تفاصيل الخبر

سويسرا توقف تسليم معدات عسكرية للبنان لتعذر معرفة مصير رشاشات وبنادق باعتها الى زعيتر!

01/03/2019
سويسرا توقف تسليم معدات عسكرية للبنان  لتعذر معرفة مصير رشاشات وبنادق باعتها الى زعيتر!

سويسرا توقف تسليم معدات عسكرية للبنان لتعذر معرفة مصير رشاشات وبنادق باعتها الى زعيتر!

 

بين القرار الذي صدر عن سويسرا بوقف تسليم معدّات عسكرية للبنان لعدم تمكّن المسؤولين السويسريين من التدقيق في مكان الوجهة الأخيرة لهذا السلاح، وبين الكشف عن أن المعدات العسكرية المعنية اشتراها الوزير غازي زعيتر قبل أعوام ودفع ثمنها ــ  كما يقول ــ  من جيبه الخاص... أكثر من <قطبة مخفية> نتيجة علامات الاستفهام التي ترسمها مصادر مطلعة على الطرق التي تعتمد لشراء الأسلحة من الدول، فكيف إذا كانت هذه الدولة هي سويسرا المعروفة بـ<حيادها> من جهة، وبـ<دقة> تعاملها مع الدول من جهة أخرى؟...

مصادر مطلعة على هذا الملف روت لـ<الأفكار> أن المراجعات السويسرية للبنان ليست مستجدة أو طارئة، بل هـــــي تتم منذ فترة من دون أن يحصـــــل الجانب السويسري على أي جــــواب دقيـــق ومباشر من المسؤولــــين اللبنانيين، الوزاريون منهم والعسكريون، وذلك لسبب بسيط وهو أن المعدات العسكرية التي تريد سويسرا معرفة مصيرها لم تُسجل في قيود الدولة اللبنانية، ولا تمّت عملية البيع والشراء وفقاً للأصول التي ترعى مثل هذه الحالات. المعلومات تقول إن الشاري كــــان الوزيـــــر غـــــازي زعيتر الذي أراد أن <يحمي> نفسه من <تهديدات> فرضتهـــــا ظـــــروف أمنية معينة، فبدلاً من أن يطلب ذلك من الأجهزة الأمنية المعنية ــ وهو وزير ومن أبسط حقوقه الحصول على حماية رسمية ــ عمد الى اعتماد <الأمن الذاتـــــي>، فدخـــــل بمفاوضـــات مع الجانب السويسري انتهت الى شراء 40 قطعة سلاح (رشاشات وبنادق) قـــــال الوزيــــــر زعيـــــتر انه وزعها على حراســــه في منازلـــــه ومكاتبه بين بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع...

9 رشاشات من 40!

ولأن سويسرا دولة تحترم نفسها، فقد تضمن مستند البيع فقرة تسمح للجانب السويسري بالتدقيق من حين الى آخر من أن هذا السلاح لم يذهب الى جهات غير تلك التي بيعت لها. وتطبيقاً لهذا البند طالب فريق التدقيق السويسري بمعاينة قطع الأسلحة التي اشتراها الوزير زعيتر، فلم يتمكن أعضاء الفريق إلا من معاينة 9 قطع فيما لم يكن من السهل عليهم معاينة الـ31 قطعة المتبقية لأن الوزير أبلغ أعضاء الفريق أن السلاح موجود مع حراسه في البقاع! وهنا تتفاوت الروايات، فالجانب السويسري يقول انه قصد مراراً الوزير زعيتر لتنظيم زيارة استطلاعية الى البقاع لكن الوزير لم يتجاوب، في وقت يقول الوزير زعيتر انه دعاهم أكثر من مرة لكنهم لم يحضروا! ونتيجة الالتباس الذي حصل والمواقف المتباينة، قررت وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية وقف تصدير العتاد الحربي الى لبنان بما في ذلك الى الجيش اللبناني. وقد أثارت الإشارة الأخيرة الى الجيش التباساً لاسيما وأن العتاد المشار إليه لم يكن للمؤسسة الأمنية ولا دخل لها به لا من قريب أو بعيد، ما اقتضى سلسلة توضيحات من وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، ومصادر <مأذون> لها في قيادة الجيش والتي أكّدت كلها أن لا علاقة للدولة اللبنانية بما جرى مع الشركة السويسرية التي باعت السلاح الى النائب زعيتر حين كان وزيراً.

