تفاصيل الخبر

ســـــوريــا تُقـسّم عـلــى مـــــرآى ومـسـمـــــع الـعـالـــــم

28/04/2017
ســـــوريــا تُقـسّم عـلــى مـــــرآى ومـسـمـــــع الـعـالـــــم

ســـــوريــا تُقـسّم عـلــى مـــــرآى ومـسـمـــــع الـعـالـــــم

 

بقلم علي الحسيني

اطفال-الفوعة-وكفريا-يحلمون-بالسلام-وبرغيف-الخبز-----3

خطت سوريا أكبر خطواتها باتجاه التقسيم الديموغرافي ورسمت ابرز علامات الفرز المذهبي وذلك من خلال الاتفاق الذي عُقد بين قادة وضباط من الحرس الثوري الايراني وحزب الله، وبين قادة جبهة <النصرة> والمعروف باتفاق القرى الأربع، الفوعة وكفريا والزبداني ومضايا في الأسبوع الماضي والذي قضى بانسحاب المقاتلين والاهالي من منطقة إلى أخرى بحسب الانتماء المذهبي. والمعروف ان الفوعة وكفريا تسكنهما اكثرية شيعية، بينما تسكن الاكثرية السنية في مضايا والزبداني.

 

اتفاق برعاية قطرية

 

منذ شهرين تقريباً أو ربما اكثر، تم تسريب معلومات تتعلق بمفاوضات مرتقبة بين حزب الله وجبهة <فتح الشام> (<النصرة> سابقاً) تتعلق بالإفراج عن أسرى لدى الطرفين وجثث عناصر، وذلك من خلال مسعى تقوم به دولة قطر الساعية لإطلاق سراح 26 صياداً، جلهم من مواطنيها، كانوا قد خُطفوا في العراق في كانون الأول عام/ ديسمبر 2015. ومنذ ذلك الوقت، بدأت المفاوضات بين الطرفين تتبلور بشكل أوضح وأعمق وأوسع خصوصاً بعدما شملت نقطة سبق أن جرى البحث بها، تتعلق بإخراج سكان بلدتَي الفوعة وكفريا الشيعيتين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، مقابل إخراج ما تبقّى من مقاتلي المعارضة من بلدات الزبداني ومضايا وبلودان في ريف دمشق إلى شمال سوريا.

المفاوضات التي حضرها ممثلون عن حزب الله والحرس الثوري الإيراني، يبدأ تنفيذها خلال الأسبوع الأول من الشهر الماضي وهي تمثلت بخطوة أولية وهي عبور سكان الزبداني باتجاه الشمال السوري استتبعها خطوة مماثلة تمثلت بخروج مُسلحين ومواطنين من بلدتي الفوعة وكفريا باتجاه الراموسة ولاحقاً الى الزبداني وبعض قرى القلمون التي سبق للحزب أن احتلها في بداية تدخله في الحرب السورية وعلى رأسها مدينة القصير. ومن بعد هاتين الخطوتين، تم الاتفاق على تنفيذ الخطوة الأهم وهي الإفراج عن أسرى وجثث لعناصر من كلا الطرفين، ومن المعروف أن لحزب الله ثلاثة عناصر كانت <النصرة> قد أسرتهم في احدى معارك ريف حلب الشمالي. وكذلك فإن الحزب يحتجز مع النظام السوري، ما لا يقل عن الف مقاتل من المعارضة السورية المسلحة وخصوصاً من جبهة <النصرة>، بالإضافة الى العديد من الجثث في اماكن متعددة داخل الاراضي السورية.

 

