و<الجهاد الإسلامي> على حساب السلطة الفلسطينية وأدى تدخلها إلى إنقسام فلسطيني كبير وإلى خراب غزة وإفقار كل الفلسطينيين في الضفة والقطاع. منذ أن أصبحت إيران لاعبا مباشرا في القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، خسرت القضية الفلسطينية أكثر مما خسرته منذ ١٩٤٨.

الأرقام الإقتصادية الآتية من لبنان وسوريا وإيران تؤكد أن إقتصاد إسرائيل سيسبق مجموع اقتصادات الدول الثلاث قبل عام ٢٠٢٢. تكفي هذه الحسبة لإظهار أن إستراتيجية إيران على مدى العقود الماضية خدمت إسرائيل إقتصاديا وماليا وأفقرت اللبنانيين والسوريين، وحتى الإيرانيين أنفسهم... في عالم اليوم لم يعد تحرير الكيلومترات على حساب النمو الإقتصادي هو بالضرورة الحل المستدام، فما بالكم إذا ضاع الإثنان؟