تفاصيل الخبر

سـوريــــــا تـحــــــت خــطــــــــــر الــتــقــســيـــــــــــم والــنــبـــــــؤة للــوســيـــــــط الــدولــــــي ”ديــمــســتـــــــــورا“!

29/03/2018
سـوريــــــا تـحــــــت خــطــــــــــر الــتــقــســيـــــــــــم  والــنــبـــــــؤة للــوســيـــــــط الــدولــــــي ”ديــمــســتـــــــــورا“!

سـوريــــــا تـحــــــت خــطــــــــــر الــتــقــســيـــــــــــم والــنــبـــــــؤة للــوســيـــــــط الــدولــــــي ”ديــمــســتـــــــــورا“!

  

بقلم وليد عوض

برج-السباع

لو تقرأون أدباء فرنسا الراحلين لأدركتم ضرورة ادخار المال حتى يجد المرء ساعة الفرج. هكذا يقول المفكر الفرنسي <تريستان برنار> الذي مات... فقيراً!

وثمة كتّاب أفارقة يقولون ان الأزمنة تتغير مع المواطنين والعادات الانتخابية كذلك. ونحن الآن في غمرة انتخابات نيابية يغيب فيها ثلث المجلس القديم، ويحل مكانه ثلث جديد تعلم ان لا يخوض في مسائل الفساد، وصفقات الرشوة، وعاديات الانتفاع، حتى أصبح الأمل معقوداً على هذا الثلث للحصول على هذا التغيير، ولا بد أن يأتي.

ومهما كانت كفاءات الحاكم وقدرته على اجتياز الصعاب، فإنه كرجل وحيد لا يستطيع أن يصلح العالم.

والحالة الأمنية في سوريا تنعكس تباعاً على لبنان، بين آلاف المهجرين من هنا، وآلاف المهجرين من هناك، ووجود خطة مدعومة أميركياً لاستيلاد دولة أكراد جديدة تحقق للأكراد طموحات الدولة الكردية التي نادى بها صلاح الدين الأيوبي، وتبناها من بعده سرب من الحكام والقادة السياسيين بينهم محمد كرد علي والمؤرخ الأديب محمد قرة الذي كان له مكتب في شارع خندق الغميق أحد أحياء العاصمة اللبنانية، وقد استعار اسم الخندق الغميق لرواية مؤثرة كانت من تأليف الدكتور سهيل ادريس.

وهكذا تكون الدولة الكردية في شمالي سوريا قد أخذت تتلمس دروبها، ومعها الولايات المتحدة التي تساند المقاتلين الأكراد مقيمين ومغتربين. ولكن ما ترضى به الولايات المتحدة لا يجد قبولاً عند إيران والسلطات الروسية لأن ولادة دول جديدة على الخريطة السورية تعني التقسيم، وهذا ما صرح به الوسيط الدولي <ستيفان دوميستورا> الذي طال أمد مهمته، ولم يفتح ثغرة في حائط السلام. وستظل هذه الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة ضاربة أطنابها حتى يتوصل العقلاء في الوسط السوري الى ابعاد شبح هذه الحرب المكتومة.

بري مشغول البال

 

ومن يزر الرئيس نبيه بري في منزله الريفي عند منطقة <المصيلح> يكتشف انه مشغول البال بمرحلة ما بعد الانتخابات. أولاً لأن مثل هذه المرحلة تؤدي الى انشغال البال بعدما يستوي المرشحون في مراكزهم. وثانياً لأنها المرة الأولى التي يخوض فيها لبنان انتخابات نسبية، وتحديداً موضوع الصوت التفضيلي الذي سيؤدي الى ردات فعل بالجملة في لوائح المرشحين. ولا يرى الرئيس بري مانعاً من خسارة مقعدين نيابيين أو ثلاثة، ما دام الأمر في النتيجة ينعكس على البلاد ديموقراطياً. وسيحافظ على حجم الزعامات السياسية على خريطة الوطن. ومن الخسارة بمكان أن ينسحب من الترشيح نواب مثل الرئيس فؤاد السنيورة، وروبير غانم، ونعمة الله أبي نصر، ومحمد الصفدي، وعبد اللطيف الزين الذي يقول في مجالسه: الحمد لله. لقد كفينا ووفينا ولم يعد هناك مزيد للعطاء بعدما تقدمت بنا السن.

وفي قضاء النبطية يطل العميد هشام جابر، صهر الرئيس حسين الحسيني، ليواجه قدره السياسي في المنطقة، وهو، كما يقول، لا يشيل الزير من البير، بل يعيش مغامرة الشباب الجديد في قضاء كثرت فيه الشكاوى من اهمال معيشي، وسوء حال اقتصادي. وحكم الزمن أن تتقدم وجوه جديدة الى المسرح السياسي لتغني الحياة السياسية، والعمل الوطني وتضع تجاربها العسكرية والاستشارية في خدمة الوطن. وتلك هي سنة الطبيعة.

وهاجس البرلمان المقبل من حيث تأثيرات حزب الله وحركة <أمل> والشباب الجديد، يستحق الدراسة والتأمل منذ الآن، فتكون الصورة واضحة، ويخوض العميد هشام جابر المعركة الانتخابية كعقل عسكري أوسع دفته في الدراسة والتمحيص وكسب المعلومات، وادراك ماذا يحتاجه لبنان المقبل من تطوير واعادة نظر في بعض القضايا التي لم تحمل كل الخير للوطن.

