يستضيف لبنان غداً السبت أعمال القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة على مدار يومين في واجهة بيروت البحرية المعروفة بـ<Sea Side Arena> بعد انعقادها في الكويت في عام 2009، وشرم الشيخ في عام 2011، والرياض في عام 2013، وبات أمر الانعقاد ثابتاً وبحضور 7 رؤساء وملوك عرب على الاقل رغم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتأجليها بحجة انتظار عودة سوريا الى الجامعة العربية بعد خسارة مقعدها فيها عام 2011، وبسبب عدم وجود حكومة اصيلة لمواكبتها، ولأن لبنان يجب أن يكون علامة جمع وليس علامة طرح، ولكي لا تكون هذه القمة هزيلة كما قال، مؤكداً على ضرورة مشاركة سوريا في مثل هذه القمة كأمر بديهي، لأن الأمر غير البديهي وغير الطبيعي أن يكون هناك مؤتمر لا تكون سوريا حاضرة فيه، لكن موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرافض للتأجيل والمتمسك بعقد القمة ساهم في انعقادها، خاصة وانه اكد ان عدم تشكيل الحكومة ليس سبباً لتأجيلها، فيما الجامعة العربية اعتبرت أن الخلافات اللبنانية بشأنها داخلية ولا تعنيها.
وخابت آمال الرئيس بري بالتأجيل وحتى لم ينفع موقفه الرافض لحضور ليبيا على خلفية عدم تعاون الدولة الليبية مع لجنة المتابعة لملف الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين بعد اختفائهم في ليبيا في 31 آب/ أغسطس من العام 1978 لا بل هدد انصار حركة امل بمنع الوفد الليبي من المشاركة وعمدوا الى نزع الاعلام الليبية المرفوعة إلى جانب أعلام الدول العربية المشاركة في القمة واستبدالها بأعلام الحركة، ما استدعى ردة فعل في ليبيا عبر قيام شبان ليبيين بإزالة اللوحة الخاصة بالسفارة اللبنانية في العاصمة طرابلس الغرب ووضع علم بلادهم مكانها ليتطور الموقف نحو الاسوأ مع اعلان وزير خارجية ليبيا محمد سيالة عدم مشاركة وفد بلاده في القمة، مشيراً الى أن عدم مشاركة الوفد الرسمي الليبي جاء بسبب منع سلطات الأمن بمطار بيروت رجال الأعمال الليبيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي من الدخول، واحتجاجاً على إهانة العلم الليبي بعدما أنزله انصار حركة املً.
كما استنكر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ما قامت به حركة <أمل> من إهانة لعلم الدولة الليبية، وطلب من وزارة الخارجية تجميد العلاقات الدبلوماسية مع لبنان، مطالباً في الوقت ذاته جامعة الدول العربية بموقف واضح واستبعاد لبنان من أي حدث عربي إلى حين تحمل السلطات اللبنانية لمسؤولياتها والالتزام بالأعراف الدبلوماسية واتخاذ إجراءات رادعة لضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات.
وأعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، أن بلاده قررت مقاطعة القمة، مبدياً أسفه لأفعال سلبية في الدولة المضيفة التي لم توفر المناخ المناسب وفق التزاماتها والأعراف والتقاليد المتبعة لعقد مثل هذه القمم.
من جانبه أعرب الامين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط عن انزعاجه الشديد إزاء واقعة حرق علم ليبيا في بيروت، مؤكداً أنه من غير المقبول في أي حال من الأحوال أو تأسيساً على أي حجة أن يتم حرق علم أي دولة عربية، خصوصاً إذا ما حدث هذا الأمر على أرض عربية، وأخذاً في الاعتبار أن وجود اختلافات في الرؤى أو بواعث سياسية تاريخية معينة لا يبرر حرق علم عربي يمثل في حقيقة الأمر رمز الدولة وواجهتها، والمعبر عن إرادة ووحدة شعبها، داعياً السلطات اللبنانية إلى العمل على ضمان توافر الاحترام الكامل لوفود الدول الأعضاء في الجامعة التي ستشارك في اجتماعات القمة.