وعلى رغم أن الرواية التي أوردها النائب زعيتر أضاءت على جوانب ملتبسة من أسباب الموقف السويسري، إلا أنها طرحت علامات استفهام تحتاج الى أجوبة، خصوصاً أن ما حصل أدى الى قطع التعاون بين لبنان ودولة صديقة لها مكانتها في العالم، إضافة الى صدقيتها من خلال سياسة الحياد التي تعتمدها. وفي هذا السياق، سألت مصادر متابعة عما سيكون عليه موقف المسؤولين اللبنانيين لاسيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينتمي النائب زعيتر الى كتلته النيابية (التنمية والتحرير) ورئيس الحكومة سعد الحريري حيال هذه القضية، خصوصاً أن الجانب السويسري لم يكن ليبيع المعدات الى (الوزير) زعيتر لو لم يكن وزيراً ويمثل الحكومة اللبنانية بشكل أو بآخر، لأن الدول التي تبيع شركات فيها أسلحة تفرض على الجهة المشترية معرفة المستخدم الأخير لها وذلك ضماناً لعدم ذهاب السلاح الى دولة أخرى أو ميليشيا أو منظمات إرهابية وإجرامية، وبالتالي فإن الدولة اللبنانية، بكافة مسؤوليها على أي مستوى كان، تتحمل مسؤولية معنوية كبيرة تجاه الجانب السويسري، وإن كان السلاح المقصود يتألف من 10 بنادق هجومية و30 سلاحاً ورشاشاً لم يعثر إلا على 9 قطع منها.

وأضافت المصادر أن الشركة السويسرية التي باعت السلاح حصلت على موافقة الدولة السويسرية التي استندت بدورها الى أن طالب السلاح هو وزير في الحكومة اللبنانية... إلا أن المستغرب أنه كيف تقبل الشركة أن تتقاضى مالاً من <شخص> (ولو كان وزيراً) ولا تراعي الأصول في عمليات بيع وشراء السلاح التي تتم بين دولتين؟ وهنا ترتسم ــ حسب المصادر نفسها ــ علامة استفهام كبرى حول الأسس والقواعد التي اعتُمدت لدفع ثمن المعدات العسكرية وعما إذا كان الوزير زعيتر

استفاد من الحسومات المعتمــــدة بـــين الدول، فيما هو يؤكد أن السلاح ذهب لحراسه وأنه دفع المال من جيبه الخاص!

هــــــل تبقــــى الدولــة غائبــــة؟!

وأضافت المصادر أن ثمة مسألة أخرى تحتاج الى توضيح من المسؤولين اللبنانيين احتراماً للعلاقة القائمة مع سويسرا، وهي تتعلق تحديداً بمصير هذه الأسلحة وهل وزعت فعلاً على حراس النائب زعيتر وبالتالي فإن ثمة قيوداً لا بدّ أن تتوافر من خلال رخص حمل السلاح المعطاة لمرافقي الوزراء والنواب، فهل هذه القيود موجودة؟ أم أنها <ضائعة> بين بيروت والبقاع؟! ورأت المصادر نفسها أن عدم تعاطي الدولة اللبنانية بجدية ومسؤولية مع هذه الحادثة سوف يؤثر سلباً على صدقية لبنان تجاه الدول الخارجية لأن ما حصل مع سويسرا لم يعد محصوراً بين بيروت وبرن، بل أصبح في متناول الدول كلها لاسيما تلك التي تزوّد القوى الأمنية اللبنانية بالسلاح وتثق ــ من خلال تطمينات الجانب اللبناني ــ بأن هذا السلاح لا يستعمل إلا من قبل القوى الشرعية اللبنانية. من هنا كان موقف الوزير بو صعب وقيادة الجيش صائباً في المسارعة الى نفي أية علاقة للواء الحرس الجمهوري أو لأية قوة عسكرية لبنانية بالموضوع بعدما حاول البعض بث شائعات <ضياع> السلاح السويسري و<تجهيل> مصيره.

في أي حال، لا يبدو أن هذا الملف الذي فُتح في توقيت ملتبس سيطوى بهدوء لأن ثمة جهات سوف تستغله للتشكيك بمصير السلاح الذي تتلقاه الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، على رغم معرفة هذه الجهات أن ما يصل الى أيدي الجيش أو أية مؤسسة أمنية أخرى، لا يمكن أن ينتقل الى أية يد أخرى، حزبية كانت أو ميليشياوية! إلا أن ذلك لا يعفي المسؤولين اللبنانيين من واجب تقديم الإيضاحات اللازمة الى الجانب السويسري، والطلب من النائب زعيتر <إبراز> المعدات العسكرية المعنية بالملف والأشخاص الذين يستعملونها ولأية أهداف، حفاظاً على صدقيته من جهة، وعلى سمعة الدولة اللبنانية التي كان فيها محافظاً للنبطية من عام 1990 الى 1996، ونائباً عن البقاع في دورات 1996 و2000 و2005 و2009 و2018، ووزيراً للدفاع الوطني (1998) وللشؤون الاجتماعية (2004)، وللصناعة (2008) وللأشغال العامة والنقل (2014) وللزراعة (2016)!