الايراني يقود عمليات التفاوض

وحده-الشعب-السوري-الضحية----5 

على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها حزب الله في مفاوضات مُباشرة مع الفصائل المسلحة السورية المسلحة، إذ سبق له أن دخل في مفاوضات مع حركة <أحرار الشام> في اسطنبول، إلا أن الملاحظ هو إدارة ضباط كبار من الحرس الثوري الإيراني لعملية التفاوض المًستمرة في قطر، تماماً كما سبق وحصل في اسطنبول، وهذا ما يؤكد للمرة المئة بعد الألف بحسب أوصاف المعارضة السورية، أن وجود الحزب في سوريا أو خروجه منها، ليس قراراً ذاتياً، إنما مرتبط بقرار قيادة الحرس الثوري الذي يُدير دفّة المعارك في سوريا وإدارة سيرها على الأرض وتحديداً داخل البلدات المحاذية للحدود اللبنانية - السورية. لكن واقعية حزب الله تقول ان القيادة العسكرية في سوريا ولبنان، كانت وضعت جميع كوادرها وعناصرها في أجواء عمليات التفاوض منذ سنتين تقريباً، وذلك بعدما ايقنت بأنه يستحيل تحقيق انتصار كامل في سوريا خصوصاً في ظل الدعم العسكري والمادي للفصائل المسلحة والتي تتكاثر بشكل كبير لا يمكن لا للحزب ولا لأي دولة أخرى، القضاء عليهم إلا من خلال اتفاق عام يوحد الجهود وهذا ما لا تريده العديد من الدول سواء العربية أو الغربية وهم الذين يصفون حزب الله بالمساهم الابرز مع النظام، في عمليات القتل والمجازر.

 وتقول مصادر خاصة ان قيادة حزب الله كانت دعت منذ مدة كوادرها وعناصرها الى الاستبسال في القتال ليس من اجل اسقاط قرى وبلدات، بل من اجل الحفاظ على المكتسبات الميدانية التي حققوها منذ دخولهم كطرف اساسي في الحرب السورية. كما انها دعتهم يومذاك للانتقال إلى (الخطة ب) التي تدعو إلى الاستماتة في الدفاع عن بلدات واقعة على الحدود اللبنانية من أجل منع العناصر المسلحة من تثبيت موطئ قدم لها في تلك الناحية. ومن هنا يُمكن القول إن الاشتباكات العنيفة التي تحصل بين الحين والآخر في الجرود بين الحزب و<النصرة>، إنما الهدف منها تحسين شروط التفاوض القائمة بين الطرفين في قطر اليوم. علما أن هناك كلاماً صدر عن جهات عدة، يؤكد أن بعض المفاوضين من <النصرة>، سبق أن كانوا منضوين تحت لواء <تنظيم القاعدة> الذي كان يتزعمه اسامة بن لادن قبل أن يُقتل وتنتقل القيادة بعدها لأيمن الظواهري.

تنفيذ المرحلة الثانية

فجر الاربعاء ما قبل الماضي، بدأت المرحلة الثانية من اتفاقِ المدن الأربع، الموقع بين فصيلي هيئة <فتح الشام> وحركة <أحرار الشام> والحرس الثوري الايراني وحزب الله. وقد أفضت إلى خروج كامل الفصائل المقاتلة من مدينة الزبداني مع جزء ممن تبقى في بلدة مضايا مقابل خروج دُفعة من مقاتلي وأهالي كفريا والفوعة. وفي صباح يوم الجمعة أي بعد يومين، خرج من بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب الشمالي، نحو 75 حافلة و20 سيارة إسعاف تقل نحو 5000 من أهالي البلدتين عبر معبر الصواغية تفتناز باتجاه منطقة الراشدين غرب حلب. وفي المقابل، خرجت 60 حافلة تقل نحو 2350 مسلحاً من مدينة الزبداني ومضايا في ريف دمشق مع عائلاتهم باتجاه مدينة إدلب ترافقهم 7 سيارات إسعاف تحمل جرحى، وذلك تنفيذاً للاتفاق المعروف باسم القرى الأربع، والموقّع بين المعارضة السورية المسلحة، وبين إيران وحلفائها وتحديداً حزب الله الذي تمكن من استعادة بعض من جثث عناصره من بينهم جثة العنصر جميل حسين فقيه التي كانت تحتفظ بها حركة <أحرار الشام>.