وفيما أبدى الرئيس عون امتعاضه مما حصل في بيروت من حرق للأعلام الليبية، وقال ان ما جرى لا يعبر عن موقف لبنان، أسف وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لعدم مشاركة ليبيا في القمة، وعبّر في رسالة إلى نظيره الليبي عن الرفض المطلق للأمور والأعمال التي طاولت دولة ليبيا ومشاركتها، مؤكداً حرصه على العلاقات بين البلدين وضرورة وضعها على السكة الصحيحة من دون أن يتخلى لبنان إطلاقاً عن واجبه الوطني بمعرفة مصير الإمام المغيب موسى الصدر ورفيقيه وحل هذه المسألة التي عكرت العلاقات بين البلدين لأكثر من أربعة عقود، سائلاً الوزير سيالة تقديم كل ما يلزم من مساعدة لمعرفة مصير سماحة الامام، مكرراً أسفه لما حصل ومؤكداً وجوب معالجته.
التحضيرات اللوجستية والأمنية وجدول الأعمال
وكان المتحدث الرسمي للقمة العربية الاقتصادية الزميل رفيق شلالا قد اعلن يوم الاثنين الماضي خلال مؤتمر صحافي للجنة العليا المنظمة انه تم الانتهاء من كل التحضيرات العملية واللوجستية اللازمة والتي يتطلبها انعقاد القمة التي ستعقد تحت عنوان <الازدهار من عوامل السلام>، كما قال عضو اللجنة انطوان شقير، إن العنوان أتى في سبيل التشديد على ضرورة ايلاء الاهمية للقضايا التنموية والاقتصادية ودعم الجهود العاملة لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاعات لضمان عدم استغلالها والتوصل الى حلول مستدامة، مشيراً ان برنامج القمة يبدأ نهار الخميس 17 الجاري وينتهي بانعقاد اجتماع القمة نهار الاحد 20 الجاري، وقال إن هناكَ مشروع جدولِ أعمال من 24 بنداً يغطّي كافةَ المواضيعِ العربية المشتركة الاقتصاديةِ والتنموية والاجتماعية موزّعينَ على 3 جلساتِ عملٍ بالإضافةِ إلى الجلسةِ الافتتاحية والجلسةِ الختامية، لافتاً إلى انه سيصدر عنه القرارات التي يتخذها القادة العرب واعلان بيروت الذي سيوجز مجريات القمة، كما يدرس الرئيس عون فكرة اطلاق مبادرة تنموية لصالح الدول العربية لتعزيز الازدهار في العالم العربي.
وكشف رئيس اللجنة التنفيذية ومدير عام المراسم والعلاقات العامة في رئاسة الجمهورية نبيل شديد، أنه تمّت الاستعانة بديبلوماسيين من وزارة الخارجية والمغتربين كمراسم رئيس الوفد الضيف من ضمن بعثة الشرف المرافقة للوفود المشاركة، والاستعانة بحوالى 200 متطوّع من طلاّب من الجامعة اللبنانية (كليات السياحة وإدارة الفنادق، والإعلام، والهندسة والاقتصاد) وذلك انطلاقاً من الإيمان بدور الجامعة اللبنانية كصرح وطني يجمع الشباب اللبناني من كافة المناطق، فيما تتوزّع الوفود المشاركة بأعمال القمة على الفنادق الآتية: (فينيسيا، فاندوم، فور سيزن، فندق هيلتون) (المخصصة لضيوف القمة الوافدين من الخارج)، مونرو (ويخصص للإعلاميين)، وغولدن توليب (ويخصص لأطقم الطائرات وحرس الطائرة).
كما كشف رئيس الهيكلية الامنية للقمة وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد سليم الفغالي ان الحرس الجمهوري سيشارك في مهمة حماية القمة الى جانب قوى من كافة الأجهزة الأمنية، وان العديد المباشر هو 500 ضابط وحوالى 7500 ضابط ورتيب وفرد من الجيش اللبناني، وقوى الأن الداخلي، والأمن العام، وأمن الدولة.