تفاصيل الخبر

صـنـاديــــق الاقـتـــــراع: هــل سـتـكــون مــع الـمـــرأة ام ضـدهـــا؟  

28/04/2016
صـنـاديــــق الاقـتـــــراع:  هــل سـتـكــون مــع الـمـــرأة ام ضـدهـــا؟   

صـنـاديــــق الاقـتـــــراع: هــل سـتـكــون مــع الـمـــرأة ام ضـدهـــا؟  

بقلم عبير انطون

 

1 في العام 2004 ترشحت 550 امرأة لبنانية للانتخابات البلدية فازت منهن 215 امرأة، وفي العام 2010 ترشحت 1300 امرأة فازت منهن 526 امرأة، ما اعتُبر على الرغم من التقدم الملحوظ دون المستوى المطلوب.

اليوم وفي العام 2016، ماذا عن النساء في الانتخابات النيابية والاختيارية؟ <ست البلدية> المشروع الذي اطلقه <المجلس الثقافي البريطاني> مع مؤسسات وجمعيات لبنانية تُعنى بشؤون المرأة وبتشجيعها على خوض الانتخابات يهدف كي يكون للمرأة دورها في صنع القرار. فماذا عن المشروع؟ واي المرشحات للبلديات تحدثن لـ<الأفكار>؟

سمحات يشرح الحملة

 

مع وسام سمحات مدير المشاريع الاجتماعية في <المجلس الثقافي البريطاني> كان شرح عن الحملة وانطلاقتها:

- يشرفنا ان نشكّل جزءاً من هذا الحراك الذي هو بدوره جزء من برنامج <المجلس الثقافي البريطاني> الممتدّ حتى العام 2025، وهدفه مشاركة المرأة في الحياة العامة في الخليج العربي والشرق الاوسط وشمال افريقيا، وبشكل خاص المشاركة السياسية للمرأة في لبنان تشجيعاً للديموقراطية، اذ ان موقع المرأة اللبنانية في الحياة العامة متقدم عن غيره عربياً. وقد ارتأينا ان نساعد المرأة ونحفّزها على الترشح بالتحالف مع جمعيات نسائية من مختلف المناطق اللبنانية ومن سائر الخلفيات الدينية والثقافية والاجتماعية. هدفنا العام الوصول بالسيدات الى بلوغ نصف مقاعد المجالس النيابية والبلدية، الا اننا انطلقنا مؤقتاً من <ست البلدية> لبلوغ الهدف الاكبر اي <النص بالنص> لاحقاً. العنوان <ست البلدية> اخترناه انطلاقاً من <ست البيت> التي تديره السيدة مع زوجها وأولادها في مختلف النواحي من الصحة الى التنمية والنظافة وغيرها، وهي 2الخدمات التي تتطلبها البلدية كما المنزل وان على نطاق اوسع.

ويضيف سمحات:

في دراسة لـ<المجلس الثقافي البريطاني> مع جمعيات بريطانية تعمل على تحفيز المرأة حول أبرز الاسباب لعدم مشاركتها في صنع القرار تبيّن ان اعراضها عن المشاركة يعود في مختلف المجتمعات الى انها تتمتع بحس الكمال، اي توقها الى الانجاز الكامل من دون اي ثغرات، الامر الذي يجعلها تبتعد عن الاقدام على مهمّات لا تعتقد ان نتائجها ستكون كاملة، في حين ان الرجل يُقدم عليها حتى ولو لم يتمتع بالمهارة الادنى لإنجازها فيتعلمها خلال عمله بها، وهذا برأينا خطأ من قبل المرأة يجب ان تتخطاه وتتعلّم من خلال عملها، خاصة البلدي، اذ انها ستكون من ضمن مجموعة في البلدية وتعمل على ملفات محددة.

وعن الدعم المادي للمرشحات على المقاعد البلدية والاختيارية، يؤكد سمحات عدم القدرة المادية واللوجستية على دعم المرشحات والمؤهلات، الا انه يؤكد وقوف <المجلس الثقافي البريطاني> ومكونات حملة <ست البلدية> على دعمهن معنوياً وارشادياً من خلال دليل اصدره المجلس بلغة واضحة ومبسطة لمختلف المستويات التعليمية، يشرح للمرأة كما للرجل كافة الخطوات المطلوب اتخاذها للترشح للانتخابات، فضلاً عن الإضاءة حول حالات معينة، وهو يبرز للمرأة مثلاً متى تنسحب من المعركة، ماذا يكلّفها الامر، كيف تجد من يدعم حملتها الانتخابية، كيف تخاطب محيطها والناخبين، كيف تنسّق مع المتطوعين فضلاً عن كيفية إعداد الماكينة الانتخابية الخ.. وهذا الدليل يمكن ان تحصل عليه النساء في المناطق البعيدة وفي جميع المحافظات.

