تفاصيل الخبر

سوريـــــا تـضـيــــع بـيــــن مـقــــــامـرة «اوبـامـــــا» ومـغـــــامــرة «بـــــوتـيــن»!

09/10/2015
سوريـــــا تـضـيــــع بـيــــن مـقــــــامـرة  «اوبـامـــــا» ومـغـــــامــرة «بـــــوتـيــن»!

سوريـــــا تـضـيــــع بـيــــن مـقــــــامـرة «اوبـامـــــا» ومـغـــــامــرة «بـــــوتـيــن»!

 

بقلم خالد عوض

vladimir-putin-1 هناك اعتقاد بأن تردد الرئيس الأميركي <باراك اوباما> في الأزمة السورية هو الذي أوصل الوضع إلى ما هو عليه اليوم. ربما هذا صحيح. المهم هل أن هذا التردّد مقصود وجزء من استراتيجية <برغماتية> مدركة تماماً لشخصية <فلاديمير بوتين>؟ أو هو يعبر عن شخصية <اوباما> الضعيفة والمرتبكة في ما يتعلق بالسياسة الأميركية الخارجية؟ منتقدو <اوباما> يقولون ان صاروخي <توماهوك> لو أُطلقا على معاقل الرئيس السوري عام ٢٠١٣ عندما تأكد استعمال النظام السوري للأسلحة الكيميائية كانا كافيين لتغيير كل المعادلة في سوريا والمنطقة. أما مؤيدوه فيجزمون أن الإجتماع المقتضب الذي عقده الرئيسان الأميركي والروسي على هامش قمة <سان بطرسبرج> في أيلول (سبتمبر) ٢٠١٣ وما تبعه من تطورات في <أوكرانيا> بعده بأسابيع، وصولاً إلى التدخل الروسي العسكري في سوريا، كلها أمور تؤكد أن الاستراتيجية الأميركية ليست مرتبطة بشخصية هذا الرئيس أو إستعراض الآخر. توريط روسيا في أوكرانيا ثم في الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون صدفة أو نتيجة تسارع الأحداث فحسب... فعلها <رونالد ريغان> من قبل مع السوفيات عندما أخذهم إلى النجوم فأفلسوا. وها هو <باراك اوباما> اليوم يدق الإسفين تلو الآخر في نعش الإمبراطورية الروسية التي حلم بها <بوتين> ووعد بها شعبه وهو يعلن تصديرها إلى اللاذقية. هذا ما يقوله على الأقل سعر صرف <الروبل> الروسي الذي انخفضت قيمته اكثر من ٥٠ بالمئة منذ اجتماع <سان بطرسبرغ> قبل سنتين. في كل الأحوال مقابل المغامر <بوتين> يبدو <اوباما> كمن يقامر بمصير السوريين من أجل إضعاف روسيا عن طريق جرها إلى المزيد من التورط في المنطقة.

أما في التكتيك فالكلام عن مغامرة مستر <بوتين> السورية يطول والتحليلات عن حجز دور لروسيا في الشرق الأوسط الجديد تجر بعضها. ولكن المهم في كل ذلك أن هناك حقائق على الجميع، بمن فيهم القيصر الروسي، التعامل معها.

الفوضى الإرهابية التي تجتاح الشرق الأوسط ليست محصورة في سوريا وهي تمتد من شمال أفريقيا إلى العراق واليمن. هذا يعني أن ضرب الإرهاب في سوريا لن ينهيه كما يحاول <بوتين> أن يوهم العالم لتغطية تدخله العسكري المباشر على الأرض السورية. حتى الحلف الرباعي العتيد الذي يشمل إيران وسوريا والعراق تحت القيادة الروسية لا يسعه أن يطال الإرهاب في شمال سيناء وليبيا واليمن.

الأمر الثاني هو أن الرئيس السوري بشار الأسد غير قادر على حكم سوريا كدولة موحدة وبالحدود التي نعرفها اليوم مهما اشتدت السواعد الروسية والإيرانية حوله. الرجل فقد ثقة الناسالحوار وما يجمع الذين لا يزالون من حوله هو عدم وجود البديل.

الحقيقة الثالثة هي اقتصادية بحت. التقسيم حل لا يمكن أن يعيش اقتصادياً في عالم اليوم. في زمن التحالفات التجارية الدولية والاتحادات الإقليمية من الصعب تصور كيف يمكن لدولة كردية من هنا أو إقليم علوي من هناك أن يتنفس اقتصاديا وماليا. دول البلقان وجنوب السودان أكبر مثل على ذلك. كل هذه الدول تنوء تحت الأعباء الاقتصادية والمالية وهي غير قادرة على الاكتفاء الذاتي أو تطوير بنيتها التحتية، وما فتئت تبحث عن تحالفات جديدة مع جيرانها الجدد أعداء الأمس. سيكثر الحديث عن التقسيم في المرحلة المقبلة كطريق أفضل لحل سياسي في سوريا والعراق، ولكن أقصى شكل يمكن أن يأخذه هكذا إطار هو الفيدرالية التي تحفظ الخصوصيات العرقية والمذهبية ولكنها تجمع كل المكونات تحت غطاء اقتصادي واحد. هكذا حل لن ينضج في اسابيع أو شهور كما يحلو للرئيس الروسي أن يتصور.

إذاً بوارج <بوتين> وطائراته لن تتمكن من اجتثاث الإرهاب وأقصى ما يمكنها تحقيقه هو وقف تمدده وحصره. وبشار الأسد لن يصلح لحكم سوريا ولن يتأخر داعموه عن تقديمه كفداء لحل سياسي في سوريا. والتقسيم ليس حلا مستداما للمنطقة من الناحية الاقتصادية والمالية.

إنطلاقا من ذلك يصبح المشهد السوري معقدًا وطويلاً ومكلفاً ويجب التعامل معه على هذا الأساس. وطالما أن الحالة السياسية اللبنانية برمتها أصبحت إحدى أوراق التسوية، فإن فن الممكن يفرض بعض التحسينات الضرورية في الواقع السياسي والاقتصادي من دون التأثير على المعادلة الداخلية التي تنتظر التسويات الإقليمية.

إحدى هذه التحسينات تكون بمأسسة طاولة الحوار لتصبح نواة مجلس الشيوخ بدل أن تظل رديفاً غير دستوري للمؤسسات القائمة. الخطوات الضرورية الأخرى هي مزيد من اللامركزية الإدارية ليس فقط في مسألة النفايات بل في عدة مجالات أخرى مثل الكهرباء. المهم الاستعداد لمرحلة من الانتظار الطويل عن طريق التحضير الحثيث لما بعدها. وما بعدها لن يكون بالضرورة تقسيماً ولكنه لن يكون أيضاً لبنان بنظام الطائف.