تفاصيل الخبر

”صرخة“ وزير المال عن نفاد احتياط الموازنة قابلتها تساؤلات عن كيفية صرفه وأين؟!

23/11/2018
”صرخة“ وزير المال عن نفاد احتياط الموازنة  قابلتها تساؤلات عن كيفية صرفه وأين؟!

”صرخة“ وزير المال عن نفاد احتياط الموازنة قابلتها تساؤلات عن كيفية صرفه وأين؟!

 

إذا كانت جلسة التشريع التي انعقدت في مجلس النواب الأسبوع الماضي قد <أنجبت> قوانين جديدة تناولت مسائل ملحة وأخرى غير ملحة، إلا ان ما جعل الأنظار تشخص الى ساحة النجمة لم يكن حضور النواب والتصريحات التي أطلقوها، ولا دعواتهم الى الاسراع في تشكيل الحكومة، ولا التعليقات التي أتى معظمها خارج السياق... ما جعل الإعلام يصب اهتمامه بما يجري في الندوة البرلمانية، كان الكلام <الخطير> الذي أعلنه وزير المال علي حسن خليل من نفاذ الاحتياط في خزينة الدولة وهو الذي قال: <ما في ولا ليرة احتياط>!

هذا الكلام أحدث صدمة لدى الأوساط الشعبية والمصرفية والاقتصادية عموماً، فيما نزل كالصاعقة على كبار المسؤولين الذين لم يفاتحهم يوماً الوزير خليل بهذا الواقع، علماً ان المعطيات التي كانت لديهم تؤكد وجود اعتمادات مالية في الحساب الخاص بالدولة في مصرف لبنان. ولعل ما زاد في استغراب كبار المسؤولين هو أن نقل الاعتمادات من احتياطي الموازنة يتطلب مراسيم تقر في مجلس الوزراء، ولا يتم ذلك بقرار عادي من وزير المال إلا إذا كان الأمر يتصل بمصالحات أو برواتب، علماً ان مجلس الوزراء لم ينعقد منذ أن اعتبرت الحكومة مستقيلة مع بدء ولاية مجلس النواب الجديد.

وتوالى طرح الأسئلة حول ظروف سحب الأموال من الحساب الرقم 36 في مصرف لبنان بعدما سأل الوزير خليل النواب من أين يأتي بواردات لتغطية الاعتماد الاضافي بقيمة 75 مليار ليرة لشراء أدوية للأمراض المستعصية مثل السرطان وغيره، وذلك بعدما فجّر قنبلته بعدم وجود احتياط في الموازنة الذي يُفترض ألا يمس إلا في حالات طارئة واستثنائية بهدف تغطية اعتمادات تطلبها الوزارات وتتصف بطابع الحاجة الملحة، أو لتغطية نفقات كوارث طبيعية أو أحداث غير مرتقبة. ولعل ما جعل الأسئلة تتزايد حول مصير الاحتياط، يعود لكون موازنة 2017 لحظت احتياطاً قارب 1300 مليار ليرة، فيما خصص لهذا البند في موازنة 2018 ما قيمته 958 مليار ليرة تم خفضها الى 700 مليار ليرة عملاً بقرار رئاسة الحكومة خفض النفقات بنسبة 20 بالمئة.

 

كيف نفذ الاحتياط؟

 

وفي الوقت الذي لم يعلن فيه وزير المال عن أسباب نفاذ الاحتياط وبالتالي وقوع الفراغ في الحساب 36 في مصرف لبنان، أشارت معلومات من مصادر مطلعة الى ان أموال الاحتياط صرفت بعد استقالة الحكومة لمصلحة عدد من الوزارات التي طلبت خلال الأشهر الماضية فتح اعتمادات استثنائية لتغطية نفقاتها، ومنها وزارة الأشغال العامة والنقل، ومجلس الانماء والإعمار، والهيئة العليا للاغاثة والأجهزة العسكرية. وإذا كان الوزير خليل، كما قالت مصادره، على علم مسبق بنفاذ الاحتياط، فإنه آثر عدم الاعلان عن ذلك لعدم إثارة البلبلة والقلق بين اللبنانيين، إلا ان طلب وزارة الصحة تأمين الاعتمادات للأدوية جعله يخرج عن صمته معلناً نفاذ الأموال!

وعلمت <الأفكار> ان ثمة أسئلة نيابية ستوجه خلال الأيام القليلة المقبلة لمعرفة كيفية صرف أموال الاحتياط في ظل حكومة مستقيلة وتصرف الأعمال في النطاق الضيق خصوصاً ان لا خيار أمام الحكومة الجديدة ــ إذا ما شُكلت ــ إلا اللجوء الى مجلس النواب للخروج بتشريع جديد يسمح لها بالاستدانة مجدداً من الأسواق خصوصاً ان مجلس النواب أقر إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بقيمة 642 مليار ليرة لبنانية، كما أقر المجلس بند تأمين الدواء بقيمة 75 مليار ليرة، وثمة اتجاه لإقرار اقتراح لمجلس الانماء والاعمار بقيمة 123 مليار ليرة، وآخر لوزارة الأشغال لمشاريع بقيمة 337 مليار ليرة. ويرى خبراء ان مجموع هذه الاعتمادات التي ستؤمنها خزينة الدولة من خلال الاستدانة وتصل قيمتها الى 1200 مليار ليرة تقريباً من الأسواق، ستكون لها تداعيات على العجز العام والمالية العامة لجهة زيادة العجز ما يقارب 7245 مليارليرة كانت متوقعة للعام 2018 الى نحو 9 آلاف مليار ليرة، ما يعني نسبة تقارب 11 بالمئة من الناتج المحلي، على أن يتحول هذا العجز حتماً الى دين عام إضافي!

والى أن يتضح مسار انفاق ما كان تبقى في الاحتياط واتضح انه <طار> كلياً ولم يعد هناك أي ليرة واحدة، توقعت مصادر نيابية أن تعيد الحكومة العتيدة، بالتعاون مع مجلس النواب، النظر في مجموعة من المصاريف التي تتكبدها الخزينة سنوياً من رواتب على بضعة مئات من الموظفين الكبار أو المعاشات التقاعدية التي يتقاضاها النواب السابقون لفترات طويلة حتى بعد رحيلهم، إضافة الى رواتب تعطى لموظفين تتجاوز الـ40 مليون ليرة شهرياً. وثمة أرقام تشير الى مبلغ مليار ليرة سنوياً يذهب لعدد محدود من كبار الموظفين الذين يتقاضون رواتب شهرية تراوح بين 25 مليون ليرة و40 مليون ليرة ناهيك عن تعويضات السفر أو الساعات الاضافية وغيرها من المداخيل غير المبررة لو لعبت أجهزة الرقابة دورها في التدقيق في حقيقة تنفيذ العمل الاضافي من جهة أو السفر في مهمات مفيدة للدولة بعدما اتضح ان مسؤولين في ادارات رسمية من الفئة الأولى والثانية <يخترعون> مهاماً لهم في منظمات اقليمية ودولية بحيث يسافرون دورياً بحجة المشاركة في الاجتماعات التي تنظمها هذا المنظمات والمخصصة للمندوبين الدائمين فيها ولا حاجة لـ<دعم> من موظفي الدول التي يمثلها دبلوماسيون في هذه المنظمات!