تفاصيل الخبر

صراع الأجهزة.. تقصير وتقاعس أم توزيع صلاحيات؟

30/12/2020
صراع الأجهزة.. تقصير وتقاعس أم توزيع صلاحيات؟

صراع الأجهزة.. تقصير وتقاعس أم توزيع صلاحيات؟

بقلم علي الحسيني

 

[caption id="attachment_84351" align="alignleft" width="516"] الأجهزة الأمنية يين الأمن والسياسة[/caption]

في ظل الخصام أو الفراق السياسي الذي يفرض نفسه على المشهد العام في لبنان، وفي ظل انكفاء مؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها على النحو الذي يُفترض وخصوصاً بما يتعلّق بعمل مجلسي النواب والوزراء، يشهد الملف الأمني اليوم تقدماً ملحوظاً على كل المستويات مع بروز الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية بشكل لافت من خلال الاستقرار الأمني النوعي الذي تشهده البلاد، بغض النظر عن السقطات أو بالأحرى الإتهامات التي تُوجّه لبعض الأجهزة في مرّات عدة، إمّا لناحية التباطؤ أو التقاعس عن القيام بدورها.

إتهامات متعددة عقب تفجير المرفأ

 لطالما كانت الأجهزة الأمنية في كل دول العام، عُرضة للانتقاد وموضع شبهات سواء خلال القيام بدورها على الأرض، أو من خلال التحقيقات التي تُجريها مع الموقوفين، وغالباً ما تذهب الانتقادات هذه إلى حدود الإتهام بالتقصير تماماً كما حصل في لبنان عقب انفجار المرفأ في آب (أغسطس) الماضي الذي ما زالت تداعياته مُستمرة حتّى اليوم، سواء على الصعيد الإنساني أو الأمني، وأيضاً القضائي.

 في لبنان على وجه الخصوص، ثمّة أمور كثيرة أرخت بسلبيّاتها على الوضع العام وليس فقط على عمل الأجهزة الأمنية لعلّ أبرزها: بعد العامل الاسرائيلي والتهديدات التي تتأتى من هذا

[caption id="attachment_84352" align="alignleft" width="444"] انفجار المرفأ .. وصمة عار على جبين الدولة[/caption]

العدو بين الحين والآخر، وأيضاً ما نتج عن الحرب السورية المدمّرة والتي أدت إلى انتقال عدد كبير من النازحين الى لبنان إما بطريقة شرعية أو غير شرعية، خصوصاً بعدما استغل البعض من سوريا ولبنان مساحة الحدود المشتركة بين البلدين للقيام بعمليات التهريب، بالإضافة إلى الجماعات المُسلّحة التي استغلت الظرف نفسه أيضاً مما مكنهم من دخول لبنان من خلال عمليات التسلل وما قامت به لاحقاً من عمليات اعتداء وقتل وتهجير بحق العسكريين والمدنيين.

بالإضافة إلى كل هذه العوامل التي وضعت الأجهزة الأمنية في لبنان على "مشرحة" الانتقاد السياسي وغير السياسي، يُضاف عامل آخر متمثل بـ"الخلافات" القائمة بين الأجهزة نفسها والذي يطفو الحديث عنه بين الحين والآخر، على واجهة الأحداث بغض النظر حول حقيقة هذه الخلافات من عدمها، وما إذا كانت فعلاً موجودة ام أنها مجرد تكهنّات يتناولها البعض من باب إلقاء اللوم على طبيعة عملها واتهامها بالتقصير عند حدوث أي عمل تكون له تداعيات على أمن واستقرار الوطن والمواطن.

عقيقي يوضح: كنّا على علم باستشهاد العسكريين

 في هذا السياق، يوضح العميد منير عقيقي رئيس تحرير مجلة الأمن العام عبر "الأفكار"، أنه إذا أردنا النظر إلى عمل الأجهزة الأمنية في لبنان، علينا أولاً أن نطلع على صلاحيات كل جهاز بحسب ما يسمح به القانون. ولا يوجد أدنى شك أن القاسم المُشترك بين جميع الأجهزة هو "الهاجس الأمني" لسبب وحيد أن لبنان يقع ضمن نقطة تقاطع بين جميع التوترات التي تحصل في المنطقة.

وفي ما خص المديريّة العامة للأمن العام، يُشير عقيقي إلى أن المديرية أنيطت بها بحسب القانون، مجموعة صلاحيات يُشكل فيها المدير العام للأمن العام الركن الأساسي في السهر على تطبيق القوانين والتعليمات المرعية الاجراء. ويمكن اختصار الصلاحيات هذه بالآتي:

ـ جمع المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لصالح الحكومة.

ـ المساهمة في التحقيقات العدلية ضمن حدود المخالفات المرتكبة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي.

ـ الإشراف على إعداد وتنفيذ التدابير الأمنية.

ـ مكافحة كل ما يمس الأمن بمراقبة وملاحقة أعمال التخريب ودعاة الفوضى ومروجي الإشاعات المضرة بالأمن.

[caption id="attachment_84354" align="alignleft" width="375"] العميد منير عقيقي: لا لصراع الأجهزة.[/caption]

ـ المساهمة في مراقبة الحدود البرية والجوية والبحرية.

ـ تقديم التسهيلات التي تطلبها الجهات الخارجية حول الوفود والبعثات والدعوات والاجتماعات للزوار العرب والأجانب.

ـ مراقبة الأجانب في كل ما يتعلق بدخولهم إلى لبنان وإقامتهم فيه وخروجهم منه ومراقبة تنقلاتهم والسهر على حمايتهم.

ـ تنسيق العلاقات مع البعثات الأجنبية في لبنان.

ـ القيام بجميع مهام الاتصال والارتباط بين السفارات والبعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية والمنظمات الدولية والعربية في مجالات التدريب والدورات الدراسية في الخارج.