ويتوقّع سمحات ان تلقى الحملة التفاعل والحماس من قبل المرشحات والناخبات، ولو انها تأتي في ظل جو غير اكيد لدى جميع اللبنانيين بأن الانتخابات البلدية ستتم من دون تأجيل، والسيدات يترشحن باعداد تفوق طبعاً الترشيحات الى النيابة، فالعوامل مختلفة ولا ضغوط مباشرة من السياسيين والاحزاب، وكلما زاد عدد المرشحات زادت فرص الفوز. ويؤكد سمحات ان اعداد السيدات اللواتي سيتم انتخابهن في هذه الدورة سيكون لافتا للنظر، ما يشكّل برأيه تحضيراً للانتخابات النيابية المقبلة، والتي سيواكبها المجلس في مشروعه الطويل الممتد حتى العام2025.

وحول ما بينته دراسة الحملة ان 48 بالمئة من النساء لم ينتخبن نساء في الاستحقاق البلدي الماضي، يعيد سمحات السبب الى عدم ثقة المرأة الكافية بنفسها وبالتالي بالمرأة الاخرى، ويقول: حاولنا جمع بعض النساء بسيدات في البرلمان البريطاني وهن رائدات في مختلف المجالات، وصفن لهن الطريق الشاق التي سلكته النساء في الغرب وكيف واجهن حملات كبيرة من رجال الدين والرجال بشكل عام ومن المرأة نفسها. وشدّد سمحات على ضرورة وقوف الرجل الى جانب المرأة لدعمها تماماً كما فعل السفير البريطاني <هيوغو شورتر> اثناء مشاركته في اطلاق حملة <ست البلدية>، حيث شارك بها كضيف موجها ورقة التصويت الى portrait-WS---3صندوق الاقتراع وسائلاً: <انت مع المرأة او ضدها؟.. صوّت>!

ويبدو على حد قول سمحات ان النسبة الاكبر من المرشحات تأتي من جبل لبنان وطرابلس وزغرتا ومحيطها مع عدد لا بأس به من البقاع، في حين ان الترشيحات الاقل للسيدات تبقى في الجنوب ومحافظة بيروت حيث حظوظ المستقلات ضئيلة واللوائح معدة سلفاً.

 

مكي.. <كوتا> بلدية!

 

ندى مكي من جمعية <ابعاد> ترفض مقولة عدم تصويت المرأة للمرأة. فالرجال يعتبرون السياسة حكراً عليهم ويعتبرون النساء غير مخولات لصنع القرار، وبرأيها يبقى التصويت لرجل او لامرأة ركناً اساسياً من حرية الاقتراع. وتزيد مكي لـ<الافكار>:

- نحن مع موضوع <الكوتا> النسائية في مختلف المجالات، نيابية كانت او بلدية او حتى في الادارات العامة الا ان المطالبة بـ<الكوتا> النسائية في البلديات مؤجلة، فهذه لم تُقر بعد في المجال النيابي وبقي اقتراح القانون بالأدراج. المطلوب بناء ثقة المرأة بنفسها، و<ست البلدية> كمرحلة اولى خير نموذج. وحول ما يمكن ملاحظته من <حملة عالمية> للحض على مشاركة المرأة ولتمكين النساء العربيات بشكل خاص، تعيد مكي السبب الى ان مختلف الدراسات في المؤتمرات والندوات الدولية اقرّت انه لا تقدم للمجتمعات ولعملية التنمية المستدامة، ولا مخرج لحل النزاعات في المجتمعات العربية بشكل خاص، فضلاً عن تطوير ثقافة السلام ومواجهة الارهاب والتطرف والدفع في اتجاه التغيير الايجابي، الا من خلال دعم المرأة وإشراكها في صنع القرار، علماً ان المعوقات كثيرة دينياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.

 وعن إتيان الحملة ثمارها في وجوه نسائية عديدة في مجالسنا البلدية والاختيارية لا تتوقع مكي العجائب، فالفرص المتاحة للوجوه الجديدة وللشباب ضئيلة في ظل الطبقة الموجودة، فكيف بالاحرى للنساء؟ الا انه لا بد من نقطة انطلاق في المسار الطويل وصولاً الى البرلمان، وهذا يُبنى على عدة صعد، تبدأ بثقة المرأة وايمانها بنفسها على المستويين الفردي والجماعي، وبالعمل على تغيير الصورة النمطية حول المرأة، والعمل مع الاعلام وعليه، خاصة في تغيير اللغة الاعلامية، اذ انها لغة <مجندرة> (بحسب الجندر او الجنس) 4بامتياز.

