بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_77649" align="aligncenter" width="611"] الصوم في زمن الـكورونا[/caption]

 

اختصاصية التغذية دلال حبلي: الصيام لا يضعف جهاز المناعة اذا ما اتبع الصائم نظاماً غذائياً صحياً!

يتزامن شهر رمضان هذا العام مع تفشي وباء "كورونا المستجد" الذي فرض على دول العالم العزل المنزلي، وقد أثيرت السجالات على اثر تداول تحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن الصوم في شهر رمضان والذي يتضمن الامتناع عن شرب الماء وجميع أنواع السوائل قد يؤدي إلى تجفيف الحلق وسرعة انتقال الفيروس الى الرئتين فضلاً عن تأثيراته في اضعاف المناعة والاضرار بصحة بعض المرضى وكبار السن، الا ان الدراسات تشير الى أن الصيام قد يكون ذا فوائد صحية كثيرة بما يزيد من قوة الجهاز المناعي لكن ذلك يعتمد على طبيعة الطعام والمشروبات التي يتناولها الصائم خلال الفترة التي تمتد بين الافطار والسحور، فاذا اتبع الصائم القواعد الصحية وتناول الوجبات المتوازنة، فان ساعات الصيام ستؤثر ايجابياً على جسمه، وتتمثل هذه الايجابية في خسارة الوزن الزائد، والتخفيف من الالتهابات المزمنة الموجودة في الجسم، هذا الى جانب تحسين مقاومة الأنسولين ومعدل السكر في الدم وبالتالي تحسين المناعة.

ويكثر الحديث حول تأثير الصيام على مناعة الانسان مع ازدياد المخاوف من امكانية تسببه باصابة الصائمين بالفيروس. وهنا تجدر الاشارة الى أنه في السنوات الأخيرة أجريت دراسات عن فائدة الصيام، وتوصل الباحثون الى ان للصيام فوائد كبيرة على الجهاز المناعي. وخلصت دراسة أجرتها "جامعة جنوب كاليفورنيا" العام الماضي الى ان الصيام ثمانية أيام يساعد على تجديد الخلايا المناعية والجذعية التالفة خصوصاً تلك التي تلفت نتيجة للعلاج الكيميائي، وأوضحت ان الصيام يساعد على توفير الطاقة في الجسم التي يستفيد منها الجهاز المناعي باعادة بناء الخلايا حيث يستبدل الجهاز المناعي الخلايا التالفة بأخرى جديدة مما يجعله في حالة نشاط وتجدد دائمين.

من جهتها أكدت منظمة الصحة العالمية أنه لم تُجر أي دراسات بشأن الصيام ومخاطر الاصابة بالفيروس، ومن المفترض ان يكون الأشخاص الأصحاء قادرين على الصيام خلال شهر رمضان كما في السنوات الماضية، في حين يجدر بالمرضى المصابين التشاور مع أطبائهم كما هو الحال مع أي مرض آخر.

اختصاصية التغذية دلال حبلي وضرورة اعتماد نظام غذائي صحي خلال صوم رمضان

[caption id="attachment_77648" align="alignleft" width="188"] :اختصاصية التغذية دلال حبلي وحده الطبيب يحدد امكانية ان يصوم ذوو الامراض المزمنة ومصابو كورونا[/caption]

فهل الصيام يضعف جهاز المناعة خصوصاً مع تفشي فيروس "كورونا" ام العكس؟ وهل يحمي الصائم نفسه من مضاعفات الفيروس اذا أصيب به من خلال اتباع نظام غذائي صحي طوال شهر رمضان؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها اختصاصية التغذية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت دلال حبلي، ونسألها:

* في ظل تفشي فيروس "كورونا" هل  يؤثر الصيام على صحة الشخص بما يتعلق بجهاز المناعة؟

- لم تُجر دراسة بعد بما يتعلق بالصيام وفيروس "كورونا"، ولكن بالنسبة الينا ومن خلال دراسات سابقة نعلم ان الصيام لا يؤثر على جهاز المناعة طالما ان الصائم يتناول الطعام بطريقة صحية وسليمة، وذلك باعتماده على نظام غذائي متكامل ومتنوع يحتوي على كل الفئات الغذائية اي ان يتناول الكاربوهيدرات والنشويات المركبة مثل الخبز الأسمر والباستا والبطاطا، وان يحصل أيضاً على مصادر البروتين التي تحافظ على الكتلة العضلية في الجسم والتي تعزز المناعة وذلك بتناول اللحوم والسمك والدجاج ومشتقات الحليب وحتى المكسرات والبقول مثل العدس والحمص والفول اذ انها تحتوي على البروتين، ويُفضّل تناول لحم (هبرة) خال من الدهون والدجاج بدون الجلد، كما يجب تناول الزيوت لأنها مفيدة للجسم مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا، وطبعاً من الضروري الابتعاد عن تناول السكريات والدهون مثل (الشيبس) اذ انها تحتوي على كمية عالية من الدهون والتي كنا ننصح بعدم تناولها حتى ما قبل "كورونا".