مرافقة رجال الدولة الأجانب القادمين إلى لبنان والمحافظة عليهم أثناء انتقالهم داخل الأراضي اللبنانية.

وفي اكثر من مناسبة، يكلف المدير العام بمهمات رسمية في الخارج كموفد رئاسي لمعالجة ملفات معينة.

الأمن جهد ورصد ومتابعة

هل الأمن في لبنان مصادفة أم يأتي نتيجة متابعة ورصد؟ يُجيب عقيقي: لا يوجد شيء اسمه الأمن بالمصادفة رغم أن ضبط الأمن يكون في بعض الأحيان مصادفة، إنما التخطيط لأعمال ارهابية، وتنفيذ جرائم منظمة لا يكون عمل هؤلاء الافراد او الشبكات بالمصادفة بل بشكل منظم ومخطط له، لذا لا بد من ان يكون ضبطها عن طريق التخطيط والرصد والمراقبة. عدا عن التعاون المشترك وتبادل المعلومات مع أجهزة أمن شقيقة وصديقة، لمكافحة الارهاب والتهريب على انواعه.

أما لجهة التسريبات الاعلامية، فيرى أنه أحياناً تقتضي المصلحة الأمنية العليا للدولة التكتم حول بعض المعلومات وذلك من خلال وضعها في ميزان الإفادة والضرر، وهذا يُقيّمه الجهاز طبقاً للضرورات التي يراها مناسبة لعمله، ومثلما نحن حريصون على إطلاع الإعلام في لبنان على الكثير من الأمور، كذلك عليه أحياناً أن لا يكشف بعض الأوراق التي يمتلكها الجهاز خشية أن تنعكس سلباً على طريقة التحقيقات أو متابعة الشبكات الارهابية أو الخلايا النائمة.

أما لجهة الانتقادات التي يتعرض لها الأمن العام، فيشرح عقيقي: مما لا شك فيه أننا في بلد ديمقراطي مسموح فيه الانتقاد وحرية التعبير مصانة. وبالنسبة الينا كجهاز أمني اساسي فإن أبوابنا مفتوحة على الدوام للتواصل مع أي جهة وتحديداً الإعلام من اجل توضيح أي صورة مُبهمة أو معلومة مغلوطة. أما طريقة تعاطي الأمن العام وكيفية مقاربته لبعض القضايا، فالانجازات هي التي تتحدث عن نفسها والتي تُثبت فعالية الجهاز من دون ان ننسى الجهود التي يقوم بها المدير العام في العديد من الملفات.

كنا نعلم باستشهاد العسكريين

 وحول موضوع الجماعات الإرهابية التي تمركزت عند الحدود وما كانت ارتكبته من جرائم وارتكابات بحق مدنيين وعسكريين، يؤكد أننا كنا على علم بأن العسكريين الذين خُطفوا على يد تنظيم "جبهة النصرة" الارهابي، قد استشهدوا قبل انطلاق العملية العسكرية ضدهم، بمعنى أدق كنا نعلم أنهم استشهدوا، وكانت هناك غصّة شعر بها المدير العام اللواء عبّاس ابراهيم عند معرفته بالخبر لكنه ظل يُعطي الأهالي جرعات من الأمل بهدف إنجاح الخطة العسكرية واسترجاع جثثهم.

صراع الأجهزة.. خلاف أم تنافس؟

[caption id="attachment_84353" align="alignleft" width="474"] دور الأمن العام وصلاحياته.[/caption]

ما يُحكى عن صراع بين الأجهزة الأمنية وتحديداً حول ما يُشاع عن صراع بين جهازي الأمن العام وأمن الدولة، ينفي عقيقي هذا الأمر شكلاً ومضموناً، لكن مع تأكيد منه على وجود تنافس بين الأجهزة كونه أمراً مشروعاً من دون أن ننسى أن وظيفة كل جهاز تختلف كلياً عن بعضها البعض، ويبقى الأمن هو القاسم المشترك. من هنا وكإعلامي بالدرجة الأولى، عندما نتحدث عن صراع، علينا بالدرجة الأولى أن نزود الرأي العام بالمعلومات المتوافرة اذا كانت موجودة وإلا فإن الكلام حول هذا الشق يخضع لمنطق التنظير والتحليل وليس أكثر.

مسؤولية تفجير المرفأ.. على من تقع؟

حول تفجير المرفأ والحديث عن المسؤوليات التي طالت جهاز الأمن العام من قبل البعض، يوضح العميد عقيقي أن تفاصيل هذا الموضوع يتم التحقيق فيه من قبل المحقق العدلي الذي له وحده تحديد المسؤوليات، ولذلك نأسف عندما تخرج بعض الأقلام عن الحقيقة وتذهب إلى تشويه التحقيق والتشويش عليه. وكل شخص يرمي المسؤولية على غيره، عليه أن يتحمل هو المسؤولية.

ويُضيف: لكن بشكل عام ما نستطيع قوله إن صلاحية المديرية العامة للأمن العام في المرفأ بحسب القانون، هي الجهة المسؤولة عن حركة الدخول والخروج من وإلى المرفأ وعن مراقبة العاملين في السفن ومنحهم تأشيرات دخول الى لبنان..... اما في حال تم ضبط أي أمر مشبوه يقوم الامن بالتبليغ حسب الاصول. وهذا ما حدث بالفعل في موضوع "النيترات" فإن الأمن العام قام بما هو متوجب عليه، وتمت المراسلة كما ذكر تحديداً. أما بقية التفاصيل، فلن نخوض بها في الوقت الحالي لأنه كما أسلفنا، هناك قضاء يقوم بكل هذه التحقيقات وهو فقط من يُحدد المسؤوليات.