وعن النساء اللواتي ترشحن حتى اليوم، ويستندن على حملة <ست البلدية>، تقول مكي ان الحملة انطلقت بعد ايام على دعوة الهيئات الناخبة وتم الاعلان عنها عبر موقع الكتروني خاص بها، وتم الطلب الى المرشحات ان يملأن استمارات للاستفادة من التدريب والدليل والتوجيه.

نساء.. قادرات من الشمال

 

 خير نموذج عن النساء المرشحات الدكتورة هند الصوفي عن منطقة المينا في طرابلس. السيدة التي قدّمت الكثير لمنطقتها تحدثت الى <الافكار> عن ترشيحها:

 - لا اجد نفسي معنية بـ<بدعة التوافق> بين السياسيين، فالناس بحاجة الى ان تختار بنفسها من ترى به الكفاءة والا يُسمى أحد تعييناً. <المينا> منطقة بحاجة الى انماء كبير وهي قادرة بفضل مشاريع حيوية عديدة ان تكون من اجمل واكثر المناطق اللبنانية انتاجاً. افكر اولا بجبل النفايات وإزالته من على كورنيش بحري يُعتبر الاجمل، والقيام بحملة نظافة واسعة لجعلها منطقة نموذجية، مع ترقيم للشوارع ووسطيات مزهرة، كما انه يمكننا جعل المينا ليس صديقة للبيئة فقط بل صديقة للاستثمارات ايضا. ويمكن العمل على خط بحري من طرابلس الى مختلف المدن على الشواطئ اللبنانية وصولا الى بيروت وصيدا ما يخفف من زحمة السير الخانقة يومياً. كذلك هناك <خان التماثيل> العريق في منطقة تزخر بالآثار ما يمكن جعله معلماً سياحياً مهمّاً، فضلا ًعن تأسيس متحف للحياة البحرية لا يتطلب إنفاقاً كبيراً خاصة وان هناك ثلاث محميات محيطة هي جزر تشكّل امتداداً رائعاً للمدينة والسياحة فيها.

صورة-الدكتورة-هند-الصوفي--5وتزيد رئيسة جمعية <شباب البلد> قائلة:

 - المنطقة أيضاً بحاجة الى <اوتيل> فخم يُشيد فيها، ما يجعل <المينا> تتوهّج بالحفلات والمهرجانات. ولا يمكن اغفال <محطة القطار> المهمّة، خاصة واننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار في سوريا ما يسهل الحركة الاقتصادية بين البلدين. والجميع يعرف ان <المينا> تشكّل مركزاً لصناعة السفن، كما يعيش فيها اهم النجارين للأثاث والمفروشات، ولكن للاسف لم يُحدثوا في مهنتهم بالشكل الكافي، ويمكننا ان نمدّ لهم يد العون عبر اقامة المعارض والمشاركة بالعالمية منها، كما يمكن مساعدتهم عبر التجارة الالكترونية وسبلها. ولا يمكن ان ننسى ان في <المينا> احياء اشد فقراً من <باب التبانة> حتى، ما يجعل الاولاد القاصرين يتركون مدارسهم لاجل لقمة العيش في <حي التنك> و<حارة الجديدة>، فظاهرة التسيّب المدرسي مخيفة خاصة من قبل الذكور. كذلك البيوت في هذه المناطق بحاجة الى ترميم ويجب ألا تكون بؤر فقر مخيف، وغالبية هذه المشاريع لا تتطلب موازنات كبيرة ويمكنها ان تتحقق من خلال رؤية موحدة واستراتيجية طويلة الامد. وتأمل الدكتورة الصوفي خيراً من ابناء منطقة تعتبرهم اهلها، ولو ان من بينهم يعيّرها بانها ابنة <البلد> اي طرابلس وليس <المينا> التي انتقلت قانونياً اليها بفعل الزواج.