وعن الفيتامينات تشرح:

- نسمع اليوم ان الناس يقبلون على تناول الفيتامينات مثل فيتامين "س" الذي يعزز جهاز المناعة وأيضاً الزنك. طبعاً يمكن الحصول على هذه الفيتامينات والمعادن من الأطعمة التي نتناولها، فعلى سبيل المثال ان الخضراوات والفاكهة غنية بفيتامين "س"، والزنك موجود في اللحوم والحليب والنشويات وفي القمح الكامل، وبالتالي يمكن الحصول على هذه الفيتامينات من خلال الأطعمة الا بحال اذا كان هناك نقص في فيتامين معين فعندئذٍ يجب ان يستشيرالشخص طبيبه وهو ينصحه بتناول الفيتامين المطلوب. والأهم يجب تناول  الخضراوات والفاكهة ويجب ان تتضمن كل الألوان للاستفادة من كل المعادن والفيتامينات بداخلها. وطبعاً أهم ما في الأمر ان يشرب الصائم الكثير من الماء ليحافظ على الماء بداخل الجسم منعاً لحدوث الجفاف اذ عليه ان يشرب ما بين ليتر ونصف الليتر الى ليترين اذ يُوصى بشرب حوالى 8 الى 12 كوباً من الماء، وعادة في شهر رمضان يشرب الصائم الكثير من العصائر وهي تحتوي على السوائل ولكن يُفضّل شرب الماء، وأيضاً لكي لا يحصل جفاف في  الجسم يجب ان يقلّل الصائم من تناول الملح قدر المستطاع كي لا يخسر الجسم الماء، وعندما نتحدث عن الملح نعني بذلك أيضاً المعلبات المحفوظة اذ تحتوي على الملح، وان الملح موجود كذلك في الزيتون والمخللات والزعتر والخبز المرقوق واللحوم المدخنّة لذا يُفضّل الابتعاد عنها خلال شهر رمضان.

الأمراض المزمنة والصيام

* وماذا عن الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع الضغط وغيرها فهل يُنصح بعدم الصيام في ظل انتشار فيروس "كورونا"؟

- بالنسبة الينا كاختصاصيي تغذية لا يحق لنا ان نقول بألا يصوموا، وعادة نطلب من المريض ان يستشير طبيبه في هذا الخصوص. على سبيل المثال اذا لم تكن هناك سيطرة على مستوى السكر في الدم فعلى مريض السكري ان يتابع مع طبيبه لينصحه بما يجب ان يقوم به خلال صيام رمضان، وفي حال كان مستوى السكر في الدم جيداً عندئذٍ يعلمه طبيبه بأن لا مشكلة اذا صام، ولكن طبعاً يجب ان يتنبه الصائم اذا ما حدث معه هبوط في الدم، لأنه كما تعلمين في شهر رمضان يصوم الشخص لساعات طويلة وقد يحدث معه هبوط في السكر، عندها يجب ان يستشير طبيبه وهنا يمكن ان ينصحه بشرب الماء والسكر لاعادة مستوى السكر في الدم الى معدله الطبيعي لأنه لا يجب ان يحدث ذلك، كما ينصحه الطبيب بأن يبتعد عن تناول الحلويات والأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون لكي تتم السيطرة على مستوى السكر في الدم، ولكن هذا لا يعني ان يبتعد نهائياً عن تناول النشويات لأنه اذا امتنع عن تناولها فهذا يؤثر سلباً على مستوى السكر في الدم وبالتالي يجب ان يتناول النشويات ولكن بطريقة معتدلة.

* اذاً الصيام لا يؤثر على جهاز المناعة حتى في ظل وباء "كورونا" خاصة وان الدراسات تؤشر الى ان الصيام مفيد لجسم الانسان...

- هذا صحيح لأن الجسم خلال الصيام يفرز البروتين ومواداً تساعد على تعزيز المناعة.

* وهل يختلف الأمر من حيث العمر؟

- طبعاً هناك عوامل كثيرة تؤثر على مناعة الشخص اذ عادة الأصغر سناً تكون مناعته قوية، واذا كان الشخص يعاني من الوزن الزائد خصوصاً في ظل انتشار الفيروس فقد تحدث معه مضاعفات اشد عند الاصابة بالفيروس، اذ يتبين لنا من خلال الدراسات التي تُجرى في الخارج ان الاشخاص الذين يكون مؤشر كتلة الجسم لديهم فوق 30 اي انهم يعانون من السمنة تحدث معهم مضاعفات اشد عند الاصابة بالفيروس.