مع اعترافنا بانجازات سجلها مجلس النواب الماضي، نتساءل: ماذا ينقص العائلة اللبنانية حتى تكتمل فرحتها؟ ما هي القضايا التي ينبغي أن تحصل عليها طلباً لحياة أفضل؟! ما هي الألغام التي يتعين عليها تفكيكها بحثاً عن أرض تزدهر فيها الزراعة، ومدى تجاري تحلو فيه المنافسة واكتساب الرزق، ولا ترهقها بالضرائب التي لا تتساوى مع الأرباح، أو مع المدخول المتيسر؟

وحتى تكون الدنيا بخير ولا تقتصر على خدمة الأفراد، يتوجب التوجه الى البنى التحتية في كل مكان من لبنان، لأن اصلاح شأن هذه البنى التحتية يخدم آلاف العائلات.

 

عكار ورينيه معوّض

ميقاتي-ريفي

وأول هذه البنى التحتية الأرض المسماة في عكار باسم مطار رينيه معوّض الذي أقسم فيه اليمين الدستورية عام 1989. وليس اسم رينيه معوّض هو المطلوب على الشاشة، بل هي أرض المطار، وأرض عكار بصورة خاصة.

كذلك هناك طرابلس القديمة التي ناضلت مع المجاهد فوزي القاوقجي، ومصطفى بربر آغا صاحب الضريح المشهور في قلعة طرابلس، ارتقاء في الزمان الى ملكة طرابلس القديمة الملكة <سيغفريد> التي فتحت ممراً بحرياً الى الميناء البحري الذي يعبر بالمسافر الى الخارج، وكانت أول سيدة تحكم العاصمة الثانية في تاريخ لبنان.

وقد اختار الرئيس سعد الحريري يوم الأحد الماضي لاعلان لائحة <المستقبل> في طرابلس، كما اختار المرشح المنافس اللواء أشرف ريفي يوم الاثنين الماضي موعداً لاعلان لائحته الانتخابية بمن حضر، بعدما كان الرئيس نجيب ميقاتي قد افتتح معركة اللوائح في الأسبوع الماضي.

وطرابلس القديمة هي الأخرى تحتاج الى إعادة تأهيل، ذهاباً من برج رأس النهر عند الساحل الطرابلسي، وبرج السباع في ميناء طرابلس. والمدينة القديمة هي في الأساس طرابلس ذات البيوت المنتشرة في شارع عزمي، وشارع ميناء طرابلس حيث يقوم منزلا الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي.

والاثنان: ميقاتي وريفي وجهان اجتماعيان من مجتمعين متناقضين. فالرئيس ميقاتي في الأساس من طرابلس الجديدة ذات العمارات الشاهقة التي بناها العابرون من طرابلس القديمة، بعدما كانت معقلاً لآل عوض، وآل دبوسي، وآل حمزة، وآل البقسماطي، عائلة أرملة الطبيب الانساني الراحل الدكتور عبد المجيد الرافعي، وآل البيسار الذين كان منهم الطبيب الشهير الدكتور عبد اللطيف البيسار الذي شهدت له ألمانيا بالعبقريات عندما كان لاجئاً إليها في أعقاب الحرب العالمية، ومعه الإعلامي الراحل سعدي بصبوص الذي تسلم مديرية إذاعة لبنان مع بداية منتصف الخمسينات، حيث طاف نهر أبو علي واجتاح المدارس في منطقة الزاهرية، ومنها مدرسة السيدة جميلة خوري التي سبحت في الماء مع معلمات المدرسة، وكانت معهن قدوة في المقاومة، ومن دواعي هذه المقاومة استغلال المدخرات في شراء البساتين، واستغلال أرضها في بناء المنازل والعمارات وتأثيث البيوت.

وكان لطرابلس في تلك الحقبة من الزمن مصعدان كهربائيان فقط: واحد لفندق حكيم وآخر لعمارة آل غندور قرب ثكنة الإطفاء.

وبذلك يعود الفضل في ظهور المدينة الجديدة المتمددة نحو الميناء الى جنون نهر أبو علي وهو الاسم الطرابلسي لنهر قاديشا النابع في زغرتا، وما استعارة اسم أبو علي إلا تمثلاً بالقبضاي الذي يتعارفون عليه إذا كان شجاعاً مقداماً حتى لو أهلك الممتلكات والبساتين والبيوت المحيطة بالنهر..

ومن روائع طرابلس ان أحد حكامها القدامى زمن بني عثمان كان مصطفى أفندي الانجا الذي امتلك مسرحاً باسمه. وكان أول دار أوبرا في طرابلس، وكان له طريقة خاصة في جمع الضرائب، فكان في نهاية كل شهر يرسل دابة الى عمق المدينة لجمع الضرائب، وكانت الدابة معروفة بأنها دابة الانجا وكان المكلفون يضعون في جيبها ما تيسر من المال. فأين نحن من ذلك الزمان؟

إنها قصة طرابلس وانتخاباتها النيابية والصراع بين طاقم الأمس المتربع على الممتلكات، وطاقم النشء الجديد الذي منه الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي!

كذلك هي تجربة جديدة للديموقراطية الجديدة في العاصمة الثانية.