من المؤكد أن حزب الله قد استعد حتى قبل إنجاز الاتفاق، إلى تأمين مناطق آمنة لسكان القريتين الشيعيتين، وهناك معلومات تؤكد أن القرى السورية الواقعة عند الحدود والتي سبق له ان سيطر عليها، سوف تكون ملجأ للنازحين من الفوعة وكفريا، وقد بدأ منذ اللحظة توزيع الخطط والجهود على عناصره ومناصريه، لاستيعاب النازحين وتأمين كافة المستلزمات التي يحتاجونها. وفي وقت حمل فيه أهالي الزبداني ومضايا، الحزب وجبهة <النصرة> مسؤولية تهجيرهم وإخراجهم من بلداتهم بهذا الشكل المُهين، اعلن جزء كبير من اهالي الفوعة وكفريا عدم رغبتهم في ترك منازلهم، لكن تهديدات مباشرة من <النصرة> كانت وصلتهم خلال الايام الماضية، تفيد بأنهم وبمجرد إتمام الاتفاق، فإن <النصرة> سوف تدخل الى البلدتين لتُنفذ أكبر عملية يافطات-رفعها-اهالي-مضايا-والزبداني------4اعدام جماعية.

بالنسبة الى أهالي مضايا والزبداني، فقد سبق أن أعلنوا أكثر من مرة، بأنهم لا يريدون الخروج من ديارهم لأن الأفق سيكون مجهولاً عند خروجهم، بسبب امتلاك أغلب الأهالي هناك أراضي زراعية ورثوها عن أجدادهم وآبائهم. فهذا أحد سكان مضايا يقول: بنود الاتفاق المتداولة مستهجنة ومرفوضة، فكيف لنا بعد سنتين من الحصار الخانق أن نترك أرضنا وبيوتنا. الاتفاقية فرضت علينا في سبيل بقاء أطفالنا ونسائنا على قيد الحياة. ويسأل: أين سنُقيم؟ وما العمل الذي سنمارسه؟ وهل سنمضي حياتنا على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإغاثية؟. وهذا التقسيم، أكده الرئيس التركي <رجب طيب أردوغان> الاسبوع الماضي بقوله لن نسمح باقتطاع أراض ومناطق من سوريا لصالح أي دولة. طهران تنتهج سياسة انتشار وتوسع فارسية وأصبحت تؤلمنا، مضيفاً: لديهم حساباتهم بخصوص سوريا والعراق واليمن ولبنان، يريدون أن يتغلغلوا في هذه المناطق من أجل تشكيل قوة فارسية في المنطقة، هذا أمر له مغزى علينا أن نفكر فيه جيداً.

تفجير ارهابي يستهدف الأطفال

قرابة الساعة الرابعة عصراً من يوم السبت ما قبل الماضي، استهدف تفجير انتحاري حافلات كانت تقل على متنها خمسة آلاف شخص، بينهم 1300 مقاتل، تم اجلاؤهم من بلدتي الفوعة وكفريا. وقد وقع التفجير غداة إجلاء هؤلاء إلى جانب 2200 آخرين، بينهم نحو 400 مقاتل من بلدتي مضايا والزبداني في إطار اتفاق بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الانسان فقد ارتفع عدد القتلى إلى 126 على الأقل وعشرات الجرحى من بينهم 70 طفلاً. وقد قتل في التفجير أيضاً العديد من مقاتلي المعارضة السورية الذين كانوا يحرسون الحافلات في موقع التفجير. ويذكر أن السيارة المفخخة التي أدت إلى هذا التفجير كان يفترض أن تكون محملة بمواد غذائية، وكانت قد أدخلت إلى مكان وقوف الحافلات وسيارات الإسعاف على أنها سوف ترافق ركاب الحافلات الى خارج البلدتين.

 

أين أميركا من مخططات التقسيم؟

الت--------2----فجير-الذي-استهدف-اهالي-الفوعة-وكفريا-لحظة-خروجهم 

إن سألت عن مخطط الولايات المتحدة الرامي الى تقسيم المنطقة، فيمكن الاستدلال الى العديد من الخطط التي يبدو انها شارفت على بداية تنفيذها خصوصاً بعدما اصبح الاميركي جاهزاً اليوم للكشف بصورة علنية عما يخطط له لمستقبل المنطقة بأكملها لاسيما بعد الضربة الصاروخية التي استهدفت <قاعدة الشعيرات> الجوية على خلفية ما حصل في <خان شيخون>، لكن ما الجديد في هذه الخطة مما كان يطبق منذ سنوات على أرض الواقع؟