مريض الـ"كورونا" والصيام

* وهل بامكان الشخص المصاب بـ"كورونا" ان يصوم؟

- بهذه الحالة يعتمد الأمر على مدى العوارض لديه اذا كانت شديدة، مثلاً كاختصاصية تغذية خصوصاً انني اعمل في مستشفى فانني أعتبر أن التغذية مهمة اذا أُصيب الشخص بالفيروس لأن الشخص اذا كان في فترة مرض ولا يحصل على تغذية صحيحة فهذا سيؤثر عليه سلباً، اذ ان التغذية تؤثر أولاً على وظيفة التنفس. وهنا ننظر الى عوامل عدة اي عما اذا كان المريض يعاني من أي مشكلة صحية، وهل العوارض لديه شديدة. وهنا أكرر أيضاً ان الطبيب هو مَن يقرر ذلك خصوصاً اذا لم تكن لدى مريض الـ"كورونا" عوارض شديدة اي مثلاً حرارته ليست مرتفعة وبهذه الحالة لا مشكلة اذا صام خلال شهر رمضان ولكن يُفضّل ان يستشير الطبيب اولاً.

* وهل اذا شفي المريض من الـ"كورونا "يقدر ان يصوم؟

- هنا أيضاً يعتمد الأمر على أي مدى تأثر جسم الشخص خلال اصابته بهذا الفيروس، فعلى سبيل المثال اذا كان المريض قد وضع جهاز التنفس الصناعي في المستشفى عندها لن يكون الأمر كما لو كانت العوارض خفيفة اذ يكون قد حصل سوء تغذية ويكون المريض قد خسر كمية من العضل في جسمه، وبهذه الحالة أهم ما في الأمر ان يكون المريض قد حصل على البروتين اذ ان البروتين أهم عنصر لنحافظ على صحتنا ما بعد المرض مما يعني انه على المريض ان يتناول السمك والدجاج واللحوم ومشتقات الحليب وذلك بكميات أعلى من الكميات التي كان يتناولها من قبل لأنه عندما يُصاب الشخص بالمرض تصبح عملية الحرق لديه أعلى.

نصائح للصائمين

* وبماذا تنصحين خلال صيام رمضان؟

- أنصح باتباع نظام غذائي صحي، ويجب ان ينتبه الصائم لامور أخرى ومنها ان ينام بشكل جيد لأنه كما تعلمين ان نظام النوم يتغير خلال شهر رمضان اذ يسهر الناس أكثر لذا ننصح بألا يسهروا لوقت طويل اذ يجب ان يناموا 7 او 8 ساعات خلال اليوم، وأيضاً انصح بان يحاول الصائم مزاولة الرياضة لأن الرياضة أساسية حتى في هذه المرحلة لتعزيز المناعة فاذا زاول الصائم الرياضة ثلاث مرات في الاسبوع فهذا الأمر يكون كافياً لتعزيز المناعة لديه، وهنا أكرر انه ليس هناك فيتامين او عشبة او خلطة ممكن ان تساعد الناس لمقاومة "كورونا".

وتتابع:

- هناك أمر أساسي الا وهو ضرورة ان يتناول الصائم الوجبات الأساسية الخاصة برمضان اي ان يتناول السحور والافطار، وكذلك يجب ان يكون هناك (سناك) او وجبة خفيفة ما بين الافطار والسحور لأن الكثيرين من الصائمين لا يرون أهمية لتناول السحور ولربما يظن البعض انه اذا لم يتناولوا السحور فانهم سيخسرون الوزن الزائد لديهم خلال شهر رمضان، ولكن هذا الأمر غير صحيح على الاطلاق لأننا بحاجة للغذاء في السحور لكي تكون لدينا طاقة خلال النهار. ومن المهم أيضاً ان نتناول وجبة خفيفة ما بين الافطار والسحور لأنه اذا أمضينا ساعات طويلة بدون طعام فلربما نلجأ إلى الـ(لقمشات) التي غالباً ما تكون غير مفيدة للجسم اذ عادة لا تكون طعاماً صحياً. اذاً علينا تنظيم وجباتنا بشكل صحيح وبهذه الطريقة نحصل على نظام غذائي صحي خلال صيام رمضان.

وانهت حبلي حديثها قائلة:

- بالعادة خلال شهر رمضان تُقام موائد الافطارات وتكون هناك تجمعات ولكن هذا العام وبسبب وباء "كورونا" يجب ان يكون هناك تباعد اجتماعي، وأيضاً يجب ان يتنبّه الصائم  للامور التي ذكرناها بالنسبة للغذاء، وان يحاول الا يكثر من تناول حلويات رمضان واذا اراد ان يتناول الحلويات فعليه الا يفعل ذلك الا بعد ساعتين او ثلاث ساعات من وجبة الافطار لأنه اذا تناولها فوراً فان ذلك سيؤدي الى توسعة المعدة وتأخير عملية الهضم في الجسم، كما ان شرب السوائل مثل العصائر والجلاب من الأسباب الرئيسية التي تؤدي لزيادة الوزن في شهر رمضان لذا يجب التقليل من شربها في مقابل شرب الكثير من الماء.

                                              

 1_ اختصاصية التغذية دلال حبلي: وحده الطبيب يحدد امكانية ان يصوم ذوو الامراض المزمنة ومصابو "كورونا"

2_ الصوم في زمن الـ"كورونا"