تفاصيل الخبر

”صرخة“ عون في وجه معرقلي محاربة الفساد لقيت تجاوباً محلياً...  وارتياحاً خارجياً!

29/03/2019
”صرخة“ عون في وجه معرقلي محاربة الفساد  لقيت تجاوباً محلياً...  وارتياحاً خارجياً!

”صرخة“ عون في وجه معرقلي محاربة الفساد لقيت تجاوباً محلياً...  وارتياحاً خارجياً!

 

الصرخة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الاحتفال بانطلاقة الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني الذي أقيم في قصر بعبدا، لاعتماد <المقاومة الاقتصادية>، لم تكن وحدها موضع متابعة واهتمام الأوساط السياسية اللبنانية على اختلاف انتماءاتها. ذلك أن كلام الرئيس عون حول ضرورة التضامن الوطني لمكافحة الفساد وتمكين الأجهزة القضائية والرقابية من القيام بدورها وعدم عرقلة عملها من أجل كشف الفاسدين والمرتشين ومحاسبتهم، كان له الوقع القوي لأنه صادر عن رئيس الدولة من جهة، ولأنه بات مطلباً شعبياً من جهة أخرى في ظل تنامي موجة الفساد في البلاد. لكن السؤال الأبرز ظل حول أسباب ارتفاع <لهجة> الرئيس عون حيال هذه المسألة بالذات وهو الذي كان يشير إليها دائماً بنبرة أقل حدة من تلك التي لجأ إليها في الاحتفال.

يجيب المطلعون على موقف رئيس الجمهورية بالدعوة الى العودة الى الإفطار الرمضاني الذي كان قد أقامه الرئيس عون في بداية شهر رمضان العام الماضي والذي حدد فيه هدفين قال انه سيعمل على تحقيقهما قبل إطلالة الشهر المبارك في السنة الجارية. الهدف الأول معالجة الوضع الاقتصادي في البلاد من خلال إنجاز خطة للنهوض ارتكزت على الدراسة التي أعدتها مؤسسة <ماكينزي> الاستشارية، وهو ما تم بالفعل ويبقى أن تقرّها الحكومة في الآتي من الأيام لتدخل حيز التنفيذ على رغم العراقيل والصعوبات التي يقرّ الرئيس عون بوجودها وبعمله لتذليلها. أم الهدف الثاني فهو إطلاق حملة وطنية واسعة لمكافحة الفساد تكون المشاركة فيها وطنية ولا تقتصر على طرف من دون آخر. وفي الوقت الذي باشرت فيه أجهزة الرقابة الإدارية والقضائية بالتعاون مع القوى الأمنية عملها على أكثر من جهة من خلال <عمليات نوعية> وضعت حداً لعدد من التجاوزات والارتباكات من دون أن تقضي عليها كلياً، لاحظ الرئيس عون أن الضغوط تشتد على أكثر من محور لوقف عمل هذه الأجهزة، سواء من خلال عرقلة مسارها، أو من خلال منع موظفين مدنيين وعسكريين من المثول أمام القضاة لاستجوابهم أو لسماع أقوالهم، خصوصاً أن التحقيقات أظهرت ضلوع موظفين كبار ومساعدين قضائيين وضباط وعسكريين في ملفات الرشى وصرف النفوذ وغيرها من الممارسات التي تعاقب عليها القوانين المرعية الإجراء. وبلغ الأمر الى حد عمد عدد من الوزراء الى عدم إعطاء الإذن لملاحقة مرؤوسين في وزاراتهم اتهموا بارتكابات مماثلة، أو بالتواطؤ مع آخرين لتسهيل تمرير معاملات مخالفة للقوانين.

 

لا مراعاة لأحد

ويضيف المطلعون انه مع كل صباح كانت ترد الى رئيس الجمهورية تقارير ومعلومات عن ضغوط تمارس من هنا أو من هناك لـ<طي> ملف أو لفتح آخر، أو لإبعاد التهمة عن هذا الموظف أو ذاك، إضافة الى معطيات حول مواقف لعدد من القضاة أو مساعديهم أو حتى سائقيهم ومرافقيهم. ووصل الأمر الى حد اتهام القضاة بـ<مراعاة> خواطر السياسيين أو النافذين. حيال هذا الوضع كان لا بد لرئيس الجمهورية أن يعيد وضع النقاط على الحروف، فأتى الاحتفال الاقتصادي ليحقق له ما أراد وسط تغطية إعلامية واسعة فعلت فعلها لدى الرأي العام، لاسيما عندما قال انه عندما كان متهماً بملف مالي (بعد عملية 13 تشرين الأول/ اكتوبر 1990) لم يقف الى جانبه أحد، بل احتكم الى القضاء الذي برأه من أي اتهام، لاسيما وأن <الملف المالي> الذي قيل بوجوده... كان خالياً من أي مستند، وقد اعتبر المراقبون المثال الذي أعلنه الرئيس عون انطوى على رسالة موجهة الى كل من يتبرع بتقديم حصانات سياسية وطائفية، والى كل من يتلطى خلفها، فحواها أن مكافحة الفساد ستستمر ولن تتوقف أمام خطوط حمر أو أسلاك شائكة وما انطبق على <العماد ميشال عون> يجب أن يسري على الجميع!

أما الرسالة الأبرز، يضيف المطلعون على موقف رئيس الجمهورية، فهي حصر تبرئة المتهمين، الى أي فئة انتموا، بالقضاء وحده الذي يجب القبول بأحكامه لاسيما في ظل حملة التنقية التي بدأت في صفوف القضاة بعدما بدا أن ثمة من يسعى الى تسييس الأحكام، أو استغلال موقعه السياسي للامتناع عن المثول أمام القضاء لتبرئة ساحته، وبعض هؤلاء <استقوى> بإشارات خارجية أو داخلية لـ<يتمرد> على اجهزة الرقابة ويمتنع عن المثول أمامها، وهو ما لا يمكن للرئيس عون أن يقبل به لأنه يعترض قواعد الدولة والأنظمة ويقضي على مسيرة التغيير والاصلاح التي يريد رئيس الجمهورية أن تتحقق مع السنة الثالثة من عهده وفي ظل حكومة اعتبرها <حكومة العهد الأولى> وإن لم تكن دستورياً كذلك! وفي الرسالة الرئاسية أيضاً إشارة واضحة الى رفض رئيس الجمهورية <تطييف> ملف مكافحة الفساد بعدما لاحظ وجود محاولات حيثية في هذا الاتجاه على اساس أن تدخل المرجعيات الدينية يؤدي الى <فرملة> الحركة الاصلاحية ويجمد عملية مكافحة الفساد من خلال توفير <مظلة> دينية فوق المتهمين تقيهم أي إدانة.

وفي معلومات <الأفكار> أن الرئيس عون ماضٍ في حملته حتى النهاية وخطابه أمام الهيئات الاقتصادية ما هو إلا بداية، وأي محاولة لعرقة عملية الإصلاح والحد من الفساد، سيكشف الجهات التي تقوم بها لأن توصيف <الخط الأحمر> ينطبق على هذه المسيرة التي تركت ارتياحاً عند اللبنانيين وينتظر الخارج بفارغ الصبر للمشاركة في خطة النهوض الاقتصادية والأسس التي وضعها مؤتمر <سيدر> الذي أوصى باعتماد إصلاحات جوهرية تأتي في مقدمتها وقف الهدر والرشى والفساد في إدارات الدولة ومؤسساتها!