من المؤكد أن الكشف عن التوجه الأميركي في وسائل الإعلام بالتزامن مع الجولة التي يقوم بها وزير الدفاع <جايمس ماتيس> على دول المنطقة ليس مجرد مصادفة، فالمسؤول العسكري الأول في الولايات المتحدة يريد نقاش ما تم التحضير له مع تلك الدول، التي من المفترض أن تكون مشاركة في الشق التنفيذي من الخطة، الذي يقوم على العمل ضمن 4 مراحل: الأولى تنص بالقضاء على تنظيم <داعش> داخل الأراضي السورية، والثانية يجري العمل فيها لنشر الاستقرار من خلال السعي الى اتفاقات هدنة تعقد بين الحكومة والمعارضة، أما المرحلة الثالثة فمن المفترض أن تكون انتقالية يتم دفع الرئيس السوري بشار الأسد فيها للتخلي عن السلطة.

أما في الرابعة فيجري العمل على تنظيم الحياة العامة بعد إنتهاء الفترة الانتقالية وبالتالي الذهاب الى <كونفدراليات> مشابهة لتلك الحاصلة في العراق اليوم، وما الدعم الاميركي للأكراد، سوى خطوة أولية على طريق التقسيم المزمع إحداثه وذلك بالتعاون مع روسيا التي في النهاية، سوف تبحث عن مصالحها الخاصة حتى وإن وجدتها ليس مع الاميركي فقط، إنما مع الاسرائيلي أيضاً، وهذا ما دلت عليه التنسيقات الثنائية بينهما وتحديداً لجهة الطلعات الجوية وتنقل العناصر على الارض، منذ أن اعلنت روسيا نيتها بالتدخل العسكري المباشر في الحرب السورية.

هناك ثمة استشرافات ودراسات سياسية، تؤكد بأن الإدارة الأميركية لا تقدم أي جديد على مستوى التصاريح التي تدعو من خلالها الى نبذ العنف بين الدول وتوحيد الجهود لمكافحة الارهاب، فواشنطن منذ البداية تسعى لتقسيم دول المنطقة الى مناطق نفوذ مذهبية أو عرقية على أنقاض تنظيم <داعش>، على أن يتم تسليمها إلى سلطات محلية تتحول فيما بعد إلى جزء من دولة <فيدرالية> لا تلبث أن تطالب أقاليمها بالانفصال في مرحلة لاحقة، وهذا ما يحصل اليوم مع إقليم كردستان في العراق الذي يريد طرح استفتاء للاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، وهذا ما تسعى اليه من خلال اذرعها في المنطقة، في ادلب وحلب وريف دمشق، وفي كل منطقة من دول الجوار، في حال اتيحت لها الفرصة.

 

تقاطع مصالح والحجة <داعش>

الباصات-الخضر-المخصصة-لنقل-الاهالي-والمسلحين----1

لمن فاتته التصريحات التي تخرج بين الحين والآخر عن البيت الابيض أو قراءة تحليلات صحافية لكتاب كبار لهم مكانتهم المرموقة في عالم السياسة، يمكن ان يركن خلال هذه الفترة لما أورده الصحافي الأميركي الشهير <توماس فريدمان> والمعروف بقربه من الديبلوماسين الكبار في وزارة الخارجية. فقد تحدث <فريدمان> عن تركيبتين منفصلتين لتنظيم <داعش>، الأولى وسماها <داعش الافتراضية> والتي تنشر إيديولوجيتها من خلال <الانترنت> وهي تركز عملها وجهودها على الجاليات الإسلامية الموجودة في المجتمعات الغربية والأوروبية خصوصاً وتنفّذ العمليات الإرهابية التي تصيب قلب هذه المجتمعات.

وتركيبة <داعش الواقعية> الموجودة فعلياً من خلال تنظيم واضح وهرمية في العراق وسوريا، والتي تهدف الى هزيمة الرئيس بشار الأسد وداعميه من الروس والإيرانيين وحزب الله، والسعي الى تثبيت دولة الخلافة. كما قال <فريدمان> إن الجهود يجب أن تتركز لهزيمة <داعش الافتراضية> على الرغم من أن هناك صعوبة في ذلك، وأن الخطر يكمن هنا. أما <داعش الواقعية> فيجب التعامل معها بواقعية من خلال التفاوض حول صيغة حكم جديدة في سوريا وبناء مناطق حظر جوي حول إدلب حيث المعارضة ورفع مستوى الدعم العسكري لها بهدف استنزاف الروس والايرانيين. ويرى أن هزيمة <داعش> الآن ستخفف من الضغوط على الأسد وروسيا وإيران وحزب الله ما سيسمح لهم بتركيز قدراتهم لسحق المعارضة في إدلب.

