تفاصيل الخبر

”سمرقند“.. في رمضان: بين ”حسـن الـصـبـاح“ و”عـمـــر الخيام“ اقرأوا الرسالة يا عـرب!  

03/06/2016
”سمرقند“.. في رمضان: بين ”حسـن الـصـبـاح“ و”عـمـــر الخيام“ اقرأوا الرسالة يا عـرب!   

”سمرقند“.. في رمضان: بين ”حسـن الـصـبـاح“ و”عـمـــر الخيام“ اقرأوا الرسالة يا عـرب!  

بقلم عبير انطون

samarkand-(9)

أهلا بعمر الخيام ضيفاً عزيزاً في شهر رمضان المبارك. فعلى مدى ثلاثين حلقة من انتاج <آي سي بروداكشن> وعبر محطات تلفزيونية عدة سيسهر المشاهدون ما بين حسن الصباح وعمر الخيام في مسلسل <سمرقند>، وهو ملحمة تاريخية في <حبكة معاصرة تعتمد على تقنيات عالية وحديثة>. القيمون على المسلسل يعدوننا بدراما خارجة عن المألوف. فمن هم ابطال سمرقند؟ وما ارتباط القصة التاريخية بزمننا المعاصر وبالاحداث التي تدور فيه؟ ومن سيلعب شخصية الشاعر الذي ردّد الكبار معه:

<لا تحسبوا أني اخاف الزمان

أو أرهب الموت إذا الموت حان

الموت حق. لست أخشى الردى

                   وإنما أخشى فوات الآوان>.

<الأفكار> دقت باب المسلسل وعرفت كواليسه..

مسلسل <سمرقند> رواية استعدناها نحن اللبنانيين منذ 28عاماً مع الكاتب والروائي اللبناني الفرنسي أمين المعلوف الذي قدّمها لنا ولقراء العالم أجمع في رواية حملت عنوان <سمرقند>، جاءت اشبه بـ<تطريز لسجادة شرقية ينسجها الكاتب ذهاباً وإياباً عبر القرون رابطاً الشعر بالفلسفة وشغف الصوفي مع الحداثة>. بهذه الكلمات وُصف الكتاب الحائز أكثر من جائزة، والذي يروي قصة وضع رباعيات الخيام عبر تاريخ <الدولة السلجوقية>، والتفاعلات مع الشخصيات التاريخية كالوزير نظام الملك وحسن الصباح زعيم الحشاشين، وعلاقة الحب مع شاعرة من بلاط <سمرقند>، فيما يوثق الجزء الثاني من الكتاب جهود روائي اميركي يدعى <بينجامين ليسيج> للحصول على النسخة الاصلية من الرباعيات، ويشهد التاريخ الفارسي من خلال الثورة الدستورية الفارسية التي وقعت ما بين 1905 - 1907 ليفقد بعد ذلك المخطوط في غرق <آر ام اس تيتانيك>.

وقبل معلوف بسبعة وأربعين عاماً، قدمت هوليوود فيلماً روائياً طويلاً بعنوان <عمر الخيام> من اخراج <البيرت لويس> مستلهما المرحلة التاريخية التي عاشها الشاعر الكبير، الشاعر الذي غنّت له ام كلثوم مختارات من رباعياته لحنها رياض السنباطي وترجمها احمد رامي الذي درس اللغة الفارسية في باريس في نهاية العشرينات من القرن العشرين.

اليوم مدينة <سمرقند> عينها والتي يرتبط اسمها بالشاعر عمر الخيام، تأتينا تلفزيونياً هذه المرة في مسلسل من بطولة عابد فهد ويوسف الخال وميساء مغربي وأمل بوشوشة ويارا صبري وعاكف نجم. المسلسل من كتابة المؤلف محمد البطوش، ومن إخراج إياد الخزوز الذي يختصر العمل في جملة يقولها مؤسس <فرقة الحشاشين> حسن الصباح وهي: <اذا أردت ان تمتطي صهوة الحكم في بلاد العرب، فعليك ان تلبس ثوب الواعظين وتتحزم بسيف قاطع>.