 وليس بعيداً عن <المينا> تترشح السيدة فرح ابراهيم عيسى عن مقعد في بلدية طرابلس، وهي استاذة جامعية ومؤلّفة صدر لها منذ مدة كتاب <على وقع الكعب العالي>. خدمتها في اكثر من مجال في <الفيحاء> دفعتها للترشح ولـ<الافكار> تبيّن أسبابها قائلة:

- انا استاذة في <الجامعة اللبنانية> وجامعة <المنار> وجامعة <البلمند> سابقاً، ولي مؤلفات وترجمات عديدة ونشاطات متنوعة ودائمة في الحقل الثقافي المدَني والمُدني في طرابلس، وقد شاركت بندوات ومحاضرات في مختلف بيوت المدينة الثقافية وغيرها. علاقتي بتلامذتي وهم بعمر الشباب وانا منهم، اذ أبلغ الثامنة والعشرين من العمر، تجعلنا نشعر بأن طرابلس بحاجة الى افكار جديدة بنّاءة، فكانت نواة لائحتنا التي لم تكتمل بعد تحت عنوان <انقاذ طرابلس>. منذ مدة انجزنا <اس او اس> طرابلس، وهي هيئة لادارة اي كارثة تحل بالمدينة لا سمح الله ولإيجاد الحلول الفورية السريعة. كذلك كنا ناشطين في حملة مواجهة بناء <مرآب التل> في المدينة، المشروع الضخم الذي لا يمكن ان يكون بهذه الكلفة الباهظة في حين ان المدينة بحاجة الى مشاريع اكثر ضرورة. وقوفنا في وجه المرآب اتى بناء على استشارة 12 مهندساً مختصاً شرحوا اسباب الضرر الناتج عنه، اذ تحتاج طرابلس الى مرائب تحيط بها عند الاطراف وليس في الوسط من خلال طوابق تحت الارض تذكرنا بمرآب <شارل حلو> في بيروت مع ما يمكن ان يجــــر الى المدينـــــة وشبابهـــــا من سيّئــــــات وممــــــارسات مخلّة. المدينـــــة بحاجــــة الى ترميـــــم اسواقهــــــا وتـــــأمين العمل لأبنائها وإعلاء شانها السياحي، كما تؤكد فرح التي تزيد انه يمكنها مع زملائها، ومن خلال علاقات واتصالات مع الخارج، توفير الاموال للمشاريع التنموية المختلفة اذا لزم الامر.

تأمل فرح، المسيحية - الاورثوذكسية ان تلقى اللائحة التي تشكّلت مع زملائها التجاوب من قبل اهل المدينة الذين لا يطلبون اليوم الا الانماء لطرابلس بعيداً عن الطائفية، وبالاخص بعيداً عن السياسة اذ ان النقمة على صورة-فرح-عيسى---6السياسيين بلغت مداها، والناس لا تُشرى ولا تُباع، والجميع بحاجة الى إعادة البريق والحيوية للمدينة من خلال فريق عمل متجانس يستطيع ان يخطّط وينفذ.

وللبقاع حصة

 

وبعيداً عن الشمال، من البقاع هذه المرة ومن حوش حالا تحديداً، تترشح دلال بستاني لعضوية البلدية، وهي الشيعية التي لا يمكنها بلوغ لقب <الريّسة> للاعراف الطائفية كما في كل لبنان. سافرت دلال الى سويسرا التي عاشت فيها مدة عشر سنوات، وهي تنوي بعد عودتها تسخير خبرتها عبر سفرها الى ارقى البلدان لاستثمارها في بلدتها. تعمل دلال كتقنية في مختبر لتحليل الدم في المنطقة وتريد ان تكون لها مساهمة في انماء بلدتها التي تتطلب الكثير من البنى التحتية الى النظافة والشبكات الإنمائية الخ.. وحدها الكهرباء في البلدة مؤمنة 24 على 24. اما ابرز ما تفتقده البلدة برأيها فهو حديقة عامة للاولاد والعائلات، ومركز ثقافي يبعد الشباب عن <تنفيخ النارجيلة> الى ما هو ابعد من دخانها، وكم جميل ان يكون في البلدة ايضاً مركز لتعلم اللغات المختلفة، ومشروع يساهم في تمكين نساء البلدة اقتصادياً ودعمهن عبر <المونة والاشغال اليدوية> وغيرها. وفي جولاتها الانتخابية تسمع دلال الكثير من الثناء والوعود بالاقتراع لها، وهي تأمل ان تُترجم اول ما تُترجم من النساء انفسهن، فوصول المرأة دليل حضارة للبلد والبلدية، على حدّ تعبيرها.

نيكول امين الجميل، السينمائية نادين لبكي، الصحافية ارلـــيت خــــوري، ثريــــا هــــاشم، غــــــادة الكاخـــــي، كوثــــــــر عبـــــد الفتاح وغيرهن الكثيرات يشكلن سلسلة من لائحة طويلة باسماء سيدات لبنانيات مرشحات.. بانتظار صندوقة الاقتراع.