وكأن الكاتب يريد القول إنه من الخطأ التركيز على ضرب <داعش> وترك النظام السوري وحلفائه في منأى عن أي ضربة أو تركهم يسرحون ويمرحون في سوريا من دون حسيب أو رقيب. وهذه الدعوة المبطنة، تتلاقى مع كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق <ايهود باراك> الذي قال في مقابلة له مع صحيفة <يديعوت احرونوت> إنه في نهاية المطاف لن تكون هنالك أزمة بين الرئيسين الأميركي والروسي <دونالد ترامب> وفلاديمير بوتين>، فلكل منهما مصلحة خاصة في ما يحصل اليوم في منطقة الشرق الاوسط. كما سيكون في إمكان <بوتين> أن يحصل من <ترامب> على اعتراف بمكانته في أوكرانيا وجورجيا وسوريا، إذ إنه توجد على الطاولة صفقات كبيرة فلماذا نفسد ذلك؟. ووفقاً لما تقدم، يشير أحد كبار السياسيين السابقين في البيت الابيض <جورج سيبنوارغ> ان باب الصفقات المفتوح هو الهدف الحقيقي للرئيس الأميركي رجل الأعمال بثياب مرقطة، وهو يحمل بين يديه ملفات كثيرة قابلة للمبادلة والمقايضة وهو القادر على التنسيق في ما بينها.

 

الإنهاك يسيطر على النظام والمعارضة

 

لا يجب النظر الى سقوط حلب وكأنه نهاية الازمة في سوريا، فهناك أدلة مادية واضحة على حالة الضعف والإنهاك في صفوف قوات النظام السوري بعدما تحول اغلب ضباطه وعناصره إلى ميليشيات موالية للنظام، وبعدما اصبح لديهم اهتمامات محلية في مناطق بعينها وتحديداً المناطق التي تعنيهم طائفياً ومذهبياً. بالإضافة الى ان الحرس الثوري الايراني وحزب الله، هم الذين يخوضون اغلب المعارك بالاضافة الى القوة الجوية التي تؤمنها روسيا. والسؤال الاضافي في هذا المجال، ما هي الخطوة المقبلة لروسيا؟ فهل تريد حرباً مستمرة في المنطقة؟ أم أنها تريد أن تضع نهاية للقتال بعد انتصار حلب واتخاذ بعض الترتيبات؟ أو الوصول إلى تفاهمات مع إدارة <ترامب> في واشنطن؟

وفي مقابل هذه الطروحات، يبدو أن خيارات الجانب الأميركي باتت محدودة في الوقت الراهن، فقد دق سقوط حلب مسماراً في نعش السياسة الأميركية التي تبناها الرئيس الأميركي السابق <باراك أوباما> تجاه الأزمة في سوريا التي تتضمن دعم ما يُسمى بفصائل المعارضة المعتدلة. واليوم يريد <ترامب> للمعارضة السورية ان تخوض أوسع معاركها في مواجه <داعش>، لكن الحقيقة تشير الى ان الفصائل السورية المسلحة، ليست في أحسن أحوالها اليوم، فهي تتعرض للانشقاقات والاقتتال في ما بينها، بالإضافة الى الضغوط التي تُمارس ضدها خصوصاً خلال المؤتمرات المتنقلة من بلد الى آخر. كما انه يجب أن يتذكر كل من له موطئ قدم سياسي ام عسكري في سوريا، ان المعارضة السورية وبخسارتها لمدينة حلب، قد ابتعدت سنوات عن تحقيق الانتصار التي كانت توعد به خصوصاً من الداعم الاميركي. ومن هذا الباب، يدخل البعض الى أزمة أو علاقة ضبابية تشهدها العلاقات بين <ترامب> وبين فصائل المعارضة، فلا أحد يعرف ما الذي يعتزم <ترامب> فعله معها. وهنا يخشى محللون أن تنجرف المعارضة المعتدلة في التيار العنيف للفصائل الأكثر تشدداً في سوريا في ظل غياب الدعم عنها سواء المادي أو العسكري.