samarkand-(5)الجارية.. والجرذ

كلفة انتاج مسلسل <سمرقند> بلغت 50 مليون درهم تولّتها «أي سي ميديا» للإنتاج الفني، وتمّ تقسيمها لاستحضار أحدث الكاميرات والأجهزة التقنية، كما تمّ تصوير المسلسل بطريقة سينمائية، إلى جانب بناء استديوهات خاصة في <جزيرة السمالية> شرق امارة ابو ظبي، تعكس في ديكوراتها وبنائها طبيعة الحياة التاريخية والحقبة الزمنية القديمة حيث تدور أحداث القصة ما بين أصفهان وسمرقند وبغداد عام 481 هجري، في عهد السلطان السلجوقي جلال <الدولة ملكشاه>، وتنتهي أحداثها بموت <خاتون الجلالية> زوجة السلطان وأم ولده محمود في أصفهان. هنا تبدأ احداث <سمرقند> حين كانت <نرمين> تقف في صف طويل بين باقي الجواري المعروضة للبيع في سوق النخاسة، ولم تكن راضية عن حالها فأخذت تدعو الله أن يخلصها مما هي فيه، وفي لحظة ما يأتي إليها اللص الصغير أو <جرذ السوق> كما كان يسميه التجار، فيفك أغلالها ويدلّها على طريق الهروب. تصل نرمين إلى قصر «ملكشاه» في أصفهان وتتفاجأ بأن القصر الذي يبدو مسالماً، كان مسرحاً لمعارك شرسة تدور رحاها بين ثلاثة أقطاب بالخفاء هم «تركان» الزوجة الأولى للسلطان <ملكشاه>، وزبيدة ابنة عم <ملكشاه> وأم ولي عهده، ونظام الملك الوزير السلجوقي القوي الذي كان يشكل مصدر قوة <زبيدة>، فيعيش المشاهد لحظات مشوقة وصراعات عديدة ما بين الخير والشر.

الارهاب.. كبت وفقر!

يكشف كاتب النص الاردني محمد البطوش المتخصص بالهندسة المدنية أوراقه ويقول:

 - يشكّل نصي رؤية جديدة لا علاقة لها بأي عمل ادبي أو فني آخر الا من خلال المراجع التاريخية التي توثق تلك الفترة. فالعمل ليس توثيقياً بأي شكل، اذ تمّت صياغة حكايات خاصة به، <ولم نكتف بطرح المشكلة بل بايجاد الحلول أيضاً>. انه عمل جديد من كافة النواحي وخاصة من حيث البناء الدرامي والقصة الافتراضية. للمرة الأولى، يجري تقديم مسلسل تاريخي بهذه البساطة ولكنه يحمل أيضاً رسائل فكرية هائلة، أولها قضية الإرهاب ومحاربته، لأننا نشرح هذه القضية، وكيف يتم التغرير بالشباب واستغلالهم تحت إطار البند الديني، ولهذا فإن شخصية حسن الصباح والحشاشين وهي أول فرقة موت محترفة في العالم تأخذ الخط الرئيس في العمل، في المقابل هناك عمر الخيام وهو الندّ الحقيقي لحسن الصباح، وبالتالي يقف الفكر أمام الفكر. <هناك شخصية عربية وحيدة في العمل وهو الخليفة العباسي الذي يعكس فكر قادة اليوم، والأفكار التي يطرحها هذا الخليفة هي أفكار نحن بحاجة إليها في هذا الوقت. لقد تركنا المرجعية التاريخية لنحافظ على القدسية الخاصة للدين الإسلامي، من هنا أقول بأن العمل جديد وقد اكتفينا بالغلاف التاريخي وبعض المراجع التاريخية ولكنه عمل معاصر>.

من ناحيته، يؤكد مخرج العمل الاردني ايضا اياد الخزوز أنه سيفاجئ المشاهد في رمضان بـ«ستايل» جديد في تصوير الأعمال التاريخية، <اقدم في <سمرقند> عملاً يمزج بين الخيال و<الفانتازيا> في الوقت نفسه، من خلال طريقة التصوير السينمائية و<الغرافيك> الذي استعنت لإنجازه بمجموعة من المحترفين في هذا المجال من دول أخرى samarkand-(1)مثل: أميركا، وإيطاليا، والهند وغيرها>.

وأضاف قائلاً:

- أستهدف من خلال المسلسل فئات لم تكن تتابع الأعمال التاريخية، وذلك بإعطاء مساحة جيدة للمرأة في العمل، وإيجاد حكايات شبابية شيقة، بالإضافة إلى اعتمادنا على <تكنيك> عالمي في الإخراج سيعيد للعمل التاريخي رونقه ومكانته بين الأعمال الدرامية الرمضانية، فهو ليس مسلسلاً تاريخياً بحتاً، بل هو خليط بين العمل التاريخي والمعاصر ويتناول موضوعين مهمين :الأول هو إدراة الحكم وكيفية تسيير أمور الدول، والثاني هو صناعة الإرهاب وأسبابه، وكيف أن الكبت والفقر يخرجان جيلاً من الإرهابيين. لقد جمعت <سمرقند> الحياة والموت في وقت واحد، الحياة تمثلت في عمر الخيام وفكره المستنير فيما ارتبط الموت بشخصية حسن الصباح مخترع أول فرقة قتل مسلحة في التاريخ، ولو اطلعنا على التاريخ سنجد بأن هذه النماذج مستمرة وتتكرر في كل عصر، ولكن بكل أسف يخسر عمر الخيام دائماً ويكسب حسن الصباح، لأن القوانين التي تمثلها في المسلسل شخصية نظام الملك تترك هذه الفئة دون حساب ومحاكمة، ولعل المقولة الأهم التي يقولها حسن الصباح وهي: <إذا أردت أن تمتطي صهوة الحكم في بلاد العرب فعليك أن تلبس ثوب الواعظين وتتحزم بسيف قاطع>، تشكل أساس العمل وتوضح مسيرة جميع الفئات المتطرفة في عالمنا المعاصر.

فهد.. والاعمال التاريخية!

«سمرقند» الذي عمل على تنفيذه 450 شخصاً من جنسيات مختلفة ما بين الإمارات ومصر والمغرب وتونس والجزائر والهند والأردن وإسبانيا وفرنسا، يضم مجموعة متنوعة من نجوم الدراما في الوطن العربي من جنسيات مختلفة.

يلعب عابد فهد دور حسن كامل الصباح في المسلسل، والدور التاريخي ليس جديداً على من سبق وقدّم سلسلة أعمال في مجال يعتبره ملعبه المفضل مثل مسلسل <الزير سالم> و<أبو الطيب المتنبي> و<الحجاج بن يوسف الثقفي> و<المرابطون> وغيرها، ويؤكد فهد، أن <سمرقند> نقلة نوعية فنية بالنسبة له: <سأظهر على الشاشة الصغيرة في رمضان هذا العام بشكل جديد ومختلف تماماً عن جميع الأدوار التي قدمتها في السابق، وهذا ما حفزني للمشاركة في بطولة هذا العمل التاريخي الضخم، خصوصاً أنني أحب التنويع والاختلاف في الأدوار بشكل دائم. فدور <حسن الصباح> الذي ألعبه يعتبر من أصعب الأدوار تقمصاً.

 من جانبه، <عمر الخيام> الذي سماه العرب والفرس <الحكيم> ولقبه الغربيون بـ<ملك الحكمة> والذي ادهشت رباعياته الغربيين منذ دخول العرب الى الاندلس، فيجسددوره الممثل اللبناني القدير يوسف الخال.

 فقبل ان يجسد الخال شخصية والده الشاعر الراحل يوسف الخال والذي تكتبه والدته الرسامة التشكيلية مهى بيرقدار، ها هو يلعب دور الشاعر الفارسي عمر الخيام، وهو لهذا الغرض نشر على صفحته عبر <الفايسبوك> صورة بنصفين: الاولى له بلحيته التي نعرفها والاخرى للفيلسوف والشاعر عمر الخيام. فهذه الشخصية الفذة، المغرية لادائها والمثيرة للجدل حتى يومنا، والتي زاحمت <شكسبير> لفترة طويلة، وتجاوز تأثيرها الحياة الثقافية الى الحياة الاجتماعية العامة، وانتقلت من اللغة الانكليزية الى اللغات الاخرى بشكل لم يسبق له مثيل، قد تركت تأثيراً على حركة التجديد في الشعر الاوروبي عامة. يوسف، المتكتم عن تفاصيل العمل يرى دوره في مسلسل <سمرقند> <ثقيل ودسم> بحسب تعبيره.

samarkand-(8)عش يومك..

من ناحيتها توقعت الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة التي تلعب في مسلسل <سمرقند> دور <نيرمين> أن يحقق المسلسل نجاحاً كبيراً ويحصد نسبة مشاهدة عالية في رمضان، لاسيما أنه عمل مليء بالحكايات المشوقة القائمة على الحركة والرومانسية والغموض في ظل أجواء احتفالية ساحرة، ويتكئ في مرجعيته التاريخية على أهم الكتب العربية مثل <البداية والنهاية> لابن كثير، هذا إلى جانب الإنتاج الضخم الذي تولته شركة <أي سي ميديا>، والتي نفذت المسلسل بالتعاون مع أربع دول هي: أميركا، وإيطاليا، والهند، والصين. امل التي لا تبخل على الشخصية باي جهد تردد مع الخيام ابياتاً لا تنساها وتقول:

<لا تشغل البال بماضي الزمان

                        ولا بآتي العيش قبل الأوان

واغنم من الحاضر لذّاته

                         فليس في طبع الليالي الأمان>.